|
مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali
وهذا عنوان حسابه الجديد
hamedalalinew |
|
متابعات نقدية في قصائد رثاء الشيح المجاهد أحمد ياسين
عني الأدب العربي : قديمه وحديثه أيما عناية بموضوع الرثاء .وقد كان الرثاء ولم يزل رافدا جليلا من روافد التجربة الشعرية ، ولونا بارزاً من ألوان الفنون الأدبية؛ زخرت به المكتبات وغصت به الدواوين .
ولعلنا لن نأتي بجديد إن نحن قررنا أن نطرق هذا الموضوع من خلال عنوانه النوعي (شعر الرثاء ) ،أو من خلال شعرائه المرموقين : كأبي ذؤيب الهذلي وفدوى طوقان والخنساء .
بيد أن الجديد في طرحنا النقدي هذا أن موضوع البحث الذي نفرش له بساط التعبير يتعلق بالمرثي ذاته دون إغفال للنص المكتوب أو صاحبه .
وعندما نكون موضوع قصيدة هو ذلك الحدث الجلل والشيخ الجليل والرمز العملاق في قرن عز فيه العمالقة ، أقول : هنا فقط تشرئب الأقلام وتتسامى الهامات وتنعتق من عقالها الطاقات ، ويتشكل النص الشعري بذائقة الدم والعقيدة ، وبركان الثورة والانتفاضة ، دون اغفال لكافة القيم الإنسانية الفريدة في شخصية الشيخ القعيد القائد الموحد المؤسس الثابت المنظر المرشد الروحي لحركة ضربت جذورها في اعماق التاريخ وبثت صداها في أرجاء المعمورة لكي تصبح عنوانا قرمزيا لكل فكر مقاوم .
ولن نغيب كثيرا عن طبيعة الدرس النقدي الأدبي ؛ حتى لا يزعم زاعم أننا نحاول صياغة بعض القراءات السياسية في ثنايا نصوص تنظيرية مؤدلجة . بيد أننا نحب أن نعلن عن منهجنا في الكتابة الأدبية النقدية مسبقا ، قائلين وباختصار شديد: إن مصطلحات الفكر والسياسة والدين والثقافة لا تعزل النص الأدبي عن أدبيته ، بل تعمل فيه شيئا من التوسعية المطلوبة ، وتعمق لدى القارئ معالم الوعي والفهم .
نحن –هنا- لن نزعم قائلين أن جديدنا هذا غيهبيا، أو مثيلوجيا بحتا ، بل لعلنا نحب أن نسميه من الجديد الواقعي ؛ لما للتسمية من أهمية سنوظفها في طريقة العرض والتحليل ؛
فالحدث رغم جسامته وفظاعته يبدو من الناحية الفعلية حدثا واقعيا له مكانه وزمانه المعروفان ، والشيخ مع جلال شأنه وعلو قدره إنسان يدب على الأرض فوق كرسيه المتحرك ، والشعراء هم الشعراء رغم خصوصية انتمائهم ، والنصوص عربية المقاطع فراهيدية الأوزان والبحور على الرغم من أرجوانية الدم وعنفوانية النيران .
أقول هنا يصبح الحديث عن الشخصية المركزية التي دار حولها النص المتعدد ذا مزاجية خاصة ؛ حيث المراوحة بين طبائع النصوص الشكلية ، وسماتها الفنية ،وقيمها التاريخية ودلالاتها الإيحائية .
نحن هنا أمام معيار ثقافي مختلف، له من الدلالة ما له ، ولا أقل أن يقال فيه: أنه مؤشر كمي ونوعي على حضور النمط الشعري المقاوم في الأوساط الثقافية المرموقة ، دون ذوي السلطان وحاشيته ؛ فهو من هذه الناحية يكشف عن مزاجية جليلة الشأن في عمليات الاستقراء الطبيعي لمدارس الشعر المتعددة ؛ فحضور المدرسة الاسلامية في الشعر الإسلامي المقاوم من طنجا إلى جاكرتا يدلل على قوة هذه المدرسة وسعة وجودها ويدلل من نحو آخر على قيمة الاستقطاب الفكري والثقافي الذي تفرضه حركات المقاومة على شعراء العربية من مختلف الجنسيات .
