السلفية في غزة

 

قناة الجزيرة القطرية تُجري حوارًا مع الشيخ عمر الهمص

الثلاثاء 16 جماد أول الموافق19/4/2011م

أجرت قناة الجزيرة القطرية لقاءً مطولاً، مع فضيلة الشيخ عمر الهمص/ رئيس جمعية ابن باز الخيرية الإسلامية، بقطاع غزة، وقد تمَّ اللقاء بمقر الجمعية بمحافظة رفح.

وتناول الشيخ عمر، خلال اللقاء، عدداً من المسائل الهامَّة، التي تحتاج إلى توضيح وبيان، خاصَّةً، في ظلِّ هذه الهجمة الظالمة التي تستهدف حملة المنهج السلفي دون تمييز.

وقد بدأ الشيخ حديثه، بتعريفٍ للسلفية، وأنَّها نسبة للقرون الثلاثة الأولى المفضلة، وهى دعوة وعقيدة ومنهاج، قبل أن تكون جماعات وحركات، ويحلو للبعض أن يقسِّم حملة المنهج السلفي إلى قسم حسب الثغر الذي يقفون عليه، فمن برز في جانب العلم أو الدعوة، فهو سلفي تقليدي أو وسطي، ومن قدَّم جانب الجهاد، فهو سلفي جهادي، وهكذا.

أمَّا بالنسبة للجهاد في فلسطين، فقد ذكر الشيخ عمر أنَّ الجهاد في فلسطين، فرض عين، وهو من باب جهاد الدفع، وتتسع دائرة المكلفين به حتَّى تتحقق الكفاية ويزاح المحتل، ويرى بعض العلماء أنَّه لا بدَّ من الإعداد الإيماني والعقائدي، وتحقيق الشروط التي بمثلها يتحقق النصر.

وأوضح الشيخ أنَّ الجهاد جزء أصيل من هذا الدين، وأن السلفية الجهادية قد ظهرت في فلسطين منذ وجود المحتل البريطاني، وكان على رأس كتائب المجاهدين، الشيخ عز الدين القسام، ولا زال مستمرا إلى اليوم، وإن كان يهدأ مرةً، ويسخن أخرى، لكنه مستمر، والشباب السلفي كغيره من الشباب، يرغب في الجهاد وطرد المحتل، وفي كثير من الأحيان، كان يشارك من خلال كبرى الحركات الإسلامية في فلسطين.

وذكر الشيخ عمر، أنَّ من الأسباب التي أدَّت إلى ظهور جماعات جديدة في السنوات الأخيرة: انفصال البعض عن حركة حماس، بعد مشاركتها في الانتخابات، وما ترتب على ذلك من تعزيز للانقسام، ثمَّ تولي السلطة، وصدور بعض المواقف التي فيها اجتهادات رآها البعض خاطئة، فخرج يبحث عن رايات أوضح. خاصةً مع وجود بعض المواقف والتصريحات التي تعتبرها حماس سياسية، ولا تعتبر مفهومة أو مبررة عند كثير من الشباب، بالإضافة إلى أن دخول حماس العملية السياسية جاء بعد أن كانت تربي أبناءها على إلهاب المشاعر والخطابات الحماسية والقوية، لذا لم يستوعب الكثير منهم المتغيرات الجديدة.

و من الأسباب التي أدَّت إلى تمسك الشباب بمواقفهم الجديدة، ضعف التواصل بين الشباب وحركة حماس، وتقديم العصا على الحوار والتفاهم، وإن حدث حوار، فمع بعض الشباب وهم في السجون والمعتقلات، ومثل هذا الحوار محكوم عليه بالفشل، ومن المعلوم أن استخدام القوة والترهيب لا يجدي كثيراً في علاج حملة، وحماس نفسها لها تجربة تؤكد هذا المعنى، فحين تعرضت للضغط والتضييق زاد ذلك في شعبيتها وانتشارها، بل إنها قد أكدت هذا المعنى في كثير من أدبياتها، ومع هذا فعند وقوع بعض الحوادث، كمقتل المتضامن الإيطالي مثلاً،تجري حملات اعتقال واسعة لكثير من السلفيين ممن يعرف الجميع أن لا علاقة لهم بذلك الأمر.

