قصيدة فلسطين لاتبرح فموعدنا غدا..

 

فِلَسْطينَ لا تبْرحْ فموعدُنا غـــدا***إذا جنَّ ليـلٌ بعده الموتُ قد غـَدَا

و إيّاكَ شرقَ النهرِ ، فالموتُ ها هنا***بجيشٍ هو الإيمانُ في صورة الرَّدى

وغَرْبِلْ تُرابَ الأرضِ واسأله هيكـلا***لَعَلكَ تلقــى عِجــلَ سينا فتعبدا!

لنسلِكَ أعُطـي قُلْتـــم الربُّ قالها***وما قــالَ و عداً قطُ إلا توعَّـدا(1)

وجيْ بهم ، من كلِّ صقْـــعٍ قمامةٌ***وما تُجمـــع الأزبـالُ إلا لتُبعَدا

إذا زٌلزِلتْ تحـتَ الملاعيـنِ أرضُنـا***وسوىَّ لنا اللهُ الروابي زَبَرْجَدا(2)

وجوهٌ تراها يومئــــذْ مكفَهرِّة***وأخرى جَنَتْ من ضوئِها الشمسُ موردا

فلا أسهمٌ تخطئُ الصَّوبَ يومَها***ولا غابةُ الزيتونِ تخطئُ غرقَداَ

لعمرُكَ ما في الأمسِ و اليومِ فرْحـةٌ***و لولا الغدُ المأمـولُ متُّ مكمّدا

فقردٌ يعافُ الطهرَ ف،،ي القدسِ راغِدٌ***و ليثٌ تربـــى في العرينِ مقيّـدا

تعَدَّوا عليها وهي في الخدر مُحصَـنٌ***فهبَّت لعفتـــــه ضحايا لتُنْجِدا

بلادي فِلَسْطينٌ و إسمـــي مجاهـدٌ***وعُمريِ تعدَّى القرْنَ و الرسمُ بُدَّدا(3)

وفي الأرض آياتٌ من الطّهرِ فاحترس***إذا جاء خنزيرٌ ليبكي مَعبَدا

تمرّسَ قتْلاً بَعْدَ أن غـلَّ أرضَنــــا***و سَاقَ كنيســـاً بعدمَا هدَّ مسْجِدا

هجرْنَا دياراً لاحَ في الأفْقِ حُزْنُهـــا***و لاحَ غرابَ البيـــنِ فيها مُعَربِـِدا

و في غابر الأزمانِ كنّا ترابَهَا***فَسَلْ عنكَ حصواتٍ سَكَنَّ عُطارِدا(4)

و زوراً بـ(إسرائيلَ) سُمَّيتَ دولةً***و زوراً تسمَّيك الشيـــاطين( ديفدا)(5

تجرّعَ فيها الرجسَ كـــلُّ ترابِـِها***و ذاق عذابــاً كلُّ بيتٍ و شرَّدا

هَرِمنا و في أعماقِنا جذرُ نكبةٍ***و ما نكبــةُ الماضي من اليومِ أنكدا

فلسطينُ يا قدّيسة الأرض و السمــا***كَحَلْتِ عيونــــاً عِنْدَ رؤياكِ إثِمدا

أأنسى كثيبَ التَّبْر و الموجُ خلفَـــه***تغنّى و طيرٌ عانـــق الشمسَ غرّدا

سماؤكِ مرآةٌ و بحرك فضــّةٌ***و رملك أضحـى فوق طُهركِ عَسْجَدا

مقدَّسةٌ ، أنى اتجهتَ بأرضِهــا*** تَجِدْ جذرَ زيتـــونٍ تخضّبَ بالفِدى

تبارك فيها السهل و البحر و الربــى***و طوّفَ في أكنافهــا الرسْلُ بالهدى

تغنّت بإبراهيمَ مُذْ جاء داعياً***و كانَ ختامُ المِســـك فيها محمَّدا

أتاها فأرسى للرسالاتِ وحــــــدةً***بناها خليـــلُ الله مِنْ قبلُ فاقتدى

و صلى إماماً و النبيّون خلفَه***و خـرَّوا لربَّ البيتِ في القدسِ سُجّدا

و لمّا أتى وقت الرحيلِ استَعْبَـــرتْ***فِلَسْطينُ و الروحُ استماتَتْ لِتصعدا(6)