هذا وشئ من قبيلة ما أسعى إلى طرحه –هنا- من خلال هذه المتابعات النقدية والأدبية .ولن أزعم أنني قد أحطت بهذا الموضوع خبراء واثقلته حملا . بل لعلي أزعم أنني أمر على شطآنه مرا خفيفا ، و لعل غيري يبحر إلى قيعانه فيستخرج لنا المحارات واللآلئ.
1- الشكل الفني
ولعل أول ما يلفت نظرك وأنت تسير بين النصوص التي واكبت الحدث .. وتناولت الموضوع.. ذلك التنوع الفني البديع بين روائع الشعر التقليدي وسبائك الشعر الحديث المتالق ... وفي عملية استقرائية سريعة لطبيعة البحور والقوافي التي تناولت الحدث لأكثر من اربعين شاعرا نجد أن من بين ستة وثلاثين نصا ) – اعتمدتها رسميا – في الدراسة ستة عشر كتبت على البحر الكامل بينما كتب خمسة فقط على البحر البسيط واثنتان على البحر الطويل وكتب شاعران على الهزج …وكان حظ المتدارك خمسة قصائد و الرمل قصيدة واحدة ،
وكذلك حظ الرجز قصيدة واحدة . بينما خلت باقي البحور من أي قصيدة .وأجدني انقل عن القدماء في بعض تعليلاتهم لعلاقة الموسيقا الشعرية بالموضوعات الشعرية حيث يقولون ان المعلقات انما كتبت على الطويل والوافر ولكامل والبسيط والخفيف والسريع لما في هذه البحور من طول تتسع من خلالها كثرة التفاعيل والمقاطع الصوتية لأناة الشعراء وشكواهم المريرة او لملائمة الموسيقا في هذه البحور للأغراض الجادة.
و من هنا فإنه ليس غريبا أن تكون تلك النسبة العالية من مختارات الشعراء في رثاء سيد الشهداء للبحر للكامل ، ذلك البحر الذي أكثر القدماء من النظم عليه ووصلنا من روائعهم ما لا تطاله الأقلام أو تعلوه الهامات وصلنا مما وصلنا معلقة عنترة :
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
ومن روائع النابغة الذبياني :
أمن آل مية رائح أو مغتد عجلان ذا زاد وغير مزود
ومن امرؤ القيس حيث يقول
حلت تماضر بعدنا رببا فالغنر فالمرين فالشعبا
ومن المنخل الشكرى
يا رب يوم للمنخ ل قد لها فيه قصير
ومن قول لبيد :
عفت الديار محلها فمقامها بمنى تأبد غولها فرجامها
ومن قول ابي تمام :
يا صاحبي تقصيا نظريكما تريا وجوه الارض كيف تصور
ومن الشعر الحديث ما نعشقه ونترنم به ما قاله ابراهيم طوقان في الوطن :
كفكف دموعك ليس ينفعك البكاء ولا العويل
وما قاله شوقي في رثاء القائد المجاهد عمر المختار :
ركزوا رفاتك في الرمال لواء يستنهض الوادي صباح مساء
والكامل في راينا من البحور الرقيقة القوية فيه من الجمال ما قيل عنه في مفتاحه:
كمل الجمال من البحور الكامل
. أما قوته فتعود الى طبيعة التألق في تفعيلة متفاعلن من حيث الكياسة الشكلية والرقة
الموسيقية في تتابعات متفاعلن ؛ فهو من هذا النحو يصلح للموضوعات الجادة كالرثاء التي تحتاج الى نوع من العواطف الرقيقة . ويشابهه في هذه الغاية كل من الرمل والمتدارك والبسيط .. ويصلح أيضا للموضوعات العاطفية والغزل ..
