انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  أنظروا هؤلاء الذين يشتمون عرض النبي صلى الله عليه وسلم ، في شمال شرق إيران يزورون مقابر عليها الشواهد : أعضاء تناسلية وعلى بعض الأضرحة صورة الخميني !!  |  فيلم غربي يفضح عنصرية الصهاينة  |  المرجع (الحسني الصرخي) واقتتال أتباع المرجعيات الشيعية في جنوب العراق - ظاهرة جديرة بالاهتمام والتحليل..!   |  بربكم ماذا أقول للإمام الخميني يوم القيامة؟ هذا ما قاله عدنان الأسدي وكيل وزارة الداخلية لضباط شرطة شيعة خدموا وطنهم بإخلاص....!!!  |  (حسن نصر اللاة) يقول: مايحدث في حمص المنكوبة هو مجرد فبركات إعلامية..! - تفضل شوف الفلم يا أعمى البصر والبصيرة.. تحذير: مشاهد مؤلمة  |  شهادة شاهد عيان شارك في مذبحة حماة  |  
 الصفحة الرئيسية
 قـسـم الـمـقـــالات
 خـزانــة الـفـتاوى
 الــركـن الأدبــــي
 مكتبة الصـوتيـات
 مكتبة المـرئـيـات
 كـُتـاب الـمـوقــع
 مشاركات الـزوار
 مكتبـة الأخـبـــار
 مكتبـة المـوقـــع
 تحـت الـمـجـهــر
 خدمات عامة
 راســلــنــــــا
 محرك البحث
 مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali وهذا عنوان حسابه الجديد hamedalalinew

    علّميهم يا مصر

حفظ في المفضلة
أرسل الموضوع
طباعة الموضوع
تعـليقـات الـزوار


علّميهم يا مصر
 
حامد بن عبدالله العلي
 
يا أيّها الناس ضُرب مثل في مصر فتعلَّموا منه.. إنّنـا نشهـد تحوّلاً هائـلاً في تاريخ أمـّتنا ، ومفصـلاً من مفاصل التاريخ البشري.
.
إنـّه شعب بأسره يزحف لنيل حقوقه ، وبكلّ فخـر وإعـتزاز ، يسمّى الذين سقطوا في طريق ثورتـه شهـداء .
.
الحمد لله الذي أفسد على الغرب المتصهين فرحته بتقسيم السودان ، بما أصلح من أحوال أمتنا في تونس ، ومصر ، و( إنّ الله بالغ أمره ) . 
 
إنَّ أعظـم إنجاز للثورة المصرية ، إشاعة ثقافة جديدة على المشهـد العربي بأسره ، أحسبها ستقود المرحلة القادمة من نهضة الأمّـة ، وقـد صارت هذه الثقافة الجديـدة بمثابة إعـلان فوق كلِّ باب أسـرة من أمّـتنا ، وشارة على صدر كـلِّ رجل ، وامرأة ، كبير، وصغيـر .
 
 إنها ثقافـة : إنَّ الكرامة أوّلا ، وتحرير الشعوب من الطغيان ولو بثـورة الدمـاء غاية عظمى ، وإعادة السلطة إلى الأمـّة ، ورفض حيـاة الإذعـان للإستبداد هدف أسـمى.
 
لقد أخـذ الشعب المصري يكـرِّر هذا الدرس كلَّ يوم ، ثـم يعيده درسا خصوصيا مجانيـّا في كلِّ بيت من بيوت الأمـّة ،
 
وقـد خـَطَّ حروفه بدمائه ، ورسـم لوحـته بتضحيـات نظر إليها التاريخ ، فأحنـى لها جبهـته تقديراً وإعجـابـا
 
نعم إنّ ما يجري هذه الأيام ، ماهو إلاّ دروس تلقيها مصر أقدم حضارة في التاريخ  ، وعلى الهـواء مباشـرة على العالـم ، حيث يجلس في الصفوف الأولى في مدرستها الشعوب العربية ، ثـمَّ الشعوب الإسلامية ، ثم شعوب العالم أجمـع .
 
