مقال أعجبني ..

 

!

أما آن للقلم أن يكفَّ وللقرطاس أن يطوى ؟!
جولة في حاضر أفغانستان
مولوي حفيظ الله شنواري ـ أفغانستان

تلك الأنشودة التي يشدو المسلم بأنغامها لما تحمل في معانيها من عبر وعظات لأنها أنشودة
امتزجت فيها الدماء بالكلمات ورسمت خطوطها ببطولات ما زالت تنقش في خارطة الزمان
والتاريخ حاضرا وستقبلا ، مازال التاريخ يسير فيها يسجل ويدون الأحداث العظام ، ما زال
التاريخ يكتب عن رجال بسطاء فقراء في الدنيا ولكنهم أغنياء بالإيمان..
كتب القلم من قبل وسطر في القرطاس حكايات وأمجادا ، وعندما أراد القلم أن يتوقف
والقرطاس أن يطوى أبى الأفغان إلا أن يبقى ويعود كما كان..
يسطر ويدوّن ماذا سيفعل الأفغان بعباد الصلبان.
دخل الأمريكان أفغانستان وعاثوا في الأرض فسادا وحاربوا الفضيلة ونشروا الرذيلة باسم
التقدم والازدهار : قهروا الشعب وأقاموا السجون والمعتقلات وقتلوا النساء والأطفال باسم
محاربة الإرهاب..
نشروا الرعب والخوف والسرقة وقطع الطريق باسم الديمقراطية وحرية الأفراد.
فمن يتتبع الأخبار يرى كيف ذهب الأمن والاستقرار بذهاب وانسحاب قوات الإمارة الإسلامية
ومجيء القوات النصرانية، فأصبح خطف البنات من بيوتهنّ بقوة السلاح في ولاية أورزجان بعد
المغرب ظاهرة يعاني منها شرفاء المدينة.. والذين يقومون به بعض القادة المحليين ممن
قالت عنهم أمريكا إنهم حماة الديمقراطية!!
وفي ولاية بغلان لا يستطيع أصحاب السيارات التحرك بسياراتهم بعد صلاة العصر لأنهم
سيكونون محظوظين إذا لم يقتلوا وسلبت منهم سياراتهم فقط .!
وفي نفس الولاية فرَّ مدير فرع البنك الوطني بمبلغ مائة مليار أفغاني واختفى.
أما إذا كنت مسافرا من جلال آباد إلى كابل فسوف تخطئ في عدّ وحساب البوابات المنتشرة
على الطريق لإخذ الإتاوات.
وفي الشمال تقوم على قدم وساق حملة تطهير عرقي ضد البشتون لإجبارهم على ترك أراضيهم في
الولايات الشمالية.
أما كابل العاصمة ومعقل قوات حفظ السلام الدولية ومعقل القوات الأمريكية فحدث ولا حرج
عن الانفجارات والاغتيالات وضحايا الاغتصاب وخطف الأطفال وإذا كان هذا في كابل فما بلك
ببقية البلاد.
جاء كل هذا الشر بمجيء النصارى ومن حالفهم من أصحاب الشمال، بقوتهم وطيرانهم وجيوشهم
وخططهم العسكرية من عملية آلا كوندا إلى غيرها من المسميات والحيل والمؤامرات ولكن كل
هذا ما كان ليمنع القلم ويطوي القرطاس في بلاد الأفغان.
فمن مدينة خوست حيث يقوم المجاهدون بمعدل ثلاث مرات أسبوعيا بقصف مطارها من عدة
اتجاهات، حتى إني شاهدت في زيارتي الأخيرة للمجاهدين، وفي أثناء عملية ترصد على المطار
من أحد الجبال المطلة عليه شاهدت أحد المجاهدين كان يقوم بتصوير المطار، وبينما هو فوق
الجبل يصور إذ سمع صوت صواريخ قادمة من جهة أخرى وما هي إلا ثوان ودوّى الانفجار بفعل
تلك الصواريخ، وحدثني صديقي المجاهد (وشاهدت بنفسي الصور بعد ذلك): أنهم كانوا يعدّون
لعملية على المطار فإذا بالمطار يقصف من جهة أخرى من مجاهدين آخرين ، فقلت له ويل
أمريكا فقد بدأ الأفغان يتحدون ضدها.
