الواقع الأمريكي أزمة سياسية أم طغيان هيمنة .

 

الواقع الأمريكي أزمة سياسية أم طغيان هيمنة
بقلم رمضان عمـــــر

فوجئ العالم بفسطاطيه : الإسلامي الأصولي والغربي العلماني، بقرار وزارة الداخلية العراقية المربك والمثير للجدل على خلفية إغلاق مكاتب قناة الجزيرة في بغداد ، ولم تستطع وسائل الإعلام \" التنويرية \" في عصر الانفتاح الإعلامي أن تبرر هذه الخطوة الغريبة التي فتحت تساؤلات جليلة الشأن أمام عدسات المراقبة الإعلامية ؛ تلك العدسات التي سمحت لمقاييسها الإعلامية أن تغط في سبات عميق عبر عقود خلت؛

زاعمة أو متوهمة أن الغرب كله حرية وانفتاح ، وان العصبية القبلية لا تنبع إلا من بطون قحطان، ومضارب عدنان فتماهت مع الغرب، وسارت في فلكه السابح مرددة ما يقول : ومتبنية كل ما يطرح .

وقد تجلى ذلك بوضوح في ماهية اختراق الإعلام الصهيو- امريكي لمعظم وسائل الإعلام العالمية بما في ذلك قناة الجزيرة والعربية موضوع بحثنا في هذه المقالة ولا اقل دلالة على ذلك من إبراز خارطة دولة اسرائيل في قناة الجزيرة بدلا من فلسطين التاريخية الإسلامية \"فأصبحت تسمع وترى من على منابر الجزيرة والعربية والإخبارية .............

..كافة المصطلحات المفروضة من الغرب المهيمن- كما هي دون تحديث أو تغير- فعلى سبيل المثال لا الحصر تجدك تسمع من الجزيرة والعربية مصطلحات الإرهاب والعنف والأصولية والتطرف دون أقواس لتدل هذه المصطلحات على ذات المدلول الذي دلت عليه الوكالات الغربية العملاقة ذات النفس الصهيوني ك بي بي سي و السي أن أن .

إذا هل كانت علة إغلاق مكاتب الجزيرة في بغداد تدلل على تمايز في نقل المعلومة لدى قناة الجزيرة لصالح المقاومة ؟ وهل حقا مثلت الجزيرة منبرا منحازا للمقاومين فحملت صوتهم وهمهم ؟ لن أجيب بلا !ولن أجيب بنعم أيضا , بل سأنحرف بالإجابة نحو مربع أخر، يتجاوز حدود التعليل السطحي في إغلاق قناة عربية مهنية صرفة تنحاز للخبر جملة وتفصيلا .

أقول إن تجربة الهيمنة الاختراقية في شؤون المنطقة الشرق أوسطية من خلال المخططات الصهيو-امريكية الرامية إلى تفريغ المنطقة من واقعها الجغرافي والتاريخي وإقامة الشرق الأوسطي الكبير أو الدولة العبرية الكبيرة من خلال آلتي الإجرام : الاجرام القمعي والتضليل الإعلامي- بناءا على رؤية خرافية وهمية دجنتها مصطلحات الإصلاح والحرية والديمقراطية .

أقول إن المؤسسة الأمنية الأمريكية الموجهة إسرائيليا لم تنجح في توصيف طبيعة المعركة التي رفعت لها شعارا\" الحرب ضد الإرهاب\" فكان البون شاسعا بين وكالتي الإعلام والتضليل من جهة والوكالة الحربية العسكرية من جهة ثانية ؛ فمن الناحية العملية مرغ أنف الكاوبوي في فالوجة الإسلام وهندوكوش التمرد الافغاني في نبوءات التاريخ او قرن التيس الجبلي في مصطلحات الشهيد العملاق عبدالله عزا -رحمه الله -

وأصبحت صورة رامبو هيلوود الاسطورية خرافة هستيرية أمام غلمان جلال أباد والنجف والكاظمية ، ومن هنا لم تعد هناك قدرة للتوفيق بين هذين الجناحين المتحطمين على صخرات الصمود بين نهري جيحون العمق الاسلامي ودجلة التاريخ والحضارة ؛ مما حدا بهذا الثور الطفيلي أن يهيج و يتخبط خبط عشواء؛ فتارة تجده يطرد أحمد الشلبي وتارة أخرى يوجه سهامه إلى إيران أما أخر فلتاته المضحكة فهو مع قناة الجزيرة؛ لأنه لم يعد قادرا على سماع أي صوت يشير للأخر ولو بالوجود؛ فهو غارق في وحله الزلق ، متخبط في مسيرته الهوجاء ، لا ينظر لمستقبله بعين السياسة كما اوهمنا المنظرون بل يقامر بعد خسارة، ويسقط أخر ورقة للتوت فوق تابوته السابح على بركان المقاومة.

هذا التخبط السياسي الأمريكي دليل واضح على ترجمة التصور التاريخي لاخر الامبروطريات الضلالية في الانهيار كما يرى صاحب كتاب \"انهيار الغرب\" نعم ، ان لحظة الانحدار نحو الهاوية قد بدأت، وأن نقطة التحول في ميزان العلاقات الدولية قد انحسمت في غير صالحه. ومن هنا، فلا حاجة للتشبث بمصطلحات الديمقراطية والحرية والإصلاح فالقضية وجوده أو عدمه .

رمضان عمر

الكاتب: رمضان عمـــــــر
التاريخ: 01/01/2007