من بشائر سقوط أمريكا ..

 

عام ثمانين ميلادية كانت أمريكا أكبر دولة دائنة في العالم..وبعد عام خمسة وثمانين..أصبحت أكبر دولة مدينة! وكان من أهم أسباب ذلك تداعيات الحرب الباردة وسباق التسلح..

وفي عهد كلينتون انتعش قليلا عن طريق رفع نسب الربا المستحقة على الدول المستدينة إضافة إلى التغلغل استثماريا في شتى الدول..ثم بدأت ظواهر الركود..

هذا التذبذب..ليس سببه هذا الرئيس أو ذاك..لأن المنظومة الاقتصادية في أمريكا لا يتحكم فيها شخص الرئيس بقدر مايكون مشاركا فيها..بل قد يكون غبيا بمافيه الكفاية-مثل بوش-لدرجة أن المحيطين حوله..ينصحونه بعدم الخوض في التفصيلات حتى لا يتبين عوار فهمه ودون الخوض في متاهات الاقتصاد..فإنه يمكن إجمال المشكلة الاقتصادية الأمريكية..في نقطتين :

الأولى-المشكلة السكانية

الثانية-ميزانية التسلح وهاجس التفوق الأمني

أما المشكلة السكانية..فهي تتمثل في ازياد معدل كبار السن مقارنة مع الشباب..نتيجة لانتشار الفحشاء والزنا والشواذ جنسيا وعزوف المجتمع الأمريكي عامة عن (الأسرة)..

وهو ما يشكل عبئا كبيرا في صرف مستحقات التقاعد..إضافة إلى ازياد معدلات البطالة التي تعني انخفاض قيمة الضرائب المتحصلة..ووفقا للدراسات فإنه يتوق أن تكون نسبة الشباب إلى الشيوخ عام 2018 لا تجاوز 10%!

ومن تداعيات ذلك..انخفاض مشتريات الاستهلاك المحلي..بسبب إحجام الشعب عن الشراء..لأن زيادة معدلات الفقر ستغدو تحصيل حاصل .

وتتمثل المشكلة الثانية..في مشروع الدرع الصاروخية والتسلح لتكريس الهيمنة العالمية والعولمة(الأمركة)..

وكان من أسباب الحرب العراقية كما هو معروف السيطرة النفطية..تمهيدا لإحكام السيطرة الاقتصادية..وما يتبع ذلك من تنفيذ مشروع عمو بيريز(الشرق الأوسط الجديد)

ولذلك فإن المسكونين بشعار "أمريكا أكبر"..يرون أن أنها تسير قدما في الاتجاه الصحيح وأنه لا مخاوف من انهيار الاقتصاد الأمريكي
ويتغافل هؤلاء عن البؤر الاستيطانية التي صنعتها أمريكا في العالم والتي ستنخر في كيانها كما ينخر السوس في الخشب فمستنقع أفغانستان..مازال مشتعلا..ومؤهلا لأن يكلفها كثيرا مع إصرارها على تواجدها هناك .

ومستنقع العراق..الذي لن يخمد بإذن الله..كل يوم يتحفنا بفضل الله بغيث من العلوج..تشفي الصدور وتذهب الغيظ ..والعبء الذي تتكلفه جراء ضمان استمرار تفوق "إسرائيل ورفاهيتها "(وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا) المتناسب طرديا مع قوة الانتفاضة وعمليات إخواننا المجاهدين هناك وهكذا ستظل تفتح على نفسها أبوابا..قانون الله أنبأنا أنه سيعميهم عن التفطن لها فضلا عن إغلاقها..وعن التراجع عن سياسة الغي والبغاء السياسي..وفق قاعدة "سنستدرجهم من حيث لا يعلمون"

وقد قرر لنا الله ما يجعلنا مطمئنين جدا..إزاء هذا التحليل..فهو ليس مبنيا على التفاؤل المجرد-ونحن مأمورن بالتبشير حيث قال البشير النذير عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم:بشروا ولا تنفروا..- بل هكذا تشير الأرقام للمتابعين .

فقال جل من قائل : "إن الذي كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون" -إنفاق الأموال للصد عن سبيل الله يشمل بالمناسبة حملات "التبشير" إضافة إلى ماسبق..

لأن الرأسمالية الأمريكية..تعني عبادة الدولار لا شريك له!
فأخبر سبحانه أن هذا شأنهم..أنهم ينفقون للصد(في سبيل الشيطان)..

وقال بعد ذلك: "فسينفقونها":أي فهذا شأنهم..ولا تستغربوا..والعبرة بالخواتيم..وبعد زمن معين تستغرقه مدة (ثم)..ستكون عليهم حسرة..بما يعني أن سعيهم للهيمنة هو هو ذاته..سيكون السبب في حسرتهم..أولا
ثم غلبتهم ثانيا لأن الهزيمة كما هو معلوم..تمر بثلاث مراحل:

1-الهزيمة النفسية

2-اليأس

3-الانهيار

فلذلك قال تعالى "ثم يغلبون" ليستغرق ذلك حالة اليأس والانهزام النفسي
فالحمد لله الذي يبشر عباده..ولا يتركهم..ولا يتخلى عنهم..وبنداء الرحمة يدعوهم"إن تنصروا الله ينصركم"..

وفي تتمة الآية نكتة لطيفة..حين يقول سبحانه"والذين كفروا إلى جهنم يحشرون"..وعدل عن القول"وهم إلى جهنم يحشرون"..على الرغم من أن الآيةابتدئت بالعنونة عن الكافرين"إن الذين كفروا"..ولعل السر -والله أعلم-أن "الذين كفروا" في مطلع الآية..لن يبقى كلهم كافرين إلى نهاية المطاف..فلما كان الحال أن بعضهم سيثوب إلى الهداية..قال سبحانه بعد تقرير العقاب الدنيوي:والذين كفروا..أي والذي يبقى كافرا منهم مصرا على منهجه الاقتصادي الصاد عن سبيل الله ..فإلى جهنم يحشرون .

وهذا ما حصل فعلا..في زمن النبوة..حيث أسلم أحد أكبر صناديد قريش..أبو سفيان رضي الله عنه..وأسلم غيره..وكان إسلامهم..من الأسباب التي حطمت معنويات البقية الباقية للإجهازعليهم..

ومن هنا..فإني أستشرف..من هذه الآيةوغيرها..أن أحد أسباب انهيار أمريكا إضافة إلى الظلم والعلو في الأرض والإفساد..سيكون التغير الملحوظ في تعداد المسلمين هناك..وهذا من لطائف أخذ الله ومن سننه..
أرجو ذلك ولا أجزم..والله مولانا ولا مولى لهم

الكاتب: أبو القاسم المقدسي
التاريخ: 01/01/2007