وكنت اظنها ثورة ضد السيستاني ووكلاءه ؟!!

 

عبد الله الفقير

بالامس,عندما تناقلت وكالات الانباء اخبار المظاهرة التي اندلعت في البصرة,وعرضت لمشاهد المتظاهرين وهم يتجمعون حول مبنى المحافظة ويرمونها بالحجارة, تمنيت ان ادفن نفسي في اقرب حفرة او ان اصم اذني بكل جسدي حتى لا اسمع كلمات قالها احد الحضور مما شاهد معي المشهد عندما قال متسائلا:لماذا ثار اهل البصرة من اجل الكهرباء,ولم يثوروا على الاحتلال الذي عاث في ارضهم الفساد,هل الكهرباء اغلى عندهم من الوطن ؟؟؟.
كلمات بسيطة لكنها معبرة واليمة و"قاتلة" لمن كان له غيرة او القى السمع وهو شهيد,
لماذا لم نسمع لاهل البصرة مظاهرة واحدة تندد بالاحتلال الامريكي والبريطاني الذي احتل ديارهم ودمر حرثهم ونسلهم, وبث اليورانيوم المنضب في اجسادهم وجيناتهم حتى لوث بها ذرايتهم الى سابع جيل, رغم ان جميع الاعراف والاديان والتقاليد تدعوهم للثورة على المحتل وعملاءه ان لم يكن من باب "الجهاد" و"الواجب الشرعي", فمن اجل الغيرة والنخوة والوطنية !.
هل "الكهرباء" و"التكييف" و"الماء البارد" اهم من الاعراض والمباديء والقيم الاسلامية والانسانية ؟؟.
لو دخل دبور واحتل حفرة نملة,هل كنتم تظنون ان النمل سيسكت عن احتلال ذلك الدبور لحفرتهم؟؟.
قبل ايام رأيت في بيتنا سربا من النمل, تحرشت فيه عن عمد, فقامت نملة لا تكاد ترى فقرصتني من رجلي باستماتة, رفعتها ونظرت اليها ثم "فعصتها" باصابعي,
الم تكن تلك النملة تعرف بان هذا العملاق الذي يفوق حجمها الاف المرات قادر على ان يقتلها بنفخة؟؟,
وهل كانت تظن بان قرصتها لي سوف تثنيني عن مهاجمة قبيلتها؟؟,
لم ضحت بنفسها اذا؟؟,
ولم عرضت نفسها للموت بين اصابعي هكذا؟؟.
يقال ان اانسان "حيوان جغرافي", بمعنى انه مستعد للموت من اجل بقعته الجغرافية, فلم اذا سكت اهل البصرة عمن احتل بقعتهم الجغرافية وثاروا على من قطع عنهم "البسكويت"؟!!.
هل اصبح النمل افضل منهم؟؟.
لا تقاس القيم المادية بالقيم المعنوية,
فالفرق بينهما شاسع والبون واسع,عندما يقاتل الانسان من اجل القيم المادية يسمى "ماديا",او "شهوانيا", ويُقيّم اجتماعيا ضمن ادنى مقاييس التقييم البشري,فليس هنالك من ينظر باحترام الى من يقاتل من اجل المال ,ولهذا لا يحترم المرتزقة حتى ولو ماتوا في الحرب, ولهذا ايضا لا يوجد من يحترم عناصر الجيش العراقي الحالي لان الجميع يعلم بانهم انما تطوعوا للجيش من اجل الدولار والدرهم!!.
كما انه ليس هنالك من يقدر الانسان الذي يساعد انسان اخر من اجل ان يهبه بعض المال, مثلما لا تجد من يحترم الانسان السياسي او صاحب الدعوة او "العابد" الذي يعمل من اجل الراتب, ولهذا لا تجد من يقدر نواب البرلمان العراقي خصوصا بعدما تبين انهم حريصون على مكتسباتهم وامتيازاتهم اكثر من حرصهم على على أي شيء اخر!!.
في المقابل,
يمنح الناس اعلى درجات التقييم الاجتماعي لمن يضحي بنفسه من اجل قضية يؤمن بها حتى لو كانت تلك القضية خاطئة, ولهذا كان الناس يقدرون عاليا الطيارين اليابانيين الانتحاريين, وكذلك يقيم الناس عاليا كل الثوار الذين يموتون اثناء الثورة وقبل الانتصار,ولهذا قيم الناس جيفارا واعطوه من المكانة اعلى بعشرات المرات مما منحوه من تقييم لكاسترو,مع ان كاسترو كان هو القائد الفعلي للثورة وليس جيفارا!!.
ولهذا ايضا ورد في الحديث النبوي الشريف " ما من غازية ، أو سرية ، تغزو وتسلم ، إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم . وما من غازية ، أو سرية ، تخفق وتصاب إلا تم أجورهم", ومعنى الحديث ان اجر من غزى او "ثار" او "جاهد" ثم فشل او خسر المعركة او اصيب او "قتل" ولم يحض باي شيء من غنيمة النصر, اعلى ممن فاز وانتصر وغنم المغانم!,
ولهذا عندما يجاهد المسلمون الصادقون لا ينظرون الى النصر ,بل ينظرون الى صحة الهدف الذين يسعون اليه,ولهذا لا ييأس ولا يستكين ولا يهن الجهاد والمجاهدون عندما يصابون ببعض قادتهم,او عندما يخفقون في بعض معاركهم,ولعل ذلك هو السبب الذي جعل المجاهدون كتنظيم القاعدة واشباههم يستمرون على وتيرة واحدة من العمل الجهادي رغم كل ما يصيبهم من اخفاقات وخسائر لو اصاب عشرها غيرهم لاجلستهم في احضان امهاتهم يولولون الهزيمة ,كما فعل مقتدى عندما شن عليه المالكي صولته فذهب الى حضن امه في ايران يولول ويعلن في اليوم التالي "تجميد" جيش المهدي ومن ثم حله !!!.
