مغرَّرات الغُمَّة العربيَّة..وحفّاظات الجنود الصهاينة!
حامد بن عبدالله العلي
لايخفى أنَّ معركة غزة قـد انتهت بنصر للجهاد الفلسطيني ، لكنَّ حربه مع العدوّ لم تنتـه ، وأنَّ هذا النصر كان مفاجئاً للعدوّ الصهيوني ، وللمتواطئين معه ممن يطلق عليهم ( محور الإعتلال ) العربيّ ، ولم يكن صمود غزَّة على هذا النحو الأسطوري في حُسْبانهم ، ولهذا فقد انطلقت حربٌ جديدة تحت عنوان ( إعمار غزة ) ، تهدف إلى تحقيق الأهداف التي عجزت آلة التدمير الوحشي العسكرية الصهيونية عن تحقيقه
والعجيب في شأن هذه المؤامرة أنها معلنة ، كما صرحت قيادة العدو الصهيوني أن حرب تدمير غزة عززت سلطة عباس ، وأضعفت سلطة حماس ! ، ويبدو أنَّ عباس (المنتهي الصلاحية ) الذي قال للقطريين أنه سيٌذبح من الوريد للوريد إنْ ذهب لقمة الدوحة ، لم يعد قادراً حتَّى على التوسل للصهاينة ليرحموه قليلا من تصريحاتهم التي تفضحـه !
والمؤامرة تتلخص في أن تحقـِّق عملية ( إعادة الإعمار) أمرين :
أحدهما : إعادة نفوذ سلطة عباس المنتهية صلاحيته ، والشريك في التآمر على شعبه ، إلى غزة ، ولهذا السبب أعلن الإتحاد الأوربي ـ المجرم الشريك الذي يتجشَّـأ من دماء أهل غزة ـ أنَّ أموال إعادة الإعمار لن تكون متاحة لحكومة تقودها حماس ، ولهذا ألـحَّ عباس ـ كما فعل غلامه فياض ـ على الغمَّة العربية بإعتماد السلطة ومؤسساتها فقط لعملية إعادة الإعمار ! مما يعني تفريغ العملية برمتها عن محتواها.
الثاني : إضعاف المقاومة عن طريق حصار جديد لعملية إعادة الإعمار بحجة منع تهريب السلاح ، ومنع إستفادة المقاومة منه ، ولهذا وضع الصهاينة قائمة طويلة بالممنوعات التي ستحظر إدخالها إلى القطاع في عملية إعادة الإعمار ، على رأسها الحديد ، والفولاذ ، بحجة أنها تستعمل في تصنيع السلاح !
والحقيقة الواضحة للعيان أن مُغرَّرات الغُمـَّة العربية ـ بالغين صحيحة وليس على لهجة أهل الخليج ـ كانت عملية تغرير كبيرة ، مكمِّلة لغمـّة شرم الشيخ التي هرع إليها الغربيون مصاصو دماء أهل غزة ، لتطمين الصهيانة على أمنهم ، بعد صدمتهم من صمود المقاومة ، وما لديها من سلاح ، وقدرات عسكرية هائلة ،
فقد كانت غمة شرم الشيخ لفرض الحصار الخارجي على غزة ، لمنع تهريب السلاح إليها بعد إنسحاب الصهاينة أذلاء مندرحين عنها ، وقد امتلأت (حفاظاتهم ) من إسهال الفزع الذي أصابهـم من بأس المقاومة الشديد ، وصمودها الصنديد .
وكانت الغُمـَّة العربية ـ بعيداً عن كلِّ شعاراتها البراقة التي تعودنا عليها ـ لتطويع عملية إعادة الإعمار ، بعد وضعها في فضاء سياسي كيدي ، لهدف الصهاينة في القضاء على نهج المقاومة في الشعب الفلسطيني ، واستئصالها برمِّتها ، تمهيدا لتصفية كلّ حقوقهم المشروعة.
وأما مجيء أوباما فلا جديد فيه ، ولهـذا جاء أوباما بأول تصريح له ، ليؤكـِّد على مضيِّه في طريق من سبقه ، ويبرهن على أنه قد تصهيـن كما تصهيـن الذين من قبله ، وهو في الشأن الفلسطيني كما قيل : ماله عافطة ، ولانافطـة ، فالأمر كلُّه بيد الصهاينة .
فالمشهد في الغـمُّة ، لم يتغيـَّر فيه شيء ، وحتَّى المصالحة ، فلا مصالحة ولا هم يحزنون ، كلُّ ذلك نفاق في نفـاق ، وإنما أحد حلقات المؤامرة على هذه الأمة ، وهدفها تركيعها ، وسلب حقوقها ، واستلاب حضارتها.
فما جرى في أفغانسـتان الحزينـة ، والعراق الدامية ، والصومال المغتصبة ، وغيرها ، يجري في غــزَّة الجريحة ، وسيبقى هذا العدوان على الأمـِّة ، مادام فيها من يؤمن بحقِّهـا ، ويجاهد في سبيله .
وسيبقى العملاءُ ، والخونـة ، والمتاجرون بقضايا الأمُّة ، وعلماء السوء من الشياطين الناطقة والصامتة ، في خانة الأعداء ، يقفون معهم كما وقفوا في كلِّ مصائب الأمَّة ، وكلَّما اشتدَّت عليها المحـن ، ظهر من نفاقهم ، ومرض قلوبهم أشدّ مما كان ، وجزاءُ السيئـةٍ ، سيئـةٌ بعدهـا ، سنـَّة الله فيهم ، ولن تجد لسنَّة الله تبديلا ، ولن تجد لسنَّة الله تحويلا .
وسيبقى المجاهدون ، ومعهم الشرفاء ، وأهل الغيرة ، والنخوة ، في صف الحق وأهله ، يستعملهم الله تعالى ، ويستعمل لهم من شاء ، ممن يحبهم ، ومن لايحبهـم ، ويحب شكرهم .
وإذا كان أعظم ما حققه الجهاد في غزة ، إلحاق الهزيـمة بفسطاط الإنهزام ، الذي تقودُه دول ، وينظـِّر له مثقفو السفارات الأمريكية ، وفقهاءُ (الشيكات) ، ووعاظ البلاط ،
وأجــلّ إنجازاتها إعادة الإعتبـار لنهــج الجهاد الرشيد ، وإثبات أنه لامفـر منه ، ولا محيـد عنه .
فإنَّ واجبـنا أن نبقى جميع وسائل الدعم للجهاد الفلسطيني ، لاسيما في غزة ، مستـمرة بقوِّة ، وتدفـق ، وأن نرفـد سلاحهم بسلاح ، وعزيمتهم بعزيمة ، وإمكاناتهم بإمكانات ، وصوتهـم بصوت الحق والجهاد الإسلامي ، حتى تتحقق بصمودهـم أهداف الأمـة ، وتفشـل مخططات العدو الخبيثة.
وحسبنا في ذلك كلُّه ربُّنا الله تبارك وتعالـى ، الذي بيده الأمر كلُّه ، وإليه يرجع الأمر كلُّه ، علانيـته ، وسـرُّه.
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 24/01/2009 عدد القراء: 11968
أضف تعليقك على الموضوع
|