ماذا ينتظرنا من العلمانيين ؟

 

منذ أن نشأت العلمانية ـ وهي لقيطة النشأة خبيثة الأثر ـ وهي تحاول أن تضرب بجذورها في التربة العربية والإسلامية مستخدمة في ذلك كل الوسائل غير المشروعة بالطبع من تلفيق وتزوير وَلَيٍّ للحقائق وتعسف في التفسير وغيرها.


وقصة العلمانية في بلادنا هي في الحقيقة قصة الصراع بين بلادنا المسلمة والاستعمار الأوروبي كآخر حلقة من حلقات التحدي الوثني الأوروبي المتسربل بقشرة مسيحية مزورة، ويمكننا أن نطلق على هذا التحدي اختصارًا كلمة الصليبية أي الوثنية ذات القشرة المسيحية، أو نطلق عليها كما فعل العلامة محمود محمد شاكر المسيحية الشمالية وهي مسيحية لا صحيحة ولا محرفة. بل وثنية أوروبية أخذت المسيحية فوثنتها توثينًا أي جعلتها وثنية.


بل إن العلمانية الأوروبية ما هي إلا ثورة وثنية أوروبية على المسيحية المحرفة –مسيحية الباباوات وصكوك الغفران- أي هي محاولة أوروبية للثورة على الكنيسة لحساب القيم الإغريقية واليونانية والرومانية القديمة مع إضافات سكسونية وجرمانية ولاتينية معاصرة، وما عصر النهضة الأوروبية الذي بدأ في القرن الخامس عشر إلا بعثًا للقيم الإغريقية والفلسفة الإغريقية الوثنية، بل وحتى الفنون الإغريقية القديمة مع إضافات لاتينية وجرمانية وسكسونية.


وحتى المسيحية الأوروبية ذاتها – والرومانية أيضًا، لم تكن مسيحية حقيقة ولا محرفة أيضًا، بل هي إدخال للمسيحية في الوثنية الإغريقية عن طريق الدولة الرومانية القديمة التي فرضت رؤيتها الإغريقية للمسيحية على جميع المسيحيين بما فيهم مسيحيو الشرق واضطهدت منهم من رفض هذه الرؤية اضطهادًا بشعًا تمتلئ به كتب التاريخ الكنسي وغير الكنسي.


المسيحية الأوروبية الرومانية إذا أخذت القيم الثابتة للحضارة الإغريقية، وهي القهر والعنف والاضطهاد الديني ومارستها في كل مراحلها، وعلى نفس المنهج سارت المسيحية الكاثوليكية، فاضطهدت العلماء، واضطهدت المسلمين واليهود وأنشأت محاكم التفتيش التي نقبت وبحثت في الضمائر، وأحرقت المخالفين في العقيدة أو حتى في الاجتهاد داخل المسيحية نفسها، بل وحتى العلماء والفلاسفة.


وعندما ظهرت البروتستانتية تعرضت بدورها للاضطهاد الكاثوليكي، ثم عندما تمكنت هذه البروتستانتية في بعض البلدان الأوروبية قامت بدورها باضطهاد الكاثوليك وغيرهم، أي إنها حملت نفس الاضطهاد الأوروبي والقهر والعنف وما كان لها إلا أن تحملها.


ومع عصر النهضة الأوروبية –ومع الثورات الأوروبية ضد الإقطاع المتحالف مع الكنيسة- وهو ما أفرز العلمانية، نستطيع أن نلمح ثورة أوروبية على المسيحية ذاتها وإسقاطها من الحساب لدرجة ما، أي العودة الكاملة للوثنية الكاملة الإغريقية، ووجدنا بعثًا للفنون الإغريقية والشعر الإغريقي والمسرح الإغريقي والفلسفات الإغريقية، ولم تكن العلمانية الأوروبية إلا لتحمل بدورها نفس البذور ونفس القيم الأوروبية الثابتة من القهر والعنف والمنفعة اللاأخلاقية والاضطهاد الديني، وعلينا أن ننظر إلى كل الإفرازات الأيديولوجية والسياسية والاجتماعية الأوروبية من فاشية ونازية واشتراكية ورأسمالية وشيوعية وغيرها، من خلال أنها إفراز طبيعي لنفس الأرضية الحضارية الأوروبية، وإذا فسدت الأرضية فسدت الإفرازات فلا فرق حقيقيًا بين هذه ، والصراع بين هذه الأيديولوجيات الفاسدة هو صراع على نفس الأرضية وتحمل نفس السمات العامة وأهمها التعصب ضد كل ما هو إسلامي ومحاولة تحطيم الإسلام والحضارة الإسلامية، وهكذا لم نجد فرقًا كبيرًا في السلوك بين الممارسات الإجرامية للفرنسيين في الجزائر سواء كانوا من اليمين أو اليسار، ملكيين أو جمهوريين، ديجوليين أو اشتراكيين، تحالفًا من الرأسماليين والديمقراطيين أو تحالفًا من الاشتراكيين والشيوعيين بل نجد معدل الجرائم يرتفع في الجزائر عندما تكون الحكومة الفرنسية حكومة من الاشتراكيين والشيوعيين فالحكومة الاشتراكية الشيوعية في فرنسا في عام 1945 هي التي ارتكبت المذبحة التي قام بها الطيران الفرنسي فأباد وأحرق 45 قرية جزائرية كاملة، بل كان وزير الطيران الفرنسي شيوعيًا.


