نعم يا بلير إنها حرب تاريخية . بقلم لويس عطية الله

 

أخيرا سقط الكاوبوي المتعجرف في شر أعماله
بعد سلسلة لا تنتهي من الأخطاء والحماقات يتجه العراق إلى الانفجار الشامل إن شاء الله ..

ويرى الجنرالات الأمريكيون المتعجرفون الأغبياء أن الوضع ( تحت السيطرة ).. ويرى خبيث ماكر اسمه توني بلير أن هذا صراع تاريخي .. ونرى نحن أن هذا صحيح وأن الوقت قد حان لتصفية الحسابات مع الغرب كله في العراق ..

وبدون أي تنسيق أو توجيه أو دعم قيادي ولوجستي يقوم المجاهدون بتنفيذ خطط ولا أروع ، ولا أبدع منها لسحق مكتسبات الغرب التي اكتسبها خلال قرون متطاولة ..

اليوم يترنح العالم الغربي كله في العراق ، وتتسارع الأحداث منذرة بالقادم المهول والمذهل ، ونقول بكل ثقة ، إن القادم الأسوأ لم يحدث بعد ، وإن الغرب سيدفع ثمنا باهضا لكل الجرائم التي ارتكبها في حق المسلمين خلال هذا القرن وما قبله ..

نعم يا بلير صدقت ، الحرب تاريخية وليست معركة جانبية كما يعتقد حلفاؤك الحمقى من الأمريكيين ، وإذا أردت أدلة فانظر لحال السلاح الجديد الذي أدخله المجاهدون في العراق إلى المعركة .. سلاح خطف أبنائكم وأتباعكم من الغربيين ..

وسأعطيك مثالا واحدا حدث اليوم ، عندما خطف المجاهدون أربعة ايطاليين ، كان من مطالبهم أن يقوم برلسكوني بالاعتذار عن تجاوزاته في حق الإسلام والمسلمين0 وهذا حساب قديم لم يدفع برلسكوني ثمنه بعد ، وقرر العراقيون أن يتكلموا هذه المرة باسم الإسلام والمسلمين
ليدفع برلسكوني ماعليه من مستحقات من دماء أبناء شعبه من الطليان .. فهذا نموذج لمعنى كون الحرب تاريخية وكون العراقيين يصفون حسابات كثيرة من أبسطها حسابهم مع أوباش وأحلاس الناس الذين جاؤا مع الأمريكان إلى العراق من أجل ( الارتزاق ) باسم تحرير العراق ..

أما الأمريكان فمن الواضح أن حسابهم عسير للغاية على أيدي المسلمين العراقيين في الفلوجة وغيرها من المناطق ..

أما الفلوجة فحديث المعجزات وصناعة البطولات ، أوقف مجموعة من المجاهدين عشرين ألف علج من علوجكم الصفر في الفلوجة ، فما أشد خسارتكم يا بلير عندما ارتكبتم الخطأ التاريخي الآخر الذي سيكون به زوال هيمنتكم على بلاد المسلمين ، عندما غزوتم العراق وظننتم أنها
نزهة لتكتشفوا اليوم في الفلوجة وبعقوبة والرمادي وبقية القرى المباركة أنها الحالقة ، وأنها قاصمة الظهر وأنها الطامة الكبرى وأنها القارعة التي نزلت على رؤسكم لتكسرها وتمحو ما بها من باطل ..

اليوم لا خوف على المسلمين بعد الآن ..

فما يحدث في الفلوجة ليس أمرا عاديا بل هو انقلاب خطير على مستوى الصراع مع الغرب ، لأن ما يجري هو استعادة للمبادرة من قبل المسلمين لأول مرة في التاريخ الحديث ..

ما يجري في العراق ليس معركة توازنات ومصالح سياسية عالمية مثلما حصل في افغانستان في الثمانينات بل جهاد دفع فرضه المجاهدون على الكفار فرضا ودفعوهم دفعا إليه .. في صورة شديدة الوضوح وباعتراف الغرب نفسه أنها مبادرة من المجاهدين أنفسهم وليس كما قلنا
حسابات توازنات ومصالح .. ولا أدل على هذه الحقيقة من أن الامريكان أنفسهم هم الذين طلبوا الهدنة مرتين !!

