ياعالم الظلم..كيف تكون النهاية؟؟سجناء غوانتينامو |
|
ليل الظلم يرخي سدوله على الدنيا..
إن أنصت قليلا فإنك يمكن ان تسمع أنين الضحايا وعذاب
المحرومين وصرخات الجائعين.
العالم يتقدم بسرعة نحو نهاية مؤلمة، ويصعد بجنون نحو الهاوية
. البشرية كلها تعيش في حالة ظلم عام لم يشهدها التاريخ حتى
في عهد الامبراطورية الرومانية التي كان طغاتها يمتعون أنفسهم
ويتلذذون برؤية دماء الناس ودموعهم واصوات آلامهم ونحيبهم.
إن استثنينا الطغاة الظالمين وجنودهم فإن كل إنسان في عالمنا البائس يتعرض للظلم بأشكال مختلفة..
إننا يمكن ان نقسم العالم الى أقلية من الطغاة الظالمين وأغلبية من المقهورين المسحوقين المظلومين.
رائحه اللحم المحروق!
هل يمكن ان نتصور مشهداً يمكن ان يلحق العار بالبشر كلهم؟
تخيل معي ايها القارئ الكريم
انك تشاهد قوما تجمعوا يشاهدون إنسانا اشعلوا النار في جسده، وانهم يتلذذون بهذا المشهد؟
ما اشد سواد هذا النهار!!، الهم تراكم على القلب حتى لم يترك
مجالا لمزيد من الحزن لو ان هذا مشهد من فيلم لهان الخطب،
ولتصورت أن خيال مخرج الفيلم أو مؤلفه قد جنح وجمح وشط وجن.
ولكن الحقيقه المؤلمة هي أن المشهد واقعى تماما.
أبعدت الصحيفه التي نشرت الخبر، واستعذت بالله من الشيطان
الرجيم فقد بدأت اشم رائحة إنسان يحترق، ربما يكون لحمى أو
لحم ابنى الذي لم يتعلم الوقوف بعد.. اسرعت اضمه خوفا.. بللت
دموعى وجهه البرىء. اشتد الظلام فجأه رغم ان الساعة لم تتجاوز العاشرة صباحا.
النار تشتعل فجأه في الشارع في المدرسة، في الجامعة، في المسجد..
شعرت برغبة شديدة في الهرب ولكن الى اين..
الى مكان ما في هذا العالم لا اشم فيه لحما إنسانيا يحترق..
أين هذا المكان؟!
! عدت اردد: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
. تذكرت فجأة ان الساكت عن الحق شيطان اخرس..
يالهول الكارثة!..
اشتد بى الخوف من غضب الله. صرخت: يارب.
مازالت رائحة الشواء البشرى تملأ المكان والزمان وتثير الغثيان..
ترى إلى أين أهرب؟!! أمر وأقسى صوت من داخلي صرخ فجأة:
هون على نفسك..
هذه الحادثة جزء من حالة الظلم العام التي تمر بها البشرية..
هل تختلف عملية حرق إنسان على قيد الحياة عن ادخال العصا في دبره؟!.
شعرت بخنجر مسموم يخترق سويداء القلب:
أين ذلك الضابط الذي غرس العصا في دبر ذلك السجين المسكين
الضعيف الذي لا يملك قدرة على المقاومة ثم صور تلك العملية
البشعة ليفضحه بين اهله واصحابه؟!! هل مازالت النجوم تلمع
على كتف ذلك الضابط، ومازال يفخر بفعلته الفاحشة؟!!
مازالت
رائحة اللحم الإنساني المحترق تملاء المكان.
وازدادت الرغبة في الهرب، ولكن إلى أين؟!
أين ذلك الإنسان الضعيف الذي تعرض لعملية هتك عرض؟!!
وهل مايزال يشعر بالعار والانكسار؟.
هل مايزال يقبع في غرفة مظلمة يجتر ذكرياته المريرة ويغالب احزانه، ويتمنى الموت الذي لا يأتي.
ربما تكون مأساة ذلك السجين الضعيف أمرّ وأقسى من مأساة
الرجل الذي اشعلوا النيران في جسده، ووقفوا يرقصون حول النار،
ولكن هل هناك أكثر من تلك المآسى بشاعة وقسوة؟!.
الكلب والمجندة الأمريكية فجأه ظهرت أمامي صورة أكثر دموية
وإيلاما إنها صورة سجين عراقي كان مكبل اليدين والقدمين وقد
باعد القيد بين ساقيه العاريتين وظهرت عورته.
