الاقتصاد الامريكي

 

دلائل انهيار الاقتصاد الأمريكي
(1)
في ظل الهيمنة والتفرد في زعامة العالم الذي تحقق للولايات المتحدة ,يصعب على أي إنسان أن يفكر في أن انهيار الولايات المتحدة بات قريب,أو أنها تعيش أزمة اقتصادية خانقة ..ولكن كل المعطيات تشير إلى ذلك فعلا ,فالعجز الكبير في الموازنة الأمريكية والذي بلغ (700)مليار دولار وإفلاس الكثير من الشركات العملاقة وخسائرها بلغت عشرات المليارات التي نسمع بها تباعا ,كلها دلائل على تفكك منظومة الاقتصاد الأمريكي والتي تتجه فيما نعتقد نحو الانهيار

تفاجأت.. كما تفاجأ كل المحللون الاقتصاديون بوجود عجز في الموازنة الأمريكية مقداره 800 مليار دولار "فقط"، أي ما يعادل 7%من إجمالي الاقتصاد الأمريكي فإذا كانت أفقر دولة في العالم تبلغ ديونها 203 مليار دولار، فماذا يمكن أن نطلق على الولايات المتحدة.

الميزانية التي عرضت على الرئيس بوش في 3/2/2007م بلغت 202 تريليون دولار – طبعا نتكلم عن ميزانية 2008 – هذا الرقم جعلني اجزم بالنظرية التي تقول أن أمريكا هي أغنى وأفقر دولة في العالم في نفس الوقت وما غناها إلا لقدرتها على التلاعب باقتصادات العالم وتبعية الأنظمة الغافلة التي لا تزال تضع الأموال في بنوكها ليكون مصيرها التجميد أو المصادرة يوما ما. ومن جهة أخرى ازدياد يقيني أن انهيار الولايات المتحدة سيبدأ من الاقتصاد، والاقتصاد الداخلي.. وبنفس الطريقة التي سقط بها الاتحاد السوفييتي بعد خروجه خاسرا من أفغانستان على صعيد اقتصاده الداخلي، لكنه ازداد بها انهيارا وتفككا.. وبدأت الولايات المتحدة تفعلها بعد خروجها من حادثة تفجير برجي التجارة العالمي في 11/أيلول، ولكن على الصعيد العسكري الخارجي، ولا زالت تزيدها خسارة، وتزيدها أعداء.. مما جعلها تتخبط في العالم كأسد جريح، لكنها لا تدري انها ستصبح مثل "دون كيشوت" الذي كان يقاتل طواحين الهواء.. وستبقى الولايات المتحدة تخترع أعداء مفترضين على أمنها حتى تنهار من الداخل ويتفكك اقتصادها وأمنها الداخلي..

يقول ادم سميث: إن قوة الدولة الرأسمالية يعتمد على توفر شرطين: الحرية، والأمان.. والحقيقة بدا الإنسان الأمريكي يفقد هذين الشرطين، فقد أعادت أحداث 11/ أيلول الشعور بالهزيمة للمواطن الأمريكي والذي محته حرب الخليج الثانية بعد أن لازمهم منذ هزيمة الجيش الأمريكي في فيتنام, وهو يشعر الآن أن أيدي أعدائه قادرة على ضربه في عقر داره وبمقتل، ففقد الشعور بالأمان.. والحقيقة أن مخطط ضربات 11/ أيلول متخصص في النهج الرأسمالي ويعرف أن مقتله في الاقتصاد وقد تحقق له ذلك، ثم فقد المواطن الأمريكي الشعور بالحرية المطلقة من خلال الإجراءات الأمنية التي لم يعرف مثلها من قبل، وما لمسناه حقيقة أن الدول الاشتراكية المتبقية مثل كوبا وكوريا الشمالية، من اقل الدول تأثرا بتلك الأحداث وما تبعها من خسائر لكل المرتبطين بالدولار..