وفي إطار الصراع بين أجنحة الحضارة الأوروبية، نجد أن كل مدرسة وكل دولة أوروبية تعمل على تجنيد طابور خامس وطني للتبشير بقيم الحضارة الأوروبية عمومًا، وهذه الدولة أو المدرسة وتلك خصوصًا، وهكذا يمكن أن نفهم الصراع بين الإنجليز والفرنسيين أو بين الكنيسة البروتستانتية والكاثوليكية أو المبشرين الألمان والإيطاليين أو المستشرقين من هؤلاء وأولئك على تجنيد أكبر قدر من العملاء المحليين، ولكن هذا كله في إطار تناقض جوهري يضم كل هؤلاء ضد كل ما هو إسلامي.


* * *


العلمانية في بلادنا ما هي إلا مفرزة استخباراتية متقدمة تتغير وتتبدل حسب أحوال الصراع في أوروبا، فدنلوب الإنجليزي يصفي النفوذ الثقافي الفرنسي في مصر لحساب النفوذ الثقافي الإنجليزي، وهكذا.


وقصة العلمانية هي قصة الصراع بين الحضارة الوثنية الأوروبية أو آخر فصول هذا الصراع مع الحضارة الإسلامية. وهذا الصراع ممتد في التاريخ والجغرافيا وشهد العديد من المراحل وأخذ الكثير من الملامح حسب الزمان والمكان.


وهذا الصراع بدأ مبكرًا جدًا في حياة الرسول r، والذي أدرك بفراسته ونبوته أن هذا الصراع سيشكل المساحة الأكبر في تاريخ الإسلام، ووضع له الأسس الصحيحة، وهي أن الهجوم خير وسائل الدفاع، وهكذا خاض المسلمون في حياة الرسول r العديد من المعارك ضد الدولة البيزنطية وحلفائها، على اعتبار أن هذه الدولة البيزنطية تمثل في ذلك الوقت المواقع المتقدمة للحضارة الأوروبية الإغريقية والرومانية، خاض المسلمون في حياة الرسول r العديد من المعارك ضد الدولة الرومانية وحلفائها في مؤتة وتبوك ودومة الجندل، وجهز الرسول r جيش أسامة بن زيد لغزو الشام، إلا أنه r مرض فأوصى بإنفاذ هذا الجيش، ووفى الخليفة الصديق t عنه بهذه الوصية بعد وفاة الرسول r.


واستمر الصراع بعد وفاة الرسول r، ونجح المسلمون في تحرير الشام وشمال أفريقيا من الدولة الرومانية، بل ووصل المسلمون إلى الأندلس، وأقاموا فيها حضارة إسلامية زاهرة لمدة ثمانية قرون، وهددوا الدولة البيزنطية نفسها في شرق أوروبا، وحاصروا روما أيضًا أكثر من مرة ووصلوا بنفوذهم ووجودهم إلى مختلف جزر البحر المتوسط قبرص، وصقلية، وإقريطش (كريت) وغيرها.


وعندما أصبح وجود الدولة الرومانية البيزنطية نفسه مهددًا بعد موقعة (ملازجرد) التي انتصر فيها السلاجقة على الدولة البيزنطية سنة 1071 م؛ قامت الدولة البيزنطية بالاستنجاد ببابا روما، وهكذا نشأت الحروب الصليبية في الشرق العربي 1095 – 1291 م، ومع فشل هذه الحروب الصليبية واندحارها ثم استمرار عملية الصراع في الأندلس وشمال أفريقيا قبل هذه الحروب الصليبية وبعدها وأثناءها، ومع ظهور الخلافة العثمانية التي أوصلت الإسلام إلى قلب أوروبا وأسقطت الدولة البيزنطية نهائيًا وفتحت القسطنطينية سنة 1453 م على يد محمد الفاتح، ووصلت الجيوش العثمانية الإسلامية إلى أسوار فيينا وجنوب روما ودخل الإسلام إلى ألبانيا والمجر والبوسنة والهرسك وكوسوفو، وخضع الصرب والكروات والمجريون والرومانيون وغيرهم للحكم الإسلامي العثماني، أحست أوروبا بالخطر الشديد، وقررت تغيير التكتيك من الصدام العسكري إلى الاختراق الثقافي والعسكري والسياسي.


