ورطة بوش ..

 

قال الصحفي الإسرائيلي الشهير اليكس فيشمان في صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية ثمة
اعتقاد في وسائل الإعلام الأمريكية أمام جملة من الانتقادات الديمقراطية ضد بوش ضد
الحرب وضد شكل إدارة الأزمة في واشنطن السياسية يسود الإحساس انه حسم هذا الأسبوع مصير
الرئيس بوش فمهما كان عمله فان القصة العراقية ستورطه في الساحة الأمريكية الداخلية .
وإذا ما تذكرنا الانتخابات في نوفمبر 2004 فقد يكون هذا الأسبوع بدأ العد التنازلي نحو
نهاية رئاسة بوش.
نهض الرئيس بوش من نومه صباح يوم السبت قبل ثمانية أيام فاكتشف أن القوة الهائلة التي
ترابط في الخليج لم تؤدي إلى نهاية أي أزمة ؛صيغة رامسفيلد ـ خلق تهديد عسكري أمريكي في
الخليج سيكون كافيا لإنهاء الأزمة دون استخدام القوة ـ لم تجد نفعا أما صيغة باول التي
تحدثت عن الحاجة إلى خلق ائتلاف دولي ضد العراق كشرط لخطوة عسكرية فقد أثارت إحدى أعمق
الأزمات التي شهدتها الولايات المتحدة في علاقاتها مع أوروبا والناتو ومجلس الأمن بل ان
هذه الصيغة نجحت في أن تحشر في غضون عدة اشهر مسيرة الصدام بين الولايات المتحدة
وأوروبا والتي تنبأ الخبراء بوقوعها المحتمل بعد عقد من الزمان فقط وإذا كان هذا ليس
كافيا فان عبقرية السياسة الخارجية الأمريكية نجحت في خلق عناق حميم بين دول أوروبا
الغربية وروسيا هو السياق الذي لا يقبع حقا في أسس هذه السياسة الخارجية هذا الرئيس
الذي حول جهله في السياسة الخارجية والأمنية الي رمزه التجاري أتاح للاعبين البارزين في
إدارته وزير الدفاع ووزير الخارجية ان يدفعاه نحو زاوية الحرب التي لا مفر منها .
بوش نفسه حسب المحافل الجمهورية المقربة لم يكن راضيا عن قرار السير نحو الحرب فقد أراد
تصفية نظيفة لصدام: انقلاب هروب إلى ملجأ سياسي أو أي بديل آخر كان سيخرج منه كمنتصر
دون أن يتصدي لتعقيدات الحرب ولكن رامسفيلد أقنعه بأنه كلما كان التهديد العسكري حقيقيا
أكثر ازدادت الآمال لاختفاء الحاكم العراقي ولم ينته تردد بوش في شن الحرب إلا في 23
كانون الثاني [يناير] عندما ألقي خطابا عن حال الاتحاد وعندها أيضا واصل الأمل في أن
يتمكن من إنهاء القضية دون حرب ومن جهة أخرى نجح كولين باول في إقناع الرئيس بأن الحرب
الكونية ضد الإرهاب لا يمكنها ان تكون شأنا خاصا للإدارة الأمريكية وينبغي تنظيم ائتلاف
دولي واسع لإدارتها فقد انطلقت الولايات المتحدة علي هذا النحو إلى أفغانستان.
وها هو الرئيس بوش عشية الحرب في الدقيقة التسعين يجد نفسه عالقا أمام صدام مع صيغتين
انهارتا غير قادر علي البلع أو التقيؤ وكل خطوة يقوم بها اليوم ستكلفه ثمنا سياسيا
باهظا فإذا ما طوي ذيله وأبقي صدام علي حاله؟ مشكلة وإذا ما شرع في القتال بدون ائتلاف؟
سيبقي دون شراكة في المسؤولية عما سيحصل وكل فشل مهما كان طفيفا - حتى يجد الجميع
بانتظاره في الزاوية في أوروبا وفي أمريكا علي حد سواء.
الديمقراطيون في الولايات المتحدة يشمون ازمة بوش وحتي قبل اسبوع كانوا يعيشون الاحساس
بأن هذه الحرب وطنية جدا لدرجة انه لا يجوز الحديث ضدها .
الاستنتاج العملي لبوش من فشل الصيغتين هو انه لم يعد أمامه مفر فاذا كان لا يزال لديه
حفنة من الأمل للعودة الي انتخابه في العام 2004 فانها تكمن في ضربة عسكرية للعراق تكون
باهرة لدرجة تترك العالم برمته والناخبين الامريكيين منذهلين فاغري الأفواه وهذا رهان
من ناحية بوش ولكن هذا هو الرهان الوحيد الذي يمكنه ان ينقذه .
وعليه أغلب الظن ستكون الحرب ـ مع تقرير المفتشين وبدونه.
ولايستبعد المراقبون أن تهدف أمثال هذه التقارير من قبل صحف الكيان الصهيوني إلى حث
الرئيس الأمريكي بوش -والذي تمثل إعادة انتخابه فترة رئاسة ثانية إحدى أهم أهدافه
وأولوياته من هذه الحرب- تعجيل اتخاذ الإدارة الأمريكية قرارا عاجلا بضرب العراق وعدم
الاستجابة للضغوط الكثيرة التي تحول دون ذلك،وهذا المطلب الصهيوني بضرب العراق تعول
عليه حكومة الكيان الصهيوني كثيرا في تحقيق كثير من أهدافها العدوانية والتوسعية ووأد
انتفاضة الأقصى بل وربما هدم المسجد الأقصى

الكاتب: نوار العتيبي
التاريخ: 01/01/2007