نعود للموازنة الأمريكية فقد أعلنت إدارة بوش أن السياسات المتبعة حاليا ستؤدي إلى عجز مقداره 101 مليار حتى عام 2010، بعد أن أعلنت سابقا أن لديها فائضا مقداره 5.1 مليار، أي أن الفرق فقط 6.2 مليار دولار، هذه موازنة الدولة العظمى المتفردة في العالم.. والولايات المتحدة احتلت العراق، وهي التي دمرت العراق، وهي – كما تدعي – ستعيد إعمار العراق، فمن الذي دفع التكاليف؟؟ هي، أم أجبرت الدول العربية ودول الخليج خاصة على ذلك، خسائر الدول العربية من حرب الخليج بلغت 600 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى تريليون دولار حتى العام 2010م "والحقيقة لولا أني أتابع برامج الفلك في التلفزيون ويذكرون أرقاما كهذه لما استوعب عقلي هذه الأرقام".

وما نتكلم عنه من أن الاقتصاد الأمريكي في طريقه إلى أزمة خانقة تقوده إلى الانهيار، ليست الميزانية وحدها تدلل عليه، بل الخسائر والإفلاسات التي بدأت تصيب الشركات العملاقة العالمية وخسائرها بلغت عشرات المليارات، - والأيام ستأتي بالمزيد – وقد سمعتممؤخرا عن 3 شركات طلبت من الحكومة الأمريكية إعلان التصفية، وخسائرها بلغت الـ 91 مليار – والأرقام أمامي ولا يتسع المقام لعرض تفصيلاتها.

من أهم مقاصد الحروب الامريكية العالمية تحويل الرأي العام الأمريكي عن متابعة العجوزات الكبرى في الاقتصاد الأمريكي, وتبرير زيادة مخصصات وزارة الدفاع بمقدار 8.4% هذا العام، والتي بلغت مخصصاتها 380 مليار دولار.. على حساب مخصصات الصحة والمدارس والأمن الداخلي كما علق السيناريو ادوارد كيندي قائلا أنها "سرقة"، ولو عرف المواطن الأمريكي هذه التفاصيل وغيرها لأسقط إدارة بوش فورا..

ملاحظة: الموازنة الأمريكية لعام 2008 جاءت في خمسة مجلدات،فهل يستطيع المواطن الأمريكي أو الأكاديمي قراءتها..


دلائل انهيار الاقتصاد الأمريكي
"2"

قلنا في مقال سابق أن ما تفعله الولايات المتحدة على الصعيد الخارجي ما هو إلا (بيروسترويكا) لن تزيدها إلا خسارة، وقلنا أن انهيار الولايات المتحدة سيكون من الداخل، وتحديدا من اقتصادها، ولن اكرر ما قلته سابقا ولكني سأضع بين أيديكم – أعزائي القراء – دلائل أخرى على انهيار الاقتصاد الأمريكي، بدأت تتضح أمام كل المراقبين.

الاقتصاد الأمريكي كان اكبر مقرض في العالم قبل عقد من الزمن، لكنه أصبح الآن اكبر مدين في العالم.. وهذا يعني أن المواطن الأمريكي يعيش الآن على أعلى من دخله، معتمدا على الاستدانة، وبسبب انخداعه بما يسمى "بالأسواق الوهمية" أي أسواق الأسهم والسندات، فأكثر من 50% من الشعب الأمريكي يملكون أسهما في البورصة الأمريكية!!؟ وما حدث بعد أحداث 11 أيلول أن المستثمر الأمريكي فقد ثقته بالإجراءات التي تقوم بها الدولة لتوفير الأمان لهذه الاستثمارات، وبالتالي هروب رؤوس الأموال إلى دول الاتحاد الأوروبي.

نشرت جريدة الأسواق الأردنية في 4/8/2002 مقالا قالت فيه "تشهد منطقة اليورو عودة متنامية لرؤوس الأموال التي كان المستثمرون يفضلون توظيفها في الولايات المتحدة ويتوقع أن يسهم ذلك في اكتساح الدولار، حيث سيسير الاقتصاد الأمريكي نحو أزمته الخانقة".

