الأمانة

 

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده لا شريك له و الصلاة و السلام على سيد الأنام محمد و على آله و صحبه و سلم و لمن أتبعه بإحسان

أما بعد


الأمانه بها بدأ الكون و بها ينتهي هي العبودية الحقة لله تعالى حيث أمر الله بها امتزجت مع الإخلاص الذي هو أساس قبول العمل و صعدوه بالسماء و إن هدمت هدم الكون بأكمله و نقصت الأعمال قال الله تعالى( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) إنها الآمانه التي أرقت الصالحين و أبعدتهم عن مضاجعهم فقد كان أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كان شديد الخوف و الخشية من الله قد فرق بدنه و نفسه للناس فكان يقعد لحوائجهم يومه , فإذا أمسى و عليه بقية لحوائجهم , دعا بمصباح كان يستصبح به من ماله , ثم صلى ركعتين , ثم أقعى واضعا يده تحته ذقنه تسيل دموعه على خده , فلم يزل كذلك حتى برق الفجر , فأصبح صائما فتقول له زوجته يا أمير المؤمنين ! لشيء ما كان منك ما رأيت الليلة
فيقول : أجل إنما وجدتني وليت أمر هذه الأمة فذكرت الغريب الضائع ,و الفقير الجائع , و الأسير المقهور , و أشباههم في أطراف الارض
فعلمت أن الله تعالى سائلي عنهم , و أن محمد صلى الله عليه و سلم حجيجي فيهم فخفت أن لا يثبت لي عند الله عذر , ولا يقوم لي مع محمد صلى الله عليه و سلم حجة فخفت على نفسي .
هذه هي الأمانه التي قد أرخصها البعض و غفل عنها لاهيا بالدنيا و ملذاتها و شهواتها يبتغي عرضا زائلا منها و رفعة فكل عمل لم يدخل به إخلاص ولا أمانة هدم و ذهب هباء منثورا قال الحق تبارك و تعالى( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) بينت الآية الكريمة أهمية الإخلاص لله تعالى وحده دون سواه و طلب الرفعة و السمعة من أحد غيره فهو المرجوا المتفضل علينا بالنعم فلا نصلي إلا لطلب عفوه و مرضاته و نحياه لإعمار الكون و عبادته ولا نطلب الموت إلا في سبيله فكل أعمالنا خالصة له دون سواه , فكم هناك من سعى لعلم ووجه لغيرة و كم هناك من دمعت عيناه بالسجود و أمتزجت دموعه من أجل رفعة و ذكر بين الناس و نسي إنه هناك ربا يعرف سره و نجواه , فقال الحق تبارك في آياته ( إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) هذا هو القلب الذي قد ذكره الله تعالى بآيته الخالي من الخيانه و الرياء و الشهوات و حب الدنيا و إنما قلبا نقيا سليما يبتغي رضا الله و الفوز بالجنة فمن وفقه الله تعالى و قبل عمله فتحت له أبواب السماء و جعل الله له نورا من نوره و فضلا من فضله و هذا جزاء من اتبع سبيله و له الفضل العظيم و جعلنا ممن يتبع الحديث أحسنة و آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين


الكاتب: لطيفة
التاريخ: 25/02/2010