وتصبح البدائع فيه جليلة عند اجتماع الفروسية مع الغزل ،او اجتماع القيادة والحزن كما في عمر المختار وأحمد ياسين. أما البسيط الذي جاء في المرتبة الثانية من مختارات الشعراء فهو كما يرى الخليل بن أحمد الفراهيدي من البحور التي تناسب الموضوعات الجادة كالرثاء ولنا ان نستشهد برائعة المتنبي في الرثاء .
حيث يقول: عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد واذا ما تناولنا مع البحور الشعرية المنتقاة ، طبيعة القوافي التي رافقت النصوص نجد ان الاختيارات الصوتية قد جاءت موفقة ومتقاربة الى حد بعيد ؛ والايقاعات الموسيقة من خلال الدفقات المتتالية في الوحدات الصوتية لها دلالاتها الخاصة حينما تتكرر على نسق مطرد فترى لها اثرا في النفس لا ينفك يسبكها بانفعالت خاصة . تبدو تلك التأثيرات في بدائع
الشعراء العمالقة ، كما في قول في قول شوقي:
اختلاف الليل والنهار ينسي أذكرا لي الصبا وأيام أنسي
في الشطر الأول تكثر حروف المد لتجانس رغبة المواساة والتعليل في نفسية شوقي المولعة بالذكرى ثم تنخرط هذه الدلالة الصوتية الجزئية لتشكل مع طريقة الإيقاع الموسيقي والموازنة الشكلية في اختلاف حرف الروي (س) لينسجم مع رقة المشاعر وانسيابية الكلمة وخفة الطرقات الموسيقية .
أما في موضوعنا ، فقد انتهت ست قصائد بقافية النون وخمسة بقافية الدال وقصيدتان بالهمزة وقصيدتان بالهاء و ثلاثة للميم واثنتان لللام وواحدة للباء واخرى للقاف وواحدة للتاء وواحدة للراء وخلت باقي الحروف من أي قافية . اذن هناك حصر للقوافي في حروف نعتقد ان اختيارها قد انسجم مع طبيعة الموضوع فالنون على سبيل المثال بما تدل عليه من سكون وستر ينسجم مع جلال القدر للشيخ الجليل وطبيعة الرحيل والغياب في موضوع الشهادة والغياب عن الوجود والقاف للقوة والدال مناسبة ايضا لقضية الموت والاوجاع الم تلمح تلك المناسبة العجيبة في اختيارات الدال مع موضوع البعث والتهديد في سورة ق.
وهذا الذي اشرنا اليه في سينية شوقي نجده عند كثير من المواكبين لذلك الحدث الجلل، ونذكر منه للمثال قول الدكتور سمير العمري:
غَابَ السِّرَاجُ وَمَا غَابَ الضِّيَاءُ بِـهِ وَأَظْلَمَ البَّدْرُ لَـمْ يَشْفَـعْ لَـهُ تَمَـمُ
وَأَجْفَـلَ الفَجْـرُ أَنْ تُنْعَـى بِغُرَّتِـهِ شَمْسُ الوُجُوْدِ وَأَنْ تَسْتَبْشِرَ الرَّخَمُ
فحرف المد في حادثة الغياب يمثل بعد المسافتين الزمنية والمكانية بين ما كان وما هو كائن ثم تكتمل صورة الغياب في استخدام الطباق بين الضياء والظلام وعندما يختصر الزمان في بشاعة الحدث وتعجز المحاولات عن طي صفحة المأساة تنجزم الفعال وتغلق الأفاق وذلك ما تحمله الميم في رسمها الانغلاقي ودلالتها على الانتهاء في مثل قولنا تمَّ أظلم وتكتمل حلقة التقابل بين دلالات الانتشار والامل في الفجر والشمس وتستبشر لتقابل بالغين المغلقة في قوله بغرته ؛ والغين تدل على الغياب في معظم استخداماتها كما في قولنا : غاب غمر غرب اغمي عليه غفي . غدر أي في الستر…الخ. أما تكرار حرف الدال في مطلع قصيدة الشاعر محمود مرعي فلما في هذا الحرف الانفجاري من طرقات قوية وحدة صوتية تتمشى مع حدة الموقف الرهيب فهو نبا عن الفؤاد رقودا وينبه النفس ويذكر من تذكر نَبَـأٌ أَزالَ عَـنِ الْفُـؤادِ رُقُـودَا وَأَمَدَّ كَوْكَبَـةَ الْجِهـادِ وَقُـودَا
غير اننا لا نستطيع ان نطمئن الى هذا التصور العام الا بعد مراجعة النصوص الشعرية كاملة . والاسترشاد ببعض الدالات الموثقة في النص الشعري المعروض. ثم لا نستطيع ان نعمم هذه القاعدة دون اشارة توثيقية لجدلية التشابك بين التجارب الشعرية الفردية ، والصور الشعرية المعروضة والموسيقا المظللة بالكلمة المصنوعة وايحاءاتها المختلفة .
