جامعة دول التبعيّة ، والحرب الليبية

 

بسم الله الرحمن الرحيم


جامعة دول التبعيّة ، والحرب الليبية

لا أدري لمَ يخرج علينا هؤلاء السّفهاء باجتماعات هم يعرفون أن الشعوب العربية لا يقيمون لها وزناً ولا اعتبار ، وكل ما يفعله الناس في البلاد العربية وقت الإجتماع أنهم يسألون الله تعالى السّتر وأن لا تكون النتيجة كارثة وطّامة على الأمة كالإجتماع الذي قبله .. هذا إذا كانت الجموع تتابع هذه الإجتماعات ، وإلا فهي مشغولة بأكل عيشها ، وبمصلحة نفسها ، وفي وقتنا هذا : انشغل كثير من الناس بالثورة وأخواتها ..

بعد أن ظل القذافي يقتل الليبيين لأسابيع بالطائرات والدبابات والبارجات ، لم يخرج علينا مسؤول عربي إلا بعد أن همس أوباما على استحياء وبمكر وخبث ودهاء : أن الأمر "غير مقبول" ، عندها اجتمع مجلس الوزراء الأخير الذي انعقد لبحث المسألة الليبية ، والذي كان من أغبى الإجتماعات التي عقدها هؤلاء ، ولم يكن أحد من المراقبين يتصوّر أنه باستطاعتهم تحطيم رقمهم القياسي في الحُمق والنذالة طوال هذه السنين !!


تصوّروا : الدول العربية تجتمع لتُقرّر : أنها تسمح للدول الأجنبية بفرض حظر جوّي على دولة عربية !! لا أدري في أي خانة عمالة وخيانة وقلّة حياء نجعل مثل هذا البيان !! هل يُعقل أن تجتمع عشرات العقول فتتفتّق عن اللامعقول !! لم يسمحوا لمندوبي معتوه ليبيا بحضور إجتماع "الجامعة" ، ولكن اتّضح أن الكل تخرّج من نفس الجامعة ..


لماذا تتدخّل دول أوروبية وأمريكا في ليبيا !! أين الدّول العربية !! لماذا لا تتدخّل الدول العربية يا "جامعة الدول العربية" !! لو حصل مثل هذا في أوروبا ، أكان القوم يقولون لكم : تدخّلوا بجيوشكم في دولة أوروبية !!

أين صفقات الأسلحة - التي سمعنا عنها - بمئات المليارات لتحديث الجيوش العربية !! لماذا تشترون أسلحة وتجعلون جيوشاً إذا كنتم كلما طرأ طارئ تستجدون الدول الغربية !! هل هناك عمل لجيش عربي غير التصفيق والتهليل للحاكم ، أو الدفاع عنه إذا ثار شعبه ، أو تجميله وتزيينه للعروض العسكرية أمام قادة جيوش الدول الغربية !!


هل نحن بحاجة إلى حظر جوي في ليبيا من قِبل الغرب !! أنسينا العشر سنوات العجاف التي مرّت على العراق والتي قُتل فيها مليون إنسان بحجة إقامة حظر جوّي لحماية العراقيين من صدام !!


لماذا لم يقولوا للغرب : اعطوا الثوار الليبيين مضادات للطائرات حديثة تستطيع إسقاط طائرات القذافي المهترئة !! صواريخ أرض-جو تُحمل على الكتف وتكون فعّالة كصواريخ "ستنجر" وغيرها ، لماذا لا يُعطى الثوار مثل هذه الصواريخ !! لماذا نطلب من الدول الصليبية محاصرة أهلنا في ليبيا وضربها بالصواريخ الذكيّة التي أثبتت غبائها في أفغانستان وباكستان ، كذا زعموا !!

لماذا لا نقول للغرب : أوقفوا شحنات الأسلحة اليهودية والنصيرية والغربية والشرقية التي تُحمل على السفن المرئية في البحر المتوسّط الذي تجوب فيه حاملات طائراتكم ، وتراقبه أقماركم الصناعية ، لتصل هذه السفن تحت أعينكم وبين أيديكم إلى القذافي المعتوه !!

لماذا لا يتدخّل الجيش المصري في ليبيا !! أو جيوش الدول العربية !! لماذا لا يُفتح الباب أما شباب الإسلام في مصر والجزائر وتونس والسودان وغيرها من البلاد للدفاع عن أهلهم في ليبيا بدلاً من جلب جنود نصارى من دول نصرانية احتلّت – ولا زالت تحتل - دول الإسلام : يضربون أرضها بالصواريخ ويقتلون النساء والأطفال ويدمرون البنى التحتية ، والجميع يعلم أن مصالحهم مرهونة ببقاء المعتوه وبإطالة أمد الحرب !!

