اجتماع الجيوش القرآنية على تجريم الولايات المتحدة الامريكيه

 

اجتماع الجيوش القرآنية على تجريم الولايات المتحدة الصليبية


رسالة مهداة إلى الشعب العراقي المجاهد

تأليف/د. وسيم فتح الله



الحمد لله منزل الكتاب، مجري السحاب، هازم الأحزاب، والصلاة والسلام على نبينا محمد قائد المجاهدين وإمام الغر المحجلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد؛

فإن سحب التضليل وغمامات الفتن لا تبرح تشوش على المسلم فكره وبصيرته بغية فتنته عن دينه، ولا يزال الحق نوراً ساطعاً يبدد هذه الغمام ويقشع تلك السحب، ولكن لا بد لنور الحق من منابر يرتقيها وقراطيس يُسطر عليها كما لا بد له من صدورٍ تحمل الحق وأجسادٍ تفنى في سبيل الله على بينة.

ولما تولى كِبر فتنة المسلمين عن دينهم اليوم كيانٌ مسخ حقود تلبَّس بمائة لبوس ولبوسٍ ليوهم ويضلل ويفتن المسلمين عن الحق، كان لزاماً علينا معاشر المسلمين أن نفضح هذا الكيان ولو عن طريق تقرير البدهيات، ولكنه تقرير مؤصلٌ بثوابت الشرع ومؤطرٌ بأطر الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من عزيز حميد.
لقد لبَّست الولايات المتحدة الأمريكية على العالم مصطلحات الإرهاب والتخلف والجريمة والخروج على القانون، فكان لزاماً علينا أن نحاكمها إلى بعض هذه المصطلحات ولكن بضبطٍ اصطلاحي آخر لا لبس فيه ولا غموض، ولهذا اخترت أن أضع هذه الدولة المارقة في قفص الإتهام أمام محكمة القرآن لأثبت للعالم عامةً وللمسلمين خاصةً حقيقةً ثابتةً يجب أن تستقر في روح وفكر كل واحد منا ألا وهي أن الولايات المتحدة مجرمةٌ مجرمةٌ مجرمة، نعم، لقد استقرأت وأحصيت كل ألفاظ الجريمة الواردة في القرآن الكريم فهالتني الحقيقة التالية وهي أنه ما من جريمة وردت في القرآن الكريم نصاً إلا وقد تلبست بها هذه الدولة المارقة، فوجدت لزاماً عليَّ أن أبلغ إخواني لأن تنزيل هذا الحكم القرآني على هذا الكيان المجرم بعينه هو من جنس تنزيل حكم الكفر على من استكبر عن عبادة الله على إبليس عليه لعائن الله.

وإني أسأل الله تعالى أن يوفقني في هذه الرسالة الموجزة إلى عرض أدلة تجريم الولايات المتحدة الصليبية كما أسميتها لأنه أفصح في بيان هويتها وأصول جريمتها، ربنا لا تجعلنا فتنةً للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.كما أنني أردفت ببيان وسائل التصدي لجرائم هذا الكيان لدحر عصاباته المجرمة وكف بأسها عن المسلمين وعن العالم أجمعين. والله أسأل القبول لما وفقت فيه من خير والمغفرة لما زل به القلم من خطأ، إنه خير مأمول وأكرم مسؤول، والله المستعان وعليه التكلان.


فصل : تسليط جيوش القرآن على جرائم الأمريكان:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وسأعرض في هذا الفصل إن شاء الله تعالى عشر جرائم أثبتها القرآن الكريم وأثبتنا تلبُّس الولايات المتحدة بها لنخرج بناءً على ذلك بالحكم النهائي الفاصل إن شاء الله.

أولاً: جريمة الشرك والكفر:
لا يختلف اثنان في أن الولايات المتحدة الأمريكية دولة كافرة مشركة؛ ترى ذلك واضحاً في مقدمة الدستور الأمريكي كما تجده واضحاً في السواد الأعظم لشعبها. أما الدستور فحسبك منه ما يلي :"نحن شعب الولايات المتحدة وبهدف تشكيل اتحاد أفضل وإقامة العدل وتأمين الاستقرار الداخلي وللتأهب للدفاع العام ولتحسين المستوى المعيشي العام ولضمان نِعم الحرية لأنفسنا ولخلفنا،نشرع ونؤسس هذا الدستور للولايات المتحدة الأمريكية"
وأما السواد الأعظم للشعب الأمريكي فمن الكفار، حيث يشكل النصارى 84% من السكان ( البروتستانت 56% والكاثوليك 28%)واليهود 2% واللادينيين 10% وتشكل 4% ديانات أخرى .
فخلاصة الأمر إذاً أن مرجعية الحكم في الولايات المتحدة علمانية كافرة، وأن السواد الأعظم فيها هم من كفرة أهل الكتاب، فاجتمع بذلك كفر النظام الحاكم وحكم السواد الكافر الراضي بهذه المرجعية الكفرية كما هو نص الدستور لديهم.

فإذا أردنا أن نتجاوز ذلك إلى الحكم بتجريم الولايات المتحدة من هذا الوجه لم ينقصنا سوى إثبات حكم الجريمة على من تلبس بوصف الكفر والشرك، وهاتيكم إخواني في الله جيوش قرآنية جرارة من لدن حكيم خبير لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولسوف أستفيض في ذكر الشواهد على المطلوب لضرورة رسوخه وتحققه في قلوبنا وعقولنا، فهلم بنا:

قال تعالى :" إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تُفتَّح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سَمِّ الخِياط وكذلك نجزي المجرمين" ،

وقال تعالى:" ليُحق الحق ويُبطل الباطل ولو كره المجرمون"
وقال تعالى:" فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذَّب بآياته إنه لا يفلح المجرمون" ،

وقال تعالى:" حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا فنُجِّي من نشاء ولا يُرد بأسنا عن القوم المجرمين" ،

وقال تعالى:" وترى المجرمين يومئذٍ مقرَّنين في الأصفاد" ،

وقال تعالى:" ووُضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مالِ هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً" ،

وقال تعالى:" ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً" ،

وقال تعالى:" يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً. ونسوق المجرمين إلى جهنم وِرداً" ،

