يضع النقاط على الحروف بشأن إغتيال أسامة بن لادن رحمه الله |
|
في لقاء صحفي مع
نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ الشيخ علي بن جاج
يضع النقاط على الحروف بشأن إغتيال أسامة بن لادن رحمه الله
إثر اغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن عن طريق وحدة كومندوس أمريكية على أرض باكستان تباينت ردود الفعل أمام هذا الحادث دوليا وإسلاميا وعربيا وشعبيا فما كان من الهيئة الإعلامية إلا التوجه لمعرفة وجهة نظر نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ طارحة عليه جملة من الأسئلة لتجلية الأمر.
س1: ما رأيكم في الرواية الرسمية لاغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن كما جاءت على لسان الإدارة الأمريكية.
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى وآله وصحبه أجمعين.
ج1: قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من الإشارة إلى جملة من الملاحظات :
1ـ لا يمكن تصديق الرواية لأنها صادرة من جهة رسمية ويكتنفها الغموض من كل الجوانب لاسيما وهي جهة رسمية غير محايدة.
2ـ لا يمكن الجزم بالزمن وظروف الاغتيال فكل ذلك مايزال مجهولا عند العام والخاص ، والزمن وحده كفيل بكشف الحقائق كما كشفت ويكيلكس ملايين المعلومات التي كانت تجهلها شعوب العالم في علاقات الإدارة الأمريكية بالأنظمة العربية العميلة.
3ـ جاء في الرواية الرسمية ما يدين الإدارة الأمريكية التي قررت القتل والاغتيال بدل المحاصرة والاعتقال.
4ـ أظهرت الرواية أيضا غطرسة أمريكا في خرق سيادة دولة باكستان دون علمها مما يدل على عمالة الحكومة الباكستانية الحالية.
5ـ جاء في الرواية المزعومة إلقاء جثة المجاهد أسامة بن لادن رحمه الله في البحر مما يدل على الاستهتار بالقيم الإنسانية في التعامل مع الموتى وإن كان عندنا معشر المسلمين لا يضير سلخ الشاة بعد ذبحها والحاصل مما تقدم من ملاحظات أن الرواية الرسمية للإدارة الأمريكية يجب أن تكون محل فحص وتدقيق وأن نكون فطناء ولا نبتلع الطعم بسهولة.
س2: لقد عمت الفرحة أمريكا باغتيال بن لادن وهللت الدول الغربية بذلك وطارت إسرائيل في جو السماء مرحبة بحادثة الاغتيال وعم الرقص وشرب الخمر تلك الدول كما رحب عملاء أمريكا وإسرائيل والغرب بذلك فما رأيكم في تلك الفرحة الغامرة؟
ج2: صحيح ما جاء في السؤال أن أغلب تلك الدول هللت لاغتيال المجاهد بن لادن رحمه الله غير أن هذه الدول تناست في لحظة السكر والعربدة أنها ذات ماض استعماري وإرهابي جثم طويلا على صدر الشعوب العربية والإسلامية وأخص بالذكر زعيمة الإرهاب الدولي أمريكا وكذا فرنسا وبريطانيا وإيطاليا ألم ترقص أمريكا وإسرائيل فرحا لاغتيال حسن البنا رحمه الله سنة 1949 ألم تفرح أمريكا لاغتيال الزعيم شيغيفارا سنة 1969 وأظهرت صورته بشكل استعراضي للعالم بأسره ألم تهلل أمريكا لدك القصر الرئاسي على رأس الرئيس الشيلي المنتخب سلفادور ألندي سنة 1974 و تنصيب الجزار بينوشي مكانه فمخازي أمريكا و فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسرائيل في العالم فوق الحصر والعد فأمريكا دوما تفرح لمقتل خصومها من جميع الملل والنحل مسلمين أو علمانيين أو شيوعيين سواءً نهجوا في معارضة هيمنتها الطريق السلمي أو المسلح والحاصل أن أمريكا والغرب وإسرائيل من أقدر الدول على خلق الذرائع لتصفية الخصوم تارة باسم محاربة الشيوعية وتارة باسم نشر الديمقراطية وتارة باسم مكافحة الإرهاب الدولي وتارة باسم مكافحة المخدرات بينما في حقيقة الأمر ما هي محاولة للهيمنة على الشعوب وخيراتها وحماية مصالحها الأنانية على حساب مصالح البشرية.