و طارَ المفدى في السماواتِ راكبــاً***براقاً و حبُّ الشـــامِ في وجهِهِ بَدَا

و موسى دعا أن يقضيَ الله ميتـــةً***تكونُ لـــه فيها فلسطينُ مَرْقَدَا(7)

و خيرُ نساءِ العالمينَ هنا رَبَـــــتْ***و هلَّلَ للحمـلِ الفضَاءُ و زغردا(8)

و عمَّ الضِّيا أرجاءَها لمَّا أتـى***أميرٌ "وصفْرِنْيُوس" بالضّيفِ أُسعِدا(9)

فلا يسكننْ "إليا " يهودٌ و أهلُهـــا***عليه،م أمان ، لا يمُسّ على المَدى(10)

توطّنَ تاريخُ المآتمِ في دمي***و سَطــــّرَ في وجهي كِتاباً مٌجعَّدا

إذا أََفْلتَ القرآن من قَلبِ أمّــــــةٍ***ترَقّبْ لهــــا لَيْلاً من الذلِّ موصَدا

فإن نحن سَطّرنا عن الله دِينـــَه***ترَهَّبَ مِنّا الكفــرُ و الفِسْقُ و العَدَا

و قد يغفلُ القاسي فينســــــى بلادهُ***و لكِنْ خِتَامُ القلْبِ أن يُغْفـــَلَ النِّدا

وهيهَاتَ يُرجَـــــــى بالسَّلام مَعادنا***و هيهاتَ للمقلاع أن يتهــــَوَّدا

و أين صلاحُ الدينِ بل أين دينـــــه؟***ليبـرز جيلٌ كلُّه قد تمجَّدا

فعرَّج عليها كي تحـــــلَ وثاقهـــا***و شمِّر لجنّاتِ النعِيـــم السواعِدا

بخ يا أميرَ الصبرِ في أهلنا بــــــخٍ***بلغت الذُّرى و المجدُ سمِّاك أحمدا(11)

قعيدٌ و لكن عند رجليــــكَ مُقعـــَدٌ***كِيانٌ جَثــَا قدَّامـــَهُ عالَمُ العِدى

ورب صبي \"فارس\"ٍ وهو راجـــــلٌ***تذلُ له دبّابة حين سددا(12)

و مُذ جاء "هوذاً" بالسّــــــَلام ملوحاً***تعالــى ، و أجنحةَ الحمائمِ صفَّدا

و جَّرفَ آثاري و قلَّعَ جنتـــي***ليمتصَّ من عرقـي بقايا من النّدى

فإما ترى الظلمَ اعتلى قل وَيْلـــهُ***و أحلك ما في الليل ما يسبقُ الحُدا

وكمْ من عزيزٍ صار بالظلــــــم محقراً***و كم من ذليـــلٍ صار باللهِ سيَّدا

و ما الحُرُّ من يلقى صديقاً بسيفِــــــه***فإن أقبــلَ الأعداء ، تولَّى وأغْمَدَا

يساوم في السكنى و (أبناء عمــــــهِ) ***ليغْرسَ فينـــا مع أظافرهم مُدى

وحسْبي إذا سالمتَ ما قال الألـــــــى:***و إن أنتَ أكرمـــْتَ اللئيمَ تمرَّدا"

و من يحتملْ صهـــــيونَ في بعض دارِِه***يُصْبهُ عذابُ الهُونِ حكمــاً مؤبَّدا

ومن رام في الأقصى مع الكُفْرِ صفقــــةً***تبوَّأ يوم الدَّين في النـــارِ مقعدا

و ما عادتِ الأوطانُ إن جزَّ بعضُهــــا***وإنْ جُزَّ بعض الصبحِ أصبَحَ أسْوَدا(13)