وهذا هو برنامج مدرستها العظيمة :
 
أولا طابور الصباح .. الهتاف :  تحيا الشعوب الحرّة ، يحيا العدل ، تحيا الكرامة ، يسقط الطغاة ، تسقط الأنظمة المستبدة .
 
ثانيا.. نشيد الطابور :
 
إنّا لمَِـنْ مصرَ الأبيّة ، لن يرَى ** منّا الطغاةُ سوى الصوارمِ والقنا
أَوَ ما أُمرْنا في شَريعةِ ربِّنــا ** بالسَّيفِ نضْربُ من يجورُ ليذْعنا
تبّا لمن يرضى المهانةَ خانِعــاً ** للظَّالمـينَ الخائنيـنَ الموْطنــا
 
ثالثا .. الحصّة الأولى  :  درس في أنه لاقيمة للشعب إن رضي بالذلّ للطغاة ، ولا يستحقّ الحيـاة ، ولاميزة له عن القطعان السائمة ، ولا فرق بينه وبين البهائــم .
 
 وأنَّ الشعوب الحـرّة أقـوى من الطغيـان بإذن الله تعالى ، وفي هذه الحصـّة تعلـّم مصـر ، أنَّ الشعوب قادرة على أن تصنع أروع أحداث التاريخ إذا تخلَّصت من قيود الـرقِّ ، وأنها مهما طال عليها أمـد الإستبداد ، فستبقى جذوة عشـق الحرية متّقدة فيها ، ومع أول نسمة من رياح التغيير ستشتعـل ، فتثور ، لتحول عهود الإستبداد هشيـما تذروه الريـاح.
 
وفي أثنـاء هذا الدرس تعلّـم مصـر العالم كيف أنّ الشعوب قادرة أيضا على أن تأخذ زمام المبادرة بنفسها ، فتصنع الأحداث العالمية ، لتترك ردّات الفعل على غيرهـا ، وتجبـر حتّى القوى العظمـى كأمريكا على أن تجري خلفها لاهثة خائفة مما ستصنعه ، وبذلك تسقط ذلك الوهـم الذي يسيطر على روع الشعوب العربيـّة ، أن الغرب هو المهيمن على كلِّ شيء ، الذي لايمكن لأحد أن يتجاوز إرادتـه !
 
وتختم مصر هذا الدرس بأن لايمكن فهمـه إلاّ عمليـَّا ، وتأملوا كيف أنَّ كلَّ تلك المؤلفات ، والخطب ، والتنظيـرات ، لم تفعل ما فعلته الثورة التونسية من إشعال جذوة الشعـوب في أيـّام معدودات .
 
رابعا .. الحصّة الثانية :  درس في أنّ عروش الطغاة هشّـة كبيت العنكبوت ، ما أن يأذن الله تعالى للشعب ليتحرَّك بروح الثورة العاصفـة ،حتى يفاجأ الناس بأنَّ تلك الأنظمة لم تـكن سوى نمـورٍ من ورق ، إنمـا تقتات على تخويف الشعوب ، وإرهابها فحسـب ، زاعمـة أنهـا تستطيع أن تسحق من أمامها في لمح البصر ، حتَّى إذا جاء إعصار الحق ، تهاوت عروشها متحطمـّة ، كأمس الذاهب .
 