س3: إثر انتشار خبر الاغتيال ثار خلاف بين الكثير هل يستحق أن يطلق على زعيم القاعدة بأنه شهيد ؟
ج4: قبل الإجابة على هذا السؤال يجب الإشارة إلى ما استدل به بعض المانعين من ذلك حيث أوردوا حديثا يروى عن رسول الله صلى عليه وسلم أنه قال "كم من أصابه السلاح وليس بشهيد ولا حميد وكم من مات على فراشه حتف أنفه عند الله صديق وشهيد" وقول عمر رضي الله عنه: "لا يقال فلان شهيد" أما الحديث فضعيف وفي إسناده مقال و المعنى صحيح فقد قال رسول الله صلى عليه وسلم "من طلب الشهادة صادقا أعطيها وإن لم تصبه" وقوله عليه الصلاة والسلام: "من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" أما قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه فالرواية الكاملة عنه: "تقولون في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيد ولعله قد يكون قد أوقر راحلته في سبيل الله ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى عليه وسلم من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد" وقال أهل العلم: أي لا يقال فلان شهيد على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي والمراد النهي عن تعيين واحد بعينه أنه شهيد بل يجوز أن يقال ذلك عن طريق الإجمال فلا يطلق على كل مقتول في الجهاد أنه شهيد وإن كان مع ذلك يعطى حكم الشهداء في الأحكام الظاهرة وذهب البعض إلى جواز ذلك من حيث الحكم الظاهر المبني على الظن الغالب مع العلم أن المسلمين شهداء الله في أرضه وإن كان ولابد أن يقال فلان شهيد نحسبه كذلك ـ من حيث الظاهر ـ والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا وقد أطلق السلف الصالح على بعض من قتل في سبيل الله اسم شهيد من حيث الظاهر وبعد هذا البيان المختصر نقول: إن اغتيال أسامة بن لادن رحمه الله الذي أعلن الجهاد على أمريكا وعملائها وتحقق له ما كان يتمناه على يد القوات الخاصة الأمريكية تجعل الكثير يدرجه ضمن الشهداء ويكفيه شرفاً أن رؤوس الإرهاب الدولي وعلى رأسهم أمريكا ورؤساء الكيان الصهيوني وبعض الدول الغربية والفاتيكان ورؤساء الدول العميلة للغرب وقوى الاستكبار العالمي طارت فرحا وطربا وابتهاجا بمصرعه رحمه الله وتجاوز عنا وعنه ومن العجب أن كلمة الشهيد أصبحت الأنظمة المستبدة تطلقها على من هب ودب بسبب وبغير سبب بل تطلقها على من لا يصلي أصلا باسم الدفاع عن الوطن أو شهيد الواجب الوطني ثم ألم يطلق بعض الساسة وبعض العلماء وطلبة العلم لفظ شهيد على صدام حسين غفر الله له وعندما قيل لهم لا يجوز ذلك قالوا لقد شنقه الأمريكان في يوم عيد الأضحى وهو يتلفظ بالشهادة مرفوع الرأس أمام خصومه الأمريكان وعملائهم ؟! والحاصل أن أمريكا اتخذت من اغتيال بن لادن رحمه الله انتصارا عظيما وتاريخيا غير أن أهل الذكر يقولون إن مقتل الأنبياء والرسل وأتباعهم ومن نهج نهجهم لا يعد انتصارا للفراعنة والطغاة والمستبدين في الأرض.
س4: يزعم البعض أن اغتيال بن لادن يعتبر ضربة قاضية للتطرف وما يسمي "الإرهاب"؟
ج4: إن التصفيات الجسدية والاغتيالات السياسية في غياب الحوار الحقيقي والحلول السياسية الجادة والعميقة والجذرية لن يزيد الظاهرة إلا استفحالا طال الزمان أو قصر وقد دلت التجارب الحديثة والقديمة أن المفجر الحقيقي لأنواع العنف المسلح مرجعه إما إلى الطغيان والاستبداد الداخلي أو إلى الطغيان والاستكبار خارجي.