وهل تعلمون ما الحقيقة ؟

الحقيقة يا سادة أن المقاتلين لم يواجهوا الآلة الأمريكية لأول مرة ، ولم يواجهوها وهي مستعجلة في هجوم خاطف وهي قادمة قبل يومين من وراء البحار ، ولم يواجهوها وهي معزولة مقطوعة بدون دعم لوجستي أو معنوي أو طابور خامس كبير ، ولم يواجهوها ومعهم ظهر يتحيزون
إليه وينكفئون عنده ليتقووا أو يرتبوا أنفسهم ..

بل واجهو القوة الامريكية وقد حطت رحالها واستقرت ، ورتبت كل قواعدها العسكرية ومراكز المراقبة والدعم اللوجستي والتنقل ومعرفة الأماكن والتعامل معها وبعد أن ضمنت دعم وتعاون كل الدول الخائنة في المنطقة دعما سياسيا ومعنويا وماديا وبعد أن ضمنت دعم طوابير طويلة من الخونة في داخل العراق من النفعيين والطائفيين والملحدين وخارجه ..
ولأول مرة في توازنات حروب العصابات الحديثة يتحرك المقاتلون داخل سيطرة ميدان خصمهم دون أي دعم أو ظهر خارجي ..

أي بمعنى أن أمريكا ضمنت أنها خنقت المقاتلين وقطعت عنهم كل السبل ، ليس سبل السلاح والدعم اللوجستي فحسب بل حتى سبل المعلومات والإعلام التي تحصل عادة في حالات حروبالعصابات من خلال نافذة خارجية بجناح سياسي آمن فهو خنق حقيقي اشد حتى من وضع إخواننا في فلسطين حيث يستطيع الإنسان أن يستمع للرنتيسي
مثلا ومكانه معروف وهو يدعو لقتل اليهود ..

ومقابل من؟

مقابل دولة هي أقوى دول العالم تقنيا وعسكريا وماليا وسياسيا واستخباراتيا، وتدعمها دولة هي أكثر دول العالم خبرة في الخبث والدهاء، وتتعاون معها استخبارات الدول العريبة القريبة منها ، ودول اخرى لسان حالها يقول لم نأمر بما يفعله الأمريكان لكن لم يسؤنا

ثم ماذا ؟

تبدأ المقاومة والناس يحسبونها زفرة مقطوعة، لكنها تتنامى وتكثر وتتسع ثم تتحول إلى ثقافة، نعم إنها ثقافة الجهاد وبرستيج المقاومة وفخر قتال الكفار، ثم تتشكل تدريجيا في تحد تاريخي.. والمحللون مندهشون !!

كل حساباتهم تقول انها ستنتهي بالحصار والقمع والقتل والتنكيل وتعاون الأطراف العالمية ضدها بينما المحللون يرونها أمامهم راي العين تتنامى ولا يستطيعون فهم المعادلة، ويبقون يظنونها زفرة تأتي أثر زفرة .. يتأملون في الأحداث فيحسبونها نزوة منتقم او حيلة يائس
ثم يكتشفون انها ليست كذلك، فيقولون نعم فهمنا هؤلاء بقايا النظام مقاتلون مدربون وتنظيمات قوية ولم يعلموا أن أزلام النظام السابق لا يحسنون الا البطش والتنكيل والتعذيب حين كانوا في سدة الحكم

ثم يستمر الزخم حتى تصل لمرحلة اثبات الوجود في معركة الفلوجة الحالية.. معركة كسر العظام .. ويبقى المراقبون مذهولين لا يدركون ما يجري ولا حتى قادة الجيش الامريكي ..

لم يدركه الا واحد تمرس بالخبث ..

وهو خريج مدارس الخبث والمكر العالمي .. \"توني بلير\"

لقد صدق هذا العلج حين قال إنها معركة تاريخية..

لكنه لم يدرك وهو يصرح بهذا التصريح أنه يعترف بأن احتلال العراق اختصر لنا مراحل التاريخ ، واختزل صراع قرون بيننا وبين الروم ..

تأملوا معي المشهد على حقيقته ...