ومن خلال هذا الاحتكاك المباشر وغير المباشر والذي وصل إلى قلب أوروبا عن طريق الأندلس إلى جنوب فرنسا وسويسرا وعن طريق العثمانيين إلى كل أوروبا الشرقية، ومن خلال جزر البحر المتوسط، كان من الممكن أن يعرف الأوروبيون حقيقة الإسلام فيدخلوا فيه وقد حدث هذا بالفعل في أكثر من مكان أوروبي مثل ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو وغيرها، وكان لا بد لأوروبا من جهاز للدعاية لحماية رعاياهم من الأثر الإسلامي ونشأ من هنا الاستشراق الذي كان في البدء محاولة لمعرفة الإسلام بهدف تشويه صوته في عيون الأوروبيين، ومع حالة النوم والاسترخاء التي عاشها العالم الإسلامي، طمعت أوروبا في ذلك الوقت فيما هو أكثر، خاصة بعد أخذها بأسباب العلم والقوة، فتحول جانب من الاستشراق إلى تجسس أوروبي مباشر وغير مباشر على الدول الإسلامية؛ لمعرفة نقاط الضعف والتجهيز لحملة صليبية جديدة تحت اسم الاستعمار، وكذلك نشأ التبشير، ومن الاستعمار والتبشير والاستشراق بدأت الحملة الصليبية الجديدة التي انتهت بسقوط الخلافة العثمانية ووقوع معظم بلاد العالم الإسلامي في قبضة الاحتلال الأوروبي، وحدث تطور جديد في الاستشراق، فكان لا بد أن يمنع أي محاولة للنهضة في العالم الإسلامي وأي محاولة للمقاومة، وذلك بطمس معالم القوة في الثقافة الإسلامية وإحداث ما سمي بالتفريغ الثقافي على حد تعبير العلامة محمود محمد شاكر، وهذا التفريغ الثقافي يقوم على تشكيل مدرسة ثقافية محلية تتلمذ على يد المستشرقين وتردد نفس رؤيتهم للإسلام واللغة العربية والآداب الإسلامية وغيرها أو يتم تشكيل الوجدان والعقل لهؤلاء المدجنين من خلال المعارف الأوروبية وحدها.


وهكذا وجدنا أنفسنا أمام تيارين أسوأ من بعضهما البعض الأول هو هؤلاء الذين ينظرون إلى الثقافة والآداب واللغة بل والدين بمنظور المستشرقين، وفضلاً عما في هذا الأمر من تآمر واضح فإنه أيضًا أمر غريب وعجيب، لأنه من البدهي أنه مهما كان المستشرق قد تعلم في اللغة العربية أو الآداب فإنه سيظل مجرد تلميذ في هذا الإطار، ولا يمكن أن يتحول إلى أستاذ أو دارس أو باحث أو صاحب مدرسة؛ لأنه قد نشأ وتعلم واكتسب ثقافته في أرضية ثقافية أخرى وبدهي أن أحدًا لن يفهم لغة أو ثقافة ما إلا إذا كان ابنًا لهذه اللغة وهذه الثقافة، وفي هذا الإطار يقول العلامة محمود محمد شاكر في كتابه المهم (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا): "غاية ما يمكن أن يحوزه مستشرق أن يكون عارفًا معرفة ما بهذه اللغة أو الآداب، وأحسن أحواله أن يكون في منزلة طالب عربي في الرابعة عشرة من عمره، بل هو أقل منه على الأرجح، أي هو في طبقة العوام الذين لا يعتد بأقوالهم أحد، ولا يمكن لمستشرق أن يكون محيطًا بالثقافة التي هي لازمة لتعلم اللغة والآداب، وهذه الثقافة سر من الأسرار الملثمة في كل أم من الأمم وفي كل جيل من البشر، وشرط الثقافة هذا ممتنع على المستشرق كل الامتناع، بل هو أدخل في باب الاستحالة من اجتماع الماء والنار في إناء واحد".