سكت الدهـر زمانا عنهـم ** ثـمَّ أبكاهـم دمـاً حين نطـق
 
وتأمّلـوا كيف أنّ نظام الطاغية اللامبارك أرتبك بأسرع مما توقع جميع المراقبين ، وتعطّلت أجهزة نظامـه كلمحِ البصـر ، وأخذ يتخبـّط كالأعمـى لايدري أين المخرج ، واستطاعت الجماهير الغاضبة أن تضطرُّه إلى مضايق بـدا فيها كالفأر المذعـور يسرع خطا الهرب متراجعا فلا يبصر الطريـق ، حتى أخذت الجماهير ، تلاحقـه وتشير إليه نحـو مخـرج الفــرار !
. 
وسبحان الذي أتاه من حيث لم يحتسب ! فقد كانوا يراقبون اللِّحى ، ويلاحقون المنقبات ، ويعذِّبون المصلّين ، ويضيِّقون على هؤلاء بكلِّ سبيل ، خوفا من أن يأتي الأمر منهم ، فخرج عليهم من شباب مصر ، من حيث لايشعرون ، من ليس لهم ملفات أمن ، ولا يُعرف من أين أتـوا ! فخرجت في إثرهم الأمواج البشرية ، رافضة الطغيان ، حتى زلزلوا الأرض تحت نظام الطاغية ، فسبحان الذي لايعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، وهو العزيز العليـم .
.  
خامسا .. الحصّة الثالثة : درس في خباثة الغرب ، وخبث نواياه ، وكذب دعاواه ، ونفاق خطابه ، فهاهو لم ينطق ببنت شفة في شجب ما كانَ يصنعه النظام من جرائم طيلة أكثـر من ثلاثة عقـود ، جرائم تعجز الكلمات عن وصف بشاعتها ، وتتأبّى الحروف أن تجتمع لتكتب نعتها من شناعتها ،وقد ذكرنا طرفا منها في البيان الذي نشرناه عشية الثورة المصرية ،
 
ورأى العالم أجمـع سـوء جرائمه عندما كانت مدرّعاته تدهس المتظاهرين سلميّا في هذه الثـورة العظيـمة ، ويقذف الماء الحار على المصلّين وهم في صلاتهـم خاشعـون ، ويطلق رصاص القنّاصة على الشعب الأعـزل ، ويقتـل الأبرياء بغيـر حـقّ ، وما هذا سوى اليسير جـداً من فظائع كانت ترتكب طيلة فترة الطوارىء الذي امتدت ثلاثة عقـود ، تُغتصـب فيها الأعراض ، وتُسفك الدماء ، وتُعـذب الأجسـاد أشـدّ التعذيب ، وتـُذلّ النفوس ، وتُسرق الأمـوال، وتصادر الحقــوق .
 
ثم لما انتفضت الجماهير المظلومة تطلب خلاصها ، جاء الغرب يتنصّل مما هو عـار يلوح على جبينه ، لايمكنه إخفاؤه ، لاتمحوه الدهور ، ولاتغسله البحـور .
 
والحقيقة أنّ التغيير في مصر جاء من حيث لم يحتسـبوا أيضا ، ولهذا هرعوا خائفين على نظام لايحمي المشروع الصليبي الإستعماري الصهيوني في المنطقـة العربية إلاّ هـو ، ولا يعتمـد الغرب أكثـر من إعتماده عليه في تمريـر مخططاته .
 
وهم يعلمون أنه إن سقط هذا النظام ، ومُنحـت مصر حرية الإختيار ، سيقرر الشعب المصري أن يضطلع بدوره القياديّ في الأمّـة ، فتسقط معاهدة السلام المصرية الصهيونية ، ويصبح غاز مصر ، وثروة مصر لشعبها ، وخبزهـا من أرضها ، وسترجع مصر دولة إقليمية لا يجرؤ أحـد أن يقف في وجهـها .
 
ولهذا السبب وحده ، سيحاولون إنقاذ هذا النظام ،
 
ووالله الذي لا إله إلا هو ، لولا أنّ ما يجري في مصر مرئيُّ جـدا في العالم ، لسمحوا للنّظام المصري أن يبيد الشعب المصـري ، ولا تتغيـّر السياسة المصرية القائمة على إرضاء الحلف الصهيوغربي.
 
ولكن نسأل الله تعالى أن يخيـّب ظنونهـم ، ويردَّهم على إعقابهم خاسرين.
 