احتلال العراق بالصورة التي حصلت وبالظروف التي تشكلت وبعد أحداث سبتمبر وتداعياتها ونجاح الغرب في إزاحة صدام حسين وفر لنا في الحقيقة حاضنا تاريخيا يختصر مراحل الزمن حين وضع رأس رمح الأمة في وجه الآلة الغربية بلا غطاء من خونة العرب فيا رب لك الحمد أن أتيت بهم وبقضيضهم وأزحت على أيديهم نظاما مركزيا كان يحميهم مثل كل الأنظمة العربية.

نعم فعل الصليبيون ما يتوافق مع أخلاقياتهم وحقيقتهم النفسية وطباعهم الذاتية فقتلوا منا وسفكوا دماء أهلنا في الفلوجة وغيرها من أنحاء العراق .. نعم ارتكبوا أقصى ما يستطيعون فقتلوا وتسببوا بالجراحات والاعاقات والتشريد .. وسببوا لأهلنا ما لايطاق من الالام .. ولكن في المقابل سفكت دماؤهم هناك وسقاهم المجاهدون من الكأس التي يسقون بها المدنيين من أهل الفلوجة ..

سقيناهم كأسا سقونا بمثلها *** ولكننا كنا على الموت أصبرا

لكن الأهم من ذلك .. أن هناك زخما هائلا من (الكيانية) الإسلامية يتشكل الان، وخلال تشكله تسمع له موجات صدمية هائلة ترتج لها ارجاء العالم العربي والاسلامي، ترتج الارض من تحت اقدام الناس بامواج الزلازل القادمة من الفلوجة تقول لهم نعم نحن الذين نوقظكم من الرقاد..

تقول: لا تنظرو لجراحنا ولا لموتانا ولا لمشردينا ..انظروا لنا كيف تجتمع علينا الأمم فنزداد قوة وصلابة كيف يستحكم الحصار حولنا فنزداد ثباتا وشموخا وعزة

يقولون، كيف يظن كل الخونة والمخذلين أننا انتهينا، ونحن في الحقيقة في مزيد من الصعود والنمو والقوة

إن ما يجري في العراق ليس معركة عصابات ولا مقاومة محتل ..

إنها روح تسري كالإشعاع الذري الهائل في قلوب اهل الخير فتحيلهم الى عمالقة ..

يزداد إحكام الالة العسكرية والسياسية والاستخباراتية وتزداد الخيانة من خونة العرب، لكن في المقابل تزداد قوة الاشعاع ويتحول المزيد من الناس الى عمالقة

والله إن ما يجري في العراق صناعة سريعة للرجال .. إنتاج بالجملة لعمالقة تاريخيين يصنعون الأحداث ..

ويتورط الأمريكان، يحسبونها معركة عابرة يريدون إن يحسموها لتأديب الشعب المحتل فيغوضون في وحلها الرهيب، فيزجون بالمزيد فيغوصون اكثر وهم لا يعلمون أنهم يصنعون المزيد من العمالقة فلا يجدون حلا بعد هزيمتهم المنكرة الا تدمير المباني على رؤوس اهلها.

نعم نتألم لهدم المباني على رؤوس إخواننا هناك، ونتألم لمنظر الأطفال والنساء، لكنها والله البشارة، إنه لو استسلم الرجال أو لو كانت مواجهتهم سهلة بقوات (الدلتا فورس) لم يضطر المحتل لهدم المباني في هذه المدينة الصغيرة،

وهكذا تنقلب المعادلة فمع كل بيت يهدم وكل طفل يقتل وكل عائلة تشرد يزداد عدد العمالقة

هيهات هيهات ..

لقد تجاوزنا ذلك الزمن الذي يرعبنا فيه ازيز الطائرات ودوي المدافع وانفجار القنابل.. فلقد صنع الله في المسلمين جيلا اعتاد العيش في ظل قصف طائرات الأباتشي والإف ستة عشر
..

آه لو تسمعون ما يقوله القادمون من هناك!

لو تسمعون لأدركتم أن قتال العدو صار الذ عليهم من كل متع الغرائز مجتمعة

وكيف ان المجتمع كله صار حاضنا طبيعيا لهؤلاء العمالقة، لماذا؟ لأن المجتمع هناك في (المثلث العظيم) اصبح مجتمعا عملاقا ..

ربما تهدم نصف منازل الفلوجة بل ربما تهدم كلها ،

ربما يقتل كل شبابها..

