ضغوط لمنع نشر كتاب يكشف أن «التحالف» لم يعتقد بخطرالعراق على الغرب قبل الغزو

 

ضغوط لمنع نشر كتاب يكشف أن «التحالف» لم يعتقد بخطرالعراق على الغرب قبل الغزو

بعد شهور على اعتراف مماثل لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أقرت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت بأن بريطانيا وأميركا ارتكبتا أخطاءً في العراق منذ الحملة العسكرية هناك عام 2003 لإسقاط نظام صدام حسين. جاء ذلك في وقت كشف ديبلوماسي بريطاني سابق أن الخارجية البريطانية تمارس ضغوطاً عليه كيلا ينشر كتابه الذي يذكر فيه أن واشنطن ولندن لم تعتقدا بأن العراق كان يشكل خطراً على الغرب قبل الغزو، وذلك على عكس مزاعمهما.
قالت بيكيت إن الأخطاء ترتكب في أي جهد انساني، لكنها شددت في حديث إلى هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) على أن أحداً لا يجادل في أن بعض هذه الأمور لم يعالج على النحو المطلوب. وكانت تشير بذلك الى اجتثاث البعث وتسريح موظفي الخدمة المدنية ورجال الشرطة والقوات المسلحة العراقية والأخطاء الأخرى التي ارتكبتها قوات «التحالف» في العراق.

إلا أن الوزيرة أكدت ضرورة مساعدة الحكومة العراقية للمضي قدماً في الطريق الذي ينشده الشعب العراقي. وأعربت مجدداً عن دعم بريطانيا خطة الرئيس الأميركي جورج بوش، إلا أنها أكدت مواصلة تنفيذ سياسة بريطانيا القاضية بخفض عدد قواتها في العراق لأن المنطقة الجنوبية التي تنتشر فيها تختلف عن بغداد وما حولها حيث ترابط القوات الأميركية.

ونفت في شدة اتهامات وزير شؤون ايرلندا في الحكومة البريطانية بيتر هين بأن حكومة بوش تعتبر أكثر الادارات الأميركية ميلاً نحو اليمين، وقالت إن ذلك ينطبق أكثر على حكومة الرئيس الراحل رونالد ريغان وليس على ادارة بوش.

إلى ذلك، تبذل وزارة الخارجية البريطانية مساعي حثيثة أخيرة من أجل إقناع ديبلوماسي بارز سابق فيها بألا ينشر كتابا له يوضح فيه أن الحكومة البريطانية كانت على علم قبل غزو العراق بأنه لم يكن يمثل تهديداً كبيراً ضد الغرب.

وامتنع الديبلوماسي السابق في بعثة بريطانيا لدى الأمم المتحدة كارين روس عن التعليق على رسالة بعثت بها الوزارة إليه تحضه فيها على إعادة النظر في قراره لإصدار هذا الكتاب المثير للجدل وعنوانه «ديبلوماسي مستقل». ولكن روس اكتفى بالقول لصحيفة «ذي اوبزرفر» البريطانية إن هذه الرسالة «لم تكن ودية».

من جهته، قال ناطق باسم الخارجية البريطانية «إنها تشعر بخيبة أمل لأن روس شوه موقف الوزارة»، مضيفاً أن روس انتهك قانون سرية المعلومات الرسمية وحذف بعض الفقرات من كتابه بسبب المخاطر التي ينطوي عليها بالنسبة إلى الأمن القومي البريطاني.

وتابعت الصحيفة أن هذه الأزمة تعكس مدى حساسية وزارة الخارجية تجاه أي كتاب من هذا النوع. وسبق أن اعترضت الخارجية على نشر مذكرات السفير البريطاني السابق لدى الأمم المتحدة في نيويورك السير جيريمي غرينسوك عن الفترة التي سبقت حرب العراق والجهود الديبلوماسية التي فشلت في الحصول على تفويض دولي لشن العمل العسكري، وهو ما دفع غرينستوك إلى تأجيل نشر كتابه الى أجل غير مسمى. لكنه اصبح الآن من أشد المنتقدين لمرحلة ما بعد الغزو، وخصوصاً عندما كان يعمل مبعوثاً شخصياً لبلير في العراق.

وكان روس عمل في وزارة الخارجية لفترة 15 عاماً وقدم استقالته عام 2004 بعدما أدلى بشهادة سرية أمام لجنة تحقيق برئاسة سكرتير الحكومة السابق اللورد بتلر حول ملابسات الحرب. وأوضح روس خلال هذه الشهادة أن بريطانيا وأميركيا كانتا تعتقدان خلال الفترة من عام 1998 الى 2002 التي عمل خلالها لدى البعثة البريطانية في الأمم المتحدة، بأن العراق لا يشكل تهديداً فعلياً، وذلك على عكس ما زعمته هاتان الدولتان. لكن روس يدافع عن كتابه الذي يسعى الى نشره، مؤكداً أنه ليس عملاً يستهدف الإثارة أو التشهير بالحكومة.


لندن-الحياة



الكاتب: صلاح البحريني
التاريخ: 29/01/2007