وثائق ويكيليكس تفضح الموظف الأمريكي أحمد زويل مبعوث أوباما |
|
وثائق ويكيليكس تفضح الموظف الأمريكي أحمد زويل مبعوث أوباما
9/25/2012
د.سهام نصار :
أدت عودة د.أحمد زويل إلى مصر أثناء الثورة وسعيه إلى إنشاء مدينة زويل العلمية، وإصراره على أن يكون لهذه المدينة قانونها الخاص الذى لا يجعلها تخضع لإشراف الدولة إلى إثارة تساؤلات كثيرة ومواقف متناقضة.. البعض صدق أن احمد زويل يعود بنية خالصة لخدمة التعليم والبحث العلمى فى مصر، والبعض الآخر أبدى شكوكه فى تلك العودة بعد أن أمضى زويل نحو 45 عاما من عمره فى الولايات المتحدة، لم يقدم خلالها أى خدمات لمصر، بل يتردد انه لم يستجيب لطلب وزارة التعليم العالى والبحث العلمى بإلحاق بعض الباحثين المصريين للدراسة بالجامعة التى يعمل بها هناك.
و مؤخرا سرب موقع ويكيلكس 16 وثيقة سرية- وصفت خمسة منها بأنها حساسة senstive- تم تبادلها بين السفارات الأمريكية فى القاهرة وأنقرة وعمان وبيروت ووزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض- ونشرت إحداها صحيفة ديلى تلجراف الشهر الحالى- وإذا أضفنا إلى تلك الوثائق المقال الذى نشره د.أحمد زويل فى صحيفة لوس أنجيلوس تايمز يوم 19 أغسطس الحالى، لاتضح لنا حقيقة الدور الذى يقوم به احمد زويل فى مصر والشرق الأوسط لصالح السياسة الأمريكية، التى تستهدف تسخير موارد مصر المالية وعقول أبنائها لخدمة مشاريع البحث العلمى والتكنولوجيا الأمريكية.
إعداد المسرح لزويل
تذكر برقية سربها موقع ويكيليكس مرسلة من السفيرة الأمريكية بالقاهرة إلى وزارة الخارجية الأمريكية و إلى البيت الأبيض بتاريخ 30 ديسمبر 2009 تحت عنوان "إعداد المسرح للمبعوث العلمى زويل" جاء فيها: "د.زويل.. نرحب بحرارة بعودتكم إلى مصر.. لقد عملنا بنجاح مع الحكومة المصرية بشأن التعاون العلمى والتكنولوجى الذى يعد مكونا مهما لعلاقاتنا الثنائية.. رحلتك الأولى إلى مصر كمبعوث علمى سوف تتيح للولايات المتحدة التأكيد على أهمية هذا التعاون، وسوف
تناقش خلالها سبل دعم برنامجنا العلمى فى مصر، وكذلك الوصول إلى طلاب العلوم والخريجين، فهذا هدف رئيسى حدده الرئيس أوباما فى خطابه بالقاهرة.. لقد طلبنا تحديد مواعيد لك لمقابلة الرئيس مبارك، وأحمد نظيف رئيس الوزراء، ورشيد رشيد وزير التجارة، والمشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع، وطارق كامل وزير الاتصالات، وهانى هلال وزير التعليم العالى".
أهداف دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا
وبالعودة إلى المصادر الأمريكية يتبين أن الإدارة الأمريكية أوفدت أحمد زويل إلى مصر، ولبنان، والأردن، وتركيا كمبعوث علمى إلى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى مبعوثين اثنين آخرين تم إيفادهما إلى دول اسلامية أخرى، فى إطار توجه جديد للإدارة الأمريكية جاء مع بداية صيف 2009 فيما يعرف باسم "دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا"، التى صدرت بشأنها توصيات وقرارات من مجلسى النواب الشيوخ الأمريكيين.
