المجلس الوطني السوري ... قليلا من الحنكة! ... قليلا من النضوج!

 

ولن نقول الإخلاص فهذا نريد منه الكثير لا القليل
ربما يكتب أحدنا الكلمة أو المقالة وهو في حال غضب أو سخط لبعض المواقف والأحداث وبعد أن ينشرها وتخرج عن سيطرته ويراها هنا وهناك يراجع نفسه ويقول: كأني قد تشددت! كأني قد قسوت! وفي أحيان كثيرة لا يلبث أن تمضي عليه أيام حتى يشعر فعلا بأنه لم يضع الأمور في نصابها ولم يصب كبد الحقيقة في موقفه؛ فيجد نفسه مقصرا غاية التقصير مع من كتب عنه ولامه وتهجم عليه! بل يجد أنه قد كان ناعما ولينا أكثر حتى من الدراق والموز!
كتبت قبل مدة وقفة عن المجلس الوطني قلت فيها: (مجلسنا الوطني ولد خديجا لسبعة أشهر من الثورة! وبعملية قيصرية! وأدخل الإنعاش ليحيا ويعتاش! خفنا عليه؛ آويناه وحميناه وحييناه! ولم نسمح لا بتقبيله ولا بضربه شفقة عليه وكونه جاء بعد انتظار! وبعد انتظار طال لمّا ينضج بعد! فإلى متى سيبقى خديجا؟! ومتى سيتحول إلى رجل نعتمد عليه وفحل نفتخر به؛ فلا يزال -وليس سرا- يكلفنا الكثير من المال ثمنا "للحفاضات" التي نخفي بها ما يعمله تحت جنح الليل وأحيانا بالنهار!!!) ولم ألبث وأنا أراها منتشرة والتعليقات تكتب عليها أن وجدتني مقصرا في حق هذا المجلس الموقر ولم أوفه حقه للإصرار العجيب من القادة فيه على الغباء الذي لا يمكننا السكوت عليه! ولا يعنيني من غباءهم في ساعتي هذه سوى الغباء السياسي الذي كتبت عنه قبل أسابيع (وخصصت به طارق الهاشمي عنوانه: جاك الدور يا دكتور! ولكن هذه المرة في العراق!)
العصابة الحاكمة في سورية رفضت المبادرة العربية بصيغتها الجديدة ورفضت المراقبين واستمرت -حتى قبيل إعلان تقريرهم- في لعن من كتبها وشتمه مع أن كل ما جاء فيها لا يصب إلا في صالحها ولايمشي إلا على هواها ويسعى لبقائها بل يطابق ما طرحته وتطرحه ولذلك قال "المعلم" -ويومها كان صادقا!-: المبادرة هي ما فعلناه بالضبط! والحقيقة أن المبادرة لو لم تتضمن تنحي "بشار" لنائبه لكانت على هوى بشار وماهر وحتى أنيسة! مئة في المئة؛ فهي تعتبر ما يجري في سورية حربا بين طرفين! وتعتبر العصابة المافوية حكومة قابلة للإصلاح! .... ومع كل ذلك لم تقبلها العصابة! وقبلها المجلس الوطني!! ووعد بدراستها دراسة دقيقة!!
أين السياسة؟! أين الدهاء؟! أين الحنكة؟! من هي في صالحه ومع أنها تخدمه يأباها ليظهر كالضحية! ومن هي سكين على رقبته يرضاها مبدئيا ليظهر كالجلاد! العصابة قبلتها بعد حين وذلك بعد أن تفلسف المعلم كما يريد وبعد أن أرسل عبرها عشرات الرسائل وتكلم بالطول والعرض! وأما المجلس الموقر فبعدما ابتلع الطعم وسحبته الصنارة إلى خارج الماء وبدأ بالاختناق تبرأ من هذه المبادرة! أو بدأ بالتبرؤ!
هل هذا مجلس يصلح ليقود شعبا؟! هذا مجلس أخرق وهذه قيادة له خرقاء!
واضح أن فهم المجلس قاصر فهو لم يفهم معنى أن يخرج ملايين السوريين في الداخل ويعلن أمثالهم في الخارج أن المجلس يمثلهم، ملايين الداخل هؤلاء واحدهم بألف! يخرجون فيواجه أحدهم بصدره العاري رصاص القناصين السفلة وقذائف الدبابات الملتهبة ولا يعرف إن كان سيعود سليما على قدميه أم شهيدا محمولا على الأكتاف أم جريحا مسندا! هؤلاء الملايين يقولون للمجلس أنت تمثلنا فلا يصغي المجلس لكلامهم كأنهم يتكلمون بالسنسكريتي فتكون تصرفاته بلهاء وكأنه يتيم ضائع تائه لا شعب وراءه كالجبل ثباتا وكالنار همة واتقادا؛ فتراه يشحذ الاعترافات الدولية التي يتأمل منها قوة وتأييدا ويهمل الأهم؛ وهو سلاح اعتراف الشعب به ولا يدري أنه لو انطلق في مشواره باعتراف أهله وشعبه لكان الأقوى ولجلب الاحترام والتقدير من الآخرين له قسرا!