أما عن صبر المجاهدين فحدث ولا حرج فكما خرجت روسيا بصبر المجاهدين سابقا فستخرج أمريكا
كذلك إن شاء الله، وقد شاهدت بنفسي عملية نقل صواريخ صقر 20 التي يبلغ طول الواحد منها
أكثر من المترين يحمل كل صاروخ شخصان على الأكتاف ساروا بهم ما بين ستة وسبعة ساعات على
الأقدام في الجبال في شهر رمضان وكانوا صياما، حتى أوصلوها إلى قمة جبل تطل على مطار
خوست ، وكان عدد الصواريخ خمسة صواريخ..
فأي عزيمة هذه وأي صبر هذا الذي يجعل هؤلاء الرجال يتحملون هذا العناء والتعب من أجل
رمي خمسة صواريخ قد تصيب أهدافها وقد تخطيء ؟!
أليس من حق القلم ألا يتوقف عن الكتابة ومن حق القرطاس أن يرفض أن يطوى، ويأبي إلا
ليدون ويسجل للتاريخ هذه الأحداث العظام ..
أما عن إخواننا الطلبة نصرهم الله فقد يسر الله لهم ترتيب أمورهم فبعد تعيين نائبٍ
لأمير المؤمنين عقدت شورى الطلبة قبل ثلاث أسابيع في مكان سري وبصورة سرية حيث وزعت
المهام وحمل الأفراد التكاليف ووضعت الخطط وقسمت مناطق القتال على القيادات العسكرية..
وبإذن الله تعالى خلال الشهر أو الشهرين القادمين سيسمع المسلمون والعالم بالأحداث
العظام والعمليات الكبيرة على عباد الصليب ومن حالفهم.
والمتتبع للأحداث يلاحظ ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية حتى إنهم
بدأوا انسحابهم من عدة قواعد حدودية مثل قاعدة \"لاورا\" و\"بيرمل\" في ولاية \"بكتيا\"
بعد تعرضهم لهجمات عديدة أسفرت عن خسائر كثيرة فيهم .
أما عن عمليات البيع والشراء فقد شاهدت بنفسي وأمام عيني أناساً في حكومة كرزاي يعرضون
خدماتهم على المجاهدين مقابل مبلغ من المال للقضاء على كبار رؤوس النظام ، ووالله لولا
الأمانة وضرورة السرية لقدمت أسماء الشخصيات التي هي الآن في متناول المجاهدين للقضاء
عليهم أو تحت التخطيط للقضاء عليهم..
وهذا يظهر مدى هشاشة هذا النظام العميل ومدى كره الناس له حتى الذين يعملون معه. وليس
أدل على ذلك من أن رئيس الحكومة كرزاي لم يجد في الشعب الأفغاني بملايينه العشرين في
يثق فيه لكي يضعه على حراسته فاستنجد بالقوات الأمريكية لتوفر له حراسة شخصية..
فأي حق هذا الذي يفرض على الناس حاكما لا يجد من يحرسه من شعبه الذي يحكمه.
أما بالنسبة لعموم الشعب الأفغاني فقد بدأ يقدم ويضحّي من أجل هذا الدين كعادته.
فمن تلك المرأة التي قتلت اثنين من الأمريكان في خوست ، إلى ذلك العجوز الذي رمى قنابله
على الأمريكان في كابل، مرورا بذلك الشاب الصغير في مدينة بيرمل الحدودية الذي فتح
رشاشه على سيارة دورية ، وبين ذلك وهذا مئات وآلاف من الشباب المتوقد والمتحمس للجهاد
والذي يستعد الآن للدخول في المعارك قريبا.
ومن هذه الأحداث يحق لنا أن يقول ويح أمريكا لقد بدأت أرجلها تغوص في بحر الرمال
المتحركة في أفغانستان وها هي تزداد غوصا كلما تحركت، وسيأتي اليوم الذي تجد نفسها تبحث
عن حل للخروج بماء الوجه كما فعلت روسيا من قبل..
وإن ذلك لقريب بإذن الله وما ذلك على الله بعزيز .

الكاتب: مشعل بن حراب
التاريخ: 01/01/2007