قناة ( العربية / العبرية ) .. في العراء !

 

بسم الله الرحمن الرحيم 
             ( العربية / العبرية ) في العراء   
أن يكون الشخص كافراً شيء .. وأن يكون منافقاً شيء آخر .. ففي حالة النفاق يبرز الخطاب المُغَطّى بمهارة .. والألفاظ المجملة .. واللغة المزدوجة .. وتبرز الحيل .. ويُمارس المكر والدهاء .. وكل لون من ألوان الخداع { يُخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون } .. وإذا كان هذا في الشخص فما بالك بمؤسسة إعلامية منافقة متخصصة في صناعة الخبر .. وصياغته .. وعرضه .. وتسويقه ؟! .. 
عندما نتكلم عن قناة العربية فنحن نتحدث عن نفاقٍ مؤسسي .. تتراكم فيه الخبرات .. وتُستنفذ في تمريره الطاقات .. وتُصرف عليه ملايين الدولارات .. وتخدمه وتستخدمه - فيما يبدو - أجهزة الاستخبارات ! 
وفي هذا المقال سنلتقط بعض فنون النفاق الذي تمارسه ( العربية / العبرية ) في كل دقيقة من زمن بثّها الفضائي ..
  (1) 
فمن فنون النفاق في هذه المؤسسة المتخصصة في محاربة الإسلام ما سنُسَمّيه (أسلوب الصدمة ) حيث تأتي المؤسسة الماكرة لخطيئة ذاهبة في الرياح فتستوقفها وتضخمها وتسلط عليها الضوء بشكل صادم .. هكذا ( شابة سعودية في العشرين من عمرها تتعرض لمحاولة قتل بسبب اقتنائها لصورة لاعب مشهور ) .. وهذا يجعلك تنظر إلى المجتمع السعودي - المرتبط ذهنيا بتطبيق الشريعة - بنظرة احتقار يشوبها رعبٌ يتسلل إلى عقلك من فكرة تطبيق الشريعة ومن مجتمع الشريعة ... بينما هذا الخبر الغريب على المجتمع السعودي لا يعكس حالة إجتماعية وإنما يعكس حالة شخصية جدا وربما - على الأرجح - حالة مرَضية .. ثم إن نظائر هذه المفجعات الإجتماعية متوفرة في دولٍ أخرى من العالم المتحضر على نحوٍ أكثر وأشهر وأظهر وأخطر !! فلماذا يتم تجاهلها ؟! ولا يُسلط الضوء عليها ؟!.. 
أم أن النخبة المثقفة في طاقم القناة لا يُدركون ما تحمله قنوات الأخبار المحلية في الدول الغربية من موجعات ومفزعات ومروّعات في تلك المجتمعات ؟! 
  (2) 
ومن فنون نفاق ( العربية / العبرية ) التي لا تملها ولا تحيد عنها استخدام المجملات اللفظية .. وهذه حيلة قديمة جدا .. لكنها مجدية وفاعلة جدا .. فمثلا تعال للفظ ( السلام ) أليس لفظاً محببا للنفوس ؟! .. تحت هذا اللفظ المقبول سلفاً من السهل تمرير فكرة الخضوع والإلحاق الثقافي للغرب بل والموادة للكفار والتنازل عن ثوابت الديانة.. لأن مداهنة الديانة النصرانية مثلا تُقدم تحت هذا اللفظ .. هكذا (علماء مسلمون يلتقون بنظرائهم من النصارى في مؤتمر سلام عالمي يسوده الود والتسامح ) مرّت الفكرة بسهولة لأنها من ( السلام ) المقبول عند كافة الناس !!.. وقل مثل ذلك في ألفاظ ( الحوار مع الآخر - تقارب الحضارات ...) 
 (3) 
ومن فنون النفاق وَصْمُ التوجهات الشرعية بتلك الألفاظ ذات الإيحاء التنفيري التحذيري .. مثلا (خمسون قتيلا يهودياً في عملية" انتحارية " قام بها مجهول يُشتبه في انتمائه لحركة الجهاد " المتطرفة " ) وهكذا بحيلة لفظية ( انتحارية - المتطرفة ) صار الجهاد مذموما ممقوتا دون عناء البحث العلمي والمصارعة الفكرية !! ودون إعمال للنظر السياسي المجرد والمتجرد حتى ؟! لأن الهدف التدميري الهدمي يطغى على موضوعية الخبر وأمانة النقل وحيادية الصياغة .. 
 (4) 
ومن فنون النفاق في هذه المؤسسة الإعلامية النفاقية ما سَنُسَمّيه ( توظيف الموافق بقدر موافقته ) فيُؤتى في بحث قضية النقاب بعالمٍ مسلم لا يرى وجوبه .. لكن هذا العالم نفسه يُخفى تماما ويُعرض عنه في كل بحوثه ورسائله التي بحثها في نقد الليبرالية !! ..لأنه استُخدم لغرض محدد وقد استُنفد الغرض !
