قتلنا الرجل وليس الأيدولوجية!

 

في فترة من الزمن مضت، كنا بحاجة لتحليلات سياسية ومتابعات مكثفة للأخبار والتصريحات، وقد يكون ذلك على مدى أيام وأشهر بل وسنين، كي نثبت فكرة أن عداء الكفار وعلى رأسهم أميركا مع المسلمين هو عداء مع الإسلام وليس عداء مصالح. أما اليوم وفي غضون العشر سنوات الأخيرة تقريباً أصبح الساسة الأميركيون لا يتورعون في طرح ما يجول بصدورهم وعلى الملأ، من كلام لا يفهم إلا أنه عداء للإسلام كعقيدة ونظام.

وكان آخر ما قرأته في هذا السياق ما جاء في مقابلة الرئيس السابق للأمن الداخلي الأميركي «روبرت ريدج» مع صحيفة الواشنطن تايمز التي أظهر فيها وبكل وضوح هدف أميركا من حربها المسماة ضد الإرهاب، حيث يقول: “الكفاح ضد التطرف الجهادي هو التحدي الواضح لهذا الجيل”، وعن مقتل ابن لادن يقول: “قتلنا الرجل ولكن ليس الأيديولوجية”.

وفي مقال الافتتاحية لنفس الصحيفة إصدار 5/5/2011م يقول ريدج: “الإسلام يشكل تهديدا بسبب معتقداته التي لا يمكن التوفيق بينها وبين الليبرالية الغربية. والحقائق البديهية التي تكمن وراء الديمقراطية الأميركية ليست غريبة فقط عن الفكرة الإسلامية، بل هي معادية لها. فالحرية الفردية، وحرية الفكر والعقيدة، واحترام المرأة، والحكومة الديمقراطية والرأسمالية من الأمور الأساسية في الحياة الغربية المعاصرة ولكنها بغيضة للعقيدة الإسلامية. هذه هي أرض المعركة التي تخاض الحرب الحالية للأفكار على مضمارها. الإسلام ومنهج الحياة الأميركي لا يمكن أن يتعايشا بسلام.” ثم يذكر المقال: “على مر السنين، تضخم التحدي “الإسلاموية” للحضارة الغربية. وإن الخطر الآن أكثر تنوعا وأكثر تعقيدا، فقد تغلغلت إلى أبعد من تنظيم القاعدة لتشمل حركات مثل طالبان وباكستان عسكر طيبة، التي ارتكبت عام 2008 مذبحة مومباي في تشرين الثاني، وحزب الله اللبناني، وجماعة الإخوان المسلمون، وحزب التحرير الإسلامي”.

وقد كشف ريدج عن إطلاق مبادرة جديدة، وهي موقع التقويم العالمي لرصد الحركات الإسلامية، الذي أسسه مجلس السياسة الخارجية الأميركية في واشنطن. والتقويم هو مورد شامل يهدف إلى تتبع ارتفاع أو انخفاض نشاط الإسلام الراديكالي على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي. أي إنه مصدر للحصول على معلومات تهدف إلى إعطاء صانعي السياسات والباحثين والمهتمين معلومات موضوعية نزيهة عن تعاظم نشاط الحركة الإسلامية.

إن مبادرة ريدج تأتي في سياق واضح للاستراتيجية الكبرى التي تتبعها الدولة الأميركية في تعاملها مع العالم الإسلامي، وإن تم تغطيتها مؤخراً بمعسول الكلام كالذي أعلنه الرئيس الأميركي أوباما بعد مقتل أسامة بن لادن في” أن الولايات المتحدة الأميركية لم ولن تكون في حرب ضد الإسلام” ولا يتسع المقال لإيراد الكم الكبير من الاستشهادات لكبار مراكز الفكر (Think Tanks) الأميركية والأوساط الإعلامية المختلفة وكبار المفكرين السياسيين التي تؤيد ما ذهبنا إليه، والتي تكاثرت وبرزت على السطح بعد ضربات الأبراج في أيلول، ومنها قول هنري كيسنجر “ إن التهديدات ليست آتية من الإرهاب، كذلك الذي شهدناه في 11 أيلول، ولكنّ التهديد آت من الإسلام الأصولي المتطرف الذي عمل على تقويض الإسلام المعتدل المناقض لما يراه الأصوليون في مسألة الخلافة الإسلامية”.

نعم، هذا هو الصعيد وهذا هو الجوهر، صعيد حرب جوهرها الأفكار، ولا يصح أبداً أن نقابل هذا التحدي بمنطق السلام و”أسلمة” أدوات الحرب لتنقلب ديمقراطية إسلامية وليبرالية إسلامية وحرية إسلامية!

فأمة أعزها الله بالإسلام، إن هي ابتغت العزة بغيره، بل بأدوات العدو، فستكون الهزيمة النكراء!

أسامة الثويني
othuwaini@hotmail.com


الكاتب: محب
التاريخ: 19/05/2011