الوسطية بين من يتغنى بها ويتخلى عنها

 

الوسطية بين من يتغنى بها ويتخلى عنها

علي مبارك ملص

لقد كثر الحديث عن الوسطية حتى أصبح حديثا يتناوله البعض دون أنـ يعي معنى هذا ـ المدلول بل وتعقد المؤتمرات هنا وهناك ويتغنى المتغنون بها حتى كاد يصدق على كثير من هؤلاء القول ـ وكل يدعي وصلا بليلى ... ونحن في هذه العجالة لن نتناول الوسطية من حيث مدلولها الشرعي ولا مفهومها اللغوي ولا تركيبها الصرفي ولكن نتناولها من حيث ما تعالت به الأصوات اليوم فإن كثيرا ممن ارتفعت عقيرتهم بهذا المصدر الصناعي لا يعد في كثير من الأحوال الا غطاء يحاول من يتدثر به أو يزعق او ينعق به بأنه يتبنى الوسطية والاعتدال وهو في حقيقة الأمر أقرب ما يكون الى التطرف والانحلال فبريق الكلمات وشعار المؤتمرات ورفرفة الرايات اذا لم يستند الى واقع ملموس ولا التزام محسوس لما تحمله هذه الكلمة من معنى وتنبني عليه من مبنى فإن ذلك ليس في عين الحقيقة الا خور وجفاء وما يراد من وراء ذلك الا شيء في الخفاء فإنا اذا امعنا النظر حول ما يدور حوله الدائرون وما يراد من وراء اثارة كثيرا من الغبار حول الوسطية فإنما نسمع زوبعة فناجين وشناشن أخزمين لم يتغير منهم شيء الا لتغير الأحوال وما يتحقق لأنفسهم من نوال اذ أن مدلول الزمان والمكان لإثارة هذا الموضوع الحساس ليجعل المرء يتساءل ما حقيقة هذه المؤتمرات ولماذا الآن تنصب للوسطية الرايات ثم يعود اليهم الجواب حسيرا باختيار التوقيت والمكان بأن وراء الأكمة ما وراءها بل وترجع به الذكرى والتذكير الى قول البشير النذير صلى الله عليه وسلم (.... هل كان فيه وثن يعبد هل كان فيه معلم من معالم الجاهلية ) اذا فعلى أي مكان تنصب راية الوسطية اليوم وأين هم المتوسطون بالأمس حتى صاروا دعاة لها اليوم والحصيف الفطن ليعلم علم اليقين أين هو الجواب المبين ثم اننا اذا غضننا الطرف عن الرايات والرتوش ووقفنا على صلب الموضوع فنقول .
ماهي الموضوعات التي تتناولها وسطية هؤلاء وماذا يناقش تحتها على رؤوس الملا ومن وراءها يدفع بدفة الأمور ويحث الخطا الى انجاح مثل هذا العمل المبتور ولو كان زائفا ومبذولا ومن يجيش الاعلام والرجال ويثير الموضوعات التي لا تمت الى الوسطية بصلة ولا الى الحقيقة او الحق ولو بفرسن بغلة ولو رمينا عرض الحائط ولو على سبيل التمثيل مدلول الزمان والمكان التي اختير ان تقام فيهما مثل هذه المؤتمرات وكذا اللاعبين على الحبال في مثل هذا المجال فإن المرء لا تطمئن نفسه الى حملة هذه الطبول وخصوصا ان اسس دعوتهم قامت على التطبيل بتلك الطبول فيا لله ما علاقة الوسطية بوضع او نزع الحجاب او بالغطاء او بالجلباب وما صلة الوسطية بالغض عن جراح الأمة وجرح عقيدتها ومثالب التطرف وقواطع التخلف ثم اين الوسطية ممن ينهشون لحم الأمة ليلا ونهارا ويبيعون ويشترون في كرامتها في وضح النهار واين اللاهثون للوسطية وهم يهدمون أس الشريعة واساس العقيدة فإن لم تكن الوسطية في روح الشرح وربقة الاعتقاد فلا ندري الى أي وسطية تدعى الأمة اليوم وما هي الوسطية التي يتداعى اليها القوم ومن اعجب ما في الأمر ان يستدرج الى هذا الشرك من ينسب الى الحرص والعلم وينسب اليهم الفقه والفهم فيكون له في هذه الجولة صولة ولتبرير وتمرير هذه اللعبة بصمة ثم لو قدرنا ان من يقوم بمثل هذه العمل مخلص ونزيه ولا يريد للأمة الا النصح والتوجيه فأين هي ثمار هذه الزوبعة المعهودة وهل آتت ثمارها بما يتناسب مع ما ينقف فيها من مال وأقوال وتبذل من زفرات وآهات ثم تكون النتيجة ان ذلك الجهد تذروه الرياح كما أذرت كثير من مقدرات الامة في بنوك اعداء الملة المعنوية والحسية بل وتستخدم هذه الوسطية سياطا تأتي على البقية الباقية ممن يريد للأمة خيرا فيوسمون بشعارات هذه الأعمال بأنهم عن هذه الوسطية لبعاد وانهم لهذه الأمة لشر هاد فهل يعي ممن يدعي الوسطية بأن ليلاها عنه غافلة وإن تغنى بها .

وأن حقيقة الوسطية عنه قافلة وهناك فريق آخر عن الوسطية قد تخلى فبدأ يبرر بعده عنها تارة بحجة التجميع وتارة بشعار التقارب والتمييع وأخرى ما تسمى بمراجعات وهي في حقيقة امرها تراجعات فالانفتاح والانغلاق يراه كثير من هؤلاء اهم ترياق فهم ينفتحون على الذين هم عن الوسطية أبعدون وينغلقون الى من هم للوسطية يدعون فهل يخفى على أولي الألباب ما يظهر هؤلاء من تمحل بسبب ضغوط الواقع او لعله عليهم من شئم الطالع وأما اهل الحق فهم حقا أهل التوسط والاعتدال هم حقا للوسطية اهلون وعنها وبها يصولون ويجولون ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) من الذين بالوسطية يتشدقون او عن الوسطية يبعدون وهم عنها غافلون والله المستعان على ما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ب العالمين .


الكاتب: علي مبارك ملص
التاريخ: 25/12/2010