مهمة المسلم ... لا تنساها فتهلك ويهلك اخوانك ...

 


مهمة المسلم

 

إن مهمة المسلم الحق لخصها الله تبارك و تعالى في آية واحدة من كتابه , و رددها القرآن الكريم بعد ذلك في عدة آيات , فأما تلك الآية التي اشتملت على مهمة السلمين في الحياة فهي قول الله تبارك وتعالى

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  , وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ و َتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (الحج:77-78). 

هذا كلام لا لبس فيه و لا غموض , و والله إن له لحلاوة و إن عليه لطلاوة , و إنه لواضح كالصبح ظاهر كالنور , يملأ الآذان و يدخل على القلوب بغير استئذان , أفلم يسمعه المسلمون قبل الآن ؟ أم سمعوه و لكن على قلوبهم أقفالا فلا تعي و لا تتدبر ؟  

يأمر الله المسلمين أن يركعوا و يسجدوا و أن يقيموا الصلاة التي هي لب العبادة و عمود الإسلام و أظهر مظاهره , و أن يعبدوا الله و لا يشركوا به شيئا , و أن يفعلوا الخير ما استطاعوا , و هو حين يأمرهم بفعل الخير ينهاهم بذلك عن الشر و إن من أول الخير أن تترك الشر , فما أوجز و ما أبلغ ! و رتب لهم على ذلك النجاح و الفلاح و الفوز و تلك هي المهمة الفردية لكل مسلم التي يجب عليه أن يقوم بها بنفسه في خلوة أو جماعة .

 

حق الإنسانية

ثم أمرهم بعد ذلك أن يجاهدوا في الله حق جهاده بنشر هذه الدعوة و تعميمها بين الناس بالحجة و البرهان , فإن أبوا إلا العسف و الجور و التمرد فبالسيف والسنان :

والناس إذ ظلموا البرهان و اعتسفوا            فالحرب أجدى على الدنيا من السلم

 

حراسة الحق بالقوة

و ما أحكم القائل : ( القوة اضمن طريق لإحقاق الحق , و ما اجمل أن تسير القوة و الحق جنبا إلى جنب )

فهذا الجهاد في سبيل نشر الدعوة الإسلامية فضلا عن الاحتفاظ بمقدسات الإسلام فريضة الله على المسلمين كما فرض عليهم الصوم و الصلاة و الحج و الزكاة و فعل الخير و ترك الشر , و ألزمهم إياها و ندبهم إليها , و لم يعذر في ذلك أحد فيه قوة و استطاعة , و إنها لآية زاجرة رادعة و موعظة بالغة زاجرة :

 (انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) (التوبة:41) 

و قد كشف الله سر هذا التكليف و حكمة هذه الفريضة التي افترضها على المسلمين بعد هذا الأمر , فبين لهم أنه اجتباهم و اختارهم و اصطفاهم دون الناس ليكونوا سواس خلقه و أمناءه على شريعته و خلفاءه في أرضه , و ورثة رسوله في دعوته , و مهد لهم الدين و أحكم التشريع و سهل الأحكام و جعلها من الصلاحية لكل زمان و مكان بحيث يتقبلها العالم , و ترى فيها الإنسانية أمنيتها المرجوة و أملها المنتظر :  (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ و َتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ) (الحج:78)  

و تلك هي المهمة الاجتماعية التي ندب الله إليها المسلمين جميعا , و أن يكونوا صفا واحدا و كتلة و قوة , و أن يكونوا هم جيش الخلاص الذي ينقذ الإنسانية و يهديها سواء السبيل .

 

رهبان بالليل فرسان بالنهار

ثم أوضح الحق تبارك و تعالى للناس بعد ذلك الرابطة بين التكاليف من صلاة وصوم بالتكاليف الاجتماعية و أن الأولى وسيلة للثانية , و أن العقيدة الصحيحة أساسهما معا , حتى لا يكون لأناس مندوحة من القعود عن فرائضهم الفردية بحجة انهم يعملون للمجموع , و حتى لا يكون لآخرين مندوحة من القعود عن العمل للمجموع بحجة أنهم مشغولين بعباداتهم مستغرقون في صلتهم لربهم , فما أدق و احكم , و من أحسن من الله حديثا ؟

أيها المسلمون : عبادة ربكم و الجهاد في سبيل التمكين لدينكم و إعزاز شريعتكم هي مهمتكم في الحياة , فإن أديتموها حق الأداء فانتم الفائزون , و إن أديتم بعضها أو أهملتموها جميعا فإليكم أسوق قول الله تبارك و تعالى :  (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ , فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ) (المؤمنون:115-116) . 

لهذا المعنى جاء أوصاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم صفوة الله من خلقه و السلف الصالح من عباده : ( رهبان بالليل فرسان بالنهار ) ترى أحدهم في ليله ماثلا في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين و يقول : ( يا دنيا غري غيري ) فإذا انفلق الصباح و دوى النفير يدعو المجاهدين , رأيته رئبالا على صهوة جواده , يزار الزارة فتدوي لها جنبات الميدان .

بالله عليك ما هذا التناسق العجيب و التزاوج بين الغريب و المزيج الفريد بين عمل الدنيا و مهامها و شؤون الآخرة و روحانيتها ؟ و لكنه الإسلام الذي جمع من كل شيء أحسنه .

 

............ آن لنا أن نفهم ..............

كان المسلمون يفهمون هذا قديما و يعملون له و يحملهم إيمانهم على التضحية في سبيله , أما في هذه الأيام فقد تفرق المسلمون في فهم مهمتهم و اتخذوا من التأويل و التعطيل سندا للقعود و الكسل , فمن قائل يقول لك : مضى وقت الجهاد و العمل , و آخر يثبط همتك يقول لك بان الوسائل معدومة و الأمم الإسلامية مقيدة , و ثالث رضي من دينه كلمات يلوكها لسانه صباح  مساء , و قنع من عبادته بركعات يؤديها و قلبه هواء

لا لا أيها المسلمون, القرآن يناديكم بوضوح و جلاء :

 (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحجرات:15) . 

و أما في السنة فيقول لكم  الرسول : (إذا ضن الناس بالدينار و الدرهم و تبايعوا بالعينة و تبعوا أذناب البقر و تركوا الجهاد في سبيل الله , أدخل الله تعالى عليهم ذلا لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم) رواه الأمام أحمد في مسنده , و الطبراني في الكبير , و البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمر .

و أنتم تقرأون في كتب الفقه ما ألف منها قديما أو حديثا متى يكون الجهاد فرض كفاية و متى يكون فرض عين , و تعلمون حقائق ذلك و معناه حق العلم , فما هذا الخمول الذي ضرب بجدرانه ؟ و ما هذا اليأس الذي قبض على القلوب فلا تعي ولا تفيق ؟

 

هذا أيها المسلمون عصر التكوين فكونوا أنفسكم و بذلك تتكون أمتكم .

 

إن هذه الفريضة تحتاج منكم نفوسا مؤمنة و قلوبا سليمة , فاعملوا على تقوية إيمانكم و سلامة صدوركم , و تحتاج منكم تضحية بالمال والجهود فاستعدوا لذلك فإن ما عندكم ينفد و ما عند الله باق , و إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم جنة عرضها السموات و الأرض .

 

نقلها لكم اخوكم

يوسف ابو عمار

 

لا تنســــــــــــــــــــونا من صـــــــــــــــــــــــالح دعـــــــــــــــائكم


الكاتب: يوسف ابو عمار
التاريخ: 01/01/2007