وعلى هذا الاساس تقيم "ثورة" البصراويين الاخيرة من اجل الكهرباء!!,
ومن اجل هذا شعرنا بالخزي من هذه "الثورة" المخجلة التي اصابت قيمنا في مقتل قبل ان تؤذي وزير الكهرباء ومن وّزره!!.
فلو كانت ثورتهم ضد الاحتلال ,او ضد اغتصاب المعتقلين,او ضد الاحكام العرفية التي يحكمهم بها المالكي لهان الامر ولاستحقت ثورتهم الاحترام والتقدير,ولانضم اليها فقراء الارض ومضطهديها من مشرق الارض الى مغربها, لكن ان "يثوروا" من اجل الكهرباء والثلاجة و"البسكويت", فيما يقف الاحتلال بدباباته وطائراته وبوارجه على مسافة بضعة امتار يضحك على هؤلاء "الرعاع" الذي اشغلتهم هموم بطونهم عن احتلال دولتهم وسرقة خيراتها,
فذلك امر يستحق البكاء والعويل و"اللطم" فعلا!!.
قبل ايام,
انتشرت فضيحة وكيل السيستاني واشرطته الخلاعية في اصقاع المعمورة حتى اوشكت شركات الافلام الخلاعية ان تمنحه لقب افضل رجل "جنسي" في العالم!!,
ورغم فداحة هذه الفضيحة وبشاعتها ليس بحق مناف الناجي,ولا بحق السيستاني الذي وكله امره,ولا بحق الحوزة الشيعية التي يتراسها امثاله,ولكن بحق الاناس الذين سلموا امثاله اعراضهم ثم انتهكوها بهذا الشكل الفاضح والمخجل,وامام هذه الفضيحة التي مست غيرة وعرض كل شيعي تحديدا, فقد كنت اظن ان الشيعة الذين يرفعون يتبجحون بانهم يرفعون شعار "هيهات منا الذلة" ويتفذلكون به,كنت اظنهم سوف يخرجون في اليوم التالي بمظاهرات "مليارية" كالتي اعتادوا عليها مطالبين بمسح العار الذي لحق بشرفهم جراء ما اقترفه وكيل السيستاني باعراضهم وهم شاهدون.
وكنت اظن انهم في اليوم التالي سوف يثورون بوجه السيستاني وحوزته ,واننا سوف نسمع الاخبار تترى عن تعرض مكاتب السيستاني في محافظات الجنوب للتفجير والتدمير والحرق بسبب هذه الفضيحة التي اصابت الشيعة وغيرتهم بمقتل لا يشفى منه خصوصا عندما يرفعون شعار:
لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى......
حتى يراق على مشارفه الدم.
وكنت اظن ان السيستاني وامام ثورة العشائر الشيعية عليه جراء هذه الفضيحة,وبعد ان ينزع رؤوساء تلك العشائر "عكلهم" ويقسمون بانهم لن يلبسوها حتى ينتقموا لاعراضهم من السيستاني ووكلاءه, فانه سوف يطالب بانزال الحكم الاسلامي بحق وكيله , وان يحفر بيديه الحفرة التي سوف يرجمون بها مناف الناجي,باعتبار ان عقوبة الزاني المحصن (المتزوج) هي الرجم بالحجارة كما نصت عليها احكام الاسلام التي يعلم السيستاني شرعها.
او على الاقل كنت ساسمع ان السيستاني قد فرّ هاربا من العراق بعد ان ثار الشيعة عليه,او على الاقل الاقل ان يصطنع السيستاني خدعة كالتي ابتكرها قبل سبع سنوات, فيقرر السفر الى لندن بحجة العلاج بانتظار ان تمر عاصفة مناف الناجي دون ان تقتلع جذوره.
لكن,
وبدلا من كل هذا وذاك,
وجدنا الشيعة وبدلا من ان يثوروا من اجل اعراضهم التي انتهكها السيستاني ووكلاءه,
وبدلا من ان يثوروا ضد الامريكان واحتلالهم لاراضيهم,
وبدلا من ان يثوروا ضد ايران وقصفها لمدنهم,
وبدلا من ان يثوروا ضد المالكي و"لزكته" بالكرسي,
وجدناهم يثورون ضد وزير الكهرباء لان اجهزة التكييف التي اهداها اليهم البريطانيين والامريكان لم تعد تعمل!!. (كل القصة ان جلال الصغير كان قد تعاقد مع شركة صينية لتوريد مولدات كهربائية,وان وزير الكهرباء عارض تلك الصفقة,فثارت ثائرة الصغير عليه واجج الناس ضده!!,وقد فضحنا هذه القصة من قبل اشهر!).
انكم شعب ميت,
تلك حقيقة مؤلمة
لكن لا بد من ان تعترفوا بها,
ولا استبعد لشعب ميت مثلكم ان نسمع بعد ايام ان الشيعة قد قاموا بثورة عارمة ضد وزير الرياضة بسبب خسارة منتخب العراق النسوي لكرة الطائرة امام الفريق الياباني, في نفس الوقت الذي تتناقل وكالات الانباء خبرا عن قيام الامريكان والايرانيين بافتتاح مزاد علني لبيع اللحم العراقي الابيض "كل عشرة بالف"!!!.
والسلام عليكم

fakeerabd@yahoo.com


الكاتب: ابومحمد العراقي
التاريخ: 20/06/2010