  (5) 
ومن فنون النفاق عندهم ما سنسميه (خدمة التفاصيل تحت مظلة الهدف الهدمي العام ) .. ففي قضية المرأة تُثار مسألة قيادتها للسيارة من عدم قيادتها بالوجهة وبالقدر الذي يخدم فكرة ( ظلم الإسلام للمرأة ) .. ثم في الشأن النسائي أيضاً يُبحث موضوع تولي المرأة لمنصب القضاء في نفس الاتجاه ولنفس الغرض .. لكن ابتزاز المرأة جسديا في قنوات فضائية تابعة لذات التوجه فذاك أمر لا يستحق الجدل !! .. وتتابع القناة بشغف موضوع الاختلاط في العمل وتأثيره في إيجاد (دور فاعل للمرأة) في المجتمع .. وعلى نفس الخط تسير سائر التفاصيل خدمةً للهدم العام !
 (6) 
ومن فنون النفاق عندهم ما سنسميه (صناعة المسلمات وفرضها ) .. ف(الشرعية الدولية ) صارت (مسلمة سياسية وقانونية ) تُقدم بلا تلعثم ولا تردد .. و( المساواة بين المرأة والرجل ) صارت ( مسلمة إنسانية ) بحكم الأمر الواقع .. ومن طرق فرض هذه المسلمات على المشاهد أن يصدف أن يكون كل المفكرين والمحللين - بل والدعاة الشرعيين - متفقين عليها بل ويتحاكمون إليها !!.. فهل يجرؤ محاور حر على أن يستوقف محاوره ليستفصل عن معنى (حرية الفكر ) وأبعاد هذا المُصطلح وتوظيفه وتطبيقاته ؟! هل يجرؤ محاور مخلص أن يعترض على مسلّمة (تحرير المرأة ) لانطباقها الحرفي - بحسب مراداتهم - على فكرة ( تعهير المرأة ) ؟!  
 (7) 
ومن فنون النفاق عندهم التحكم بمسار الجدل (السياسي / الشرعي / الفكري) من خلال انتقاء أطرافه .. فيُقدم الجدل ذو الوجهتين المختلفتين في إطارٍ متفق عليه ووفق مسار يحقق الهدف الهدمي العام ..
فيؤول الجدل ذو الطرفين إلى نهاية تُرضي طرفاً ثالثاً يمتلك زمام القناة بأكملها !!
 (8) 
ومن فنون نفاقهم  ما سنُسمّيه ( الانحراف باهتمامات الجماهير ).. ففي وقت اجتياحٍ أمريكي للعراق أو قصف جوي مكثف على قبائل في أفغانستان لا يُستغرب من القناة إلهاء الجماهير بوفاة مصمم أزياء بجرعة هيروين زائدة في مصيفه الخاص  في ڤينا !!
(9) 
ومن فنون نفاقهم ما سنسميه ( زعزعة الثقة بالفتوى الشرعية ) من خلال نشر وتهويل لشذوذات بعض الفقهاء .. ثم ملاحقتها بالنقد والتحليل .. ثم إشباعها بالتعليق .. ثم إرفاق المقالات النقدية بها .. ثم تكرارها إن لزم الأمر ..  
(10) 
ومن فنون نفاقهم ما سنسميه ( تسخيف التدين ) وذلك بعرض هوامش الخلافات الفقهية حول الفروع الجزئية بمعزل عن مفاهيم الإسلام الضخمة وقِيَمه الكبرى .. 
ولا يُعرض الخلاف الفروعي من جهته الفقهية الخالصة وإنما يُبرز حجم الجدل حوله ويُنفخ فيه .. ويُستقطب لإذكائه مهرة طلبة العلم الذين صاروا أدوات في يد المؤسسة .. وهكذا ينظر الشخص إلى الدين العظيم ويتلقى الانطباع عنه من خلال طاولة فخمة يتهارج من حولها طلبة العلم ويتصارخون حول فرعية فقهية جزئية معزولة عن إطارها ومجردة من مقاصدها .. وما أقرب هذا التشويش المُتعمد لفكرة ( الفوضى الخلّاقة ) !! 
(11) 
ومن فنون نفاقهم ما سنسميه ( هزّ الثوابت الشرعية) عبر محاورات وجدل وربما استطلاع للرأي العام واستفتاء في الانترنت - للمؤسسة أو لجهة متعاونة معها- وغير ذلك .. فيُقدم الثابت الشرعي - كالحدود الشرعية - كمتغير يقبل الأخذ والرد وتصبح نسب المصوتين على رفضه أو قبوله متقاربة !!
