قتلتني صرخاتك يا رفــــــــــــــح.. بقلم الأستاذة الأديبة

 

قتلتني صرخاتك يا رفح

الكاتبة الأديبة : سعاد جبر

في ساعة هوجاء فاشية ،

انتثرت الأشلاء

وارتكمت القطع اللحمية بقدماي في أزقة حي السلطان ،

وتناثرت بين يداي القمصان الطاهرة المغطسة بالدماء ،

ورمقت عينايّ إناء ماء سلسبيلي

ترقد بجانبه حمامة بيضاء تنزف بالدماء ،

عانقتها في بحر مدرار دماء أبوة حانية ،

تنتظرها من بعيد فتية صغار يكاد يقتلها العطش

وتهاويات الدمار في الأفنية القريبة والبعيدة ،

فهوى الأب الطاهر الذي يقطر دما إلى ذلك الإناء

وكانت لحظات الفناء الطاهر السرمدي مع مواكب الشهداء ،

فعصفت في جسدي انتفاضة الأحرار ،

وانقطع معها قلبي بضعا متفرقا في أزقة الديار ،

وهو يرمق حقائب أطفالي المتناثرة بصحفها الحمراء على الطرقات ،

حيث تفترش امرأة عجوز شامخة الأرض هناك

وترفع يديها بابتهالات الفقراء إلى السماء ،

وبين عينيها قطع خبزية تمضي شامخة حرة على نهر الشهداء ،

فكانت لحظات النزع الأخير في عمري الحاضر الغائب ،

فأنكسر القلم ، وتحرر الحرف من السطور ،

وهوى شهيداً على الطرقات ،

وحلق مع الركب المتصاعد إلى السماء ،

فاستهوته زقزقة عصافير الجنان على الأبواب الخالدة ،

وتساميات صعود الأرواح الحمراء إلى سماءات المجد ،

وفقه لغة العمر هناك ،

في تراقصات لحظات الخلود السرمدية ،

التي ترمق غاضبة بندول الزمان اليعربي ،

في برود مساراته ، وتباطئه في عقارب التسارع في لغة الكرامة ،

وتسفر في الآن ذاته ؛

نضرة مستبشرة لأمة العذابات الجالسة على الطرقات ،

في رفح الشهداء ،

وينطلق منها هاتفٌ خالدٌ في الأجواء البعيدة ؛

ينشد بلسان قمرية الأحزان

اصعدي رفح إلى السماء ،

فموكب الشهداء في انتظار وصلك هناك يوما ما ،

فالأرض خاوية من أرواح الأنسنة الطاهرة ،

وابناء عمومتك الشجعان ،

فأصعدي إلى شرفات السماء

بثوبك الأحمر الممزق والملتصق بأجساد أبنائك الأبرار الشهداء ،

وانشدي هدير الحرية هناك ؛

في السلام عليك في الميلاد

وانتفاضة الغضب

ورحلة سفرك الخالد

البعيد إلى سماءات الأصفياء .

الكاتب: سعاد جبــــر
التاريخ: 01/01/2007