وحتى نخرج من العموميات إلى ما أريد الوصول إليه سأبدأ بشرح كيفية حصول الخسارات في الشركات الكبرى في الولايات المتحدة والذي يؤدي إلى انهيار اقتصادها كليا؟؟!!
هناك نوعان من الأسواق: الأول: ما يسمى بالأسواق الوهمية "أي أسواق البورصات والسندات، والتي يلجا إليها المستثمرون أصحاب رؤوس الأموال المتوسطة طلبا للربح السريع".

النوع الثاني: هو الأسواق الحقيقية: أي أسواق السلع والخدمات، وهذه يملكها كبار المستثمرين، وتطرح أسهمها في البورصات الأمريكية والعالمية، وتعتمد قيمة أسهمها على الإنتاجية من جهة وعلى مدى أمان رأس المال والاستقرار السياسي من جهة أخرى.

المواطن الأمريكي قبل أن يستثمر ماله الصغير "تحويشة العمر" ويشتري أسهمها يعتمد في قراره على أمرين:
الأول يتجه إلى شركات تدقيق الحسابات.والثاني اعتماده الأساسي على الإجراءات التي تتخذها الدولة لدعم الاقتصاد والقوانين التي تحمي المستثمرين في حالة حدوث أي خسائر للشركات.

فمتى تقع الكارثة، تقع الكارثة عندما يختلس المتنفذون ذوو المهارة والشطارة الأموال والموجودات كلها فتنكشف هذه الأسواق وتنهار البورصات، ويبدأ الإعلان عن إفلاس هذه الشركات العملاقة – بلجوئها إلى محاكم تحميها من المطالبة بالمليارات, التي يتوهم أنها أرباح وإذا بها ديون باهظة يستحيل سدادها، فيغنى من يغني ويفقر من يفقر، وهكذا دواليك.

وهذا أصبح أمرا واقعا في الولايات المتحدة وينتهي عادة عند البنوك "قطاع تمويل الاستثمار" التي تقدم قروضا كبيرة للشركات العملاقة بناء على دراسات جدوى لواقع السوق الحقيقي والمعتمد في حقيقته على السوق الوهمي، فتعجز الشركات عن السداد وبين ليلة وضحاها تنهار أسهمها.
وتبدأ الخسارة من المواطن العادي الذي يفقد رأسماله الصغير ثم الشركات التي تكون قد أعلنت عن إفلاسها، وتسريح آلاف العمال فيها، وبعد ذلك البنوك "قطاع تمويل الاستثمار" وهكذا تبدأ المنظومة الاقتصادية بالانهيار كأحجار الدومينو، وهذا الواقع بدأنا نلتمس ظواهره في الولايات المتحدة بشكل جلي!

واليك – عزيزي القارئ – أسماء بعض الشركات العملاقة وقيمة خسائرها لتعرفوا عظيم البلوى التي أصيب بها الاقتصاد الأمريكي:
1- شركة وولدكوم للاتصالات 41 مليار دولار.
2- شركة انرون للطاقة 25 مليار دولار.
3- ميريل انديكو للادوية 12 مليار دولار.
4- هاركن للطاقة 4.2 مليار دولار.
5- الفياكو ميوننكشير للتلفزة 3 مليار دولار.
وتلاحظون أن اقل شركة بلغت خسارتها ضعف ميزانية المملكة الاردنية الهاشمية.
قرأت تعليقا في المجلة الاقتصادية الشهيرة "فورشن" تقول فيه "هناك عفن مرعب في النظام الاقتصادي الأمريكي، بدأت رائحته تفوح"!!

الاقتصاد الأمريكي الآن يعيش بإمكانات اكبر من الإمكانات الذاتية للدولة.. وذلك من اجل الحفاظ على الهيمنة العسكرية والسياسية على العالم؟؟!!
وهل تعلمون أن 50 مليون مواطن أمريكي يعيشون الآن تحت خط الفقر، وان 55% من الثروة الأمريكية يملكها 2% من الشعب الأمريكي فقط.فاعتبروا يا أولي الأبصار


الكاتب: محمد فلاح الزعبي
التاريخ: 25/01/2008