سادسا .. الحصّة الرابعة : درس في أنَّ التغيير للإطاحة بالمستبدِّين ، يبدأ من كسر حاجز الخـوف ، وأنّه ما إن ينكسر حتَّى يتبين كم كان ذلك أيسـر مما تهوَّلته النفوس، ثـم إنه إذا إنكسر فلا تسل بعد ذلك عما يمكن تحقيقه من الإنجازات السياسية السامية ، والأهداف الحضارية العالية .
 
وهو لاينكسر إلاّ مع التضحيات ، ولكنها ما أن تبذل ، وتسقط أولُ قطرة دم على أرض الثورة ، حتى تتحـول إلى مفاخر يتسابق إليها المتسابقون ، وشرف يسارع فيه المسارعـون ، ولـذّة غامرة يلتـذّ بها المضحُّـون .
 
سابعا .. الحصّة الخامسة : درس في أنَّ التغيــير للإصلاح يبدأ ببث الوعي السياسي السليم ، بأنّ الأمـّة هي صاحبة السلطة ، وهي معقد الحكم ، وهي صاحبة القرار النهائي في مصيرهـا .
 
وإزالة ما على عقول الشعوب من الأغطية التي يضعها الطغاة ، ويجددها علماء السوء ، بأنّ مقاليد أموركم كلَّها بيد الطاغيـة ومن يسبّح بحمده ، وإنما أنتم عبيدٌ له !
 
كما يبـدأ بتعليمهم أنهم هم السلطة الحقيقية ، وأنهم هم الوطـن ، وهم الدولة ، وهم النظـام ، وأنهـم هم وحدهـم الذين يحدّدون خيارهـم السياسي كلَّه ، وأنه ليس ثمـة مخـلوق ، له الحـقّ أن يسلب إرادتهـم الحرّة ، في إختيار من يوكّلونه سلطة خادمـةً لمصالحهم ، حارسـةً على حقوقهم ، ثم محاسبتها على عجزها عن الكفايـة ، فعزلها عن منصب الولاية.
 
ثامنا .. الحصّة السادسة : درسٌ في ضرورة الإستفادة من وسائل العصر ، وآخـر ما توصلت إليه البشريـّة من ثقافة التطويـر السياسيّ التي تنال بها حريتها ، وتنتزع حقوقها ، وتفرض الضمانات التي تحـول بين الأمّة وأن تقع فريسة للطغيان .
 
وأهم هذه الوسائل هو الإعلام ، فقد تبيّن بوضوح ، أنَّ الإعلام هو السلاح الأمضى في إحداث التغيير في تونس ، ومصر .
 
وأنّ قناة فضائية واحدة هي قناة الجزيرة _ تتمتـّع بقدر كبير من الحرية _ عملت ما عجـز عن فعله ملايين الخطباء ، فنقلت الثورتين التونسية ، و المصرية ، نقلات سريعة في عدة أيام من درجة إلى أرقى ، تنيـر لها الطريق ، وتدلهُّـا على فخاخ الطغيان ، وتحذّرها من شِراكـِه ، وتجمع جهود الثورتين ، وتركزهما نحـو الهدف حتى استقرتا على الجوديّ ، وهو إسقاط الطغيان ، وتحطيم أغلالـه.
 
هذه قناة عربية واحـدة ، فكيف لو كانت كلّ قنواتـنا الإعلاميّة حـرَّة ؟!!
 
تاسـعا .. الحصّة السابـعة : درس في أنّ المشاريع الحضارية الكبرى ، لا ترتقي إلى أهدافها إلاّ على _ بالإضافة إلى مافي الحصة السادسة _ سلَّم سياسة المراحـل ، وفي مدرج إرادة الشعوب ، ولهذا فشلت كلّ مشاريع التغيير التي فقدت أحد هذين ، فإنتهت المشاريع التي لم تقنع الجماهير إلى العزلـة ، واستقرت مشاريع التوثـُّب المستعجـل ، والحماس المتعجـّل ، إلى المحرقـة .
 
