أرفع رأسك فأنت مسلم ..

 

بعض الناس..يظن أن في الذلة والخنوع استضعافا يقربه إلى الله..ويرفع درجته عنده حين يلوذ بالبكاء على حال المسلمين والتباكي الذميم الذي لم تضج الأسماع منه بسبب خشية الله..

بل لو كان يخشى الله حق خشيته..لرفع رأسه عاليا في السماء..لأنه ينتسب إلى دين العزيز..ويتبع أعز المسلمين..ويحمل أعز كتاب وصدق الله إذ يقول\"ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين\"

وقد علمنا الله في كتابه ما ينتظم قاعدة العزة والذلة بأخصر وصف \"أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين\"..وإذا جاز التعبير..يصح أن يقال إن العزة على الكافرين -والتي هي فرع عن البراء منهم والولاء للمؤمنين..-هي الاستكبار الحميد!..وذلك أن الكبر لما كان من صفات الله التي لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة منه..كما نص على ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم فإن السير على صراطه والتعلق بدينه الذي شرع يقتضي معيته لك ..وحسبك بذلك عزة!
وقد كان أولو العزم من الرسل أولى الناس بهذا وعامة لأنبياء..ثم الأمثل فالأمثل..
فها هو كليم الله موسى عليه السلام وقد حوصر..وأصبح بالقياس المادي الصرف..لا مفر..ودب الخوف إلى أتباعه..فما كان جوابه إلا ان قال \" كلا إن معي ربي سيهدين\"وهو جواب يجسد الكبرياء الإيماني المنبثق عن استحضار عظمة الله
وهاهو أبو دجانة يمشي متبخترا في غزوة أحد بين الصفين وقد ربط رأسه بعصابة حمراء
فيقرر الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم القاعدة الجليلة..ويقره على ما هو عليه قائلا\"إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن\"
بل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه..محدث هذه الأمة..لما رأى رجلا يلوي عنقه في الصلاة
ضربه بالدرة -لله در درته!--فقد أدلى الله إليه بالفهم الذي عرّفه أن هذا ليس خشوعا..وإنما من التذلل الذميم..الذي يفرح له الأعداء

وأعيذ نفسي والقاريء الكريم من أن يتسلل اليأس إلى نفسه..وأن يطأطئ الرأس عند سماع أهل الإرجاف..في وسائل الإعلام التي تبث سمومها على مدار اليوم والليلة

فإنك (على )الحق..وليس يعوزك من شيء في المسير سوى زاد من التقوى والصبر..
وماذا يضيرك إذا كنت على الصراط المستقيم فالله العظيم عليه\"إن ربي على صراط مستقيم\"

وإذا كان الله جعلك الأعلى عند تحقيق الإيمان..فلا تدع كل مثبط يستثر سمعك..أو يوهن من عزمك..أيا كان هذا الناعق..فإن قال قائل \"إلى متى..ومتى سيأتي نصر الله\"..قل له \"ألا إن نصر الله قريب\"..وإن قال ..ولكن!..اقطع عليه كلامه لتقول\"ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين\"

إن الأمريكان يشربون الأنخاب على الرؤوس المطأطئة والجباه المنحنية..فعلينا أن نربأ بأنفسنا عن الخنوع ونرفع راية \"الله مولانا ولا مولى لكم\"..فإنها لن تعجل في شفاء صدورنا بارتكاسهم فحسب..بل ستقلب المعركة في عقر دارهم بما هو أحب إلينا من مقتلهم باستسلامهم لله وإعلان إسلامهم..كما أسلم أبو سفيان رضي الله عنه وحسن إسلامه بحمد الله

