الخوف من الله ...والـتـفـاحـــــه..

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد



إن من أصحاب الهمم من يجعل الورع صفته ، ومن أصحاب الهمم من يحاسب نفسه ، ومن أصحاب الهمم من يحب الصالحين ويؤثرهم على غيرهم ، تعال أخي الحبيب لنقرأ هذه القصة ومن ثم نأخذ فوائدها لنرتقي بهممنا...........


في القرن الأول الهجري كان هناك شاب تقي ، يطلب العلم ومتفرغ له ولكنه كان فقيرا ، وفي يوم من الايام خرج من بيته من شدة الجوع ، ولأنه لم يجد ما يأكله ، فانتهى به الطريق إلى أحد البساتين والتي كانت مملؤة بأشجار التفاح ، وكان أحد أغصان شجرة منها متدليا في الطريق ... فحدثته نفسه أن يأكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولا أحد يراه ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحة واحدة ... فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها حتى ذهب جوعه ولما رجع إلى بيته بدأت نفسه تلومه ، وهذا هو حال المؤمن دائما جلس يفكر ويقول كيف أكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم ولم استأذن منه ، ولم استسمحه فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال له الشاب: يا عم بالأمس بلغ بي الجوع مبلغا عظيماً وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك ، وهئنذا اليوم أستأذنك فيها ، فقال له صاحب البستان .. والله لا أسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند الله!!!

بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل اليه أن يسامحه وقال له : أنا مستعد أن أعمل أي شيء بشرط أن تسامحني وتحللني وبدأ يتوسل إلى صاحب البستان وصاحب البستان لا يزداد إلا إصرارا وذهب وتركه ، والشاب يلحقه ويتوسل إليه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر...

فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لا زال واقفا ودموعه التي تحدرت على لحيته فزادت وجهه نورا غير نور الطاعة والعلم ، فقال الشاب لصاحب البستان : يا عم إنني مستعد للعمل فلاحاً في هذا البستان من دون أجر باقي عمري أو أي أمر تريد ولكن بشرط أن تسامحني عندها...

اطرق صاحب البستان يفكر ثم قال : يا بني إنني مستعد أن أسامحك الان لكن بشرط ، فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال اشترط ما بدى لك ياعم
فقال صاحب البستان : شرطي هو أن تتزوج ابنتي !!!ا

صدم الشاب من هذا الجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط ثم أكمل صاحب البستان قوله ... ولكن يا بني اعلم أن ابنتي عمياء وصماء وبكماء وأيضا مقعدة لا تمشي ومنذ زمن وأنا ابحث لها عن زوج استأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتها فإن وافقت عليها سامحتك

صدم الشاب مرة أخرى بهذه المصيبة الثانية ، وبدأ يفكر كيف يعيش مع هذه المصيبة خصوصا أنه لازال في مقتبل العمر؟

وكيف تقوم بشؤنه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات ؟ بدأ يحسبها ويقول اصبر عليها في الدنيا ولكن أنجو من ورطة التفاحة !!!! (سبحان الله تأمل أخي المبارك بُعد النظر)

ثم توجه إلى صاحب البستان وقال له يا عم : لقد قبلت ابنتك وأسال الله أن يجازيني على نيتي ، وأن يعوضني خيرا مما أصابني (الله أكبر)
فقال صاحب البستان .... حسنا يا بني موعدك الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك وأنا أتكفل لك بمهرها ، فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب متثاقل الخطى... حزين الفؤاد... منكسر الخاطر... ليس كأي زوج ذاهب إلى يوم عرسه ، فلما طرق الباب فتح له أبوها وأدخله البيت وبعد أن تجاذبا أطراف الحديث قال له يا بني... تفضل بالدخول على زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير وأخذه بيده وذهب به إلى الغرفة التي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب ورآها .... فإذا فتاة بيضاء أجمل من القمر قد انسدل شعركالحرير على كتفيها فقامت ومشت إليه ، فإذا هي ممشوقة القوام وسلمت عليه وقالت السلام عليك يا زوجي .... أما صاحبنا فهو قد وقف في مكانه يتأملها ، وهو لا يصدق ما يرى ولا يعلم ما الذي حدث ولماذا قال أبوها ذلك الكلام ... ففهمت ما يدور في باله فذهبت اليه وصافحته وقبلت يده وقالت : إنني عمياء من النظر الى الحرام ، وبكماء من النظر الى الحرام ، وصماء من الاستماع الى الحرام ، ولا تخطو رجلاي خطوة الى الحرام ... وإنني وحيدة أبي ، ومنذ عدة سنوات وأبي يبحث لي عن زوج صالح فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من أجلها قال أبي : إن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل له حريّ به أن يخاف الله في ابنتي
فهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لأبي بنسبك ، وبعد عام أنجبت هذا الفتاة من هذا الشاب غلاما كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة
أتدرون من ذلك الغلام ؟

انه الامام ابو حنيفة صاحب المذهب الفقهي المشهور


فوائد من القصه



1- النفس أمارة بالسوء فيجب الحذر منها
2- المؤمن يحاسب نفسه على كل شئ عمله صغيراً أو كبيرا
3- حرمة التعدي على مال أخوك المسلم إلا بإذنه.
4- طلب العفو والمسامحة ممن أخطأت بحقه .
5- الحرص على تزويج من رضينا بخلقه ودينه.
6- الصبر والاحتساب أساس لكل خير في حياة المسلم.

7- في هذه القصه ثمرة من ثمرات الورع ومحاسبة النفس.
8- في محاسبة النفس نجاة للنفس في الدنيا والنجاة يوم القيامة .
9- لا شك أن التربية الصالحه لها دور كبير في شخصية الأجيال .



والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

اخوكم خادم المجاهدين
بلادالحرمين


الكاتب: المهاجر البتار
التاريخ: 22/03/2008