كذلك من الأسباب، تصريحات بعض المسئولين في حماس، أنَّهم لن يطبقوا الشريعة، وأنَّهم لا يريدون إقامة إمارة إسلامية، هذا مع وجود بعض مظاهر الفساد كالتبرج والسفور، والتي لم يحدث فيها تغير ملحوظ بعد تسلم حماس للسلطة.

كذلك من الأسباب، ما تحياه الأمَّة من واقع مرير، ومن احتلال ونهب وقتل و سلبٍ للمقدرات، الأمر الذي يضغط على الشباب، ويدفعهم لمحاولة رفع الظلم عن أمَّتهم، هذا مع اتخاذ بعض الشباب مواقع الانترنت شيوخاً لهم، دون نظر في واقع قطاع غزة، حيث لكل ساحةٍ وميدان ظروفه وخصوصياته، ودون الرجوع إلى أهل العلم والمشايخ، ومواقع الانترنت فيها الغث والسمين.

وذكر الشيخ، أنَّ الإخلاص هو الذي يحرك الكثير من الشباب، ولكن الإخلاص وحده لا يكفي فلا بدَّ معه من الرجوع لأهل العلم وتحري الصواب.

وأفضل الطرق للعلاج هي: زرع الثقة في نفوس الشباب من قبل أمّتهم، وإشعارهم بقيمتهم، وعدم الاستخفاف بهم ووصفهم بالعمالة والإرهاب والتطرف، فهم بحاجة للثقة وللحوار الهادئ الهادف والحضن الدافئ.

وبالنسبةَ لمسألة الانتخابات، أوضح الشيخ عمر أنَّها مسألة اجتهادية، تخضع للمفاسد والمصالح، مع تقديره أنَّ المفاسد فيها أكبر .

وذكر الشيخ، أنَّ السلفيين كانوا أول من قام وأنكر أول تفجير لمقهى في محافظة رفح، وأوضحوا أنَّ هذه الوسيلة، ليست وسيلة شرعية لتغيير المنكر، لكن العواطف والجهل كانا يقودان بعض الشباب، وبالتتبع وجد أنَّ ما يستخدم في مثل هذه الأعمال ترجع ملكيته للحركات الكبرى.

وتعليقاً على مقتل المتضامن الإيطالي، ذكر الشيخ عمر، أنَّ ما حدث مفجع، وصحيح أنَّه غير مسلم، ولكنَّه جاء لينصر قضيتنا، ويتضامن معنا وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وهو مستأمن، وقد حرم ديننا الحنيف التعرض للمستأمن بأي نوع من أنواع الأذى سواء في ماله ونفسه وعرضه .

وكشف الشيخ عمر، عن السعي الحثيث للتواصل مع جميع العاملين في حقل الدعوة إلى الله، مع أنَّ البعض، يستغل بعض الأحداث المنكرة، ليشنِّع على المنهج السلفي عامة ويعلِّق الأخطاء على شماعته، وعلى جمعية ابن باز خاصة، بالرغم من وضوح منهجها ودعوتها، فعلى رأسها مجموعة مباركة من طلبة العلم الشرعي، ممَّن يتحرون الحقَّ والصواب - ولا نزكِّيهم على الله - ودروسهم ومجالسهم العلمية مفتوحة أمام الجميع، وأيديهم ممدودة لكل باغٍ للخير، والمحبة والأخوة في الله عندهم هي الفريضة الغائبة في مثل هذا الزمان .

وفي النهاية دعا الشيخ إلى رص الصفوف وتوحيد الجهود للوقوف في وجه الأعداء المتربصين، وتحقيق غايات الأمة في النهضة والعزة والازدهار.



الكاتب: أبو البراء الغزي
التاريخ: 21/04/2011