ربما يشرد كل اهلها ...

لكن الفلوجة نقلت العدوى ولله الحمد .. فيروس العزة والكرامة والاستعلاء والمسؤولية قد خرج عن الحجر الاجباري..

الفيروس ينتشر في الأمة انتشار الهشيم واخواننا في المثلث العملاق جلهم مصابون بالفيروس، فليعمل الأمريكان ما شاؤا بالفلوجة بعد ذلك وليعملوا ماشاؤوا في بقية العراق فقد تلقت بلاد المسلمين طلائع الفيروس المتطاير وظهرت فيها أعراض التعملق ..فأنى لهم أن يفرحوا بتدمير الفلوجة وهم في الحقيقة يعجلوا بتدميرهم أنفسهم خلال نشر هذا الفيروس ..

الذي أردت قوله ان خسارة الأفراد أو حتى خسارة مدينة كاملة لا تعني شيئا في هذه المعركة التاريخية لان المسالة لم تعد بعد هذه المعطيات وانتقال العدوى مسالة مدينة او سكانها، والروح التي سرت ليست روح قتال وتحدي فحسب، بل روح استعلاء وقناعة بالرسالة العالمية
وقناعة بحتمية النصر والهيمنة .

أقول وأحلف بالله، فليفعل الامريكان والانجليز وحلفائهم من الخونة ما يشاؤون، فقد تجاوزنا عنق الزجاجة وتحققت أسوأ مخاوف صامويل هنتغنتون عندما حذر من الاتصال بين القاعدة والجماهير فجاء الامريكان وقاموا بالعمل بأنفسهم وبالمجان وجعلوا الجماهير تتبنى خيار القاعدة بدون أي جهد قاعدي ..

لكن مهلا فالقضية ليست قضية قتال واصرار على القتال وكسب لمعركة محلية..

القضية فعلا تاريخية.

القضية قضية استعلاء، قضية قناعة المقاتل المسلم بانه الأحق بالهيمنة العالمية ولذلك اصبح كسر جيوش الحلفاء في العراق مفتاحا لسلسلة من التغيرات العالمية التي تعبّد الطريق لهيمنة الإسلام..

نعم.. أما بلير فقد صدق... إنها معركة تاريخية لكنه مخذول وسيهزمه الله ..

ومن فوائد معركة الكرامة في الفلوجة والعراق كله ، اننا صرنا لاول مرة نرى الامريكان والغربيين في حالة قلق دائم وارتباك في المواقف والتصريحات والقرارات، ونظن اننا سنرى المزيد من الارتباك ، ولا أوضح دليلا على هذا القلق وهذا الارتباك إلا حديث بلير عن كون
المعركة تاريخية ومن قوله :

\"نحن في صراع تاريخي في العراق\". وأضاف \"لو قدر لنا ان نفشل وهو ما لن يحدث ... فالامر أكبر بكثير من هزيمة قوة أمريكا.

\"سيتلاشى أمل الحرية والتسامح الديني في العراق.\" ويقول انه اذا فشلت قوات الاحتلال في العراق فإن \"الدكتاتوريين سيبتهجون وسينتشي المتعصبون والارهابيون ويقول \"لو قدر لبريطانيا الانسحاب من العراق فان المتشددين سيطلبون خروج القوات الاجنبية من افغانستان ثم من الشرق الاوسط كله\" وتابع \"كلما زاد ضعفنا كلما ضغطوا علينا.\" واستطرد \"هناك معركة يتعين ان نخوضها... صراع يتعين ان نفوز فيه... وهذا ما يحدث الان في العراق.

فهذه تصريحات تعكس حجم القلق وحجم المخاوف التي يشعر بها بلير بسبب مخاوفه مما يجري في العراق ، ومن قبل سبقه المجرم الاكبر هنري كيسنجر عندما قال إن هزيمة أمريكا في العراق هزيمة للغرب كله .. وهل تعرفون معنى هزيمتهم في العراق ؟ إن معناها خسارتهم لكل ما حققوه خلال خمسة قرون..

صدق بلير وصدق كيسنجر.. صدقوا بقولهم حرب تاريخية لكن كذبوا فالنصر لنا بحول الله وقوته !!

بقلم / لويس عطية الل

الكاتب: الحازم
التاريخ: 01/01/2007