ويضيف العلامة محمود محمد شاكر: "فأعجب العجب إذن أن يعد أحد شيئًا مما كتبه المستشرقون في لغتنا وثقافتنا وديننا متضمنًا لرأي حقيقًا بالاحترام والتقدير، فضلاً عن أن يكون عملاً علميًا أو بحثا منهجيًا نسترشد به في شئون لغتنا وثقافتنا وتاريخنا وديننا، كما هو السائد اليوم في حياتنا الأدبية الفاسدة".


* * *


أما التيار الثاني، وهو الذي التقطته أوروبا، وعلمته ودجنته بحيث أصبح غربي التفكير والسلوك وحصل على العلوم وخاصة الاجتماعية منها من منظور أوروبي، فهذا سيأتي إلينا للتبشير بالقيم الأوروبية مباشرة.


أي إننا أمام تيار كامل تقريبًا أو تيار يفهم اللغة والآداب بل والدين من منظور المستشرقين وهو منظور سطحي في أحسن الفروض أو مشبوه ومتآمر في أسوئها.


من هؤلاء وأولئك نشأت العلمانية – وهي محاولة للتفريغ الثقافي أو تفسير الدين واللغة تفسيرًا سطحيًا أو تآمريًا يخدم مخططات الغرب، أو محاولة لزرع القيم والثقافة الأوروبية فينا، وكل هذا جزء من مخطط استعماري واضح المعالم معروف الأهداف، وهكذا لم يكن عجيبًا ولا غريبًا أن ترتبط العلمانية في بلادنا بكل مدارسها ورموزها بالاستعمار بطريقة مباشرة ومفتوحة، وقد فضح نابليون نفسه هذا الأمر في رسالته إلى كليبر التي يقول فيها "اجتهد في جمع 500 أو 600 شخص من المماليك أو من العرب ومشايخ البلدان لنأخذهم إلى فرنسا فنحتجزهم فيها مدة سنة أو سنتين يشاهدون فيها عظمة الأمة الفرنسية ويعتادون على تقاليدنا ولغتنا. وعندما يعودون إلى مصر يكون لنا منهم حزب ينضم إليه غيرهم، ويضيف بونابرت: "كنت قد طلبت مرارًا جوقة تمثيلية وسأهتم اهتمامًا خاصًا بإرسالها إليك؛ لأنها ضرورية للجيش وللبدء في تغيير تقاليد البلاد".


وقد قام مفكرون إسلاميون مشكورون بفضح ورصد العلاقة بين الاستعمار وهؤلاء العلمانيين، فالعلامة محمود شاكر فضح لويس عوض وأثبت ارتباطه بدوائر الاستعمار في كتابه المهم أباطيل وأسمار، وطارق البشري فضح ورصد العلاقة المريبة بين الأحزاب الشيوعية المصرية خصوصًا والعربية عمومًا وبين الصهيونية وإسرائيل في كتابه الحركة السياسية في مصر 1945 – 1952 وقال إن تلك الأحزاب أنشأتها الصهيونية خدمة لمشروعها المرتقب وقتئذٍ في إقامة إسرائيل.


وفي الحقيقة فإنه أينما سرت وفتشت تجد هذه العلاقة بين العلمانية وبين الإنجليز أو الفرنسيين أو الأمريكان أو دوائر التبشير والاستشراق وهكذا، فعلي عبد الرازق مثلاً في دعوته لإلغاء الخلافة الإسلامية والزعم بأنها ليست من أصول الإسلام، وإنكاره أن الإسلام دين ودولة لم يكن إلا ناقلاً لبحث قام به الإنجليز وعملاؤهم في الهند إبان الحرب العالمية الأولى، وذلك خوفًا من إعلان الخلافة العثمانية لفكرة الجهاد لتعبئة المسلمين ضد الحلفاء في تلك الحرب، فأرادوا التشويش على فكرة الخلافة ذاتها، ثم قبع البحث في أدراج الخارجية الإنجليزية إلى أن تم نشره عن طريق علي عبد الرازق، وكذا قاسم أمين فما هو إلا ناقل لشبهات المستشرقين، وجدير بالذكر هنا أن كلاً من علي عبد الرازق وقاسم أمين كانا ينتميان إلى حزب مصري من صنائع الإنجليز، وهو حزب الأمة الذي لم يكن يخفي دعوته لاستمرار الاحتلال الإنجليزي لمصر، ونجد أن الذي هاجم قاسم أمين وكتابه هو حزب الاستقلال ورفض الإنجليز والكفاح ضدهم وهو الحزب الوطني، مصطفى كامل - محمد فريد.