رئيس "جامعة دول التبعيّة" يريد أن يُرشّح نفسه لرئاسة مصر ويُعلن على الملأ أنه سوف يحترم الإتفاقيات اليهودية الساداتيّة !! هل هذا ما يريده أهل مصر !! هل يصلح مثل هذا أن يكون زبّالاً في أحياء مصر الفقيرة ، فضلاً عن رئيس مصر !!

أليست عندهم ذرّة حياء أو خجل !! ألا تجري في عروقهم نخوة عربية ، ولو جاهليّة !! والله لو قال شخص لأبي جهل أن يستعين بهرقل على حرب ألدّ أعداءه (رسول الله صلى الله عليه وسلم) لأرغد أبو جهل وأزبد ، فهو - على كفره - كان يعدّ نفسه من زمرة الرجال ..

هل عدم العرب الرجال حتى نأتي بأبناء الزانيات من عبّاد الصليب ليدافعوا عن أبناء عمر المختار !! والإعلام العربي يصفّق لهذا الفتح التأريخي وكأنّ الشرف أن يتفرّج العرب على أهل الصليب وهم يدكّون أراضيهم بالصواريخ !!

رجال ليبيا لا يحتاجون إلى أهل الصليب ليدافعوا عنهم ، يكفي طرابلس أن يكون فيها مائة ليبي برشّاشات "كلاشنكوف" ليحرروا العزيزية ويقضوا على فلول هذا المعتوه .. مائة كلاشنكوف بالذخيرة في طرابلس وتنتهي الحرب في ليبيا ..

عُبّاد الصليب لم يأتوا إلى ليبيا لحماية أهلها من القذافي ، بل أتوا إليها لحماية الغرب من الليبيين .. لقد دبّ الرعب في قلوبهم وهم يرون شباب ليبيا يحررون أراضٍ تفوق في حجمها فلسطين مرات في أيام معدودات وبأسلحة خفيفة ، هذا ما جعل الغرب يهرع ببارجاته وطائراته إلى الحدود الليبية ، ولو كانت الدائرة للقذافي لما التفتوا إلى ليبيا طرفة عين ، ولقالوا بأن الأمر لا يعدوا أن يكون : مسألة داخلية ..

هل يعتقد المجتمعون في هذا الإجتماع المهزوم أن الناس يصدّقون بأن قراراته جاءت من عقولهم !! هل يشكّون بأن كل العرب يعلمون ويجزمون بأن البيان الختامي مطبوع مقدّما في البيت الأبيض !! ألم يكن هؤلاء يعيشون على نفس الكوكب الذي نعيش فيه والذي قامت عليه الثورات ليعلموا بأن شباب الأمة لم تعد تنطلي عليهم الأكاذيب التافهة والتمثيليات الهزيلة !!

الفرق بين هذه العقليات الغابرة وعقلية فرعون : أن فرعون لمّا أدرك أنه غارق {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} أخرج بيانه الختامي ليستدرك ما فاته فقال {آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (يونس : 90) ، ولكن هؤلاء لم يدركوا بعد بأنهم غرقوا ، وأنهم أصبحوا جيفاً منتنة {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} (يونس : 92) ، فلا زالوا يصدرون البيانات التي توحي بجهلهم الشديد بالواقع المتغيّر ، هم لا زالوا يعيشون على نغمات : نشجب ونستنكر ونعترض ، ويعدّون هذه الكلمات المهترئة : فتحاً كفتح عمّورية أو نصراً كيوم حطّين ..

لعل هذه الكلمات تصل إلى إخواننا في ليبيا ، وأخص منهم الشباب المجاهد ، فأقول لهم :

إياكم ، ثم إياكم ، ثم إياكم أن تلتفتوا إلى "جامعة دول التبعيّة" أو "منظّمة المؤتمر الإنهزامي" أو أية مؤتمرات أو قرارات أو حكومات ، وها أنتم ترون كيف يتقاذفون القرارات بينهم ليشتروا الوقت للقذافي بعد أن أمدّوه بالأسلحة والمعدات والمرتزقة .. عليكم بأمركم ، وتوكّلوا على خالقكم ، ولا تلتفتوا إلى غير السماء ، فإن النصر ينزل من هناك ، وليس من "الأمم المتحدة" على حرب المسلمين أو "مجلس الأمن" اليهودي الصليبي ، أو غيرها من المنظمات والمؤسسات المحاربة للإسلام والمسلمين ..