وقال تعالى:" يوم يُنفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذٍ زُرقاً"
وقال تعالى:" كذلك سلكناه في قلوب المجرمين. لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم" ،

وقال تعالى:" ويوم تقوم الساعة يُبلس المجرمون. ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين" ،
وقال تعالى:" ويوم تقوم الساعة يُقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون" ،

وقال تعالى:"وامتازوا اليوم أيها المجرمون" ،

وقال تعالى:" أهم خير أم قوم تُبَّع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين" ،

وقال تعالى:" إن المجرمين في ضلال وسُعُر. يوم يُسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مسَّ سقر" ،

وقال تعالى:" يُعرف المجرمون بسيماهم فيُؤخذ بالنواصي والأقدام. فبأي آلاء ربكما تكذّبان. هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون. يطوفون بينها وبين حميم آن" ،

وقال تعالى:" أفنجعل المسلمين كالمجرمين. ما لكم كيف تحكمون" ،
وقال تعالى:" كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين. في جنات يتساءلون . عن المجرمين . ما سلككم في سقر" ،

وقال تعالى:" كلوا وتمتعوا قليلاً إنكم مجرمون. ويل يومئذٍ للمكذبين. وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون. ويلٌ يومئذ للمكذبين. فبأي حديث بعده يؤمنون"

فهذه تسعة عشر موضعاً في القرآن الكريم تؤكد بشاعة هذا الفعل وبشاعة من اقترفه، وهكذا اجتمعت جحافل القرآن وسرايا العقيدة القرآنية لتنقض انقضاضة الأسد على معالم كفر الطاغوت الصليبي، ولتشن الغارة على أركان هذا الكفر وتهدم بمعاول الحق معالم الشرك، ولتنطق بحكم الجريمة الأولى التي تلبست بها هذه الدويلة البائسة عدوة نفسها، ألا وهي جريمة الكفر والشرك بالله العظيم، الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد.

ثانياً: جريمة تكذيب الرسل وعداوة الأنبياء :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد ترددت في إثبات ما أنا بصدد إثباته من أدلة على هذه الجريمة النكراء بسبب قبح وبشاعة نفس الأدلة، ولكني تأملت في القرآن الكريم فوجدت أن الله تعالى قد فضح أعداء الأنبياء والرسل بإظهار وبيان ما ينسبونه إليهم ويفترونه عليهم زوراً وبهتاناً وكذباً، فاستأنست بذلك رغم الحرج الذي أجده في إثبات كلامهم الوقح بل إني قد أشير إلى معنى كلام بعض هؤلاء المجرمين تحرجاً من إثبات مقالاتهم الإجرامية، ولا عجب من صنيع هؤلاء إذ أنهم أحفاد من رموا الصدِّيقة مريم بنت عمران بالزنا – عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة - وأحفاد من رموا الأنبياء بالسحر والكفر والعياذ بالله. وفيما يلي نماذج معاصرة لجرائم هؤلاء قد أثبتُّ بعضاً منها دون استطراد ترفعاً عن مجلسهم القبيح ولقد استفاضت مقولات هؤلاء المجرمين في وسائل الإعلام، كما أنني أشرت إلى بعض المراجع للتوثق وإن كنت أدعو إخواني إلى عدم العودة إلى هذه المراجع من باب هجر الوقاية من سموم هؤلاء عملاً بأمر الله تعالى:" وقد نزَّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً" .

وقبل عرض أدلة إدانة بعض مجرمي الولايات المتحدة الصليبية هذه ، أنوِّه إلى أن حكومة الولايات المتحدة قد سكتت في الجملة على أقوال هؤلاء بما يفيد الإقرار الضمني لمقولاتهم بحيث يلتحم جبن الحكومة مع وقاحة الشعب الذي تفوه بهذه القبائح ليكون الجميع شريكاً في هذه الجريمة:

أ.عدو الله جيري فالويل Jerry Farwell
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو قسيس إنجيلي معروف، ويقيم في منطقة فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية وله برنامج أسبوعي إذاعي وتلفزيوني يصل إلى أكثر من 10 مليون منزل أسبوعيا، وله جامعة خاصة أصولية تسمى جامعة الحرية (Liberty University) يهاجم النبي صلى الله عليه وسلم من خلال وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى ، إضافة إلى موقعه الخاص على الإنترنت ، يضع في صفحته الأولى تأريخاً زائفاً عن النبي صلى الله عليه و على آله وسلم، ومما قاله هذا المجرم - في برنامج " ستون دقيقة " الأمريكي و أذيع في 6 أكتوبر 2002م - وصف المجرم فالويل- رسول الله محمد بن عبد الله بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، بأنه "إرهابي" ، وقال " أنا أعتقد أن محمداً ( صلى الله عليه وسلم )كان إرهابياً. لقد قرأت ...كتابات لمسلمين ولغير مسلمين، - لكي أقرر- أنه كان رجلاً عنيفاً، و رجل حرب".

ب.عدو الله بات روبرتسون Pat Robertson
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهو قسيس إنجيلي معروف باهتماماته السياسية وتأييده المطلق للمسخ المسمى "إسرائيل" ويمتلك عدداً من المؤسسات الإعلامية ومنها إذاعة الشرق الأوسط المتخصصة في التنصير في منطقة العالم العربي. كما سعى بات روبرتسون إلى الترشح لمنصب الرئيس الأمريكي في عام 1988، وله موقعه الإليكتروني يبث من خلاله سمومه النتنة ، و مما قاله هذا الهالك في برنامج تلفزيوني أذاعته قناة فوكس الأمريكية في 18 سبتمبر 2002 م من خلال برنامج (هانتي وكولمز) الذي تبثه قناة (فوكس نيوز)، حيث قال عن الرسول محمد بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم أنه " كان مجرد متطرف ذو عيون متوحشة تتحرك عبثا من الجنون"، وقال :" لقد كان سارقاً وقاطع طريق" وقال :" إن ما يدعو إليه هذا الرجل في رأيي الشخصي ليس إلا خديعة وحيلة ضخمة "

