سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

أخوة الدعوة والتوحيد والجهاد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال تعالى :

{لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا } (8) سورة الأحزاب

في العام 968 قبل الميلاد أو 963 قبل الميلاد ( أي قبل 2971) عام من الآن ( 2008م ) اعتلى النبي ( سليمان) عليه السلام عرش الحكم على بني إسرائيل في بيت المقدس خلفا لوالده النبي ( داوود بن يسي ) عليه السلام ، فاستقر به المقام حاكما على بني إسرائيل وحتى ( الجان والطير والسباع )

{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} (16) سورة النمل

فكان عليه السلام يستطيع أن يكلم ( الطير ) ويفهم مقاصده ( كرامة من الله سبحانه وتعالى لحكمه عليه السلام )

ومما تذكره الكتب السماوية والمخطوطات التاريخية بأن حكمه ( عليه السلام ) وصل إلى ( اليمن ) وذلك من من خلال المعلومات الأمنية التي جلبها إليها ( الهدهد ) عن ملكة ( سبأ ) بأنها وقومها يعبدون الشمس من دون الله ..

حدث ذلك عندما جاء سليمان عليه السلام في أحد الأيام يتفقد الطير ، فلم يجد الهدهد ،فقال ( كما جاء في القرآن الكريم ) :

{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} (20) سورة النمل

{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} (22) سورة النمل

جاء ( الهدهد ) من سبا بنبأ يقين ، واخبر سليمان عليه السلام بماهية النبأ فقال كما ورد في الكتاب المبين :

{إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} (23) سورة النمل

{وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} (24) سورة النمل

فماذا رد النبي ( سليمان ) عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة وأتم التسليم

هل صدق الهدهد على عواهنه دونما تريث وتبصر ؟

هل استعجل أمره وأغراه الملك السبأي فجرد جيشه وأرسل به إلى مجاهل اليمن دونما حكمة وروية ؟

هل استشاط غضبا وأمر قومه بما لا يليق ؟

كلا

لقد أتاه الله الحكمة والبينة ، فرد برد العاقل الحكيم كما ورد في الكتاب المبين :

{قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} (27) سورة النمل

ومن هنا نعلم جيدا بأن ( سليمان ) قد امتلك من العلم ( الأمني ) و( الشرعي ) ما يؤهله لأن يحكم ( الإنس والجان والطير والسباع ) ، فأمر بالتحري والرصد والبحث والمتابعة في ( نبأ الهدهد ) فقال ( كما ورد في الكتاب المبين ) :

{اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} (28) سورة النمل

أرسل ( خطابا ) شديد اللهجة ... لماذا ؟

هل اشتدت لهجة سليمان لأمر ذاتي ؟

هل اشتدت حدة الخطاب لأن ( بلقيس ) ملكة سبأ قد أساءت إليه ؟ وهي لا تعرفه يومذاك طبعا ؟

هل اشتدت حدة الخطاب من اجل هدف دنيوي يصبوا إليه ؟هل اشتد الخطاب لرغبة في مال أو جاه أو سلطان ؟


بالطبع لا وكلا

لا يمكن لنبي حاكم حكيم ( ك سليمان ) عليه السلام أن يكون ذا هدف دنيوي ( وهو حاكم الإنس والجان ) فما كان منه إلا أن غضب ( لذات الله ودينه القويم ) فأمر بالكتاب إلى بلقيس ليعلم ماهية ردهم على دعوته إليهم بالإسلام والإنقياد لدين التوحيد ..

فما كان من ( بلقيس ) الحاكمة الرزينة المتزنة إلا أن ( أبلغت قومها )

{قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} (29) سورة النمل

كما أنها استشارتهم في الأمر

{قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ} (32) سورة النمل

فقال القوم ( كما ورد في الكتاب المبين ) :

{قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} (33) سورة النمل

تخيل معي يا عبد الله ، فهذا اجتماع لمجلس البرلمان السبأي يومذاك في قصر الملكة ( بلقيس ) قبل أكثر من 2900 عام مضت من تاريخ الإنسانية ...

جلسة مجلس برلمان ( سبأ ) يشاء الله له بأن يبث على أعظم وسائل الإعلام والإخبار والإنذار ( الكتب السماوية وتاليا، المخطوطات التاريخية ) التي تبذل الحكومات ( ملايين الدولارات ) لحفظها .

قال تعالى :

{أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ} (21) سورة غافر

{وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ}

(45) سورة إبراهيم

فاستقر المقام نهاية المطاف بعد الحوار والنقاش ( قي برلمان سبأ ) بان ترسل ( الملكة بلقيس ) بهدية إلى ( سليمان ) لتكسب عطفه ورحمته وتأمن على حكمها منه ومن جنده .. فقالت كما ورد في الكتاب :

{وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} (35) سورة النمل

فما كان من ( سليمان ) عليه السلام إلا رفض الهدية التي تقوم مقام ( الرشوة ) وشراء الذمم ، فحاشا وكلا ومعاذ الله بأن يشترى ( النبي الحكيم سليمان ) بهدية من ذهب أو فضة أو طعام ، فهو الحاكم بأمر الله في الأرض وليس باحتياج هذا كله ، فرد الهدية وتوعد بلقيس بالحضور فأمر جنده ( إنسا وجنا )

{قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} (38) سورة النمل

{قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}

(39) سورة النمل

{قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}

(40) سورة النمل

وهنا يأتي ( الذي عنده علم من الكتاب ) ويدعى ب ( آصف ابن برخيا ) كما ورد في تاريخ الطبري ، وينصب قصر بلقيس أمام سليمان الذي شكر الله على نعمائه بهذا الفضل لهذه القوة الخارقة للعادة .