ويبدو أن الأزمة الاقتصادية العالمية التى ألقت بظلالها على الولايات المتحدة، دفعت واشنطون إلى تبنى دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا من أجل خلق شراكات مع الدول الأخرى فى العالم، يتم من خلالها تحقيق المصالح الأمريكية، اذ يكشف Russ Carnahan عضو لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب الأمريكى، وعضو سابق بلجنة العلوم بالمجلس أن تشريعا صدر من الكونجرس بإنشاء المجلس القومى للعلوم والتكنولوجيا، يتبع مكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا بالبيت الأبيض، ليقوم بالتنسيق وتحديد إستراتيجية الهيئات الأمريكية المعنية بهذا الشأن، بحيث تدعم هذه الإستراتيجية مشروعات العلوم والتكنولوجيا الأمريكية، وتقوم بتحسين الاقتصاد والأمن القومى، وتعزز أهداف السياسة الخارجية الأمريكية، وتضمن استخداما جيدا للموارد، فضلا عن الاشتراك فى مواجهة التحديات الدولية، ودعم قدرة الولايات المتحدة على التقدم والمنافسة من أجل فرص للتقدم الاقتصادي، وتحسين الأمن والاستقرار داخليا وخارجيا.
ويقول روس أنه تم خلق برنامج أبحاث جديد يشارك فيه باحثون من الولايات المتحدة ودول العالم النامى لحل المشكلات والتحديات العالمية التى يواجهها جيلنا ومن بينها انتشار أسلحة الدمار الشامل ونقص الغذاء، وتلوث المحيطات، والأمراض المقاومة للدواء، والاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة. ويشجع هذا البرنامج العلماء الأمريكيين على أن يصبحوا جزءا من الجهود الدبلوماسية الأمريكية، فقد تم تعيين علماء أمريكيين محترمين ليقوموا بخدمة الدبلوماسية الأمريكية من خلال جولات قصيرة فى الخارج.
وكشف أحد الأعضاء فى الكونجرس أن الشراكة فى العلوم والتكنولوجيا لن تؤدى فقط الى تحسين الأمن القومى الأمريكى، والرخاء الاقتصادى، ولكن التكنولوجيا الجديدة والملكيات الفكرية ستدعم التقدم العلمى للولايات المتحد، فضلا عن أن مشاركة المعرفة والخبرة والموارد يؤدى إلى رواج اقتصادي وتقدم اجتماعي ويساهم فى تحقيق السلام والأمن، ويساعد الدول المتقدمة على دعم قوتها الناعمة، وتحسين صورتها لدى الدول النامية، خصوصا لولايات المتحدة التى واجهت صورتها هبوطا حادا فى العالم منذ 11 سبتمبر.
ويرى أنصار دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا أن التعليم هو الطريق الأساس لتحقيق هذه الشراكة، وفيما يتعلق بالتمويل يرون أن العلوم تحصل على تمويل أفضل مما تحصل عليه الثقافة، نظرا لأن تأثيرها مباشر، ولذلك ستكون الحكومات أكثر استعدادا وموافقة للدخول في الشراكة، كما أن
المبعوثين العلميين سيقيمون شراكة مع مؤسسات متعددة، ومنظمات غير حكومية، وشركات قطاع خاص وغيرها، وأوضحوا أن التبادل التكنولوجى سوف يتجنب القضايا الجدلية مثل الطاقة النووية، وسيركز على موضوعات أخرى مثل البيئة والصحة والزراعة.
وإذا عدنا إلى الوثائق التى سربها موقع ويكيليكس سنجد أن البرقية المشار اليه آنفا تذكر أن هيئة المعونة الأمريكية تقوم بتصميم برنامج مدارس العلوم فى مصر، لزيادة اهتمام الطلاب بالعلوم والحساب وزيادة قدرتهم على الانجاز، وأن البرنامج سيعتبر المدارس ابتداء من المستوى 7-12 مراكز تميز، بما يتيح مساعدة الطلاب الموهوبين على تنمية المهارات المطلوبة لمواصلة دراستهم فى تخصص العلوم والرياضيات، ولاشك أن ذلك يدخل فى اطار إعداد الشباب المصريين النابغين لتحقيق أهداف دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا.