أنأ منهم و الغدر مع أنبيائهـــم***شهيـــدٌ ، و نعم الله للغدر شاهدا

وما يستوي الجيشــــــان ِ، هذا مُجَنْزرٌ***و آخَرٌ هشٌ .. هكذا جُبْنُنــَا ابتدا

بغزّةَ أقصانا تباهى ، و ضفــــةٍ***فهــنَّ كدرعٍ زيّنَ الصدرَ و افتدى

و من بئر سبعٍ للجليل نحيبـــُهُ***تعالى مع التكبير صوتـــاً موَحدَّا

تمنّيه ِ بالوعد المحتّمِ مكـــــــّةٌ***و في خدَّها دربٌ من الدمــعِ خُدَّدا

و طيبةُ تهديهِ السلام تحيّـــــةً***مباركَةــً و الحُزْن من فوقِهـا رِدا

مهولٌ هو التقتيلُ في عُقْرِ دارنـــــــا***و أهولُ مِنْهُ الصمتٌ في رِِدة الصدى

فما قال – في وجه اليهود – كفى عِـــدىً***زعيمٌ و لَمْ يمْدُدْ لمسجِدِنــــا يدا

و لولا صليّاتٌ بأيـــــدٍ أمينـــــةٍ***لكانت دموع القدس في كربهـا سدى

و ما أشرفَ التمثيل في ساحة البِلــــى***بطفــــلٍ إذا يرمي الحجارةَ أَرْعَدَا

أَجَلْ نرتجي عوداً حميداً بربنـــا***بجلمـــودِ صخرٍ في يدِ الطفلِ أوقِدا

و باتَ أخو فضْلٍ يحاور طِفْلنـــــــا***و كانَ سليمـــانٌ يحاور هُدْهُدا(14)

فلا تحسبــــــــنّ الله مخلفَ وعدِه***و لو ماجَ رِجْسٌ في البـــلادِ و أزبدا

و جنته في الأرضِ شامٌ و قلبُهــــــا***فلسطينُ يا من يسمــعُ النبضَ مُجْهَدا

فإمّا سلامٌ يُرجِعُ الأرضَ كلَّهــــــــا***و إمَّا جهـــــادٌ يجعل العِزَّ سَرْمَدا

------------------
(1)جاء في التوراة الحالية\"العهد القديم\"أن الرب يخاطب إبراهيم عليه الســـــلام
قائلا:لنسلك أعطي هذه الأرض من النيل إلى النهر العظيم..والتعقيب :ولكن الله توعد كما
وعد ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون

(2)يوم المعركة الفاصلة مع اليهود عليهم لعائن الله .

(3)البطاقة الشخصية للمجاهد عامة وللفلسطيني خاصة .

(4)أقول مجاراة لحقوقهم التاريخية المزعومة..فإن سكان فلسطين العرب سابقون..وأما اليهود فطارئون .

(5) ديفد أي داود عليه السلام بالعبرانية.

(6) أي أن الأرض تاقت للصعود مع رسول الله صلى الله عليه وبكت على فراقه..ومن ذا الذي لا يتوق للقاء الرب الأعلى عز وجل..وإن من شيء إلا يسبح بحمده .

(7)عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \"إن موسى عندما حان أجله قال رب أدنني من الأرض المقدسة رمية حجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \"والله لو أني عنده لأريتكم مكان قبره إلى جنب الطريق عند الكثيب الأحمر\"(متفق عليه) .

(8)مريم عليها السلام .

(9)الأمير أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه..وصفرنيوس حامل مفاتح كنيسة القيامة ..الذي أذعن لقدوم عمر..بل استبشر له .

(10)العهدة العمرية المباركة.

(11)الشيخ أحمد ياسين حفظه الله تعالى.


(12)فارس..إشارة إلى الغلام الصغير (فارس عودة) ذي الثلاثة عشر عاما إلى استشهد في موقف عجيب أمام الدبابة .

(13)أردت إن اقتطع جزء من الصبح..فلابد أن يحل مكانه الظلام.

(14)على الرغم من كونه طفلا..إلا أنك تجد الكبير والشيخ وذا الفضل..يحترمه ويحاوره
إجلالا..كما أن سليمان عليه السلام حاور الهدهد الذي قال له\"أحطت بما لم تحط به.

الكاتب: أبو القاسم المقدسي
التاريخ: 01/01/2007