إن الله تعالى يغار أن يلتفت عبده إلى غيره ، فكيف بالمجاهد في سبيل الله إذا طلب النصر ممن سواه ، فاتقوا الله في أنفسكم ، واتقوا الله في جهادكم ، ولا تُضيّعوا هذه التضحيات وتلك الدماء بتعلّقكم بغير خالقكم ، فوالذي نفسي بيده : لو اجتمعت عليكم الأرض قاطبة ثم لم تلتفتوا إلى غير الله لنصركم الله عليهم لأنه ليس أوفى بعهده من الله ، وهو القائل {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (آل عمران : 160) ، وقال سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد : 7) ، وقال جل في علاه {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ} (الملك : 20) ، وإياكم ، ثم إياكم أن تغتروا بأقوال المنافقين الذين يُزهّدونكم في التوكّل على الله ، ويرغّبونكم بالتعلّق بالناس ، فهؤلاء كما إخوانهم الذين قال الله تعالى عنهم {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاَءِ دِينُهُمْ} فأجابهم الله تعالى بقوله {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال : 49) ، وقال في آية أخرى {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (الطلاق : 3) ، فقولوا ما أمر الله نبيكم بقوله {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (التوبة : 129) ، وأكثروا من قراءة سورتي التوبة والأنفال لتعلموا عدوكم ، ولتتعلّقوا بخالقكم ، ولتبتغوا إليه الوسيلة ، ولتصلوا به إلى الغاية ..

من كان صادقاً في زعمه مساعدتكم فليمدّكم بالسلاح والعتاد .. اطلبوا منهم ذلك لتعلموا أنهم كاذبون مخادعون ، فهؤلاء لا يريدون إلا هزيمتكم ونصر القذافي عليكم ليوقفوا هذه الهبّات الشعبية والمظاهرات الثورية في العواصم العربية التي أقضّت مضاجعهم ، فلا زالوا يمكرون بتونس ومصر والجزائر واليمن وغيرها من بلاد الإسلام ليكتموا أصوات الشعوب ويعيدوها إلى حضيرة العبودية بعد أن ذاقت طعم بعض الحريّة ..

السلاح السلاح يا أبناء المختار ، فأنتم والله أهله .. أنتم أبناء من دفعت أمريكا والدول الأوروبية لهم الجزية .. أنتم أحفاذ الصحابة المهاجرين من جزيرة العرب ، وأبناء البربر الذين فتحوا الأندلس وجنوب فرنسا وجنوب إيطاليا ومدن أوروبا الساحلية .. أنتم اليوم الهمّة العربية ، والحماسة الإسلامية ، والتضحية الجهاديّة ، وأهل الإسلام وقفوا لكم إجلالاً ، وتطاولت رؤوسهم يرمقونكن من بلادهم وقد انقبضت قلوبهم خوفاً على جهادكم ، وارتفت أياديهم بالدعاء لكم ، فالله الله في هذا الجهاد لا يخالط الكفر فيه الإيمان ..

عليكم أيها الأحبة بتصحيح المسار ، فكل قتال لا يكون لإعلاء كلمة الله فهو هباء منثور في الآخرة ، فقد أتى أعرابيٌ قائدنا الأعظم ورسولنا الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلّم ، فقال : يا رَسُول الله ِالرجل يقاتل للمغنم ، والرجل يقاتل ليُذكر ، والرجل يقاتل ليُرى مكانه [وفي رواية : يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، وفي رواية : يقاتل غضباً] ،فمن في سبيل اللَّه ؟ فقال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا فهو في سبيل اللَّه" (متفق عليه) وفى سنن النسائى عن أبى أمامة رضى الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي ، فقال : يارسول الله، رجل غزا يلتمس الأجر والذكر ماله ؟ فقال رسول الله "لا شئ له" فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله "لا شئ له" ، ثم قال "إن الله تعالى لا يقبل إلا ما كان خالصا وابتغى به وجهه" (إسناده جيد : أحكام الجنائز للألباني) ، وفى المسند وسنن النسائي عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال "من غزا في سبيل الله عز وجل وهو لاينوى في غزاته إلا عقالا فله ما نوى" (صححه الألباني في صحيح الجامع) ، وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من قُتل تحت راية عميّة ، يدعو عصبيّة أو ينصر عصبية ،فقتلته جاهليّة" ، {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَويَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء : 74) ..

