إلى شيخنا المجاهد أحمد ياسين

 

إلى شيخنا المجاهد أحمد ياسين

قد يحدث أن تتقاصر الكلمات عن التعبير، وتتلكأ العبارات في الإفصاح عن المشاعر، لكن هل سمعتم يوماً بتقاصر المشاعر نفسها عن إدراك خفقان السرائر، هل سمعتم بذلك يوماً...

هل تدافعت في لحظة واحدة اختلاجات الفرح والسرور بأمواج الغضب والدعاء بالثبور، هل تدافعت في صدرك انفعالات الفرح لتصطدم بنداءات الثأر وشفاء الصدور، هل فرحت بنجاةٍ من الموت لتتحنط من جديد وتلحق بمن في القبور، قل لي بربك إذاً كيف يكون التعبير عن النفس أم كيف يكون هذا الشعور...

لعل مثلي يخجل أن يذكر أمثال شيخنا المجاهد لكن نفسي ما ترددت لحظةً في انفعالها، أحبك يا شيخ لا لشيءٍ إلا لهذا الدين، نعم أحبك في الله يا شيخنا أحمد ياسين؛ أحبك لأن في هذه الأمة ملايين المغفلين، يظنون أنك هَرِمً مُقعدٌ وما دَرَوا أنهم أليق بوصف المقعدين، فليس القاعد مَن حَبَسه جسده ولكن القواعدَ من الخالفين، رضوا أن يكونوا مع المرضى أعني مرضى القلوب المنافقين ...

علمني يا شيخ إذاً كيف استطعت أن تحب القدس والمسجد الأقصى وتحمل في قلبك همَّ فلسطين، علمني كيف أنشأت الكتائب وكيف صنعت أحفاد عز الدين، علمني كيف تستحيل أرحام نسائنا مصانع للاستشهاديين، علمني ففي عروقي دماءٌ تكاد تنفجر تبحث عن منفذٍ إلى فلسطين...
قل لي يا شيخ أحمد حين اجتمعت مع المجاهد هَنية، هل كنتم تضعون خارطة الطريق لكوكبةٍ استشهادية، أم كنتم تكتبون برقية عزاء إلى حكام الجامعة العربية، هل خطر لك حينها أنكم ربما تكونون هدفاً لعملية إجرامية ، وأن من قتلوا بالأمس الأنبياء لا يمنعهم اليوم أن تكون أنت الضحية...

أما أنت يا فلسطين فلك عندي ألف سؤال وسؤال، ترى لو وُفِّق الشيخ للشهادة يوماً هل ستضيع بعده الأجيال، سؤال أسأله على خجل واستحياء، أسطره لشهادة التاريخ وإلا فجوابه مكتوب بالدماء، فأشلاء بنيك وبناتك من المجاهدين والمجاهدات، ناطقةٌ بالجواب كلا ولو بعد مئات السنوات، ففلسطين ليست – خسئوا – قضيةً قومية، وليست إرثاً للسلطة ولا للجامعة العربية، فلسطين شأنها شأن العراق أفغانستان كشمير بلقان وأمثالها كلها قضايا إسلامية، فمهما استشهد اليوم منك فمنا أجيالٌ ترقب يوم المنية، سنلحق بالركب كلنا ركب ياسين وإسماعيل هنية...

وبعد أيها الشيخ المجاهد كم تمنيت أن أكون إلى جوارك أمسح جرحك بل جرح فلسطين، وأنظر إلى عينيك البارزتين في جبينك الأغر، أتدري لماذا ؟ لأني أحب فيه ملامح العزة الإسلامية، أحب فيه ملامح القوة العُمَرية، أحب فيه خذلان ثلة النفاق العربية، أصحاب القرارات والشجب والمواقف النسوية، يصيحون يتبرمون وعلى عتبات أمريكا يتهافتون صرعى، وما علموا أن النائحة المستأجرة لم تكن يوماً كالنائحة الثكلى...
شيخنا المجاهد؛ وقفةَ إجلال نقفها على خجل لنقول بل لنبشر الأمة الإسلامية بأسرها أن طالما في الأمة من يُرهب الله تعالى به العدو وهو حبيس جسده يزلزل أقدامهم ويُصدِّع قلوبهم بقول الله أكبر فنحن بخير، وما علينا إلا أن نشتغل بصناعة أحمد ياسين آخر ويحي عياش آخر ومحمود أبو هنود آخر وإسماعيل أبو شنب آخر،

وليس الأمر حكراً على فلسطين، بل نريد خطّاب آخر وعبد الله عزام آخر والعلامة الشعيبي آخر وملا عمر آخر وأسامة آخر وممن لم نذكر ممن عرفنا أم لم نعرف فما يضرهم ذلك بشيء فالله تعالى يعرفهم بأسمائهم وأعيانهم وشخوصهم وكلومهم يوم تثعب دم المسك يوم القيامة ولا نزكي على الله أحداً؛ فإلى الشهداء في كل مكان وفي كل زمان: نحن معكم، ولسوف ترون إن شاء الله ما يسركم بعزِّ عزيز وذل ذليل، عزاً يعز به الإسلام وأهله وذلاً يذل به الكفر وأهله، وإني داعٍ فقولوا آمين؛ جزاك الله عنا خيراً يا شيخنا أحمد ياسين ....

الكاتب: د. وسيم فتح الله
التاريخ: 01/01/2007