فى أحد البلاد....هناك....هنااااااك..كان عمار صاحب السبع سنوات يجلس فى هذا البلد البارد...خلف زجاج الشرفة لاصقا وجهه الجميل بالزجاج ليرى جيدا ما يحدث فى بيت جاره مايكل.
وببراءة الاطفال يسافر بعينه الى هناك....يبتس ماذا ابتسم جاره...ويتعجب كلما تعجب...ويبكى كلما رآه يبكى...وحارت عينه كلما وضع مايكل يده فىصندوق ألعابه....متفكرا فيما ستخرج به يده
أعجبته شجرة الكريسماس....وأذهلته زينتها....وأحب وجه سانتاكلوز...وعشق ثيابه الحمراء...وتمنى أن يملك جوربا فوق فراشه مثل جاره مايكل....
مرت الليله...البارده...وأم عمار تقترب منه من وقت لآخر...تحاول بلطف أن تخرجه من العالم المزيف الذى يسرح فيه
يا بنى....ياحبيبى..ألم تكتفى
لا ياماما
هل تعجبك الزينه
نعم...نعم..
سأزين لك غرفتك فى عيد الاضحى
لكننى أريد...شجره..وجوربا فوق فراشى...وهداياكثيييييره...وأريدأن أرى بابا نويل
لا..لا...لا يا عمار...لا تقل هذا....انه ليس أباك..أتفهم يا بنى
ولكنه طيب يا أمى....ولا يفعل الا الخير...وسأرسل له رساله...ليأتى لزيارتى...ويحضر لى أخى بلال
وهنا....كان لابد للام أن تفر من أمامه....فقد تذكرت ابنها الذى توفى العام الماضى بلال.....واعتصر فؤادها و هى ترى اللهفة فى عين عمار على أخوه الذى يتمنى أن يراه...وذهبت لتتوضأ...ودعت الله أن يصرف قلب ابنها عن حب هذا العيد...ورموزه
وتألمت وهى تتذكر ما يكون عليه شباب العرب فى تلك الليله...وكأنهم خلعوا اسلامهم...وبدلوه بثياب أخرى...تماما تشبه ثياب...سانتا كلوز
واستمر عمار يراقب جاره حتى أغلقت جارتهم النافذه...وظهر الحزن على وجه عمار...الذى راقب الثلج وهو يسقط على جوانب الشرفةمن الخارج...,ظل يراقبه...حتى نعس...رغم برودةأنفه التى التصقت بالزجاج....أغمض عينيه هنيهه...وفتحها مرةأخرى....وفجأه....رآه أمامه...يمر فى عربته الرائعه...ذات الاجراس الجميله...ففرح...وفتح الزجاج...وصرخ بأعلى صوت....
((سانتا كلـــــــــــوز...سانتا كلـــــــــــوز))
التفت صاحب اللحية البيضاء....وهويتعجب....واقترب بعريته التى كانت تطير فى الهواء من النافذه....والتفت اليه...وسأله...
ما اسمك؟؟
عمار
يبدوأنك عربى
نعم..نعم...
هل أنت مسلم؟؟
نعم...الحمدلله
ماذا تريد؟؟
خذنى معك...أريدأن أراك وأنت تعطى الاطفال الهدايا..وأريد منك أن تأخذنى الى أخى بلال
هههههههه
لماذا تضحك؟؟
لا..لا..لا شىء...هل تحبنى...وتريدأن تذهب معى حقا؟؟
نعم...أحبك....وسأذهب معك
اذن لابدأن تطيعنى..فى كل شىء.....كل شىء
نعم....نعم....سأطيعك
هات يدك.....هيا بنا
وصعدعمار......وانطلق سانتا كلوز...يطير هنا....وهناك....ويقف ليوزع الهدايا....وعمار بعيناه التى يملأها فضول الطفل....ورغبته فى التملك...وحبه للعب..والهدايا...رغم كل ما عنده من ألعاب..الا ان بريق الكريسماس...اختطفه بعيدا...مع سانتاكلوز..
وبينماهم يطيرون..وفجأه.....ظهرت...وهى على مكنستها ..تطير خلفهم...وتنادى....((ياعمااااااااااار))
التفت عمار....واذا به يرى فتاةجميله...ترتدى ثيابا بيضاءطويله....تبرق من ثنايا ثيابها حبات اللؤلؤ...وتلف وجهها بحجاب طويل....طارت أطرافه خلفها....فبدت كملاك.يطير
تعجب عمار.....الذى انتفض عندما نهره سانتا كلوز...وطلب منه أن لا ينظر اليها...وأخبره أنها الساحرة الشريره....وان تلك مكنستها...وأنها ستقتله...ولابدأن لا ينخدع بشبابها...وجمالها...ولا حتى حجابها.....لكنها أقتربت...وأمسكت بالعربه...وصارت تطير بمكنستها بجانب عمار....الذى سألها فورا...