زويل والأهداف الأمريكية
الأمر الذى لا يدركه كثير من المصرين أن أحمد زويل جاء الى مصر والشرق لأوسط بوصفه عالما أمريكيا، ومبعوثا علميا للحكومة الأمريكية، لتحقيق أهداف دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا، وليس للنهوض بالتعليم والبحث العلمى فى مصر، والدليل على ذلك أن البرقية الثانية المرسلة من السفيرة الأمريكية بالقاهرة الى واشنطون فى 18 يناير 2010 والتى سربها موقع ويكيليكس ونشرتها صحيفة ديلى تليجراف كانت بعنوان " المبعوث العلمى زويل يختتم زيارة أولى ناجحة للقاهرة"، قالت فيها السفيرة سكوبى أن أحمد زويل أحد ثلاثة مبعوثين أعلنتهم الوزيرة كلينتون فى نوفمبر 2009 زار القاهرة فى الفترة من 10-12 يناير حيث التقى بأحمد نظيف رئيس الوزراء، والمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، ومحمد حسين طنطاوى وزير الدفاع، لتحديد كيف تدعم الولايات المتحدة مصر فى تنفيذ مبادرات علمية وتكنولوجية.
وعلى الرغم من مما ذكرته سكوبى فى الفقرة السابقة من أن زويل التقى بالمسئولين المشار اليهم لبحث كيفية دعم الولايات المتحدة مصر فى تنفيذ مبادرات علمية وتكنولوجية، فانها سرعان ما كشفت فى الفقرة التالية عن أهداف الزيارة، فذكرت تحت عنوان "الحكومة المصرية تتعهد بالدعم" أن أحمد زويل أحاط أحمد نظيف فى اجتماعه معه يوم 10 يناير علما عن هدف مبعوث الرئيس أوباما، مركزا على الرغبة فى تحديد فرص لشراكة جديدة فى العلوم والتكنولوجيا بما فيها الرياضيات والهندسة والصحة والطاقة وبحوث تغير المناخ والتكنولوجيا الخضراء، وقد رحب نظيف بتعيين زويل مبعوثا علميا للرئيس أوباما، وأشار الى ان برامج العلوم والطاقة يمكن أن تعمل كدبلوماسية مهمة، وأن تكون أدوات تنمية تشمل الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل مصر ودول منطقة الشرق الأوسط، وناشد نظيف زويل العمل بسرعة من أجل تحديد أفضل الوسائل للتقدم نحو الأمام، وأعرب عن الرغبة فى الوصول الى نتائج ملموسة بأسرع وقت ممكن بقوله:" لانريد أن ننتظر يونيو آخر"- فى إشارة إلى خطاب أوباما فى جامعة القاهرة عام 2009.
والتقى زويل مع أعضاء المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا- وهو هيئة استشارية برئاسة رئيس الوزراء ويجتمع كل ثلاثة أشهر لتحديد الأولويات العلمية والتكنولوجية للبلاد- وقد اجتمع المجلس خصيصا من أجل زيارة زويل، ودعا ثمانية وزراء للحضور ( وهم وزراء التعليم العالى، والبحث العلمى، والاتصالات، والكهرباء، والرى، والانتاج الحربى) وكذلك بعض الشخصيات البارزة من الهيئات الأكاديمية، وقطاع الأعمال
وقد أشار وزراء مختلفون الى المشكلات العديدة التى تواجه مصر وأهمها: زيادة السكان، ونضال نظام التعليم، والنقص فى قوة العمل الماهرة. ورحب المجلس باقتراح زويل بالعمل معا لوضع مبادرات جديدة تركز على التعليم والعلوم والتكنولوجيا، وناقش زويل أيضا مفهوم مراكز التميز، وشجع المركز على متابعة هذه الفكرة.
وبانتهاء الاجتماع وعد نظيف بتشكيل مجموعة عمل من وزارات مختلفة، لبحث الأولويات العلمية والتكنولوجية، ودراسة كيفية مساهمة مصر فى مشروعات مشتركة، ودعا زويل للعودة لتقديم الدعم لمجموعة العمل. وهكذا كان أحمد نظيف متعاونا الى أقصى درجة مع المبعوث الأمريكى أحمد زويل مما يدحض ادعاءاته عن ممارسة النظام السابق الاضطهاد ضده.