وقد كتبت في عدة مواضـع ، وفتاوى سابقة ، محذّرا من مشاريع التغيير السياسي التي تفتقد لمقوّمات النجاح منتهجةً العنـف ، وأنها في حيـّز المحرمات في شريعتنا ، إذ هي تعقب كوارث على المشروع الإسلامي ، طالما أرجعته القهقرى ، فأضاع من المكاسب مالايحصى عدده ،
 
على العكس تماما من التغيير الذي تتبنّـاه وتقوده الشعـوب ، وتندمج معها النّخـب ، وتمتـزج بتطلُّعـات الجماهيـر .
 
فإن كانت هذه الجماهير مسلمة ، فإنَّ نجاح ثورتها العامـة التي لاتحسب على حزبٍ بعينـه ، إن لم يدفع بالمشروع الإسلامي إلى المقدمة ، فلن يُعدم منه هذا المشروع المبارك خيرا ، مع هذا التطوُّر السريع الذي تفجر فيه وعي الشعوب بحقوقها ، وضعفت السيطرة عليها .
 
 لن يُعدم خيرا حتى لو نقلهم من الأسوء إلى السيّء فـي أقـلّ تقديـر ، مع أنَّ النقلة لن تكون بهذه الصورة السوداء إن شاء الله ، في ظلّ ما يُنتشر في العالم من مناخ الحريات التي بعثتها ثورة الإتصالات والمعلومات ، فالحرية التي تطلقها هذه المشاريع وحدها كفيلة بأن تقفز بالمشروع الإسلامي خطوات ، إن لم توصله إلى المقدمـة ، كما ذكرنـا .
 
وقديمـا كنـّا نقـرأ ، ونحن صغار ، ما قاله جلال العالم في ذلك الكتاب البديع ( قادة الغرب يقولون : دمـّروا الإسلام ، أبيدوا أهله ) ، عندما كان الفكر الإسلامي نقيـَّا من جرثومـة الإنبطاح لمن يسمُّونهم ( ولاة الأمور ) ، بريئا من لوثـة مشايخ ( الملاحق الدينية للإستخبارات ) ، الذين أفسدوا الدين ، والعلم ، والغيرة الإسلامية .
 
كنا نقرأ ما نقله عن المستشرق الأمريكي و.ك. سميث : ( إذا أعطي المسلمون الحريّة في العالم الإسلامي ..وعاشوا في ظلّ هذه الأنظمـة ، فإنَّ الإسلام ينتصر في هذه البلاد ، وبالدكتاتوريات وحدها يمكن الحيلولة بين الشعـوب الإسلامية ودينها ) .
 
وبعد إنتهاء الحصص السبع ، خرجت الشعوب العربية من مدرسة مصـر العظيمـة ،  تبني لها صروح التغيير ، وتشقُّ طريق الخلاص من الطغاة ، وتنشـر أجواء الإصـلاح .
 
لتبعث هذه الأمّة من جديد ، أمـةً تكفـر بالطغـاة ، وتدين لله تعالى وحده بالعبودية ، أمـّة أبيـّة على الطغـيان ، تختار من يحكمها بإرادتها الحـرّة ، وترسم علاقتها بغيـرها وفق مصالحها هـي ، وتبعث رسالتها الحضاريـّة ، التي تقوم على ( كنتم خير أمّة أخرجت للناس ) ( وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ) ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكـر والبغي )
 
وبعـد :
 
فإنَّ الشَّعب المصري البطل ، في هذه الثورة العظيمة ، لم يدّخـر شيئا تضحّي به الشعوب الحيـّة ، إلاّ وقد بذله رخيصا في سبيل خلاص أمـّته .
 
لأنه يعلم قدر مـا أُلـقي على عاتقه ، ويقـدِّر عظـم المكانة التي يتبوأ بهـا في العالم العربيّ ، وفي الأمّة الإسلاميّة ، وأنه إن نهض نهضـت الأمّة معه ، وإن تقاعس فعليه تقع المسؤولية العُظمـى.
 