وإنهم حين أعلنوا أن\" جارنر\" سيكون المرشح للرئاسة \"المؤقتة\"..اليهودي الديانة وحامل الجواز الإسرائيلي إمعانا في الإذلال..فهم يطمحون لتحطيم عزة الإسلام في عقر دار الإسلام وعاصمة الخلافة ومهد العلماء والحضارة..سائرين بذلك على نهج اليهود..وعلى طريقة المتصهين الذي اقترح هدم الكعبة المشرفة..لأنها-زعم-إذا هدمت..سيهدم معها آخر لبنة من كبرياء لدى كل مسلم..ولن تعود لهم صولة..بعد ذلك..ولن تبقى لهم دولة! وكان من الموافقات أنهم دخلوا بغداد في شهر الله المحرم..كما فعل هولاكو..ولعل الله مخرجهم من بلادنا أذلاء..كما أخرجناهم بالأمس
وحين يبلغ حقدهم مقاما يجعلهم لا يتورعون عن إنزال العلم العراقي الموشى بشعار العزة\"الله أكبر\" ويبدلونه بالعلم القديم-
من أول يوم دخلوا فيه..دون اهتمام لما قد يثيره من مشاعر المسلمين الذين يرجون منهم أن يكونوا مرحبين..فيعجوزن حتى عن المجاملة لما يعتمل في صدورهم من حقد حتى على الإسلام \"الصوري\"
زاعمين بذلك أنهم يمحقون آخر لبنة في حكم صدام..لا أنهم حاقدون على الإسلام فهم بذلك يسعون لتحطيم بقايا المجد الأثيل الذي يحفظه كل مسلم من فتوحات أجداده الصحابة ومن بعدهم....وعلى نفس النمط..فحين تحذف \"الله أكبر\"..فإن ما في الجعبة حذف \"لا إله إلا الله محمد رسول الله\"..وهلم جرا..هذا تفكيرهم هم..
ومن أسلحتنا الكثيرة المعينة على الفرار من قدر الله إلى قدره الآخر وندافع بها عن إسلامنا شعورنا بالعزة..ووعد الله أن أمته باقية حية..ودينه باق حي..ولسنا في نهاية التاريخ بالمناسبة! ولنا في سنن الله خير عبرة..فكل كبوة كبتها أمة الإسلام..ما تلبث أن تخرج المسلمين من تحت الرماد..رافعين راية الله في كل البلاد
وماذا وراءنا؟ألم يخلقنا الله للعبادة؟..فلنعبده ولنصطبر..ولعله قضت حكمته أن يهلك الظالمين بالظالمين....وأن يداول الأيام من حيث لا يحتسب الأمريكان..فإنهم وإن ظنوا أنهم في قمة الدولاب فهو لم يتوقف كما قال تعالى\"وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا منكم ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين\"..ومن حكمته تعالى أنه يستدرج الظالمين بإيهامهم التمكين..ثم تقضي رحمته أن يتوحد المسلمون ليكونوا يدا واحدة على ما كان أصابهم بأيديهم أصلا!..وهكذا تسير سنة التغيير أبدا
ولنا في أهل فلسطين أسوة حسنة فإنهم يرزحون تحت البغي منذ دهر..ولم يفنوا..ولم يزعم أحد أن الشعب الفلسطيني مهدد بالإنقراض!..بل الذي ندين به ونعلمه مما علمنا إياه الله أنه يتصدر الآن الشعوب الحية وخطت دماء أبنائه كتاب العزة وفي حاشية الكتاب \"البشرى\" بالنصر وأصبح ينهل من معين هذا الكتاب كل موطن تعلو فيه راية الجهاد..حتى قال أحد العراقيين المجاهدين معبرا عن موقفه\"الفوجة غزة الثانية\"..
وكما قال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه..وقد تدلى حاجباه من الكبر\"عن أسلم أبي عمر قال: غزونا بالقسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن الوليد، والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه مه ‌‍! لا إله إلا الله! يلقي بيديه إلى التهلكة! فقال أبو أيوب: إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه وأظهر دينه الإسلام، فقلنا: هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله تعالى \"وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة\" ..فالبشرى ينبغي أن نزفها للمسلمين مع الألم على مصاب المسلمين..كما أن مع العسر يسرا..أن العاقبة للمؤمنين..وأن أعلى نقطة في الدولاب..ستصبح في أسفله عن قريب بإذن الله..\"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون\"
على أنه ينبغي أن نعي أن الله جعل مقام عزتنا متعلقا بالإيمان..لا بما هو مكتوب في الهوية الشخصية ..ولم يرد موضع واحد للنصر إلا وهو قرين هذا الشرط..مرتبة الإيمان أو ما هو موجب لها
\"وكان حقاً علينا نصر المؤمنين\"
\"إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد\"
\"وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين

الكاتب: أبو القاسم المقدسي
التاريخ: 01/01/2007