وتذكر سكوبى أن زويل اجتمع مع المشير طنطاوى يوم 11 يناير، حيث أشار زويل الى الدور المهم للبحث العسكرى الأمريكى فى تقديم التكنولوجيا والمعرفة للاستخدام المدنى. ووجه زويل الشكر لطنطاوى وطلب منه الاشتراك فى مجموعة عمل المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، ولتحديد مجالات النعاون المحتملة، وقد وافق طنطاوى وأعلن أنه سيفعل ذلك من أجل العلاقة الطويلة والناجحة بين الجيشين المصرى والأمريكى.
وفى 12 يناير أقامت غرفة التجارة الأمريكية فى مصر إفطار عمل حضره نحو 550 شخص، وتحدث فيه زويل عن دور القطاع الخاص فى قيادة الشراكة فى العلوم والتكنولوجيا بين مصر والولايات المتحدة. وشرح زويل أن أن مشكلة مصر الأساسية تكمن فى تطوير نظام التعليم العام، وخصوصا فى المرحلتين الابتدائية والثانوية، وأكد على أهمية ايجاد بيئة تكافئ على القيام بالمخاطرة والابتكار العلمى.. وأضاف أن مصر لا تحتاج الى مبانى أو مؤسسات جديدة لتحقيق نجاح علمى وفكرى، بل ان الأكثر أهمية هو خلق المناخ الفكرى السليم، وزيادة مالدى البلاد من علماء ومهندسين، لتحسين الكفاءة العلمية والتكنولوجية للبلاد، ومهارات تدريبية لخريجى الجامعات، لأن هذا هو ما سيؤدى الى تنمية الابتكارات، وتتناقض تصريحاته هذه مع محاولته انشاء مدينة علمية تحمل اسمه، بالرغم من اعترافه بأن مصر ليست بحاجة الى منشآت علمية جديدة.
وأوضحت السفيرة أنه بعد أن يقوم زويل بزيارات لتركيا ولبنان والأردن سيعود الى مصر يوم 24 يناير، للالتقاء مع احمد نظيف رئيس الوزراء للاطلاع على الخطوات التى اتخذتها مجموعة العمل لتحقيق الشراكة العلمية والتكنولوجية مع الولايات المتحدة.
واختتمت سكوبى برقيتها بالإشارة إلى أن شعبية زويل كانت واضحة فى التغطية الصحفية المكثفة، والحضور ذو المستوى المرتفع.
برقية 4 فبراير2010 بعنوان:
رئيس الوزراء يعلن إنشاء مركز للتميز
جاء فى هذه البرقية أنه فى يوم 26 يناير اجتمعت السفيرة الأمريكية وأحمد زويل مع أحمد نظيف وأربعة وزراء من المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا (وزراء التعاون الدولى، والمالية، والتعليم العالى، والتنمية المحلية)، وكان هذا هو الاجتماع الثانى. وبعد أن وجه نظيف الشكر الى زويل على مساعدة مصر فى تطوير بنيتها التحتية العلمية والتعليمية، انتقل نظيف الى مناقشة خطة الحكومة التى اعلنت مؤخرا لانشاء مركز تميز يقوم مبادرات للتدريب والابتكار، وأعلن أن المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا شكل لجنة عمل لوضع تصميم المركز الجديد. وقال ان وزارة التعاون الدولى ستقود هذه الجهود.
ملحوظة: طبقا لتقرير صحفي نشر فى 14 يناير فان مقر المركز سيكون القاهرة، وسيتم افتتاحه فى يناير 2011 وسيتعون مع شركات خاصة، وجامعات، ومنظمات تكنولوجية حكومية)
وقال نظيف أنه يتصور أن هذا المركز سيكون مصريا أمريكيا مشتركا، وأن الحكومة ستقدم الأرض والمبانى، على أن تقدم الولايات المتحدة التمويل اللازم لتشغيله. وأضاف أن أولويات المركز لم يتم تحديدها تماما، ولكنها ستشمل دعم مشروعات فى مجال الزراعة (مثل غذاء آمن) والصحة، والأمن المائى، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات، والأكثر أهمية تقديم المساعدة المالية والفنية للمتدربين الشباب لبدء مشروعاتهم الخاصة.