وهذا الأمر .. (أمر نقل القصر من اليمن إلى القدس )أثار بحث العلماء إلى يومنا هذا

فكيف تم النقل بهذه السرعة وهذه التقنية العالية قبل أكثر من 2900 عام ؟

فكان آخر ما ( تكهن وتنبأ وتوصل ) إليه العلماء ، أن العلم الذي عرفه ( آصف ) من الكتاب هو ( علوم الفيزياء ) وكيفية تحويل المادة إلى طاقة ، فقام هذا بتحويل سريع لمادة القصر المنيف في سبأ إلى ( طاقة ) سريعة الحركة ، فتحركت نحو بيت المقدس حتى استقرت إلى سيرتها الأولى ( مادة ) على شكل قصر منيف كما كان في سبأ ..

وهذا الأمر هو اجتهاد العلماء في العصر الحديث ، ولا يجوز الأخذ به على أنه تفسير نهائي لعملية النقل ، وإنما هو من باب الإجتهاد والإستئناس فقط لا غير ..

فلله القوة جميعا ، وربما هناك علم للنقل لا نعلمه ، وجعله الله في علم الغيب عنا إلى حين أو إلى الأبد

وما إن رأى القصر أمامه حتى أمر جنوده أمرا آخرا كما ورد في القرآن الكريم :

{قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ} (41) سورة النمل


{فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ }

(42) سورة النمل

وهنا أمرها جند سليمان بدخول ( الصرح ) ( أي ديوان الملك ) البناء الفخم العظيم ، فتقدمت ودخلت إلى الصرح ( ذا الأرضية الزجاجية البلورية ) بحيث كانت أرضية الصرح عبارة عن بركة مياه صافية نقية يعلوها البلور والزجاج ، فرفعت ثوبها تحسبا من ( البلل ) وهي تعتقد بأنها ستدوس على الماء ولم تكن تعلم أن الماء يعلوه الزجاج البلوري ، فخاطبها الملك الحكيم ( سليمان ) بأنه لا داعي لرفع ثوبك ،أنه صرح ممرد من قوارير زجاجية يجري من تحتها الماء ..

{قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ }

(44) سورة النمل

فلما رأت عظمة ملك سليمان وحكمته البالغة آمنت بدعوته

{ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (44) سورة النمل

هذا ... ومن باب الإطلاع التاريخي ومن باب الإستئناس وليس من باب اليقين، نريد أن نلفت عناية واهتمام الأخوة القراء على ما ورد في ( كتاب التوراة ) الحالية طبعا والتي بين أيدينا ( والتي نجزم بتحريفها أو تحريف معظم ما ورد فيها ) فهي كتابات باطلة ( ما دامت يد التحريف ) عبثت بها ، ولكننا نأخذ ما توافق مع قرآننا الكريم ونترك ما خالفه .

ففي جزئية ( سليمان وبلقيس ) جاء ما يلي :

سفر الملوك ، الإصحاح العاشر

( فلما رأت ملكة سبأ كل حكمة سليمان والبيت الذي بناه ............ قالت : طوبى لرجالك وطوبى لعبيدك هؤلاء الواقفين أمامك دائما السامعين حكمتك ، ليكن مباركا الرب إلهك .... وجعلك على كرسي إسرائيل )

انتهى

ومن هنا أعود بك أخي القارئ إلى ماهية التحري في المنقول

فلقد تعلمنا من قصة سليمان عليه السلام

أن نتحرى قبل الحكم والعمل

أن نعمل بحكمة وروية وتأني

أن لا نجعل للهوى على حكمنا من سبيل

فالواجب أن نحكم المعقول في المنقول ( إلا الأمور الغيبية التي جاء بها الشرع الحنيف )

فالأيمان بها واجب ، والبحث عنها متروك

مثل قضية ( الرحمن على العرش استوى )

قال العلماء : ( الإستواء معلوم والكيف مجهول )

لأننا بشر لدينا قصور كبير في معرفة الغيبيات التي أخفاها الله سبحانه وتعالى عنا ( إلى حين ) أو إلى ( الأبد )

فهاهي تعاليم ديننا العظيم ، نقلها إلينا سلفنا الصالح رضوان الله عليهم

فما وجدناها إلا موافقة للمعقول تماما ، حتى جاء العلم الحديث ( ك الطب والفلك والفيزياء وغيرها )


ليكن شاهدا على ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .


{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (53) سورة فصلت

وهذا ما يستوجب علينا جميعا أن نفعله ونقتدي به

فواجب البحث والتحري لما نسمعه وما نراه ونعلمه ، أمر واجب تمام الوجوب

فالتسرع يؤدي إلى المهلكة

ففي التأني السلامة وفي السرعة الندامة

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات

هذا ... وبالله التوفيق


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

أخوكم

أبو خالد السياف


الكاتب: ابو خالد السياف
التاريخ: 02/01/2009