ثلاثة أخطاء في دعاء القنوت في صلاة التراويح

 

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه ثلاث ملاحظات على دعاء القنوت في صلاة التراويح

من بعض أئمة المساجد وفقهم الله

1 - التلحين والتنغيم في الدعاء
وهذا أمر محدث لم يكن من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام

ولا أحد من أصحابه ولا السلف الصالح ويكفي في هذا أنه

لم يرد عنهم ولو كانوا يفعلونه لورد ، ثم إنه عمل قبيح

فإن حال السائل حال افتقار وذل وتمسكن وانكسار تنافي

صفة التلحين والطرب ، والله عز وجل أجل وأعظم من أن يسأل هكذ

ا ، وحتى ملوك الدنيا لا تسأل هكذا ( ولله المثل الأعلى )
ولو أراد سائل أن يسأل ملكا من ملوك الدنيا كما يسأل

هؤلاء الأئمة الله تعالى بالتطريب والتلحين فما أرى هذا الملك

إلا سيقول : يا غلام عليّ بالسيف والنطع . ثم يأمر بضرب عنقه ،

ذلك أنه ينافي حال التعظيم والإجلال للملك كما أنه ينافي

حال الفقر والذل للسائل
( ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض ) فكيف بملك الملوك

جل جلاله أن يسأل بألحان وطرب ؟!! بل إني سمعت من يبالغ

منهم فيخرج الدعاء كأنه غناء سمعت أحدهم يقول ( وقهم عذاب اللحوؤؤؤؤؤؤؤد ) فيرجع ترجيعا ، فهل هذا حال سائل ذليل

مفتقر لله عز وجل ؟!! ما أظن ذلك

ومنهم من يجوّد الدعاء كما لو كان يقرأ القرآن فيأتي
بأحكام التجويد من الإخفاء والإقلاب والإدغام بغنة وبغير غنة

وكل هذا من البدع المحدثة
2 - إطالة القيام في الدعاء في القنوت إطالة فاحشة
الأصل في قيام الليل أنه لسماع القرآن وما سوى ذلك إنما

هو تبع ومن هذا التبع دعاء القنوت ، أما أن يكون الدعاء

طويلا جدا حتى يأخذ عشر أو ربع ساعة وقد يبلغ ذلك ربع القيام

كله فهذا من المنكرات وليس من السنة ولا عمل السلف الصالح

فلو كان من عملهم لنقل ، وقد يكون في هذا الطول الفاحش مشقة

على بعض المامومين وأذكر أن إماما أطال جدا جدا فما كان مني

إلا أن إنصرفت من الصلاة وأتممت الركعة وخرجت لأن هذا

التطويل الفاحش حقيق به أن يكون من البدع المحدثة فإن

النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الجوامع من الدعاء

ويدع ما سوى ذلك وقد أنكر أحد الصحابة على ابنه لما سمعه

يقول ( اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة ) وقال له

أنه يكفيك أن تسأل الله الجنة وتستعيذ به من النار سمعت

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( سيكون في أمتي أقوام

يعتدون في الطهور والدعاء ) ، وقد سمعت من بعض الأئمة

من التفصيل في سؤال أنواع من نعيم الجنة ما كان قول إبن الصحابي

هذا أمامه مستصغرا ، وقد سمعت بعضهم يأتي بأسماء الله الحسنى

كلها في الدعاء فيقول ( اللهم ارجمنا يار حيم يا الله ، اللهم

ارحمنا يا غفور يا الله ، اللهم ارحمنا يا كريم يا الله ... )

وهكذا حتى إنه ربما أتى على جميع أسماء الله الحسنى

التسعة والتسعون وهذا خلاف السنة فإن النبي عليه الصلاة والسلام

كان يجمع فيقول ( أسألك بكل اسم هو لك ..) ولم يفصل ،

وما ورد من التفصيل فبثلاث أسماء أو أربع فقط كقوله

( اللهم إني أسألك بأنك الواحد الأحد الصمد )

3 - البكاء عند الدعاء وعدم البكاء عند قراءة وسماع القرآن
لا ريب أن الله خلق عباده مختلفون فترق قلوب قوم عند أمر

ما لا ترق عند آخر ، ولكنه من غير الحسن أن نسمع

إمام المسجد ومن خلفه من المأمومين يبكون عند دعاء القنوت

ولم نسمع أحدا منهم يبكي عند قراءة كلام الله تعالى ، إن كلام الله

أعظم كلام وفيه من الدعاء والثناء والترغيب والترهيب

ما هو أحق أن تُذرف له العيون وتوجل منه القلوب ،

وأنا أظن أن من يبكي في دعاء القنوت دون سماع القرآن

أنه أتي من نقص في إيمانه فليس ثمة أعظم من كلام الله

داعية للبكاء لمن تدبر وتفكر فيه
كما أن إخراج الصوت في البكاء الذي نسمعه في زماننا هذا

لم يكن من عمل السلف الصالح بل كان أحدهم يسر بكاءه

حتى يبل لحيته ولا يدري من بجانبه عن بكائه ، أما اليوم

فمن كان في طرف المسجد يسمع بكاء من كان في

الطرف الآخر ، ولست أتهمهم في نياتهم إني لأرجو لهم

الخير لكن هذا العمل ينبغي إنكاره وأن يسر المسلم دمعته

ما استطاع والآثار عن السلف في كتم بكائهم وإسراره

إلا أن يغلبهم كثيرة مشهورة وهي من إخلاص الوجه لله تعالى
قد يكون هناك أخطاء أخرى لكني أكتفي بهذه والله أعلم



الكاتب: بو عباس
التاريخ: 27/08/2009