وهنا، تجدر الإشارة إلى أن عملية نقدية سليمة لن تكتمل إلا بعد دراسة واعية لقضيتين متلازمتين لا انفصام بينهما في أي عمل أدبي وهما: القيم الشعورية والقيم التعبيرية ، فالقيمة الشعرية هي الاساس المتين لتشكيل التجربة الشعرية وتعميق الرؤيا النقدية المواكبة لعملية الصدق الأخلاقي أو ما يمكن تسميته هنا درجة الصدق العاطفي في التفاعل مع حادثة الاستشهاد .
أما القيم التعبيرية فمجالها الصور والتشبيهات واللغة والديباجة ومواطن الإبداع الشكلي، وهي تمثل- هنا- الجانب الآخر من الصدق، وهو الصدق الفني.
وليس المطلوب من الاديب كما يرى سيد قطب في كتابه \"النقد الأدبي أصوله ومناهجة\" : أن يقول كلاما كيفما اتفق ، ولكن المطلوب ان يكون له ميسم ذاتي ، وطابع شخصي ، يدمغ به كل عمل يحرج من بين يديه وهذا ما نعنيه هنا من تكامل التجربة الذاتية في تجانس القيم الشعورية والقيم التعبيرية في النص المبدع.
فالنقد في مفهومه العام يحمل في طبيعته قيمة تفسيرية تبحث عن دلالات النص وإيحاءاته وقيمة تقويمية ، تقول في النص حكما إجماليا من نحو قولنا : أحسن هنا … وثمة خطأ هناك وليته قال كذا…الخ
وهنا لا بد ان نستدرك الى ان عملية النقد الجادة لا تطمئن الى مزاعم الصدق في شعر المناسبات .
وتصبح عملية القول الفصل في مثل هذه المواقف عملية هزلية غير مبنية على اساس متين بيد اننا لن نسلم بهذا الزعم المطلق في دراستنا ؛ لأن شيئا من الانتماء العقيدي يجعل عملية التعاطف مع الحدث ابعد من تكون عن الشكلية فالشيخ له في قلوب محبيه ما لم يكن لأم سيف الدولة في قلب المتنبي .
فالشيخ كان- نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله- رمزا قائدا له مريدوه بالملاين ملا قلوبهم حبا .
ولما كان موضوع البحث عندنا هو المرثي نفسه لا الشاعر الراثي فإن الوقوف على شخصية الشاعر كما فعل العقاد في دراسة ابي نواس لن يكون مناط بحثنا بل سنستجيب للمنهج النفسي ونراوح بين النص وبين مادته وأعني بذلك الشيخ المجاهد أحمد ياسين . وقد نحتاج –هنا- للحديث عن القيم الشعورية في اداء النص الشعري المواكب للحدث المتحدث عن الشخصية المنوطة بالبحث.