وقد أعطى دروسه بإخلاص ، وصدق ، وتفانٍ ، يندر مثله في التاريخ ، وقدم دماءه ، وأجسـاد أبنائه ، وجازف بكلِّ مايملك .
 
من أجـل أن يضع أمّتـه على سبيل النهضة الشامـلة ..
 
وأما ما يحدث في المستقبل ، وما تحمله الأيـام ، فعلمه عند ربي في كتاب ، لايضلّ ربي ولاينسى .
 
ولاريب أنّ ثمة خططا بالغة المكر تعـد لإجهاض الثورة ، وسرقة جهودها ، وتحويـر أهدافها ، وتخريـب مشروعها .
 
لكن هذا لايمنع أنَّ الشعب المصري قد أدى الذي عليه ، وقام بمـا أُوكل إليه ، غيـر هـيّاب ، ولا وجـل ، فأستحق ما قلناه.
 
فيا أيتها الشُّعـوب قفي جميعا اليوم فحيّي هذا الشعب الخارق .
 
ثم امضـوا إلى مثـل ما مضـى فيه ..
 
ثـم ..أخـتم هذا المقال بتوقــُّع ، ونـداء..
 
أما التوقع _ والله أعلـم _ فهو أن يتعـمَّم _ ولو على مدى سنوات _  النموذج التركي في البلاد العربية ،  أعني أنظمة سياسية فيها مزيد من الحريـّة السياسية ، وإحترام الحقوق ، وتقييد السلطة ، مطعَّمـة بثقافة إسلامية مقاربـة _ وخيـرٌ فيه دخـن ، أهـون من هذه الشرور التي نراهـا اليوم _ لكن دون النظام الإسلامي النموذج ، وسيكون في ذلك خيرٌ كثيـر للأمـة بإذن الله تعالى ، يسلك بها إلى فضاء أرحب ، تكون فيه إلى الوحدة الإسلامية العظمى بإذن الله أقـرب .
 
 
أمـّا النداء فهو إلى الحالة الثقافية في السعودية والخليـج ، حيث الثقل الإقتصادي للأمـّة الذي يوازي في أثره ، الثقـل الثقافي ، والسياسي لمصر ، والذي به مع التغيير في مصـر ، تتـم الإستدارة الحضارية الكبـرى للأمـّة بإذن الله تعالى.
 
نداءٌ لإحـداث نقلة كبيرة في التغيير الإصلاحي السياسي الذي يتجنَّب عثرات التجارب السابقة ، وينهض بالحالة المزرية البائسـة التي تعيشها شعـوب المنطقـة بأسـرها ، من مهبـط الوحـي ، إلى أطراف جزيرة العروبة الأصيلة ، ومحضـن الإسلام العظيـم .
 
حيــث _ في مناخ يملؤه النفـاق السياسي ، ويعصف به إعصار الفساد ، وتهيـمن عليه ثقافـة المهانـة ، وأخلاق ( التسـوُّل الجماعـي للشعوب )  مقبّلي الأيدي ، والأكـتاف ! وحالة ( اللاّوجود واللاّعدم ) و( اللاّبشـر واللاّبهَـم ) ! _ يُهـدر من مقدَّرات الأمـّة ، ما عُشر معشاره كفيـلٌ بأن يغيـر خارطة العالـم بأسـره .
 
وتُغيـَّب إرادة الشُّعوب بالكليـّة ، وتُنتهك الحقوق بلا رحمـة ، وتهان العقول ، ويُستهان بكلِّ القيم الإنسانية بلا كرامـة ، وتُسلَّم ثروات وكنوز أمّـتنا إلى التحالف الصهيوغربي ، ليستمر في طغيانه العالمي ، وفي إستبداده الذي ضاقت به البشرية ذرعـا ، وساقها إلى المهالـك .
 