ج. جيري فاينز Jerry Vines .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هو راعي كنيسة في (جاكسونفيل فلوريدا)، يصل عدد أتباعها إلى 25 ألف شخص، وهو من أبرز المتحدثين الأمريكيين في المؤتمر السنوي للكنائس المعمدانية الجنوبية، الذي يُعتبر أكبر مؤتمر ديني يعقد في كل عام. وقام الرئيس الحالي جورج بوش الابن والرئيس السابق بل كلينتون بمدح هذا القسيس واعتباره من المتحدثين بصدق عن دينهم. وله موقعه على الشبكة ، ولقد تهجم هذا الهالك على سيد الخلق عليه أفضل الصلاة و التسليم، و تلفظ بأقذع العبارات. حيث أصدر هذا الرجل تصريحات مليئة بالكراهية والعداء للإسلام خلال الاجتماع السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية، والذي عقد في مدينة سانت لويس في ولاية «ميسوري الأميركية» حيث تحدث بافتراءات آثمة في حق النبي صلى اللّه عليه وسلم :
·
اتهمه بأنه " شاذ يميل للأطفال ويتملكه الشيطان"
·وأنه " تزوج من (12) زوجه أخرهم طفلة عمرها تسع سنوات"
· وأضاف فاينز أن "الله الذي يؤمن به المسلمون ليس الرب الذي يؤمن به المسيحيون

فعليه لعائن الله المتتابعة، هذا وقد رفض قادة الكنيسة المعمدانية الجنوبية إدانة تصريحات فاينز، مما يدل على تبنيهم لها وإثارتهم روح التعصب والكراهية بين أبناء الشعب الأميركي نفسه.

هذا غيض من فيض، ولولا اشمئزاز النفس والتحرج من الإثم لأثبتُّ المزيد، ولكن جبل الملح يكفيك أن تذوق منه قبصةً واحدة. هذا ولا بد من الإشارة ولو سريعاً إلى ما تمثله الرموز الدينية السابقة من مرجعية دينية للتيار الأصولي اليميني المتطرف الحالي والحزب الجمهوري الذي يمثله الرئيس الأميركي الحالي، وللدلالة على ذلك نذكر ما يلي :

1.فرانكلين جراهام : هو الذي قرأ الأدعية الافتتاحية لمباركة الفترة الرئاسية للرئيس الأميركي الحالي.

2.حضور الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الابن عن طريق الأقمار الصناعية المؤتمر السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية.

3. قيام الحزب الجمهوري بتكريم كل من بات روبرتسون وجيري فالويل لمساهمتهما في دعم الحزب الجمهوري والتيار اليميني المعارض.

4. مدح الرئيسين الأميركيين السابق والحالي لجيري فاينز باعتباره من المتحدثين بصدق عن دينهم.

5. قيام روبرتسون عام 1989م، بتأسيس منظمة سياسية تسمى(التحالف المسيحي )، تهدف إلى توحيد أصوات المتدينين من التيار اليميني في السياسة والانتخابات الأميركية، وقد لعب هذا التحالف دوراً كبيراً في فوز الرئيس الحالي للولايات المتحدة.

6.قيام البيت الأبيض بالإعلان عن منحة قدرها نصف مليون دولار إلى بات روبرتسون. كما كان يحضر في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق ريجان اجتماع مجلس الأمن القومي الأميركي.

7. إن علاقة هؤلاء بالرؤساء الأميركيين السابقين والحاليين علاقة قوية ومعروفة لكل الأوساط السياسية والدينية والإعلامية الأميركية .

وبعد هذا الاستعراض لقبائح هؤلاء بقي علينا أن نستلّ الصارم البتار من كتاب الواحد القهار لنضرب فوق أعناق هؤلاء ونضرب منهم كل بنان، ففيما يلي بعض سرايا الدفاع القرآنية التي تسم جباه هؤلاء الجبناء بسمتهم المميزة؛ سمة الجريمة، ووصف المجرمين، تأمل معي :

قال تعالى :" فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يُرد بأسه عن القوم المجرمين" ،

وقال تعالى:" ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفةً بأنهم كانوا مجرمين" ،

وقال تعالى:" وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون. كذلك نسلكه في قلوب المجرمين"

وقال تعالى:" وكذلك جعلنا لكل نبيٍ عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً" ،

وقال تعالى:"ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقاً علينا نصر المؤمنين"

فالآن حصحص الحق وبان لذي عينين أن هذه الدويلة الصليبية دويلة مجرمة تؤوي من المجرمين ما يكفي لأن تفوح منهم الأرض كلها نتناً وأذى، ولا حجة لأحد من المتفلسفين والمتشدقين أن يدعي أن هذه أقوال فردية لأن أتباع هؤلاء ومستمعيهم بالملايين كما أننا أشرنا ولو بإيجاز إلى طبيعة العلاقة الوثيقة بين هؤلاء المنظِّرين في الواقع وبين أركان الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى كل حال فما هذه إلا واحدة من سلسلة من الجرائم التي نمضي في استعراضها إن شاء الله تعالى.

