اسم الله المؤمن الجزء الرابع في ربط المجاهدين بأسماء رب العالمين

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
فهذا الجزء الرابع من ربط المجاهدين بأسماء رب العالمين
أسم الله ((المؤمن))
قال ابن الجوزي :"فأما المؤمن ففيه ستة أقوال:
أحدهما : أنه الذي أمن الناس ظلمه , وأمن من آمن به من عذابه
الثاني : أنه المجيب
الثالث:أنه الذي يصدق المؤمنين إذا وحدوه.
الرابع :أنه الذي وحده نفسه ’لقوله تعالى " شهد الله أنه لا إله إلا هو"
الخامس:أنه الذي يصدق عباده وعده.
السادس: أنه الذي يصدق ظنون عباده المؤمنين,ولا يخيب آمالهم .أه.
وعلق الشيخ عبد الله الغنيمان في شرحه كتاب التوحيد من صحيح البخاري
قال: هذه الاقوال كلها حق , ويدل اسمه _تعالى_ ((المؤمن)) فهو الذي المصدق الذي يصدق رسله بما يقيمه من الدلائل التي تدل على صدقهم فيما جاؤوا به وبلغوه عنه –تعالى-ويصدقهم وعده بنصره إياهم على عدوهم ,ويصدق عباده ما أخبرهم به من توفيتهم ما يستحقونه من جزاء أعمالهم , ولا يضيع أجر أحد منهم , ويؤمنهم من الظلم فلا يخافون ظلما ولا هضما, فهو الذي يجير عباده وينجيهم من المهالك والمخاوف , وهو الذي شهد لنفسه بأنه لا إله إلا هو العزيز الحكيم.أ هـ.
ما أجمل هذه المعاني التي فسر بها هذا الأسم ((المؤمن)) فعلمنا حينئذٍ أن الأمن منه سبحانه , فإذاً لا يخوفنا طاغية مستبد , يرعب الناس بما يفعله من تعذيب وغيره ,فإن أمننا الله فلن يؤثر بنا تخويفه فالأمن بيد الله , وإذا أراد الحاكم المستبد أن يحكم قبضته الأمنية ضد الشعب فلن يقدر لأن الأمن ليس من مركز القيادة الذي تحت سيطرته فالأمن من المؤمن وحده الله , ولن يقدر أن يعيده فالأمر كله بيد الله سبحانه, فما أتفه من يقول اذا أراد شعب أن يتحرر من الظلم ويخرج على الطغاة أن النظام الفلاني أو غيره (( قبضته الأمنيه محكمة)) أين التوحيد بهذا الاسم ألم نقرأ قوله تعالى: { قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } سورة المائدة 22
وفي تفسيرها لشيخ عبد الرحمن السعدي
((قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ )) يخافون الله مشجعين لقومهم, منهضين لهم على قتال عدوهم, واحتلال بلادهم
(أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا) بالتوفيق وكلمة الحق في هذا الموطن المحتاج إلى مثل كلامهم, وأنعم عليهم بالصبر واليقين.
((ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ))أي: ليس بينكم وبين نصركم عليهم إلا أن تجزموا عليهم, وتدخلوا عليهم الباب , فإذا دخلتموه عليهم فإنهم سينهزمون, ثم أمراهم بعدة هي أقوى العده فقالا: ((وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ))
فإن التوكل على الله –وخصوصا في هذا الموطن- تيسيرا للأمر, ونصرا على الأعداء, ودل هذا على وجوب التوكل , وعلى أنه بحسب ايمان العبد يكون التوكل. انتهى.
انظر واعتبر وتدبر هذه الآية هل قصصها الله علينا عبث , لا والله كما قال سبحانه :" { لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأولي الألباب }
ومن المعاني الجميلة لهذا الأسم الذي ذكره ابن الجوزي رحمه الله
أن المؤمن : هو الذي يصدق ظنون عباده المؤمنين ولا يخيب أمالهم ))
وكما في الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي..)) فلنظن بالله خيرا حينما نبدأ في أي عمل صالح لنصرة هذا الدين نحسن الظن حتى ولو كانت المقومات قليلة أو محدوده , هكذا كان قلب النبي صلى الله عليه وسلم
حين واجه المشركين وهم أكثر عدة وعتادا, فلم يخيب الله ظنه بل نصره على قلت عدته وعتاده (
قال تعالى"( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ( 21 ) ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ( 22 ) ) .
ومما يستفاد أيضا من هذا الاسم سلامة القلب نحو عبادة الله تعالى وتأمينهم من العدوان , فالمتعبد حقا باسمه سبحانه (المؤمن ) يتصف بصفة السلامة ويكف شره وآذاه عن الناس بحيث يأمن الناس شره.
أبي هريرة رضي اله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن )) ! قيل : من يا رسول الله ؟ قال : (( الذي لا يأمن جاره بوائقه !)) متفق عليه .
وفي رواية لمسلم : (( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه )) .
(( البوائق )) : الغوائل والشرور .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" متفق عليه. وزاد الترمذي والنسائي: "والمؤمن من أمِنَه الناس على دمائهم وأموالهم" .
فنسأل الله المؤمن أن ينصر الثوار المجاهدين في كل مكان وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمنا وأن يؤمنهم من الأسر والبتر والكسر ومن كل شر آميـــن يـــارب العالميـــــــن


الكاتب: أبو هاجر
التاريخ: 15/04/2011