بينما وقفت امامه مجندة أمريكية وهي تسحب كلبا ضخما وتشير
له لينتزع أعضاء السجين الداخلية وكان السجين يصرخ رعبا
وخوفا والمجندة تبتسم وهي تشبع شهوة الانتقام.
كان الإنسان في داخلى يصرخ ألما وحزنا والضمير يتعذب حين
ألح على السؤال:
هل هناك فرق بين المجندة الأمريكية والكلب؟!
هل هذا وقت للفلسفة؟!!
الكلب عقور ومسعور ولكنه لا يمكن ان ينتزع الأعضاء الداخلية
لسجين ضعيف إلا بناء على أوامر صارمة من المجندة الأمريكية،
فهو يطيع الاوامر، وهو عبد المأمور.
ولكن من المؤكد أيضاً أن تلك المجندة أكثر سعارا من كلبها، وعادة
ما يتم اطلاق الرصاص على الكلب المسعور، لكن امريكا اكتفت
بتوقيع اقصى العقوبة على المجندة الأمريكية وهى السجن لمدة
ستة اشهر، ثم تم الافراج عنها لتضع حملها السفاح وتلك المجندة
الأمريكية هي الممثلة الشرعية للولايات المتحدة الأمريكية
وللحضارة الغربية كلها.
ودم الحيض أيضاً مجندة أمريكية أخرى استخدمت مع سجناء
جوانتانامو نوعا من التعذيب لا يمكن أن يخطر على بال إنسان،
فقد استدعت بعض السجناء وهي حائض، ثم قامت بتلويث
أجسادهم بدم حيضها.
إنها تريد ان تلقى نجاستها على اناس يتطهرون، ويحرصون على الطهارة.
أصابنى الشعور بالغثيان مرة أخرى، وأردت ان اهرب خارج هذا
العالم، وخارج ذلك الزمان..
ولكن سمعت صرخة ضمير معذب..
هون عليك..
هل يختلف سلوك تلك المجندة الأمريكية عن سلوك الولايات
المتحدة، وهل يختلف دم الحيض عن اليورانيوم المنضب، وهل
يختلف اشعال النار في جسد سجين عن إلقاء دم الحيض على جسده؟!!
جنود امريكيون ابدعوا في التعذيب فاكتشفوا أن تعذيب النفس قد
يكون اكثر ايلاما من تعذيب الجسد، وأن إهانة عقيدة الإنسان
ومقدساته عملية تعذيب بشعة تفوق كل ما يتعرض له الجسد من
صعق بالكهرباء وضرب بالسياط والنار المشتعلة.
هؤلاء الجنود عرضوا المعتقلين في جوانتانامو لعملية تعذيب من
نوع جديد هى تمزيق القرآن الكريم، وتعذيب المعتقلين بإهانه كتابهم المقدس.
ذلك السلوك لا يختلف عن سلوك المجندة المسعورة التي
استخدمت الكلب لانتزاع اعضاء السجين الداخلية ولا يختلف عن
سلوك المجندة التي استخدمت دم الحيض..
كما انه لا يختلف عن سلوك الجنود الأمريكيين الذين يدمرون
المنازل على رؤوس سكانها في العراق، ويوجهون رصاصهم الى
رأس جريح احتمى بالمسجد.
عبيد المأمور لكن هل هؤلاء هم المجرمون؟!!
صرخ صوت في داخلي:
نعم بكل تأكيد هم مجرمون، وقد ألحقوا العار بالبشرية كلها،
وأهانوا الإنسانية، وهم مسؤولون عن جرائمهم ويجب أن يعاقبوا
بما يتناسب مع تلك الجرائم. لكنها ليست جريمتهم وحدهم. إنما
عبيد المأمور ينفذون ما يأمرهم به، ولذلك فالمجرم الحقيقى هو
المأمور الذي أصدر لهم الأوامر.
والمأمور هو الشخص الذي يرأس قسم الشرطة في أرياف مصر،
ولكن التسمية استخدمت للدلالة على الطواغيت الصغار الذين
يستخدمون مجموعة من الجنود للاضرار بالناس وإلحاق الأذى
بهم وقهرهم ليخضعوا لأومر المأمور الباشا.
والمأمور ينفذ أوامر رئيسه، الذي ينفذ بدوره أوامر رئيس أعلى
منه، وهكذا فالمامور مجرد عبد لسيده. ترى من هو المأمور في
هذه الحالة ومن هو السيد؟!!