ثالثاً : جريمة الاستكبار والاستعلاء بغير الحق:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا أحسب أنني بحاجة إلى إقامة أدلة على نزعة الاستعلاء والاستكبار بغير الحق التي تسيطر على الولايات المتحدة، إذ أن علم هذا مستفيض بين الناس كما أن كفر إبليس وإيمان جبريل وميكائيل مستفيض بينهم لا يفتقر إلى استدلال. ومع ذلك نشير إلى بعض الملامح العامة التي تؤصل لهذه الجريمة، فأنت إذا تأملت العملة الورقية الأمريكية (الدولار) فئة الدولار الواحد وجدت في أحد أطرافها عبارة لاتينية تعني " النظام العالمي الجديد"، وهو نفس الشعار الذي أطلقه الرئيس السابق للولايات المتحدة جورج بوش الأب في سياق حملته المسعورة ضد العراق في حرب الخليج الثانية، وتمثل هذه العبارة الموجزة حقيقة وجود الولايات المتحدة الأمريكية، هذا الوجود الذي قام منذ بدايته على أنقاض شعب بأكمله ذبحتهم آلة الاستيطان الأمريكية لتمحو من على وجه قارة بأكملها شعباً كان يسمى بالهنود الحمر فإذا ببقايا بقاياهم اليوم أعداد تافهة في مستعمرات أقرب إلى حظائر البهائم منها إلى ديار البشر، وبعد جريمة الإبادة هذه التي كانت حصيلتها بالملايين ظهرت نزعة استعلاء أخرى تمثلت في استعباد واسترقاق ملايين الأفارقة السود – وكثير منهم من المسلمين – ليكونوا آلة الحرث التي تسوى بها البلاد وكير الحدادة الذي تؤسس به صتاعاتها، ثم لم تلبث أن مدت الولايات المتحدة الأمريكية أذرع الاستكبار الأخطبوطي عبر العالم لاستنزاف ثروات الشعوب ونهب خيراتها والعبث بمصيرها، فما من منطقة في العالم قد سلمت من حرب أو آثار حرب أمريكية، وخذ على سبيل المثال لا الحصر بعضاً من الحروب الدامية التي لوثت بها أمريكا يديها في القرن العشرين : الحرب الأمريكية الإسبانية(1898)، والحرب الأمريكية الفليبينية ( 1899)، والحرب الأمريكية الصينية(1900)، والحرب العالمية الأولى ( 1917-1918)، والحرب العالمية الثانية( 1941-1945)، والحرب الكورية (1950-1953)، والحرب الأمريكية الفيتنامية ( 1961- 1973)،وحرب الخليج الثانية ( 1991)، الحرب العدوانية على إمارة أفغانستان الإسلامية (1991- لم تنته )، والحرب العدوانية الهمجية على العراق ( 2003 – لم تنته )، وغير هذا كثير مما من شأنه إثبات طبيعة المد التوسعي الذي تمضي الولايات المتحدة في سبيله. ولو أنه كان توسعاً يبث الخير والرفاهية والعدالة بين الناس لكان أمراً ذا شأن، ولكنه لم ولن يكون يوماً كذلك، وهذا مجرد نموذج بسيط من الامتداد التوسعي والطمع الشره والنهم الذي لا يمكن إشباعه لهذه الدويلة المارقة، ولو أن المرء استطرد في سبر كل هذه الجرائم لما أسعفه الوقت ولأضناه الجهد، وحسبنا الواقع المشاهد من تصريحات القيادة الأمريكية الحالية لنقف على خطورة الأمر، فقد سمع العالم أجمع تصريحات المتعجرف الصغير في سياق حملته المسعورة على ما سماه الحرب ضد الإرهاب حيث أنطق الله لسانه ليفصح عن القيح المحتبس في صدره ويعلنها حرباً صليبية ولا يدع للناس خياراً سوى الانضواء تحت راية الولايات المتحدة أو اعتباره عدواً لها.

يمكننا إذاً أن نلخص سيرة هذه الدويلة في ثلاث مراحل : إبادة شعب وسرقة أرضه، ثم استرقاق شعب للقيام ببناء هذه الأرض، ثم الهيمنة على باقي شعوب العالم لضمان رفاهية وأمن هذه الأرض. وهل هذه إلا سيرة المستعلين في الأرض المتكبرين بغير الحق؟ وهل أدل على هذه الروح الاستكبارية من ذلك الصلف والإعراض المطلق عن أي كلمة نصح أو تنبيه أو دعوة تأني أو دعوة إلى دين الإسلام، فإذا بالولايات المتحدة تضرب بذلك كله عرض الحائط وتمضي بصلف وكبر فرعون لسان حالها يقول أنا ربكم الأعلى.

وإن الله تعالى قد أمهل فرعون ومد له مداً حتى إذا قال فرعون قولته الآثمة :" فقال أنا ربكم الأعلى" كان أخذ الله تعالى له أخذ عزيزٍ مقتدر :" فأخذه الله نكال الآخرة والأولى" ، فلننظر إذاً كيف سلط القرآن الكريم آياته المحكمة القاطعة الفارقة بين الحق والباطل ليُجرِّم كل مستكبرٍ مستعلٍ في الأرض بغير حق:

فقد قال تعالى :" وقالوا مهما تأتنا به من آيةٍ لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين. فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمَّل والضفادع والدم آياتٍ مفصلات فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين" ،

وقال تعالى:" ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون ومَلَإه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين. فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين" ،

وقال تعالى:" وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أُنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتواً كبيراً. يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذٍ للمجرمين ويقولون حِجراً محجوراً" ،

وقال تعالى:" ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسولٌ كريم. أن أدُّوا إليَّ عباد الله إني لكم رسولٌ أمين. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين. وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون. وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون. فدعا ربه أن هؤلاء قومٌ مجرمون" ،

وقال تعالى:" وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تُتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوماً مجرمين" ،

ولا تقتصر هذه الجريمة على ما يسمى بالحكومة بل إن الشعب الذي انتخب هذه الحكومة كما يزعم ويفاخر بأن نظام هذه الدويلة الديمقراطي يعني أن الحكومة تمثل الشعب ورأي الشعب ومراد الشعب، إن هذا الشعب مجرمٌ كحكومته اللهم إلا النذر اليسير، فمنهم من هو مجرم لموافقة حكومته ومنهم من هو مجرم لسكوته عن جرائمها ومنهم من هو مجرم من جهة ولائه لمنظومة هذه الدويلة المجرمة، وهاتيك الصارم البتار على رقاب هؤلاء قوله تعالى :" قال الذين استكبروا للذين استُضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الذين استُضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يُجزون إلا ما كانوا يعملون"

فالحاصل مما مضى أن الولايات المتحدة الأمريكية بنزعتها الإستكبارية والاستعلائية بغير حق عبارة عن دولة إجرامية النشأة إجرامية النزعة إجرامية السمت والصفة وإجرامية التوجه والأطماع، وقد رأينا سيوف القرآن مشرعة عليها لتفت في عضد هذه النزعة وتردها خائبةً إلى وكر الذئاب وجحور الفئران حيث مزبلة التاريخ..