إن هذا المجلس إما: غبي لم يفهم ماذا تعنيه هذه الملايين! وإما: غير مصدق وغير مقتنع بأنهم يصنعون المعجزات! أو أنه -وأخص قيادته- عميل يريد أن يضيع دماءهم وتضحياتهم؟
ولن نجد له شبيها على الإطلاق إلا عباس وعريقات وعصابتهم، المنفصلة عن الشعب الفلسطيني وشارعه في مفاوضاتهم الخرقاء المضيعة للوقت وللقضية مع الصهاينة والذين بدل التترس بقوة شعبهم يعولون على الأمم المتحدة وقراراتها التي لم تطعم يوما جائعا ولم تستر له عورة فضلا عن الدفاع عنه!
وتوافق المجلس على قيادة أثبتت لنا الأيام أنها مخترقة فهاهو زعيمكم الأوحد المؤبد بالتجديد تلو التجديد يرى أن المصدر الرئيس لمشاكل العرب كلها من سيطرة "الإسلاميين" على الحكام والإعلام وتحالفهم معهم! وليس من الحكام الطغاة ومن حولهم من الفاسدين! وفتاته المرافقة الدائمة ترى في الصهيونية وكيانها شيء لا بد منه لبلادنا! وقبل ذلك تزدري القرآن والإسلام!!! وهاهو المتسمي بأحد الأركان يعيش سنين طويلة في ظل حزب الشيطان وتحت مرآه ومرأى المخابرات السورية في الضاحية الجنوبية وهو منتم إلى من يحكم بالإعدام لمجرد الإنتماء! وبين الأعضاء ممن اكتشفنا حاله من تروج لأقذر ما توصل إليه الغرب من سفالة اجتماعية وانحطاط خلقي ومعاكسة لطبع البشر! ويبدو أن حبل الفضائح لما ينقطع! وأعجب العجب أن ينام الشرفاء من أعضاء هذا المجلس فلا يشكلوا تصحيحا للمسار يوقف هذه المهزلة ويدافع عن الثوار وجيشهم الحر في وجه من يريد أن يضيع الوقت علينا ويقدمه للعصابة على طبق من ذهب ولكن كما قال عمر: "اللهم إني أشكو إليك جلد الفاجر وعجز التقي" وننتظر أن يستيقظوا ويقوموا بالتصحيح.
وخذل المجلس المرة تلو المرة من لا يرى الشعب في سواه مخرجا -بتوفيق الله وإذنه-؛ جيشنا الحر فهو يطعنه مرتين ليؤيده مقابلها مرة! ولو اعتمد الجيش الحر على المجلس لانتهى أمره منذ أمد ولكنه يائس منه بل غير مكترث به! فهل يريد هذا المجلس أن يحرمنا مخالبنا التي نرد بها بعض أذى بشار وعصابته؟! وكم طالبناه بدعمه بالسلاح فقال: "سلمية" ورفض ذلك وفي ليلة لا قمر فيها قرر فجأة! وعن غير رأي وكلام سابق أن يطلب التدخل العسكري! ممن؟ من الجهات التي جاءت منها أكثر قياداته فانتقل من طرف السلمية "الغاندية" إلى طرف طلب قوات احتلال! متجاوزا بذلك الجيش الحر والتنسيق معه ودعمه بالسلاح وهو ما يكفينا ويغنينا ولكنه أمر مريب ومفاجئ دبر بليل!
وإن عدنا إلى السياسة فأنتم يا قادة المجلس لا تفهمون في السياسة ولا تعرفون مراوغاتها وألا عيبها يخدعكم الكبير والصغير! أنتم لا تصلحون مدراء فضلا عن وزراء فما بالكم قد نصبتم أنفسكم قادة! عودوا من حيث أتيتم فكما سبق وقلت وبه أختم: "تكلفونا الكثير من المال ثمنا "للحفاضات" التي نخفي بها ما تعمله قيادتكم تحت جنح الليل وأحيانا بالنهار!!!"


الكاتب: منذر السيد
التاريخ: 26/02/2012