الى النصوص الشعرية
عندما قُتل كليب أخو الزير سالم ، جاءه القوم يهرعون اليه ؛علهم يمنعون طوفان الرد في فلسفة الثار المعهودة لدى العرب الاقحاح في جاهليتهم الجهلاء ، فكان شرط الزير: إما ان يردوا له أخاه حيا، أو يصبروا للداهية التي تنتظرهم:
قل لبني ذهل يردونه أو يصبروا للصيلم الخنفقيق
أما الحارث ابن عباد الذي ارسل ابنه جبير رسولا الى الزير عله يوقف طوفانه فقتل بجير بشسع نعل كليب القائد الملك الهمام. لتثور ثائرة ابن عباد ؛ فيقسم كما اقسم المهلهل ان يمحو تغلب عن بكرة ابيها.
انه منطق الثأر الاستعلائي في حفظ الحقوق ، وإكرام العمالقة ، واسداء يد الطاعة والجميل لمن ضحى وقاد.
وعندما يكون الخطاب عن شيخ الاحرار، وسيد القادة ، وعملاق العملالقة ؛ فان قصائد شعر المحبين لن تقبل بأقل من رد مزلزل: يقول الشاعر فارس عودة سيَأْتِيكُمْ غَـداً إِعْصَـارُ حَـرْبٍ تُزَمْجِرُ مِـنْ غَمَامَتِـهِ الرُّعُـودُ فَفِي الأُفُقِ القَرِيبِ رِيَـاحُ فَتْـكٍ بِهَا تَشْقَـى التَّهَائِـمُ والنُّجُـودُ وَفِي الأُفُقِ البَعِيدِ زَئِيـرُ أُسْـدٍ وَ زَمْجَـرَةٌ تَئِـنَّ لَهَـا الْقُـرُودُ وَرَايَـاتُ الْمَنَـايَـا خَافِـقَـاتٌ بأَيْـدِي فِتْيَـةِ القَسَّـامِ سُـودُ والرد في شيخ المجاهدين لن يكون عبارات من الشجب السخيف الذي اعتدنا عليه من زعماء الذل والخيانة .
بل كما قال الشاعر رمضان عمر:
فالرد في الياسين ليس تجارة تزجى ولكن الف رد يطرب
شهداء معركة الفداء مع السرا يا في الخنادق زمجرت تترقب
صيدا ثمينا ، لا تقل عشرا ولكن بالالوف من اليهود سنحسب
بل سيتجاوز الرد الذي يطلبه الشعراء مطالب السياسين ؛ لتصبح القصائد المسبوكة احزمة تنسف وصواريخ تقصف ، كما في مطلع قصيدة ابو محمد الشنقيطي اجعل قصيدك فيهمُ ألغاما و قنابلا و بنادقا و نشامى ولأن الحديد لا يفل الا بالحديد تفرض على الشعراء شعارات استقوها من ساحات الوغي في توازنات الرعب.. وتجسد شيئا من الخطابية الثائرة في عاطفة محمومة وقادة إن الدما تروي الدما فتثيرها نهرا ً عنيفا ً يرفض الإلجاما!! فليرقبوا الطوفان يغرق سدهم و يزلزل الإرهاب و الإجراما
وتتسابق الاقلام في تصوير شمس الشموس وسيد الشهداء في صور تعبيرية غاية في الاجادة والجمال: يقول الشاعر الميمان النجدي:
أطـاحَ بـنو صـهيونَ بـالغدرِ كوكباً
تـناءى عـن الـتخليدِ في الذل واعتلا
أطـاحوا مـن الأفـلاكِ خِدنُ نجومها
فـأسبلتِ الـجوزاءُ مـا كـانَ أثـقلا
أَشَـمُ مـع الإيـمانِ كـالطودِ مـنحنٍ
واذا اعتاد الشعر ان يقارن بين ممدوح وأخر بما اجاد به العمالقة في قولهم:
كأنك شمس والنجوم كواكب اذا طلعت لم يبد منهن كوكب
فمجال المقارنة-هنا- مع زعامات الخيانة غير وارد هنا الا في مجالات المفارقات التصويرية والتصنيفات القيادية : يقول الشاعر خميس :
وُلدت زعيماً وعشتَ زعيماً وبعدكَ ، فليسقط \" لزعماءْ \"..