رابعاً: جريمة الفاحشة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد يضج القلم ويضيق الورق بالمرء إن حاول إثبات واقع الفحش والقذر الذي يمثله المستنقع الأمريكي الآسن بكل ما يعج فيه من ديدان وحشرات وبهيمية جنسية مفرطة الفحش والدناءة.ولعلي من باب الموضوعية أشير إشارة عاجلة إلى بعض الحقائق المتعلقة بهذا الأمر ثم ننظر إلى حكم القرآن الكريم في هؤلاء بناءً على واقعهم الذي يتلبسون به بل ويفاخرون به:

·إن الزنا واللواط والسحاق مسموح به قانوناً في الولايات المتحدة طالما كان بإقرار الطرفين البالغين

·إن المجاهرة بكون المرء شاذاً جنسياً مسموح به قانوناً في الولايات المتحدة

·إن اتهام الشاذين جنسياً بأي شيء يسيء إلى مشاعرهم يعتبر جريمة كراهية ممنوعة قانوناً في الولايات المتحدة

·إن عدد المجاهرين بنمط الشذوذ الجنسي في الولايات المتحدة يقدر بالملايين

·بعد فضيحة التعدي الجنسي على الأطفال المرتادين للكنائس الأمريكية أعلن كثير من القسس في الكنائس عن نمط حياتهم الشاذ جنسياً بما يمثل ربع أو ثلث القسس الأمريكيين.

·تؤكد الهيئات الطبية الأمريكية على أن نمط الحياة الجنسية الشاذ ( للواطيين والسحاقيات) نمط حياة طبيعي مقبول وهو نوع من أنواع التعبير الطبيعي عن فطرة الجنس عن الإنسان

·تمنح دائرة الهجرة الأمريكية فرصة طلب حق اللجوء السياسي لمن يثبت أنه قد يتعرض للاضطهاد في بلده بسبب ميوله الجنسية الشاذة، وهناك بالفعل عدد من الحالات التي حصلت على اللجوء السياسي في أمريكا بناء على مجاهرة هؤلاء الأفراد بميولهم الجنسية الشاذة وادعائهم انهم يتعرضون للاضطهاد لأجل ذلك في بلدانهم ( ومعظمها بلدان إسلامية)

·لا يكاد يخلو إعلان شاغر وظيفي حكومي أو خاص في الولايات المتحدة من عبارة مفادها ضمان عدم التفرقة بين المتقدمين للوظيفة بسبب أصولهم العرقية أو انتماءاتهم الدينية أو تصوراتهم الجنسية.

·توجد مؤتمرات سنوية إقليمية ومحلية في الولايات المتحدة الأمريكية لمجتمعات اللوطية والسحاقية الأمريكية، كما توجد مسيرات مجاهرة بهذه الفواحش، ولهم دورياتهم ومجلاتهم التي تعنى بشؤونهم وتدافع عن حقوقهم وتحميهم من أي "اضطهاد" مدني.

·تعتبر شبكات الدعارة الجنسية ومنها ما هو خاص بالشذوذ الجنسي وليدة وربيبة الإعلام الأمريكي، مشكلةً بذلك ذراعاً من أذرع المد الأخطبوطي الهادف لنشر هذا الفكر وبثه في العالم.

وكما قلت فإن بإمكان المرء أن يؤلف الكتب والمجلدات في توثيق ما لا حاجة لتوثيقه لأننا عشنا بين القوم ورأت أعيننا وسمعت آذاننا ودهشت عقولنا لما يجاهرون به ويمارسونه ويؤصلون له ويقننونه، حتى إن الشذوذ والانحراف أصبح لديهم أصلاً، والعفة والالتزام خروجاً طارئاً عن الجادة، ولكأني بلسان حالهم كما نطق قوم لوط عليه السلام حين نهاهم عن الفاحشة :" فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناسٌ يتطهرون" ، وهنا لا بد من أن تتصدى حجافل القرآن لنوادي المنكر والطغيان لتطهر الأرض من رجس هؤلاء وتطهر الأرض من دنس هؤلاء، فلنتدبر مشهد القوارع القرآنية تنكس أفئدة وأجسام هؤلاء كما نكسوا فطرة الله عز وجل، فلنتدبر:
قال تعالى:" ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين. إنكم لتأتون الرجال شهوةً من دون النساء بل أنتم قومٌ مسرفون.وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناسٌ يتطهرون. فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين. وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين" ،

وقال تعالى أيضاً حكايةً عن قوم لوط :" قال فما خطبكم أيها المرسلون. قالوا إنا أُرسلنا إلى قومٍ مجرمين" ،

وقال تعالى:" قال فما خطبكم أيها المرسلون. قالوا إنا أُرسلنا إلى قومٍ مجرمين. لنرسل عليهم حجارةً من طين. مسومة عند ربك للمسرفين"
وبهذا تتواتر الأدلة وتترادف صواعق الحق لتسم هؤلاء بوسم الجريمة جزاء وفاقاً على قبائحهم الشنيعة، ويتبين بهذا مدى تلبُّس الولايات المتحدة الأمريكية حكومةً وشعباً بهذه الجريمة القبيحة لتضيف إلى سجلهم الإجرامي صفحة أخرى من صفحات العار الذي يدنس حكاية بني آدم، ويلوث صفحات كتاب البشرية طاهر الفطرة بهذا السواد وبهذا التنكيس كالذي استهوته الشياطين حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا، ولكن أنَّى لقلوب تنكست فطرتها إلى حضيض دون البهائم أن تستجيب، وأنّى لمن أغرقته شهوات الجنس ومستنقعات القذارة الشاذة أن يعي، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

خامساً: جريمة العدوان والظلم والفساد في الأرض:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا أريد أن أنبش ذاكرة التاريخ بحثاً عن الرصيد اللامتناهي لجرائم العدوان الأمريكي على شعوب العالم، فلقد انقدحت في ذهن كل إنسان فداحة جريمة القنبلة الذرية الأمريكية في هيروشيما وناجازكي وجرائم الحرب الأمريكية في فيتنام وكوريا وأمريكا اللاتينية وغيرها، ولكنني أستقرئ صفحة الواقع المشاهد اليوم لأشير إلى ثلاثة مشاهد قائمة حيّة تمثل الطبع الإجرامي للاعتداء على الغير في أسوأ وأبشع صوره، وهذه المشاهد تتمثل فيما يلي:

