رفع صوت الإسلام والمنزلة ما بعد الأخيرة

 

رفع صوت الإسلام والمنزلة ما بعد الأخيرة

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فـ(الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (رواه مسلم)، (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا) (متفق عليه)، أحاديث نبوية تقر بها أعين المؤذنين، ويغبطهم عليها غيرهم من المؤمنين ممن لم تتح لهم الفرصة أن يكونوا ممن يرفعون صوت الحق: "الله أكبر.. الله أكبر"، وممن ينادون الناس للقاء ربهم ومولاهم.

وقد جعل الله في ترديد الأذان عقب المؤذن تسلية لمن فاته هذا الفضل، ومِن ثمَّ فكل المؤمنين يسعدون بصوت الأذان مؤذنين أو مرددين، ثم ساعين إلى الصلاة؛ والتي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في شأنها: (يَا بِلاَلُ أَقِمِ الصَّلاَةَ أَرِحْنَا بِهَا) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

قد تبدو هذه القضية من المسلمات إلا أن هاهنا قصة لرجل رضي لنفسه بالمرتبة ما بعد الأخيرة في هذا الباب، ثم لم يقنع بذلك حتى فضح نفسه على رؤوس الأشهاد، وفي قناة فضائية جعلت طمس الهوية الإسلامية للأمة هدفها الرئيسي، ولها في ذلك وسائل شتى؛ منها: نشرة الأخبار العامية، ومنها لأفلام الأجنبية الغير محذوف منها شيء، ومنها برنامج الصحفي: "إبراهيم عيسى".

وفي إحدى حلقات هذا البرنامج والتي أراد لها البعض مزيدًا من الانتشار فوضعها على موقع شهير على الإنترنت صب صاحبنا نار غضبه على ما أسماه بـ"ميكروفونات المساجد" -يقصد بها بالطبع الأبواق الخارجية "الهورنات" وليس الميكروفون الذي تقتصر وظيفته في أنظمة تكبير الصوت على التقاط صوت المتحدث-، وأبدى استياءه الشديد من رفع الأذان بواسطتها على اعتبار أن الأذان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم كان بدون "ميكروفون"، واستغرب من استثناء من أسماهم بـ"الوهابيين" والأصوليين لمكبرات الصوت من قائمة البدع الطويلة التي تشمل كل وافد من عند الغرب على حد علمه أو فهمه!

وقد تخطى صاحبنا في هذا البرنامج دور المذيع إلى دور الممثل الكوميدي الذي يمثل نصًا من تأليفه وإخراجه، ثم يتولى هو أيضًا نيابة عن المشاهدين الضحك الهستيري على "كوميدياه"!

وقد جاءت المناقشة الموضوعية لصاحبنا في غاية الضحالة، وإن كان قد دعمها بعدة حكايات حاول فيها استنساخ "وحيد حامد"، وهذه الحكايات إن كانت كاذبة فحسبها ذلك، وإن كانت صادقة كانت فيها إدانة له لو كان يدري؛ فلنبدأ بحكاياته مع الأذان:

- أما الحكاية الأولى: فهو بطلها حيث كان يسكن في عمارة في شارع عرضه ستة أمتار، أسفلها مسجد مؤذنه هو بواب العمارة المجاورة، ومكبر الصوت الخاص به مُركب في شرفته فطلب من بواب عمارته أن يتوسط لدى المؤذن في نقل المكبر إلى مكان آخر فاستجاب الرجلان مشكوران، ولكنه صعق حينما علم أنهم نقلوه إلى شرفة الأستاذ "بطرس" المقابلة مما جعله يتطوع بالتدليل على مشترٍ لشقة الأستاذ "بطرس"!

وإلى هذا الحد سكت "شهريار" عن الكلام، ولم يذكر لنا: هل تحمل الأستاذ بطرس صوت الأذان أم لا؟

وإذا كان لم يحتمله فماذا صنع؟

هل قدم شكوى إلى جمعيات حقوق الإنسان؟

هل كتب شكوى في إحدى صحف "ساويرس"؟ أم أوعز إلى "إبراهيم عيسى" ليقدم هذا البرنامج في فضائية "ساويرس"؟!

سوف نستخدم قواعد المنطق وأصول الفقه في أن عدم النقل في مثل هذه الحالات يدل على العدم؛ مما يعني أن الأستاذ "بطرس" مع أنه غير مخاطب بالأذان قد تحمله، ولم يضق به ذرعًا، بينما ضاق به "مقدم برامج فضائية ساويرس" ذرعًا!!

في الواقع كان من الممكن أن نناقش الحكاية لنسأل مثلاً: كيف تسلل المكبر إلى شرفة الأستاذ "إبراهيم" هل اشتراها وهي على هذا الحال أم أنهم دخلوا شقته بلا إذن؛ ليضعوا المكبر رغمًا عنه؟! من باقي الحكاية تقول إنهم بوابون مغلوبون على أمرهم.

إلى آخر هذه الأسئلة البريئة، ولكن لنترك القصة كما هي ونتساءل من جهة أخرى حول دور صاحبنا وعلاقته بالمسجد الموجود أسفل مسكنه، ولما احتاج إلى واسطة لكي يكلم المؤذن!

وهل كل سكان العقار والعقارات المجاورة على شاكلة "الكاتب المذيع" علاقتهم بالمسجد تقتصر على سماع صوته دون أن يدخلوه؟!

لو كانت الإجابة: بنعم فلم إذن يلوم على "البواب" الخشن الصوت على حد تعبيره أنه تصدى لفرض الكفاية عليهم فرفع فيهم صوت الإسلام؟!

وحتى لو كان هذا البواب أو بواب آخر غيره، أو عم فلان الذي على المعاش على حد تعبير "الكاتب المتحرر" هم من يقومون بالإمامة والخطابة، فما ذنبهم وقد تولى من يظنون أنفسهم مثقفين: أيتركون المساجد شاغرة أم يغلقونها بالضبة والمفتاح، ويعيروا مكبراتها للمسارح المجاورة أم يتصدقوا بها على ساويرس وشيعته؟!

لقد سخر الكاتب من البسطاء الذين تأخذهم حميتهم الدينية فيؤذنون في شارع يسكنه "إبراهيم عيسى" وكأنهم هم يؤذنونون


الكاتب: أبو عائشة
التاريخ: 17/10/2009