اعلموا – نصركم الله – أن الأمة الإسلامية لم تنتصر يوماً بعدد ولا بعتاد ، وإنما نصرها كان بالله سبحانه ، وكم خاضت هذه الأمة من معارك ضد قوى الشر والطغيان التي كانت أضعافاً مضاعفة في عُدّتها وأعدادها ، وكان النصر حليف جيوش الإسلام لأنها كانت تبتغي النصر من الناصر عز وجل ، فالذين يؤمنون بالله واليوم الآخر دعوتهم واحدة {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة : 249) ..

إن سلاحكم ما تغنموه من عدوّكم ، وطعامكم ما تركه العدو خوفاً منكم ، فاضربوا العدو فوق الأعناق ، وأطيروا من جنوده الرقاب ، وشدّوا عليه ، وازرعوا في قلبه الرعب ، وشرّدوا بجنوده من خلفهم ، واحملوا عليهم حملة رجل واحد ، وتراصّوا ، واعتصموا بحل الله جميعاً ولا تفرّقوا ، ولا تلتفتوا إلى غير الله ، ولا تبتغوا النصر ممن سواه ، وعلموا أن النصر صبر ساعة ، وأن مع العسر يسرا ، وأن العدو يألم كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجوا ، وأن قتلاكم في الجنة وقتلاه في النار ، وأن الدنيا دار زوال ، والآخرة دار قرار ، وقد فُتحت لكم أبواب السماء ، فسارعوا إلى مغفرة من ربّكم وجنّات عرضها السموات والأرض ، فيها الحور الحسان ، والروح والريحان ، ومقاعد الصدق ، ومنابر النور ، ومنازل الشهداء الذين يغبطهم من أجلها النبيّون ..

اعلموا بأن "أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصف الأول فلا يلفتون وجوههم حتى يُقتلوا ، أولئك يتلبّطون في الغرف العلى من الجنة ، يضحك إليهم ربك ، فإذا ضحك ربك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه" (صحيح : صحيح الجامع 1107) ، وأنه "لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبداً" (مسلم) ، وأنه "إذا وقف الناس للحساب ، جاء قوم واضعي سيوفهم على عواتقهم تقطر دماً فازدحموا على باب الجنة فقيل : من هؤلاء ؟ قيل : الشهداء كانوا أحياء مرزوقين" (حسن : الطبراني في مسند الشاميين) ، وأنه "ما من الناس نفس [مسلم] يقبضها ربها عز وجل تحب أن تعود إليكم وأن لها الدنيا وما فيها غير الشهيد" . وقال ابن أبي عميرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "[لأن] أُقتل في سبيل الله أحب إليّ من أن يكون لي أهل المدر والوبر" . (رواه أحمد ورجاله ثقات) ، وقال عليه الصلاة والسلام "انتدب الله لمن خرج في سبيله ، لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي ، أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة ، ولو لا أن أشقّ على أمتي ما قعدت خلف سرية ، ولوددت أني أُقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أُقَتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أُقتَل" (متفق عليه) ..

فكونوا – عباد الله – أحرص على الموت في موضعكم هذا من حرص عدوّكم على الحياة ، واطلبوا الموت توهب لكم الحياة ، فعن معاذ رضي اللّه عنه ، ‏أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول ‏: "من سأل الله القتل من نفسه صادقاً ، ثم مات أو قُتل ، فإن له أجر شهيد"‏(سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .. قال الترمذي‏ : ‏حديث حسن صحيح) ، وعن أنس رضي اللّه عنه قال : ‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏ "من طلب الشهادة صادقاً أعطيها ولو لم تُصبه" (مسلم) ، وعن سهل بن حُنيف رضي اللّه عنه ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلّغه الله تعالى منازل الشهداء وإن مات على فراشه" (‏مسلم) ..

لقد أُشبع القذافي وأبناءه ومرتزقتهم الكفر والنفاق ، وأنتم في صدوركم القرآن ، فإن رأوا منكم الصدور فلن تروا منهم غير الأدبار ، فإن القرآن يعلوا ، وإن الإيمان عزيز ، وإن الإسلام نصر ، وإن العقيدة صبر ، والكفر جُبن وخوَر وخذلان وهزيمة ، فلا يرى كفرهم من إيمانكم غير الثّبات ..

يا أهل ليبيا ... يا أصحاب سورة البقرة : الآن حمي الوطس ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ..


كتبه
حسين بن محمود
7 ربيع الثاني 1432هـ


الكاتب: أنصار ليبيا
التاريخ: 14/03/2011