أولاً: التأييد والتمويل والمظاهرة التامة للمسخ المسمى "إسرائيل" في جرائمه اليومية ضد الشعب الفلسطيني ، بحيث تتدفق ملايين الدولارات يومياً من أمريكا إلى الكيان الصهيوني وتعج أجهزة الجيش الصهيوني بكل ألوان أسلحة الدمار والفتك أمريكية الصنع وتؤصل الحكومة والقوى الشعبية الأمريكية لوجود وبقاء وعدوانية الكيان الصهيوني الممسوخ بصور لا يرتاب معها من له أدنى مسكة من عقل أن هذا الكيان لا يمكن له أن يستمر في الوجود ناهيك عن العدوان بدون هذا الدعم اللامتناهي. إن الجريمة الصهيونية ليست في الحقيقة إلا واجهة الإجرام الأمريكي في واحدة من أبشع صور هذا الإجرام، ولعل الجرائم البشعة التي عايشناها في سياق ملحمة الانتفاضة الجهادية القائمة نصرها الله تعالى وأيدها بجنده وتوفيقه ما هي إلا نموذج من نماذج هذه الجريمة الأمريكية القذرة.

ثانياً: العدوان الأمريكي على إمارة أفغانستان الإسلامية وقد قُتل في هذا العدوان من الأطفال والنساء والشيوخ من قتل كما بينت ذلك وسائل الإعلام بالبث الحي ، ولم تبذل حكومة الولايات المتحدة جهداً في التكتم على أفعالها بل فاخرت بقنابل " الديزي كتر " وبوابل الحمم التي صبتها على تورا بورا وغارديز ، وبالقضاء على تمرد سجن جانجي قلعة وقد تبين بعد ذلك أن الجيش الأمريكي أشرف وشارك في جرائم حرب كما وثقته جهات محايدة ، وها هي أفغانستان قد عادت بعد حرب "التحرير" الأمريكية يعتريها الهلع وفقدان الأمن والجريمة والفاحشة والعهر والفساد ونبذ التحاكم إلى الشريعة وعودة انتشار زراعة المخدرات وغير ذلك كثير يغص به القلم.

ثالثاً: العدوان الأمريكي الأخير على شعب العراق ومهد الخلافة العباسية وعاصمة الإسلام قروناً من الزمن حيث يفاخر مجرمو الإدارة الأمريكية الخارجون حتى عن القانون الدولي الذي يحاكمون الناس إليه يفاخرون بتدمير هذا الشعب وهذه الحضارة، فها هي ألوف الصواريخ والحمم تصب فوق رؤوس الشعب العراقي البطل المجاهد في حين يمضي أركان الإدارة الأمريكية في صفاقتهم التي لا نظير لها في التاريخ يقولون جئنا لتحرير العراق، ولا أرى حاجة لتوثيق ما يراه الناس بأعينهم ويسمعونه بآذانهم عن هذه الجريمة الحيّة، وإنما هي – كما قلت - إشارات نتعرف بها على مناط الجرم في هذا المجال.

ولنتأمل في القرآن الكريم لننظر إلى مدى تحقق هذا العدوان والفساد مناطاً لوصف الجريمة، حتى نكون على بينة من الأمر ولا نرمي القوم بشيء دون دليل، فلنتدبر:

قال تعالى:" ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين"

قال تعالى:" فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم واتَّبع الذين ظلموا ما أُترفوا فيه وكانوا مجرمين" ،

وقال تعالى:" ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مالِ هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً" ،

وقال تعالى حكايةً عن موسى عليه السلام :"ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدوٌ مضلٌ مبين. قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم. قال رب بما أنعمت عليَّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين" ،

وقال تعالى:" إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون. لا يُفتر عنهم وهم فيه مبلسون. وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين"

وقال تعالى:" أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر. أم يقولون نحن جميعٌ منتصر. سيُهزم الجمع ويولون الدبر. بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر. إن المجرمين في ضلال وسعر. يوم يُسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر"

فهذه ستة سرايا قرآنية موجهة كلها في سياق الظلم والعدوان والفساد ضد عصابات الإجرام، وقد تبين لك في اللمحة الموجزة المتقدمة تلبُّس الولايات المتحدة الأمريكية بكل نوع من أنواع العدوان والفساد هذا بما يجعل وصف الجريمة من هذا الوجه ملازماً لتصرف هذه الدويلة البائسة حتى إن المرء ليظن الترادف المعنوي بين لفظ الجريمة ولفظ الولايات المتحدة الأمريكية، وحسبي في هؤلاء حكم محكمة القرآن فيهم وعمل سيوف الحق في جرائمهم.

سادساً: جريمة الإضلال والتضليل:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذه ليست مجرد جريمة اقترفتها الولايات المتحدة بل هي حرفة أمريكية بحتة؛ إنه منهج حياة وأسلوب تعامل مع الآخرين أملاه عليهم كذبهم وإجرامهم وسوداويتهم وحقدهم وطمعهم بحيث لا يستطيعون أبداً أن يتعاملوا مع غيرهم بصراحة أو بصدق فإن ذلك يفضحهم، فلا مندوحة لهم عن الخداع والتضليل والتمويه والتزييف.

ولسوف أضرب مثالاً واحداً يكفي لإثبات مدى التضليل والزيف الذي تمثله الولايات المتحدة الأمريكية ، ففي مجلس الشيوخ الامريكي المنعقد في الدورة الخامسة بعد المائة يوم الثلاثاء الموافق 27 يناير عام 1998 في العاصمة الأمريكية واشنطن صدر القرار الخاص المسمى بقرار الحريات الدينية العالمي ، والذي يهدف إلى تحديد موقف الولايات المتحدة تجاه ما أسمته اضطهاد الدول الأجنبية ضد الأفراد على أساس الدين، وتعزيز هذا الموقف الرسمي بما يكفل صيانة الحقوق الدينية في العالم.وجاء في البند الثالث عشر من الفقرة الثالثة – وهي فقرة التعريفات – تحديد الأمور التي تمثل انتهاكاً للحرية الدينية ما يلي : " إن اصطلاح (انتهاك الحرية الدينية) يعني انتهاك حق حرية الاعتقاد الديني والممارسة الدينية المتعارف عليه دولياً .. " ثم ذكر نماذج لهذه الانتهاكات ومنها:

" منع وتقنين والمعاقبة على أي من الأنشطة التالية :

