تهنئة الشيخ الدكتور أيمن الظواهري باستشهاد الشيخ عطية الله

 

"أما التهنئة الثانية فهي للأمة المسلمة وللمجاهدين ولأهلنا في ليبيا وفي مصراتة على الأخص بشهادة الشيخ العالم المجاهد المرابط المهاجر القائد الأمير الحليم الحكيم الخلوق المربي المؤلف للقلوب والمجمع للصفوف رفيع الأخلاق طيب الشمائل الصادع بالحق والمنتصر للإسلام المحقق المنصف فضيلة الشيخ أبي عبد الرحمن جمال إبراهيم اشتيوي المصراتي، الشهير بالشيخ عطية الله رحمه الله رحمة واسعة، وأجزل له مثوبته على هجرته وجهاده ورباطه وثباته وطلبه للعلم وبذله له ونشره. استشْهد رحمه الله يوم -الثالث والعشرين- من شهر رمضان المبارك بقصف من طائرة جاسوسية صليبية، فرحل إلى الرفيق الأعلى وولده عصام، رحمهما الله رحمة واسعة، وكان الشيخ من قبل قد استودع عند ربه الرحيم الغفور ولده إبراهيم شهيدا كما نحسبهم، الذي قتل في ثاني قصف تعرض له بعد أن نجا من أول قصف حين كان مع الشيخ أبي الليث الليبي رحمه الله رحمة واسعة، فاستشهد الشيخ أيو الليث رحمه الله، ونجا إبراهيم. فرحم الله هذه الأسرة المهاجرة المرابطة المجاهدة، التي قدمت عميدها وفلذتي كبده دفاعا عن راية الإسلام والتوحيد والجهاد، وأنفة من أن يتحكم الصليبيون المجرمون في ديار الإسلام وأوطان المسلمين، ويعيثوا فيها فسادا، ويهينوا أبناءها، ويسخروهم في عبودية النظام الغربي المشرك المنحرف.


وقد أرسل لي الشيخ رسالة كتبها قبيل استشهاده بأيام قلائل، يبشرني فيها بالعديد من الفتوحات في أفغانستان، ومنها الهجوم على معسكر الأمريكان في وردك، فقد أخبرني بأنه قد قتل فيه ما لا يقل عن ثمانين أمريكيا، وأن بترايوس اضطر للمجيء لأفغانستان ليتفقد المصيبة بنفسه، وبإسقاط الطائرة التشينوك التي قتل فيها قرابة ثلاثين جنديا أمريكيا، من القوة التي شاركت في قتل الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله، وبالعديد من العمليات الأخرى في كابل وغيرها من بقاع أفغانستان، وبشرني بقرب فتح طرابلس على يد المجاهدين، وقد أمضى الشيخ الليلة التي قبل استشهاده ساهرا، يتتبع أنباء فتح طرابلس على يد إخوانه المجاهدين.


وشاء الله العزيز الحكيم أن يلحق الشيخ بشهداء فتح طرابلس -بإذن الله ورحمته- في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.


والشيخ عطية الله لا يحتاج لتعريف، فسيرته العطرة الزكية معروفة منتشرة، أمضى حياته -رحمه الله- بين ميادين الجهاد ورحلات الهجرة وحلقات العلم ومناصب التوجيه والتربية والقيادة، هاجر رحمه الله لأفغانستان في زمن الاحتلال الروسي، وبعد انتهاء الغزو وظهور بوادر الغدر الباكستاني الأمريكي بالمجاهدين العرب في أفغانستان، الذين شاركوا في تحرير أفغانستان والدفاع عن حدود باكستان، هاجر رحمه الله للسودان، ثم هاجر إلى موريتانيا لطلب العلم، فنهل قرابة ثلاث سنوات من فيض معين علمائها، ثم هاجر للجزائر للمشاركة في الجهاد مع الجماعة الإسلامية المسلحة، ومر بتجربة مريرة معهم، ثم عاد مهاجرا لأفغانستان مع قيام الإمارة الإسلامية فيها، وعمل بالتدريس في المدرسة العربية في كابل، وقد فتح على الشيخ في الدعوة للجهاد ونصرة المجاهدين، وذب الافتراءات والشبه الموجهة لهم، كما فتح عليه في إدارة شؤون المجاهدين وتسيير أمورهم، ورزقه الله قبولا واسعا بين كافة طوائف المجاهدين في أفغانستان وباكستان.


وقد كان الشيخ يكتب ويتحدث بلقبه الذي اشتهر به وهو عطية الله، ولما وقعت أحداث ليبيا، ونفرت فئات المجاهدين من الشعب الليبي المسلم المجاهد المرابط للخروج على الطاغية الزنديق المستسلم للغرب القذافي، قرر الشيخ أن يشارك ببيانه وتحريضه لأهله وإخوانه في ليبيا، فأصدر رسالته (تحية لأهلنا في ليبيا) باسمه الحقيقي، ليقول لأهله وإخوانه وأبنائه في ليبيا وفي مصراتة؛ أني معكم، وأنا أخوكم، وأنتم أهلي، وأنا منكم وأنتم مني، وأني كنت أتمنى أن أكون معكم، لولا ما أنا فيه من اشتباك وقتال وجهاد مع أعدائنا وأعدائكم وأعداء الإسلام والمسلمين الأمريكان وحلف الناتو الصليبي.


ذهب إلى ربه شهيدا هذا المهاجر المرابط المجاهد، وكانت آخر محطة في رحلة هجرته؛ هجرته إلى ربه شهيدا، وقد سفك المجرمون الصليبيون دمه، ومزقوا بصاروخ بدنه.


ركزوا رفاتك في الرمال لواء يستنهض الوادي صباح مساء

يا ويحهم نصبوا منارا من دم يوحي إلى جيل الغد البغضاء

جرح يصيح على المدى وضحيّة تتلمّس الحرّية الحمراء

خيّرت فاخترت المبيت على الطوى لم تبن جاها أو تلمّ ثراء

لم تبق منه رحى الوقائع أعظما تبلى ولم تبق الرماح دماء

كرفـات نسر أو بقيّـة ضيغم باتا وراء السـافيات هباء


ذهب المجاهد المهاجر العالم، وبقى الثأر له دينا في أعناقنا وعنق كل مسلم وعنق أهل ليبيا وعنق أهل مصراتة، ثأرا نأخذه -بإذن الله- من هؤلاء الغربيين الصليبيين الذين قتلوه وابنيه، وقتلوا مئات الألوف من أبنائنا وإخواننا ونسائنا وشيوخنا، واحتلوا بلادنا، وسرقوا ثرواتنا، وسلطوا علينا عملاءهم، وزرعوا في وسطنا إسرائيل، قوة متقدمة لهم، تحرس مصالحهم، وتهدد بقنابلها النووية وجودنا ومستقبلنا" أهـ.


** رسالة الأمل والبشر الحلقة الثامنة نشرتها مؤسسة سحاب مرئية وصوتيا ونشرت منشورة مفرغة في منتديات الشموخ والأنصار والفداء وغيرهم.


الكاتب: نجدية حرة
التاريخ: 02/12/2011