 (12) 
ومن فنون نفاقهم تقسيم المطالب الشرعية على الاختصاصات المختلفة ليتعرض كل مطلب على حدة بنقد خاص من ذوي التخصص .. فيُعرض ( تعدد الزوجات للرجل ) على عالم اجتماع فيلمزه .. ثم عالم نفسٍ فينقده.. وهكذا.. " وهذا طبعا وجهة نظر العلم التخصصي  وربما يكون لعلماء الدين رأي آخر " بهذه الجملة يُختم البرنامج !!
(13) 
ومن فنون نفاقهم ما سنسميه ( تنجيم - من النجومية - الضال والماجنة ) وذلك من خلال ألقاب مجانية تُهدى مع وافر التقدير لملحدٍ ضلّ هنا وماجنة هتكت ستر الحياء هناك ..ف " نرحّب بضيفنا المفكر الكبير والقلم الفذ المتحرر .." هكذا يُقدم الملحد والزنديق ... و" يسرّنا استضافة الكاتبة الثائرة على التقاليد والأعراف .. " .. وهكذا تُقدم ماجنة تنشر الليبرالية ( اسماً ومعنى ) وتُنَظّر لها في زاويتها النجسة من صحيفة مثلها ماجنة .. 
وما تسليط هذه " الإضاءات " على لفيف الفُجّار والملاحدة إلا لتنجيمهم في عالم تنقصه النجوم حقاً..
(14) 
ومن فنون نفاقهم ما سنُسميه ( الهجوم المُنظم ) على رموز الهدى وأقمار الدّجى .. وما من غرابة أن تترك ( العربية / العبرية ) معاييرها الليبرالية وتدوس بأقدام حقدها على مقدساتها ( الحرية الشخصية / تحرير المرأة ) فجأة لتُدهش الجمهور بظهور ابنة أخت المجاهد فلان في عرض أزياء وهي شبه عارية !!!.. لأن المقصود هنا أن ينطبع في ذهن المشاهد انطباع سلبي عن المجاهد بأي معيار كان حتى ولو بمعيار الصحراء !!!
(15) 
ومن فنون نفاقهم ما سنسميه ( إيجاد البديل المناسب) .. فبدل أن يُستقدم العالم الشرعي لإبداء رأيه في قضية ما يؤتى بعالم مصنوع و( مبرمج) مدفوع الأجر ليمثل وجهة النّظر ( المُخَفّفة / المنقحة / المُعَدّلة / الأقل حدة / المقدور على الالتقاء معها في منتصف الطريق ) فيحصل لهم دعاية ( إشراك الصوت الإسلامي ) في الحوار والحدث والموضوع والقضية والفتوى والتعبئة دون وقوع خسائر (فكرية)
باهضة التكاليف .. وأي شيء أسهل على مؤسسة كهذه من صناعة ( عالم عصري ) و ( داعية جديد) و( معارض مرن ) و( صوت إسلامي ناعم خافت مطواع ) ؟!  
 (...) 
هل أتاك نبأ ( صناعة الموت ) ؟! إنه البرنامج الأكثر هدماً في ( العربية / العبرية ) .. لأنه يجعل الجهاد الشرعي ( الإسلامي ) عبارة عن تمرس وتضلع في صناعة الموت .. الموت ذاك الكئيب الكريه المُبغض الممقوت .. الموت الذي كأنه نهاية الدنيا والآخرة في نظرهم .. الموت بكل مافيه من ظلامية وقتامة وشعور يصيب بالرعب والرهبة والفزع كلما ذُكر .. هذا الموت ( مُنتج ) جهادي ( إسلامي ) يدير صناعته أبو محمد المقدسي والعولقي و..الخ .. ويُصدّر هذا (المُنتج ) النَّكِد إلى أطفال المسلمين ونساء المسلمين وشيوخ المسلمين .. هذا ( المُنتج ) يصنعه الجهاديون.. ليس لمقاومة العدو في ساحات الجهاد المتناثرة على خارطة العالم الإسلامي .. وإنما يُصنع - بزعم القناة - لعمليات إبادة جماعية في أسواق المسلمين وأعراس المسلمين  ومآتم المسلمين وربما مساجدهم ..هكذا يُعرض ( الجهاد) في برنامج (صناعة الموت ) .. عبر حلقاته (المكسيكية) في عددها .. و(المَبَاحثيّة) في إعدادها .. بلا موضوعية .. ولا اتزان .. ولا تحرٍّ للصدق .. ولا احترام لعقل المُتلقّي  
.. 
ولا عزاء للمهنية الإعلامية ...

قال الحق جل وعلا { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوٰهِهِم وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } .. ذكرَ الأفواه وأضافها إليهم تحقيرا لها في جنب النور المضاف لله تعالى .. ولعل في ذكر الأفواه إشارة إلى أداة ( الكلام ) وما يترجمها ويخدمها من إعلام .. والله أعلم .


الكاتب: حسين الخالدي
التاريخ: 16/10/2011