تقرير راند ..معايير أمريكية للاسلام المعتدل |
|
تقرير (راند) .. معايير أمريكية للإسلام المعتدل
القاهرة/علي عليوه 2/4/1428 19/04/2007
منذُ أيام صدر تقرير 2007 لمؤسسة (راند) الأمريكية للأبحاث، وهي المؤسسة التي تتبع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، وتلعب دوراً مهمًّا في اتخاذ القرار داخل هذه المؤسسة الأمريكية الهامّة، وأشرف على إعداده (أنجيل سبارا) الذي كان يعمل بوزارتي الخارجية والدفاع الأمريكية، ويقع في أكثر من مائتي صفحة، ويرسُم ملامح إستراتيجية للتعامل مع المسلمين المقيمين فيما أسماه بـ (العالم المسلم) ، وليس الإسلامي، واستخدم مصطلحات ذات مدلولاتٍ جديدة مثل "المسلم المعتدل" ، و"المسلم الراديكالي" , و"دول الأطراف" , و"دول القلب" , وغيرها مستفيداً من الخبرة المخابراتية الأمريكية في التعامل مع الاتحاد السوفيتي إبّان الحرب الباردة.
الاعتدالُ في المفْهُومِ الأمريكي
ومن معايير الاعتدال التي وضعها التقرير رفض تطبيق الشريعة الإسلامية، وتبني منظومة القيم الليبرالية الأمريكية التي تقوم على الفصل بين الدين, والدولة، واعتبار العقيدة شأناً فردياً بين الإنسان وربه، ولا علاقة لها بتنظيم شؤون الحياة, ورفض العنف، وتبني منظومة حقوق الإنسان التي تعتبر الشذوذ و"تغيير الفرد لدينه" ضمن هذه الحقوق، وتمَّ وضع استبيان من أحد عشر سؤالاً؛ لتحديد الشخص المعتدل.
أما الراديكالي أو المتطرِّف فهو من يتمسَّك بتطبيق الشريعة الإسلامية، ويسعى لإقامة الدولة الإسلامية, ويتبنى الفكر السلفي, ويرفض الديمقراطية، والليبرالية الغربية، وما يرتبط بها من منظومات حقوق الإنسان المنبثقة عن المنظور الغربي، ويرى أن من حقِّه استخدام العنف كأداةٍ للتغيير.
ويتضمَّن التقرير تفاصيل التعامل الأمريكي مع المسلمين بعد تصنيفهم، منها الوقوف إلى جانب العلمَانيين, والليبراليين, والمعتدلين (وفق المفهومِ الأمريكي للاعتدال)؛ لضرب غير المعتدلين, و دعم المعتدلين مالياً, ومعنوياً، وتصعيدهم للمناصب القيادية داخل دولهم؛ ليكونوا أنصاراً للإدارة الأمريكية في سياستها تجاه العالَمَين العربي والإسلامي.
ويشير إلى أن أحد مصادر هذا التمويل سيتمُّ من خلال الميزانيات الضخمة لإذاعتي (الحرّة), و(سوا) الأمريكيتين التي بلغت عام 2007 أكثر من (671) مليون دولار، وهناك مطالب لزيادتها بـ(50) مليون إضافية، يُستخدمُ الجزء اليسير منها؛ لتشغيل المحطتين، والباقي سيُنفقُ بشكلٍ غيرِ مُعلن؛ لدعم المعتدلين والليبراليين, والعلمانيين.
وشدَّد التقرير على ضرورة تشجيع الدعاة الجدد، الذين ينشطون خارج الإطار الرسمي على وضع رؤى إسلامية جديدة، تؤيد الليبرالية, والعلمانية بما يُنتج إسلاماً جديداً منفتحاً, ومعتدلاً، وترويج هذا النوع من الإسلام بين العامة، ونشرِه بكلِّ الطُرُق المتاحة، وتشجيع هؤلاء الليبراليين, والعلمانيين, والمسلمين "المعتدلين" على تكوينِ جمعيّةٍ عالمية للاعتدال، يكون لها فروعٌ, وروابط داخل البلدان العربية, والإسلامية.
أهم ما يلفت الانتباه في التقرير أنه ينقل معركة الإدارة الأمريكية، ضدّ العالم الإسلامي من مستوى الغزو العسكري الحالي، إلى معركة فيما بين المسلمين أنفسهم الذين يُراد لهم أن ينقسموا إلى معتدلين, ومتطرفين، وفق المفهوم الأمريكي ثُمَّ يتمُّ إشعال فتيلِ الصراع بينهم، وبذلك يتمُّ إضافة سببٍ جديدٍ للصراعات الداخلية، والاقتتال إلى جانب الأسباب العِرقية, والطائفية الموجودة بالفعل، والتي يتمُّ تغذيتها لتزداد المنطقة احتقاناً للوصول بشكلٍ أسرع لمرحلة الفوضى الخلَّاقة التي أشارت إليها كوندليزا رايس؛ لتحقيق الشرق الأوسط الجديد.
الجديد في التقرير أنه وضع معايير جديدة للاعتدال والراديكالية لم تكن معتادة من قبل، وأهميته ترجع إلى أن توصيات التقارير السابقة لنفس المؤسسة هي التي طُبِّقت في العراق، وأثمرت تلك الحرب الطائفية الطاحنة بين العراقيين، ويوصي بنقل تلك الخبرة إلى البلدان العربية, والإسلامية الأخرى؛ للتسريع بعملية التقسيم والتفتيت.
اختراق الجيوش
ويتضمَّن التقرير توصيات أخرى، منها حجب التمويل عن الجماعات الإسلامية، وتدريب كوادر عسكريّة من المنتمين لجيوش الدول الإسلامية، من المُتّصِفين بالاعتدال على القِيم الأمريكية؛ للاستعانة بهم عند الحاجة, وتغيير المناهج الدينية في البلدان الإسلامية؛ لتكونَ أكثر ليبرالية، وتشجيع إنشاء الجماعات أو الشبكات المعتدلة لمواجهة الدعوات المتطرِّفة، حيثُ يشير التقرير إلى أن المسلمين الليبراليين والمعتدلين لا يملكون شبكات فعَّالة، كالتي أنشأها المتطرِّفون لتوفير الحماية للجماعات المعتدلة.
ويوصي بقيام الولايات المتّحدة بمساعدة المُعتدلين الذين يفتقرون إلى الموارد اللازمة لإنشاء هذه الشبكات بأنفسهم، وإيجاد مجموعات إسلامية تدعو لما يسميه البعض دين أمريكي جديد، مثل الدعوة لعدم تطبيق الحدود، و جواز إمامة المرأة للصلاة، وقبول التطبيع مع إسرائيل.
ويدعو التقرير إلى تمزيق الشبكات المتطرِّفة، ويتطلَّب ذلك معرفة نقاط الضعف التي تعاني منها، ومن ثمَّ وضع إستراتيجية تستهدف تمزيق, وتفكيك هذه الشبكات، والعمل على تمكين المسلمين المعتدلين.
دعم جهود الحكومات, والمُنظَّمات الإسلامية المُعتدلة، للتأكد من أن المساجد لا يتمّ استخدامها منابر للأفكار المتطرِّفة، ودعم الإسلام المدني، ومنح الأولوية لمساعدة جهود المنظمات العلمانية، والمنظمات الإسلامية المُعتدلة؛ للقيام بأنشطة تعليمية, وثقافية ذات طابع جماهيري، و تطوير المؤسسات الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني
http://www.lebraly.com/inf/