فليس هنالك منهم ، على هذه الأرضِ ، مَن يستحق البقاءْ .!
وتبدوالخصائص النفسية والجسدية التي شكلت شخصية الشهيد في أوج تألقها عندما توظف توظيفا دقيقا
كرسيُّكَ المتحرِّك اختصر المدى وطوى بك الآفاقَ والأزمانا
علَّمتَه معنى الإباءِ، فلم يكن مِثل الكراسي الراجفاتِ هَوانا
معك استلذَّ الموتَ، صار وفاؤه مَثَلاً، وصار إِباؤه عنوانا
أشلاءُ كرسيِّ البطولةِ شاهدٌ عَدْلٌ يُدين الغادرَ الخوَّانا
وكيف لا تبكي فلسطين جامع فضلها ورمز عزتها ومقيل عثرتها، كما يرى الكاتب حامد العلي
بكت فلسطينُ اليومَ جامعَ فضلِهـا وسيفاً بها ذلَّ اليهــــــودُ وعُبِّدوا
إذا ذكرت مجدَه تبلّل خدُّهـــا وراحتْ تُكفكِفُ دمعَهـا تتنهَّــــدُ
وهيّج ذكراه إليها صلاحَهـــا ويومَ حطين وعــــزاًّ يُمهـَّــدُ
ولكنّها عادت فسلَّت سيوفَهــا إذْ لاح لها من فوقهــــا يتعهـَّـدُ
دمي لفلسطينَ بشـرى ونصرُها وموتى لهُ عهــــدٌ ووعدٌ مؤكَّــدُ
بل ربما تتوقف الكلمات معلنة عجزها الطبيعي غائبة رؤاها المحدودة … في صوت نسوي ضعيف لا يقوى على ضربات الموت العنيفة لتنثني الضلوع وتتمزق الأضلع :
تقول الشاعرة ابتسام
مصطفى:
تتوقف الكلمات تعلن عجزنا..
غامت رؤاي َ فلا أرى...
نارٌ تمزق أضلعي .
حين انثنت لها أضلعك..
هم وسّدوك ترابنا..؟؟؟
بل أي قلب ٍ أَوْدعك…!!
تركوك وحدك شيخنا …!
أرواحنا بقيت معك
لو كان يرجعك الدموع لكان دمعي أرجعك
أما شموخ الكلمة ووفاء الجميل في عملية توازنية مرضية بين الحزن والرضا بقدر الله فذلك يقدمه الشاعر الصومالي
هنيئا لقد نلت ما تشتهيه
شهيدا مضيت .. مضاء السيوف
خلال الحتوف بقلب نزيه
فديناك لو أن هذي الجمو
ع تساوي الرداء الذي ترتديه
أيفدى الجهاد؟ .. وبعض معانيـ
ـك شق الدروب لمن يبتغيه
ومن خلال هذا التصور الاسلامي العجيب لمنزلة الشهادة في وعي الشاعر الاسلامي . وفداحة الفقد في وجدانه لشيخ احبه وتمنى سلامته يمتزج الرضى بالعبرات في قصيدة الشاعر عبد الرحمن العشماوي
فرحي بِنَيْلِ مُناك يمزج دمعتي ببشارتي ويُخفِّف الأحزانا
وثََّقْتَ باللهِ اتصالكَ حينما صلََّيْتَ فجرك تطلب الغفرانا
أما الشعور بالفجيعة وجلال الخطب فذلك تبرره حقيقة الحدث، وتبيحه العواطف الجياشة الصادقة ؛ فكيف لا يبكي شيخ الجهاد تلامذته وكيف لا ينسكب الوجع على دوحة المد الاسلامي والأمة قد أصيبت في قلبها
ماذا أسطر يا ياسين من ألمـي ؟ قدونكم ينحني يـا شيخنـا قلمـي
ماذا أسطـر والأحـزانُ عاصفـة والدمعُ يقطرُ من عيني على قدمي
لكن الشاعر سرعان ما يوظف هذا الدم النازف الى وقود للمعركة .. وندبا لمن يستحق الندب من امة المكلايين
ولستُ أبكيك بل أبكـي عروبتنـا أبكي الملايين في ذلِّ وفـي سقـمِ
ومن هنا تنقلب الموازين وتتغير المقاييس كما يرى الشاعر حسان حويش:
من موتك العربي يبتدئ المخاضُ..
