تخريج حديث ( من أراد أن ينصح لسلطان )

 

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد : فهذا تخريج موجز لحديث " من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يبد له علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه له " فأقول مستعينا بالله تعالى : الحديث مروي من طريقين كما يلي : الطريق الأول : طريق شريح بن عبيد عن عياض بن غنم رضي الله عنه مرفوعا ..رواه من هذا الطريق على هذا الوجه احمد في المسند (1533) وابن ابي عاصم في السنة (1.96) روياه من طريق صفوان بن عمرو عن شريح به وهذه أمثل طرق الحديث وفيها علتان إحداهما الشذوذ حيث أن أصل الحديث عند مسلم (6660) وأحمد (15335) وليس فيه اللفظ المذكور أعلاه .. العلة الثانية : الانقطاع بين شريح وعياض فشريح كثير الإرسال ولم يصرح بسماعه من عياض رضي الله عنه الوجه الثاني من وجهي رواية شريح روايته عن جبير بن نفير عن عياض رضي الله عنه مرفوعا .. ورواه من هذا الطريق على هذا الوجه ابن أبي عاصم في السنة ( 1097) من طريق محمد بن اسماعيل عن أبيه - وهو اسماعيل بن عياش - عن ضمضم بن زرعة عن شريح عن جبير عن عياض مرفوعا وآفة هذه الرواية أن محمد بن اسماعيل لم يسمع من أبيه شيئا كما قال أبو حاتم - ذكره في التهذيب في ترجمة محمد - على لين فيه ..وضمضم بن زرعة وثقه الجمهور وضعفه أبوحاتم وروايته على هذا الوجه شاذة لمخالفة صفوان هذا لو كان الإسناد إليه صحيحا فكيف وفيه ما فيه ؟ الطريق الثاني من رواية جبير بن نفير عن عياض مرفوعا ..رواها ابن أبي عاصم من طريق عبد الحميد بن ابراهيم عن عبدالله بن سالم عن الزبيدي عن الفضيل بن فضالة عن ابن عائذ عن جبير به ..وآفة هذا الإسناد عبدالحميد فإن روايته عن عبدالله بن سالم ليست بشيء كما يفيده كلام أبي حاتم -في ترجمته من التهذيب - ورواها الحاكم ( 5336) والبيهقي (8/164) والطبراني في الكبير ( 1007) من طريق اسحاق بن ابرهيم بن العلاء عن عمرو بن الحارث عن عبدالله بن سالم به ، وإسحاق ليس بثقة في روايته عن عمرو بن الحارث كما قال النسائي - في ترجمته في التهذيب - ... على أن الفضيل بن فضالة في هذا الإسناد فيه جهالة وقد انفرد بهذا الحديث عن جبير ، ولا يلتفت إلي متابعة شريح بن عبيد المتقدمة لأنها خطأ عليه أصلا . ولو صحت لما كانت متابعة لها بل عائدة إليها فتكون الواسطة المحذوفة بين شريح وعياض هي جبير بن النفير فيتطلب الأمر النظر في سماع جبير من عياض رضي الله عنه .. فكيف ورواية شريح عنه لا تصح والطرق الأخرى إلي جبير لا تصح ؟! فالخلاصة أن هذا الحديث في أمثل طرقه معلول بالشذوذ والانقطاع .. هذا ولو صح الحديث لكان محمله على النصيحة التي لا تتوقف المصلحة العامة على إعلانها جمعا بين أحاديث الباب وإعمالا لمقاصد الشريعة والتفاتا إلي المعنى المعقول في المنع لو ثبت ...وقد انتهى المراد من تخريج الحديث تخريجا موجزا بحسب المتسع والمقدور ..وفوق كل ذي علم عليم ..والحمد لله رب العالمين  


الكاتب: حسين الخالدي
التاريخ: 31/10/2010