 فعليكم أيها المثقفون الشرفاء ، وعلماء الشريعة ، تقع مسؤولية عظيمة ، ومهـمة جسيـمة ، وقد بدأت أعناق شعوب الأمـّة تلتفـت متطلعـةً لكـم ، وعيونهـم تنظـر إليكـم ، وتنتظـر منكـم دوركـم في التغييـر المنشهـود .
 
فمـا أنـتم صانعـون ، ومتى يسمع صوتكم ، ويُرى حراكُكم ؟!!
 
والله المستعان ، وعليه وحده التوكـّل ، هو حسبنا ، ونعـم الوكيـل ، نعم المولى ، ونعـم النصيــر 

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 31/01/2011
عدد القراء: 38787

أضف تعليقك على الموضوع

الاسم الكريم
البريد الإلكتروني
نص المشاركة
رمز الحماية 6110  

تعليقات القراء الكرام
 

اعلانات

 لقاء الشيخ حامد العلي ببرنامج ساعة ونصف على قناة اليوم 28 نوفمبر 2013م ـ تجديد الرابـط .. حلقة الشريعة والحياة عن نظام الحكم الإسلامي بتاريخ 4 نوفمبر 2012م
 خطبة الجمعة بالجامع الكبير بقطر جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب بتاريخ 8 ربيع الآخر 1433هـ 2 مارس 2012م ... كتاب حصاد الثورات للشيخ حامد العلي يصل لبابك في أي مكان في العالم عبـر شركة التواصل هنا الرابط
 كلمة الشيخ حامد العلي في مظاهرة التضامن مع حمص بعد المجزرة التي ارتقى فيها أكثر من 400 شهيد 13 ربيع الأول 1433هـ ، 5 فبراير 2012م
 لقاء قناة الحوار مع الشيخ حامد العلي عن الثورات العربية
 أفلام مظاهرات الجمعة العظيمة والضحايا والشهداء وكل ما عله علاقة بذلك اليوم

جديد المقالات

 بيان في حكم الشريعة بخصوص الحصار الجائر على قطـر
 الرد على تعزية القسـام لزمرة النفاق والإجرام
 الدروس الوافيـة ، من معركة اللجان الخاوية
 الرد على خالد الشايع فيما زعمه من بطلان شرعية الثورة السورية المباركة !!
 خطبة عيد الأضحى لعام 1434هـ

جديد الفتاوى

 شيخ ما رأيك بفتوى الذي استدل بقوله تعالى" فلا كيل لكم عندي ولا تقربون " على جواز حصار قطر ؟!!
 فضيلة الشيخ ما قولكم في مفشّـر الأحلام الذي قال إن الثوب الإماراتي من السنة و الثوب الكويتي ليس من السنة ، بناء على حديث ورد ( وعليه ثاب قطرية ) وفسرها بأنه التفصيل الإماراتي الذي بدون رقبة للثوب !!
 أحكام صدقة الفطر
 أحكام الأضحية ؟
 بمناسبة ضرب الأمن للمتظاهرين السلميين في الكويت ! التعليق على فتوى الشيخ العلامة بن باز رحمه الله في تحريم ضرب الأمن للناس .

جديد الصوتيات

 محاضرة الشيخ حامد العلي التي ألقاها في جمعية الإصلاح ـ الرقة عن دور العلماء كاملة
 محاضرة قادسية الشام
 محاضرة البيان الوافي للعبر من نهاية القذافي
 نظم الدرر السنية في مجمل العقائد السنية للشيخ حامد العلي الجزء الأول والثاني
 إلى أم حمزة الخطيب الطفل الشهيد الذي قتله كلاب الطاغية بشار بعد التعذيب

جديد الأدب

 فتح غريان
 مرثية محمد الأمين ولد الحسن
 مرثية الشيخ حامد العلي في المجاهد الصابر مهدي عاكف رحمن الله الشهيد إن شاء الله المقتول ظلما في سجون سيسي فرعون مصر قاتله الله
 قصيدة ذكرى الإنتصار على الإنقلاب في تركيا
 قصيدة صمود قطـر


عدد الزوار: 48230133