نفس الارتباطات المشبوهة نجدها عند أحمد لطفي السيد رئيس تحرير جريدة حزب الإنجليز "حزب الأمة"، ونجدها في سلامة موسى ولويس عوض وغالي شكري، وشبلي شميل الذي يعترف رفعت السعيد أنه كان يدافع عن الإنجليز ويلتمس له العذر لذلك؛ لأنه كان هاربًا من النفوذ العثماني في الشام!


وفي الواقع فإن الأستاذ محمد محمد حسين في كتابه الهام اتجاهات وطنية في الأدب المعاصر" قد فضح الدوائر الاستعمارية التي كانت تقف خلف الدعوات الفرعونية أو القومية أو العلمانية عمومًا في مصر في أوائل هذا القرن.


وحتى اليوم نفس الارتباطات المشبوهة مع دوائر التنصير وهو الأمر الذي فضحه الدكتور محمد عمارة وجلال كشك وغيرهما في أكثر من كتاب ومقال، أو مع مؤسسات أمريكية أوروبية مشبوهة مثل مؤسسة فورد كونديشن التي تمول نشاطات ما يسمى بحركة تحرير المرأة وقد افتضح الأمر على يد بعض عضوات هذه الحركة أنفسهن داخل أروقة المؤتمر الذي انعقد سنة 1986 حيث تساءلن عن تمويل المؤتمر فاعترفت نوال السعداوي بأن مؤسسة فورد كونديشن الأمريكية. وكذا هيئة المعونة الأمريكية – بالقاهرة وجمعية نوفيك الهولندية ومكتب أكستوان بالقاهرة هم الذين مولوا هذا المؤتمر!


وآخر المطاف –هناك الذي يدعو الغرب جهارًا نهارًا للتدخل في مصر عسكريًا، ويدعو أيضًا للتحالف مع إسرائيل وضرب السودان، وعلاقته بالسفير الإسرائيلي أكثر من مشهورة.


وهكذا فإن العلمانية بكل مدارسها وتياراتها ورموزها مشبوهة الارتباطات مشبوهة الأهداف، وهي إما اختراق مخابراتي أجنبي مباشر، أو نشأت في أحضان دوائر التبشير كالجامعة الأمريكية، ببيروت مثلاً التي نشأ في أحضانها الكثير من القوميين العرب أو تلاميذ للمستشرقين المتآمرين أو السطحيين، وبدهي أنه ليس في الاستشراق إلا متآمر أو سطحي.


وهكذا وجدنا كل الدعوات العلمانية من دعوة إلى القومية العربية لضرب الوحدة الإسلامية وتقطيع أواصر المسلمين، أو دعوة إلى الفرعونية أو الفينيقية أو غيرها من الدعوات المقيتة التي تستهدف استبعاد الإسلام، أو الحركات الشيوعية المريبة ذات العلاقة بقيام إسرائيل، أو هؤلاء الداعين إلى الكتابة باللغة العامية نكاية في اللغة العربية وعزلاً لها وبالتالي عزل القرآن الكريم عن الواقع، أو الدعوة إلى استبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية حتى يصبح كل تراثنا طلاسم على أبنائنا يحتاج لمن يترجمه لهم، أو هؤلاء الداعين للأخذ بثقافة الغرب بزعم أنها ثقافة العصر أو الحضارة العالمية، أو غيرها من المصطلحات الداعرة.


أو هؤلاء الذين يدسون في الإسلام ما ليس فيه، أو يهيلون التراب على قيمه الثابتة للتشكيك فيها، ما بين مشكك في إعجازه، أو نافيًا للمعلوم من الإسلام بالضرورة محللاً للربا، أو للخمر، أو هذا الذي يلقي بالشبهات على الصحابة, أو الآخر الذي ينفي الشريعة ويريد أن يفصل الدين من الدولة, أو التي ترى تحرر المرأة في خروجها على تعاليم الإسلام وليس محاربة الاستعمار مثلاً، بل الحصول على التمويل منه لحركة تحرير المرأة وهكذا.

* * *

على أن آخر مراحل العلمانية وبعد هذا الكم الهائل من الشبهات حول الإسلام واللغة والتاريخ والشريعة، وجدنا من يريد أن يعلمنا الجانب العقائدي في الإسلام ويخضع الغيب للواقع أي ضرب العقيدة في مقتل مثل محمد أركون ومحمود إسماعيل


د ـ محمد مورو


الكاتب: صلاح البحريني
التاريخ: 27/02/2007