وكرر نظيف الإشارة إلى مشروع BIRD الاسرائيلى الأمريكى كنموذج للمركز المصرى المقترح، فقد نجح المركز الاسرائيلى فى بناء قاعدة علمية تكنولوجية لاسرائيل بتقديم قروض وفرص بحثية مهمة فى كلا البلدين.
وأجاب نظيف على سؤال لزويل عن كيفية تغطية المركز للمسائل العلمية بقوله انه يأمل فى أن تشارك الجامعات الأمريكية والمصرية، ولكنه أكد رغبته فى أن مشروعا مشتركا يركز على بحث علمى ذو قيمة خصوصا تلك التى تؤدى الى خلق فرص عمل فى مجالات مهمة مثل الزراعة، وخطط الطاقة المتجددة.
وانتقل نظيف الى موضوع تمويل المركز قائلا: ان مصر تريد تعهدا جوهريا بضمان قدرة المركز على تنفيذ مهمته، وأضاف ان 10 مليون دولار لاتكفى. وشرح نظيف أنه أنه لكى ينجح المركز فى تنفيذ البرامج التى اقترحها الرئيس اوباما فى خطابه فى القاهرة عام 2009 أن الولايات المتحدة بحاجة الى التفكير على نطاق واسع، ولم يحدد مبلغا ماليا ولكنه قال انه فى مقابل كل دولار تقدمه الولايات المتحدة، ستدفع مصر جنيها واحدا فى مقابله.
وقال نظيف مخاطبا المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا أن المركز سيمكن مصر من تنمية بنيتها التكنولوجية كما فعلت أمريكا فى الستينيات.
نظيف لم يبتلع الطعم
وقالت السفيرة الأمريكية فى الاجتماع أن السفارة وهيئة المعونة الأمريكية يعملان على توجيه الموارد المالية الحالية نحو الأولويات المصرية، فى إشارة واضحة إلى إمكانية تحويل أموال هيئة المعونة الأمريكية نحو تطبيق أهداف دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا دون دفع أموال جديدة، ولكن أـحمد نظيف قاطعها على الفور بقوله إن الحكومة الأمريكية يجب أن تذهب إلى ما هو أبعد من برنامج هيئة المعونة، وأن تبنى شيئا غير قائم حاليا فى البلاد.
وأضاف نظيف ان المركز الجديد مهم لأن المجتمع العلمى يريد شيئا يتجمع حوله ويتطلع إليه. وأوضح نظيف أنه فى النهاية سيعمل كمركز رئيسي للمجتمع العلمى والتكنولوجى المصرى. وأشار نظيف الى أن مصر مازالت ملتزمة بدعم مبادرة أوباما فى القاهرة بقوله:"حان وقت العمل.. والكرة الآن فى ملعبكم".
وفى ختام برقيتها كتبت السفيرة التعليق التالى: خلال زيارته الأولى تحدث زويل مرارا وتكرارا عن رغبته فى إقامة علاقة تعاون أقوى فى مجال التعليم والعلوم والتكنولوجيا، والذهاب الى ما هو أبعد من مجرد بناء مؤسسة بحثية غير واضحة الأهداف وأعضائها عددهم قليل. ومع ذلك تسعى الحكومة بوضوح الى الاستفادة من التأكيد الأمريكى المتجدد على الاهتمام بقضايا العلوم والتكنولوجيا بطلب تمويل لمركز تميز جديد من المشكوك فى أن يقدم أى من المشروعات التعاونية- الصحة والصناعة والتعليم- الولايات المتحدة شريكة بالفعل مع مصر
وعلى الرغم من اختلافنا مع النظام السابق الا أن الموضوعية تقتضى منا الاشارة الى أن هذا التعليق يكشف أن الحكومة المصرية لم تبتلع الطعم الأمريكى الذى يرمى إلى اختراق جميع مؤسسات التعليم والبحث العلمى فى مصر، وتوجيهها نحو خدمة أغراض البحث العلمى الأمريكية وبأموال مصرية، ولعل هذا هو السبب فى كراهية أحمد زويل للنظام السابق، ولأحمد نظيف بالذات، وسعيه إلى هدم مشروعه (جامعة النيل)، وإنشاء مدينة زويل على أنقاضه لتنفيذ أغراض دبلوماسية العلوم والتكنولوجيا الأمريكية.