وتبتدي ..
من حمحمات الموت أمواج الصهيل
فدع العروش الخاوياتِ..
تئن تحت سوط الذلِ..
واظفر بالشهادة شامخاً
لنا التشرذم والتشرد
ولك التوحد والتمرد
مـت خالداً
إن غيبوك عن العيون
فالقلب مثوى الخالدين
ومع جلالة الحدث وقيمة التعبير العاطفي الحزين المواكب لفاجعة الاغتيال الا ان طبيعة الشعر الاسلامي المقاوم لا تقف عند حد الندب العاطفي وشق الجيوب كما فعلت الخنساء في أخويها صخر ومعاوية. بل ان طبيعة الشعر المقاوم المفعمة بالفكر والسياسة تفرض نمطية تنظيرية في سياق الخطاب الشعري السياسي؛ فالشيخ أحمد ياسين رمز المقاومة وزعيم الخط الجهادي وهنا يبرز في تنايا الخطاب عمليات التقابل في المعادل الموضوعي لهذا الفكر كما جاء في قصيدة الدكتور محمود صيام:
هذا السلام هـو الـذي يدعـو إليه المجرمـونْ وبِـهِ القـراصنــةُ الغـــزاةُ - أمـامَنــا – يَتَبَجَّحُـونْ
والأغبيــــاءُ يطبلـــون - لمثله - ويزمـجـــــرونْ
ويصـدِّقُــون الأدْعِيــاءَ وهُـم بِـهِ يَتَشَـدَّقُــــونْ
والأمريـكانُ وبـوشُ بـلْ كُلُّ الطُّغـاةِ يُباركُـونْ
* * *
هـذا السـلامُ هـو الذي يسعى إليـه الفاشلونْ
ولـه - بكـل وسيلـةٍ - يَدْعون بـل ويروِّجُونْ
ودمـاؤُنـا تـروي الربـوع ، وهـم بهـنَّ يتـاجــــرونْ
وعلَـى جَمـاجِمنـا – مَـعَ الدخَــلاءِ – هُـمْ يَتفـاوَضونْ
وكأنمــا دمُنـا هـو النَّخْـبُ الــذي يتبادلــــــونْ
ولا تستقيم هذه البراءة من الفكر الاسلوي المنهزم ، الا بعد اعلان الولاء والمبايعة لأصحاب الفكر المقاوم الذين يمثلهم هذا الدم الزكي في شهادة الياسين، كما في قصيدة الشاعر سمير عطية
تيهي حماسُ يثوبِ عزِّكِ واشمخي ... كحَّلتَ بالشيخِ الجليلِ عُيونا
دوماً على عهدِ الوفاءِ تُحبَّكم ... والقلبُ أضحى باللقاءِ رهينا
إنّا نقشنا في الصُّدورِ حماسنا ... ليكونَ في صدرِ العِدا سِكينا
إنا لهذا اليوم صُغنا شعرنا ... لنعيدَ شوقاً في البُراقِ سنينا
تيهي حماسُ فأنتِ غُرّة فجرِنا ... وخيولُ نصركَ للفِدا تأتينا
مع تحيات شاعر القدس والمقاومة / رمضان عمر / نابلس
الكاتب: رمضان عمـــــر التاريخ: 01/01/2007 عدد القراء: 6324
أضف تعليقك على الموضوع
|
تعليقات القراء الكرام
|
|