1-الاجتماع لأداء نشاطات دينية سلمية كالعبادة والوعظ والصلاة، ويعتبر طلب تسجيل هذه الأنشطة انتهاكاً للحرية الدينية

2-الحديث بحرية عن معتقدات الفرد

3-تغيير دين الفرد وانتمائه

4-امتلاك وتوزيع مطبوعات دينية بما فيها الأناجيل

5-تربية أطفال الفرد وفق معتقده وتعليماته الدينية. اهـ.
هذه بعض الفقرات الواردة في القرار وقد اقتبستها دونما إخلال بالسياق ويمكن لمن شاء أن يراجع القرار كاملاً، وأريد أن أكشف زيف وتضليل حكومة الولايات المتحدة الصليبية في حقيقة الأمر من خلال أمرين أحدهما تشريعي والثاني تنفيذي؛ أما من الناحية التشريعية فإن الملحق الأول للدستور الأمريكي يمنع من تشريع أي قانون يؤسس لظهور دين معين، كما يمنع من منع التدين بدين معين . ولكنك إذا تأملت المثال رقم أربعة في أمثلة انتهاك الحرية الدينية الذي يتحدث عن منع توزيع مطبوعات دينية كأحد أشكال انتهاك حرية التدين تجد القرار ينص على تضمين الأناجيل تحديداً - مع أنها داخلة في الجملة مع باقي الكتب الدينية – وهذا ليس إلا نوع تفضيل أو تقديم دين معين في وثيقة وموقف حكومي رسمي مما يشكل انتهاكاً للدستور الأمريكي، هذا من جهة التشريع ، وأما من جهة التنفيذ فدعونا نذهب في جولة خاطفة اليوم في أرجاء الولايات المتحدة لنشاهد إحصاء المساجد وطلب تسجيل أسماء مرتاديها وفرض الرقابة والتجسس على نشاطات المراكز الإسلامية، كما أنني أذكر حادثة وقعت في إحدى الولايات الأمريكية حيث أسلمت امرأة أمريكية فما كان من المحكمة الأمريكية إلا أن حكمت لأقاربها الذين طالبوا بسحب حضانة ولدها منها لأنهم لا يريدونها أن تربيه على الإسلام، وهذا هو نفس نوع الانتهاك الذي ذكرته الفقرة الخامسة أعلاه، وهذه هي بعض التناقضات الصارخة بين واقع الممارسة الأمريكية وبنود وثيقة الحرية الدينية العالمية، بل قل إنه التضليل والخداع المقصود ، إذ أن حقيقة هذه الوثيقة ليست سوى تمهيد الطريق في العالم أجمع أمام المنظمات الكنسية والتنصيرية الضالة المضلة لتتمكن من نفح سمومها في العالم أجمع لا سيما العالم الإسلامي، ولكن هيهات إن هم إلا كما قال الشاعر :

كناطح صخرة يوماً ليوهنها فلم يهنها وأوهى قرنه الوعل

وتمارس الحكومة الأمريكية سياسة التضليل والغواية عبر شتى الطرق ابتداء من الدعاية السياسية كتلك التي تروج خدعة الديمقراطية التي وقع فريستها كثير من شعوب العالم بما فيهم المحسوبون على بعض التيارات الإسلامية، ومروراً بوسائل الإعلام التي تروج لما يريده الساسة والمنظرون، كالصورة الكاذبة التي يروجها الإعلام الأمريكي عن الإسلام جملةً وتفصيلاً، بل إن الحكومة الأمريكية بدأت تروج لنموذج إسلامي أمريكي تريد تقديمه للعالم على أنه النموذج المثالي للمسلم الذي يمارس دينه ويوالي بلده ويكون مثال المواطن الصالح الذي يرفع الرأس! وانظر إذا شئت بعض مواقع الدعاية والترويج الكاذب فإليك هذا النموذج من فم القوم أنفسهم لا نفتري عليهم وسوف أثبت هذا النص كاملاً لتقرأه وأنت تشاهد حمم القنابل والصواريخ والقاذفات تدك أرض العراق في بغداد والموصل وكركوك والبصرة وأم القصر والنجف وكربلاء ولتحكم بنفسك أيها القارئ العزيز:

"الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة العراق السريعة الى شعبه
(العراقيون سيحددون معالم الحكومة الجديدة)
من إدموند شير
مراسل نشرة واشنطن الخاص
واشنطن، 20 آذار/مارس- أكد مسؤول رفيع المستوى بوزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تريد "إعادة العراق الى الشعب العراقي بالسرعة الممكنة" في فترة ما بعد الحرب الحالية.
وشدد المسؤول الأميركي، مارك غروسمان، وكيل الوزارة للشؤون السياسية، على أن الولايات المتحدة تسعى إلى بروز عراق ديمقراطي موحد ومتعدد القوميات، محتفظ بوحدته الاقليمة. وأضاف: "ذلك العراق سيكون مجردا من أسلحة الدمار الشامل وسيكون في حالة سلم مع جيرانه."
وقال المسؤول إن الولايات المتحدة تود بالسرعة الممكنة أن تباشر باعادة الإعمار الاقتصادي والسياسي للعراق "معيدة ذلك البلد إلى مسار يفضي إلى الرخاء والحرية."
وأدلى غروسمان بهذه التصريحات في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء 19 الجاري في مركز الصحافة الأجنبية بواشنطن حيث بحث المساعدات الإنسانية والإعمار في العراق بعد الحرب وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد إطاحة نظام صدام.
وأبلغ غروسمان المراسلين أنه يتعين أن يحدد الشعب العراقي معالم الديمقراطية العراقية، مضيفا: "تلك الديمقراطية لن تكون ديمقراطية أميركية بل ستكون ديمقراطية عراقية." كما أشار إلى أن هناك نظماً ديمقراطية في العالم (في بلدان) متعددة القوميات وتتمتع بوحدة إقليمية.
وجاء في كلام غروسمان: "إذا توفرت لدى الشعب العراقي فرصة.. لإدارة شؤون حياتهم فإن الكثير من التوتر الاثني في ذلك البلد سيتبدد،" مشيرا إلى أن النظام الحالي يستغل هذه التوترات.
وشدد على القول إن الديمقراطية في العراق "ستكون مثالاً فذاً" لشعوب المنطقة.
وفي رده على سؤال صحفي، أعرب غروسمان عن أمله بأن الاعتراف بدولة اسرائيل سيكون من بين الاجراءات الأولى للحكومة العراقية الجديدة. وقال: "يتعين أن تتوفر الفرصة للناس كي يديروا شؤونهم، وهذا الحق يجب الا ينتفي بسبب الجغرافيا أو العرق أو الديانة أو الثقافة."
وكرر السفير كلام الرئيس بوش أن الولايات المتحدة ستسعى لتحرير العراق، لا احتلاله أو استغلال موارده الطبيعية. وشدد ثانية على أن الموقف الأميركي يقول إن نفط العراق يعود الى الشعب العراقي. وأشار إلى أن أمر التصرف بالنفط يعود للشعب العراقي كي يقرره.
وأوضح أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تتنبأ بأضرار الحرب في العراق أو ما سيقدم عليه صدام حسين في بلاده بالذات، "لكننا بذلنا جهداً هائلاً" في خططنا "للإقلال إلى أدنى حد من الأثر (العسكري) على السكان المدنيين."
ولفت غروسمان إلى أن تحديد مكان أسلحة الدمار الشامل وتأمينها وتدميرها في العراق "سيمثل أولوية مستعجلة" خلال الحرب وما بعدها. لكن الولايات المتحدة ستركز اهتمامها كذلك على القضايا الإنسانية وإيصال الغذاء والدواء الى من يحتاجها.
وتابع غروسمان قائلا: "الولايات المتحدة تعمل على مدى عدة أشهر على خطط للمساعدة في عراق ما بعد الحرب ولديها إمدادات إنسانية جاهزة أو في طريقها. وأضاف أن فرق عمل ركزت نشاطاتها على مسائل مثل الصحة، والصرف الصحي، والتعليم، والنقل، وسيادة القانون، والزراعة، والنظام المصرفي، فيما تتطلع الولايات المتحدة قدما الى العمل مع الأمم المتحدة ومنظمات القطاع الخاص بشأن جهود الغوث هذه.
وحدد السفير غروسمان ثلاث مراحل في عراق ما بعد الحرب:
· فترة لإشاعة الاستقرار في ظل سلطة القائد العسكري للتحالف الذي سيكون مسؤولا عن الجانب الأمني في البلاد؛
· فترة انتقالية سريعة حيث تنتقل السلطة تدريجيا الى العراقيين. "وعندها ستلعب سلطة انتقالية عتيدة دورا هاما" مشيراً الى أن هذه السلطة ستضم عراقيين من داخل العراق وخارجه؛
· أخيرا، الانتقال بالعراق "بالسرعة الممكنة الى إعادة العراق الى سيادة الشعب العراقي." اهـ.

هذا نموذج من نما\ج الدجل الاحترافي الذي يمارسه ساسة الإجرام في أمريكا، ثم تأمل معي كيف يفترون على الله تعالى حيث يزيفون لسياساتهم هذه غطاءً دينياً كاذباً تأمل معي خاتمة كلمة ألقاها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش الإبن حيث ختم خطابه قائلاً:" نحن الأميركيون لدينا ثقة بأنفسنا، لكن ليس بأنفسنا فقط. نحن لا ندعي بأننا نعرف جميع توجهات العناية الإلهية، ومع ذلك نستطيع أن نثق بها، واضعين ثقتنا بالإله المحب وراء كل الحياة، وكل التاريخ فليرشدنا الآن، وليبارك الله أميركا دائما" ، فانظر كيف يفترون على الله تعالى وينسبون أنفسهم زوراً وبهتاناً إلى الاسترشاد بالعناية الإلهية، وهذه مجرد نماذج من الدجل والتضليل تمارسه المؤسسة الرسمية للولايات المتحدة لتضيف إلى رصيد الجريمة لديها، ولا أريد أن أستطرد في البدهيات كما قلت مراراً ، ولكن يبقى علينا في هذا المقام أن نثبت أن هذا الوصف المتحقق في الولايات المتحدة – أعني الإضلال والتضليل والغواية والافتراء على الله تعالى – هو مناط من مناطات التجريم، ولذا لا بد لنا من أن نستل من كنانة القرآن سهام تجريم هذه الدويلة من هذا الوجه أيضاً إن شاء الله، فلنتدبر:

قال تعالى:" فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذّب بآياته إنه لا يفلح المجرمون" ،

وقال تعالى:" أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعليَّ إجرامي وانا بريء مما تجرمون" ،

وقال تعالى:" فكُبكبوا فيها هم والغاوون. وجنود إبليس أجمعون. قالوا وهم فيها يختصمون. تالله إن كنا لفي ضلال مبين. إذ نسويكم برب العالمين. وما أضلنا إلا المجرمون" ،

وقال تعالى:" وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين. قالوا بل لم تكونوا مؤمنين. وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوماً طاغين. فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون. فأغويناكم إنا كنا غاوين. فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون. إنا كذلك نفعل بالمجرمين" ،

وبهذا تتواتر الآيات بالتنصيص على تجريم الافتراء والتضليل والكذب كما هو دأب هذه الدويلة الآبقة عن عبوديتها لله تعالى، فياويلها من دويلة مارقة، ويا ويلها من أَمَة آبقة، يا ويلها...

سابعاً: جريمة المكر :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن تاريخ الولايات المتحدة تاريخٌ حافل بالمكر والتخطيط لتخريب وتدمير وزعزعة استقرار شعوب بل مناطق بأكملها من العالم، بدءاً بالاغتيالات السياسية ومروراً بالانقلابات العسكرية المدبرة، ومن ثم المكر والكيد لاختراق مناطق مختلفة من العالم تحت أستارٍ وخدع شتى، لعل من أهمها ما جرى ويجري في العراق، وأحيل القارئ على كتاب "جرائم الحرب : تقرير عن جرائم الحرب الأمريكية ضد العراق، مقدم إلى لجنة التقصي التابعة لمحكمة جرائم الحرب الدولية"، إعداد رمزي كلارك
الكاتب: د. وسيم فتح الله
التاريخ: 01/01/2007