وبالرغم من تأكيداته المتكررة هو والسفيرة الأمريكية خلال المباحثات على أن مصر ليست بحاجة إلى إقامة منشآت تعليمية أو بحثية جديدة، نجد أحمد زويل يسعى الى إنشاء مؤسسة بحثية جديدة هى مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، ويسعى جاهدا فى مجال جمع التبرعات لها من المصريين والوصول بها الى مبلغ العشرة مليارات، بادعاء أنها مشروع قومى يجب تمويله بأموال المصريين، فى الوقت الذى يعانى فيه اقتصاد البلاد، وفى الوقت الذى خفضت فيه الولايات المتحدة أغنى دولة فى العالم ميزانية البحث العلمى بسبب الأزمة الاقتصادية وفقا لما ذكره زويل نفسه فى مقاله فى لوس أنجيلوس تايمز هذا الشهر.
وسرب موقع ويكيليكس برقية شكر مرسلة من جيفرى جيتلمان مساعد وزيرة الخارجية لشئون الشرق الأوسط بتاريخ 4 فبراير 2010 الى السفيرة الأمريكية بالقاهرة يعرب فيها عن تقديره لها ولكل فريقها فى السفارة لتسهيلهم زيارات مسئولين أمريكيين كبار إلى القاهرة فى الأسابيع القليلة الماضية شملت مسئولين عسكريين كبار ومسئولين فى المخابرات و المبعوث الخاص ميتشل والسكرتير المساعد بوزنر والمبعوث العلمى أحمد زويل، وغيرهم. وأشاد بنجاح السفارة فى جعل هذه الزيارات المهمة مثمرة بقدر الإمكان، واسهامهم فى الجهود الأمريكية لإقامة شراكة مثمرة وبناءة مع مصر.
وفى برقية أخرى بتاريخ 9 يناير 2010 مرسلة من واشنطون تحدثت عن تمويل رحلات زويل إلى القاهرة والشرق الأوسط بمبلغ قدره 7500 دولار تغطى نفقات الإقامة فى القاهرة وتركيا ووالأردن فيما عدا لبنان حيث كان زويل سيقيم فى بيت السفير الأمريكى هناك، وقد ورد بهذه البرقية أن د.جيسون راو من مكتب البيت الأبيض للعلوم والتكنولوجيا فى زيارته لهذه الدول
من ناحية أخري كتب أحمد زويل مقالا فى صحيفة لوس أنجيلوس تايمز بعنوان How curiosity begat curiosity - بمناسبة هبوط العربة curiosity على كوكب المريخ – كشف ازدواجية خطابه، فهو يتحدث الى المصريين بخطاب مختلف عما يتحدث به الى الأمريكيين، ففى هذا المقال انتقد الحكومة الأمريكية لتخفيضها ميزانية البحث العلمى فى مجال العلوم الأساسية، وأوضح ان استثمار الولايات المتحدة فى الماضى فى العلوم الأساسية والهندسة، وبراعتها فى تمويل البحث العلمى فى هذه المجالات هو الذى قاد الى انتصار المريخ، وهو ما عزز قيادة أمريكا فى عالم اليوم، ولكنه حذر من أن تخفيض تمويل البحث العلمى وازدياد البيروقراطية يهدد قيادة أمريكا للعالم.