س5: يقول البعض أن الثورات الشعبية في البلاد العربية هي البديل الوحيد للعمل المسلح العنيف؟
ج5: نحن في الجبهة الإسلامية للإنقاذ كنا نقول أن العمل السياسي المفتوح لجميع التيارات السياسية في البلاد العربية والإسلامية هو أفضل طريق للتغيير السلمي بعيدا عن الثورات الهائجة أو العمل المسلح الغير المنضبط وأن الطريق الأسلم هو ترك الشعوب تختار حكامها بمحض اختيارها ذلك أن الثورات غير مأمونة العواقب فهي معرضة إما إلى الانتكاسة أو إلى الإجهاض أو إلى السرقة من أصحابها وصنعها أو الالتفاف عليها بالمكر والحيلة والخديعة أو بطرق أخرى وإذا ما تم إجهاض أو سرقة أي ثورة عربية أو إسلامية فسوف يتفجر العنف المسلح بجميع أشكاله وألوانه كما أن غلق أبواب التغيير السلمي وممارسة الإقصاء السياسي يدفعان إلى الإحباط واليأس وهما خير مفجر للعنف المسلح. فلو فسح المجال لأسامة بن لادن رحمه الله للممارسة حقوقه المشروعة في أرض الحرمين لما وقع الذي وقع وقدر وما شاء فعل وعلى الجميع أخذ العبرة والدرس حكاما ومحكومين .
س 6 : هل هناك علاقة عضوية بين القاعدة وما يحدث في الجزائر ؟
ج 6: الحالة الجزائرية باختصار شديد حالة خاصة لأن أسباب العنف المسلح في الجزائر بعد إعلان التعددية السياسية بعد انتفاضة 5 أكتوبر1988 إنما جاء اضطرارا لا اختيارا وكرد فعل على إرهاب الدولة بعد اغتصاب إرادة الشعب سنة 1992 أي قبل ظهور حركة طالبان في أفغانستان و بزوغ تنظيم القاعدة فضلا على ممارسة سياسة الإقصاء والتهميش ومطاردة المعارضة الحقيقية وتجاهل الجذور السياسية للأزمة الجزائرية من طرف النظام مازال الذي يصر على أن أزمة الجزائر تكمن في محاربة القاعدة والإرهاب الدولي.
س 7 : يزور اليوم وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي الولايات المتحدة بطلب من وزيرة الخارجية الأمريكية هيلري كلينتون فما رأيكم في توقيت الزيارة؟
ج 7 : قديما قالوا : إن الطيور على أشكالها تقع وربما كان لاغتيال أسامة بن لادن رحمه الله علاقة بذلك إذ لم تحدد الرواية الأمريكية زمن اغتيال بن لادن رحمه الله على وجه الدقة وفي أي يوم تم ذلك إن هذه الزيارة تكشف زيف الشعار الذي ترفعه الدبلوماسية الجزائرية والذي مفاده عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول و سيلتقي وزير الخارجية بكل من المستشار الخاص لأوباما جون بريمن ومساعد كاتبة الدولة للشؤون الخارجية وليام برنز ومنسق مكافحة الإرهاب دانيال بنجامين ففي الوقت الذي تستنكر الخارجية الجزائرية التدخل في شؤون ليبيا الداخلية ولو أن الجزائر استنكرت المجازر الرهيبة التي يقوم بها مدمر القذافي وكتائب أولاده مع استنكارها تدخل الناتو على قدم المساواة لهان الأمر و لكانت أقرب إلى الاعتدال الإيجابي لكنها تعمل جاهدة لحشد التأييد للقضية الصحراوية رغم أن المغرب لم تقم بعشر معشار ما يقوم به مدمر القذافي نحو تدمير شعبه بينما تلتزم الصمت أمام إجرام القذافي فلماذا هذا الكيل بمكيالين حيث تستنكر التدخل الخارجي في بلد مجاور يتعرض شعبه لتصفية الجسدية يوميا وتحرض من جهة أخرى على التدخل الخارجي في دولة أخرى مجاورة و الطامة الكبرى أن وزير الخارجية الجزائري ذهب ليستعين بأمريكا ضد أبناء الجزائر في الداخل ويستعدي العالم ضدهم باسم مكافحة الإرهاب الدولي وهو شكل أخر للتدخل في شؤوننا الداخلية وليس من باب الصدف أن تتم هذه الزيارة في نفس اليوم الذي يعلن فيه على اغتيال المجاهد أسامة بن لادن رحمه الله.
س 8 : بما تنصح قادة الدول العربية و الإسلامية ؟
ج 8 : خير ما ننصح به هؤلاء القادة قبل فوات الأوان فتح المجال للحوار السياسي وتمكين جميع التيارات في بلدان العربية و الإسلامية لممارسة حقوقهم المشروعة بكل حرية وفسح المجال للشعوب لتختار حكامها ومشاريعها السياسية بعيدا عن الإقصاء والمطاردة وإلا فهي المسئولة بالدرجة الأولى عن العنف وعدم الاستقرار السياسي.
والله ولي التوفيق
(المصدر)
{الهيئة الإعلامية للشيخ علي بن حاج}