ما هو سر حلب؟! وما سر هذه الشفقة الغربية عليها؟!

 

حلب مدينة غالية علينا ككل مدن الشام والعالم الإسلامي ويسوءنا ما يسوءها ويسوء أهلها ويسرنا أن تنعم وبلاد أمتنا كلها بالخير والسلامة والسؤدد والمحبة، ولكن!
ما بال أولئك الأوغاد؟!
دمرت مدن وقرى وأحياء في أنحاء سورية كلها ولم تصل في عرف الأمم المتحدة والجامعة إلى "إعلان مدينة منكوبة" ولو كانت بزلزال لتحركوا فما بالك وهي بيد بشرية أثيمة!
وارتكبت المجازر في كرم الزيتون والحولة والقبير فلم تكن سوى أنها: "قد ترقى إلى جريمة حرب"!
وقتل عشرات الألوف! وجرح مئات الألوف! واعتقل مئات الألوف! وشرد الملايين داخل سورية وخارجها! وهدمت البيوت على رؤوس أصحابها! وصارت المدن والأحياء خرابا يبابا! فلم يرف للعالم الغربي المنافق جفن، ولم يتحرك للعالم الشرقي إحساس!
فما بالهم انتصروا لحلب؟!
(عن الجزيرة:
الأمم المتحدة: مئتا ألف سوري فروا من حلب. "ومتى كانت الأمم المتحدة تعد الفارين!"
الجامعة العربية، نبيل العربي: ما يحدث في سورية وخصوصا في حلب يرقى إلى جرائم حرب. "والذي حدث في حمص كمثال لم يرقى!"
الغرب، وزير الدفاع الأمريكي: الأسد يحفر قبره بيده عبر العملية العسكرية التي تستهدف حلب. "لا نفهم من هذا التوصيف على الإطلاق وإنما التهديد!")
فما السر الذي تخفيه حلب؟!
لعله ثمة مؤشرات تدل على قرب انضمامها إلى الأراضي التي يحررها الجيش الحر ولأسباب منها:
* عدم وجود قرى أو مدن موالية للعصابة ومن طائفته على امتداد حلب وريفها.
* أنها مدينة لها تاريخها العريق في مقارعة هذا النظام الطائفي الظالم الغاشم ولها ثأر لن ينساه أهلها معه، ولعل مما سبب تأخرها عن مواكبة الثورة كثرة جراحها ومن قدمت من خيرة شبابها وصفوة أبنائها فيما سبق -كأخواتها حماة والجسر وغيرهما- حتى أن وطأة النظام الطائفي بشبيحته وأنذاله عليها كانت على أشدها إلى أن كسرت الكتائب المجاهدة سطوته وبعثرت سيطرته؛ وهذا ما يفسر إقبالها المتسارع حتى كادت تدرك الفرسان الأوائل بهمتها وبطولاتها بعد تأخرها الشديد!
* عجز بشار وقروده ومجوسه عن احتلالها لأن المناطق المحيطة بها كلها أو جلها مع الجيش الحر؛ نذكر منها: من الشمال إعزاز ومارع وتل رفعت، ومن الشرق منبج والباب ودير حافر ومن الغرب عندان ودارة عزة وشمالي مدن ريف إدلب ومن الجنوب حماة بريفها وبالتالي فطرق إمداده لجيشه الغادر مقطوعة ولم يبق له إلا الطيران المروحي والحربي وهذان سلاحان فتاكان وضعيفان معا؛ فتاكان لشدة أذيتهما وأضرارهما وضعيفان لأنهما لا يقدمان على الأرض شيئا إلا الدمار ولا ينفعان صاحبهما دون المشاة وأنّى للمشاة أن يتقدموا وأسود السنة متربصون بهم والمعول عليه بعد الله تعالى حصول الجيش الحر على صواريخ ومضادات للطيران تجعل هذا السلاح عديم القيمة.
* أنها منطقة حدودية فظهرها إلى تركيا، وهي كبيرة متسعة، ومليئة بالخيرات في سهولها الزراعية، ومليئة بالمناطق الصناعية، وهي مما يصلح أن تكون بنغازي سورية بمعنى المنطقة المحررة الأولى والتي تنطلق منها الكتائب لتطهير باقي الشام.
* وهي مجهزة بكل ما تحتاجه مدينة تكون منطلقا لحركة التحرير فهي وإن لم تكن عاصمة فإنها تشبه العاصمة؛ فيها أكبر المديريات التابعة للوزارات وفيها القنصليات وفيها ثاني الجامعات والمطارات والمحطات والإذاعات والقيادات وما إلى هنالك!
ومعنى كل هذا أن ما حصل من انضمام حلب المفاجئ إلى الثورة وبهذا الزخم الكبير أربك حسابات الغرب الذي طالما راهن على حرب استنزاف طويلة الأمد بين نظام مجرم مدعوم من الخارج المتبجح منه (روسيا والصين) والمنافق (أمريكا والغرب) والمعلن العداوة (إيران والعراق ولبنان) وبين شعب آلى ألا يعود ولا يستكين حتى يحقق النصر!
معركة دمشق هي الحاسمة وستبقى الكتائب فيها وفي غوطتيها وكل ما حولها تعمل وبإصرار على إسقاط سلطة العصابة فيها وهذا أمر مفروغ منه، ومعركة حلب والتي بدأتها الكتائب المباركة فيها ستكون سلاحا ذو حدين فهو من جهة يشتت قوى المجرمين ويخفف الضغط عن ثوار دمشق، ومن جهة أخرى يمنع الرافد الاقتصادي الذي كانت توفره حلب للعصابة لعام مضى من عمر الثورة الأول، فانضمامها للثوار والثورة سيعني ربما بنغازي سورية -كما سبق- وهذا هو السبب فيما يظهر لجنون الغرب والشرق على السواء بخيبة آمالهم في استمرار تحييد حلب بل كونها في صف النظام الخائن؛ فلم يمضي عليهم وقت طويل وهم يتجرعون غصة دمشق التي لم تكن في حسبانهم فهاهي غصة ثانية تنضاف إليها ليصابوا بالاختناق!
إننا نخشى أن يكون من وراء تباكيهم على حلب محاولة للتدخل الأممي أو سواه للحيلولة دون تمكن الجيش الحر من الاستيلاء عليها ليقدموها لقمة سائغة لحليفهم النصيري ويحرمون الثوار والثورة منها! أو يحاولون فصلها والعبث من خلالها بوحدة سورية!
والمأمول لصد هكذا تفكير أو تصرف مريب يسعى إليه الغرب السرعة في إنجاز التحرير بأسرع وقت وبأسرع وتيرة "سليمة"، وكذلك أن يراقب الجيش الحر فيها كل ما يصدر عن إعلامه مما يتعلق بحلب وريفها لكي لا يكون مادة سيئة يوظفها الأعداء لخدمة أغراضهم ومصالحهم لا أغراضنا ومصالحنا! وأن يؤلف لجانا إعلامية خبيرة تشرف على الفيديوهات المشورة أن يصدر منها يضر ولا يفيد! والله ناصرنا ومعيننا وعليه التكلان.


الكاتب: منذر السيد محمود
التاريخ: 30/07/2012