وأشار زويل الى أنه فى كثير من الهيئات الأكاديمية، لم تعد الأبحاث المدفوعة بالفضول تلقى ترحيبا اليوم أو تفضيلا، فخطط الأبحاث يجب تقوم بتحديد صلتها القوية بالمجتمع، وأن تقترح الحلول حتى قبل أن تبدأ، كما أن الأساتذة يكتبون خطط أبحاث تتطلب تمويلا أقل، وتقلل الوقت المتاح للتفكير المبدع. ومع مواجهة الجامعات مشكلة ارتفاع التكاليف بصفة عامة، يتجه الأساتذة إلى المشروعات التجارية، التى لا تدفع البحث العلمى دائما الى الأمام.
وأضاف زويل أنه منذ جيل مضى كانت الحكومة تدعم الأبحاث القائمة على الفضول وكذلك الصناعة الأمريكية، ولكن البحوث الأساسية لم يتم مواصلتها طويلا فى معامل بل Bell، كما أن معامل صناعية أخرى اختفت، أو أعادت توجيه مواردها إلى بحوث أكثر توجها نحو الإنتاج.
ودعا زويل الى ضرورة دعم العلماء المبتكرين فى بيئة تشجع على التفاعل والتعاون فى مجالات مختلفة، وأن يتم دعم البحث المتحرر من البيروقراطية الثقيلة. الأمة يجب أن تزود الشباب بتعليم جيد وجذاب فى العلوم والتكنولوجيا والحساب. أفضل العقول حول العالم يجب تشجيعها كى تنضم الى المسار الأمريكى. باختصار ان رؤية متجددة للاستثمار فى تمويل العلوم يجب التفكير فيها.
فى الوقت نفسه يتم دعم النفوذ الأمريكى بدرجة كبيرة من خلال القوة الناعمة والعلوم والتكنولوجيا.
منذ الثورة الصناعية الغرب سيطر على سياسات العالم واقتصادياته بسلطة العلوم. ومنذ منتصف القرن العشرين الولايات المتحدة كانت فى مركز هذه الهيمنة وحاليا تصب الصين موارد فى البحوث والتنمية لتصل الى المركز الأول. امريكا مازالت تسنطيع الحفاظ على المؤسسات البحثية مثل كالتك التى يحسدها عليها العالم وسيكون من السذاجة التفكير فى أن هذا المركز سيستمر بدون الاستثمار فى تعليم العلوم والبحوث الأساسية.
ان التحديات والريادة الأمريكية وضعت العربة الفضول على المريخ. الأن حان الوقت لإعادة الالتزام بالرؤية الحكيمة التى جعلت ذلك يحدث وإلا فان شمس الابتكار ستأتى من الشرق.
ويوضح هذا المقال أن الولايات المتحدة اضطرت بسبب الأزمة الاقتصادية إلى تخفيض تمويل بحوث العلوم الأساسية التى ينتمى إليها زويل، لأن البحوث فى هذا المجال تتطلب وقتا وتمويلا كبيرين، كما أن نتائجها تستغرق مايزيد على عشر سنوات حتى يمكن تطبيقها، وهذا يفرض علينا الانتباه إلى طبيعة الأبحاث التى سيجريها زويل فى مدينته للعلوم والتكنولوجيا فى مصر، فإذا كانت الولايات المتحدة أغنى دولة فى العالم تعجز حاليا عن تمويل بحوث العلوم الأساسية، فهل تستطيع مصر فى ظروفها الاقتصادية الحالية تمويل مثل هذه الأبحاث التى يسعى زويل جاهدا لتمويلها من أموال المصريين بسعيه الدءوب بالوصول بهذه التبرعات الى 10 مليار جنيه، فى الوقت الذى لم يطالب فيه الشعب الأمريكى كما يفعل فى مصر بالتبرع لتمويل البحث العلمى وانما طالب الحكومة الأمريكية بذلك.. كما أن ذلك يطرح تساؤلا هل مصر مؤهلة لتطبيق نتائج بحوث العلوم الأساسية التى سيجريها زويل فى مدينته العلمية أم أنها ستذهب فيما بعد الى الولايات المتحدة، وبذلك يكون زويل قد ساهم فى حل مشكلة تمويل البحوث الأساسية للولايات المتحدة!!.