في عالمنا البائس الذي تخضع معظم دولة للإدارة الأمريكية فان
حاكم أية دولة من تلك الدول التي كانت توصف بأنها نامية أو دول
العالم الثالث هو مجرد مأمور ينفذ أوامر السيد بوش، وبالتالي فإن
هذا السيد هو المسؤول عن تلك الجرائم، وهذا لا ينفي مسؤولية
كل مأمور عن جرائم أتباعه وجنوده.
كل هؤلاء الطواغيت الصغار هم مجرد خدم لدى السيد بوش فهو
الذي عينهم، وهو الذي يساندهم ويؤيدهم ويدعمهم، وهو الذي
يصدر لهم الاوامر التي لا يملكون الا تنفيذها دون إرادة منهم.
وبالطبع فإن بوش هو المسؤول عن الجرائم البشعة التي ارتكبها
جنوده في العراق وجوانتانامو.
لكنه ليس سيداً لكن التأمل في الواقع يؤكد ان بوش نفسه ليس
سيدا، فهو مجرد مأمور كبير عينه اليمين المسيحي المحافظ
المتحالف مع الصهيونية ومع الشركات عابرة القارات.
ورغم غروره المصطنع فان بوش لا يملك من أمر نفسه شيئاً،
وهو لا يختلف عن حكام دول العالم الثالث.
وهذا لا ينفي مسؤوليته ولكن تلك هي الحقيقة التي يجب ان نعرفها.
اليمين المسيحي المحافظ أيضاً مجرد أداة تستخدمها الصهيونية
لفرض سيطرتها على الولايات المتحدة الأمريكية، واستخدامها
لغرض سيطرتها على العالم. وهذا قد يوفر تفسيرا علميا لتطور
عمليات التعذيب خلال هذا العصر، وارتباط هذا التطور بشهوة
الانتقام خاصة ضد المسلمين فمعظم عمليات التعذيب خاصة تلك
التي تستهدف القهر النفسى واهانة المقدسات تستخدم بشكل
أساسي ضد المسلمين ومن المؤكد أن هذه العمليات ترتبط بثقافة
كرست الرغبه في الانتقام والسعار ضد المسلمين.
لذلك فإن الجنود الأمريكيين الذين قاموا بعمليات التعذيب البشعة والتدمير
والتخريب قد خضعوا لعملية غسيل مخ منظمة، وبالتالي فانها جريمة ثقافية
وليست مجرد جريمة جنائية والذين يقومون بنظام التعذيب في نظمنا العربية
البائسة خضعوا أيضاً لعملية تشكيل ثقافي غربي، حيث اصابتهم حالة السعار
الغربي ضد المسلمين، وأصبحوا مجرد سياط.
وأدوات لتكريس حالة الظلم
العام التي صنعتها الولايات المتحدة.
أكبر من كل ذلك لكن حالة الظلم العامة أكبر من أن تختصر في حالات تعذيب
نتجت عن سعار غربي وعن شهوة الانتقام.
فالظلم يجتاح العالم، وهناك شعوب تتعرض لعملية ظلم منظمة مثل شعب
فلسطين الذي اغتصبت أرضه.
فجأة تذكرت صورة والد محمد الدرة..
أردت أن أعرف أين هو
؟.كيف تشكلت حياته بعد أن أطلق الجنود الصهاينة النار على ابنه وهو
يحتمى به وذلك هو قمة الظلم، بل لعل ذلك يساعدنا على التوصل لتفسير
علمى فلماذا تزايدت عمليات التعذيب والظلم والاغتصاب والقهر مع تطور
الحركة الصهيونية وزيادة قوتها.
إن ذلك يشكل جزءا من عملية الافساد في الأرض التي يقوم بها الصهاينة،
فهم الذين يستخدمون الولايات المتحدة الأمريكية لاذلال العرب والمسلمين
وقهرهم واهانة مقدساتهم كما أن اصابع الصهاينة تبدو واضحة في صنع
الطغاة العبيد الذين ينفذون الأوامر الأمريكية بقهر شعوبهم وإذلالها حتى لو
كان ذلك بوسائل خسيسة مثل اشعال النار في الجسد الإنساني الحى أو وضع
العصا في دبر إنسان..
عدت أشعر بالغثيان فرائحة الشواء الإنساني تملأ العالم..
فكيف ستكون النهاية؟!.......
./ أ. د. سليمان صالح