من أنت؟؟
اسمى..سلام
ومن أين أنت؟؟
من بلد عربيه
ولم تركبين مكنسةمثل الساحرات
لم أجد سواها أمامى...فقدكنت مشغولة بكنس الحطام...ونفض الرماد الابيض عن بلادى....لكننى رأيتك...وعرفت وجهك...هات يدك...وانزل من عربته...انه سيخطفك
لا....انه سيحضر لى الهدايا...وسيأخذنى لمنزله...لأحضر الاحتفال برأس السنه....وبعدها سأرى بلال
وهنا....أخرج سانتا كلوزعصاةطويله....وضرب سلام على يدها التى كانت تمسك بها عريته السحريه....فسقطت وهى تصرخ...ولم يجروء عمار على يعترض فقد رأى نظرة من سانتا كلوز خلعت قلبه...الذى لم يهدأ....الا عندما عاد العجوز لابتسامته
وفى تلك الحظه سقط المطر...وابتلت ثياب سانتا كلوز
وتساقطت منها قطرات المطر....بعدأن أصبح لونها أحمر....فتعجب عمار....وأخذ ينظر للون الاحمر وهويختفى...فأخبره سانتا بعد أن اضطرب أن اللون الذى يصبغ به ثيابه...يذوب تحت المطر
ولابدأن يذهبا لقصر سانتا....حتى يبدل ملابسه.
ووصلا أخيرا الى بيت سانتا كلوز....بيت كالقصر....فوق تلال غريبةالشكل...تغطيها رمال بيضاء....وفتحت البوابات....وذهل عمار مما رأى.....رأى الكثير من اللعب...والحلوى...والاشياء الجميله...وانطلق يلعب...ويلهو...ويأكل...ووجد الكثير من الاطفال....لكنه بعد قليل...تذكر بلال..فقام وتنقل بهدوء فى حجرات القصر المملوء بالناس...رأى الكل يرقص....ورأى البعض يصرخ...ويقفز,,,,وحاول أن يستمع الى الغناء....ولم تعجبه الكلمات....كما اشمئزمن ثيابهم العاريه...فخرج الى حجرة أخرى....يبحث عن سانتاكلوز..اقترب من النوافذ فسمع الاذان...وحاول أن يصلى....ولكنه كلما استدار وابتعدعن النافذه...وجدما يلهيه عن الصلاه..وأخيرا صعد سلم طويل....ووصل الى حجرته...واختبأ وراء بابها...واستمع الى حديث لسانتاكلوزمع القزم الذى يساعده
هل انتهيت من صبغ ملابسى
نعم يا سيدى سانتا..ولكن بقيت القبعه...,نحتاج الى بعض اللون الاحمر
ماذا؟؟ألم تكفيكم الدماء التى جمعت من أطفال العراق؟؟
نعم يا سيدى...ولكن أنت تعلم...ملابسنا الحمراء كثيره...ولابدأن نظهر بمظهر يجذب الانظار ..ليلتف البشر حولنا...ونلهيهم عن الاسلام
وما الحل اذن؟؟
لا أدرى يا سيدى سانتا.....هل أكملها بدماء الطائر الذى تربيه ابنتك
لا..لا...لا ..أمجنون أنت....أتؤذى طائرا مسكينا!!وتقهر قلب ابنتى..مممممم...انتظر...اليوم نادانى صبى عربى أحمق..يظن أننى أستطيع أن أعيد له أخاه الذى مات...ما رأيك أن........نكمل به صبغ ردائى....فبقيت عدة ليالى...ولابد من ثياب لأكمل رحلتى لابنائنا..نعم...أبنائنا...فقط
أمرك يا سيدىسانتا...سأنتظر حتى تأتينى بدمائه
وعندها فر عمار......وانطلق يجرى على السلم...حتى خرج من بوابة القصر....وارتمى على الرمال البيضاء...وسمع صوتها يناديه مرةأخرى((عمــــــااااااااار))....
فرح عمار...ورفع رأسه..ووأجاب نداءها...فنزلت اليه...واحتضنته...وحملته خلفها...وارتفعا معا...فوق سطح القصر...ورأى أشخاصاهناك...فوق سطح القصر يرقصون...ويلهون...ويشربون الخمور...فسأل سلام
من هؤلاء يا سلام
انهم للاسف...مسلمون ياعمار
أويردى المسلمون تلك الثياب الخليعه!!
نعم...للاسف
ويرقصون هكذا!!
نعم للاسف
ويشربون الخمر!!
نعم يا عمار...اجابوا دعوة ((البابا نويل))وخدعتهم أناقة الكريسماس....ونسيوا أن ثيابه...وثياب من حوله...تلطخت بدماء أطفال العراق...حتى هذا الرماد الابيض...الذى يشبه الرمال...ما هو الا رمادالعظام المطحونه....هنا....,هنا....وهناك...فى فلسطين والعراق
يا الهى......سلام....أنت من أرض العراق...أليس كذلك
نعم....ياعمار.....أنا من هناك
هل....تعيدينى الى بيتى
بالتأكيد......ها نحن اقتربنا....
هل تستطيعى أن تأخذينى الى أخى بلال
لا يا عمار.....انه فى دار أخرى يا بنى....لقدتوفاه الله...وغدا فى الجنة ستلقاه...هناك....مع أطفال العراق....هاهى نافذتك....اهبط...واذهب الى فراشك...ولا تنسى أن تغلق نافذتك...
الان....الان عرفت حقيقة سانتاكلوز....وعرفت متى سألقى بلال....
الى اللقاء ياعمار
الى اللقاء ياسلام
واقتربت أمعمار لتحمل فتاها الصغير الذى نعس أمام زجاج نافذته...ففتح عينيه وهى تحمله برفق وقال لها
أمى...لا أريدأن أرى سانــــــتا كلـــــــوز مرةأخرى..هيسا ياأمى...افتحى النافذه...وأصرخى معى........
وداعــــــــــــــــــــا بــــا بــــــــــــانويــــــــــا
.وداعــــــــــــــــــــا بــــا بــــــــــــانويــــــــــا
الكاتب: نجوى المصري التاريخ: 01/01/2007 عدد القراء: 5623
أضف تعليقك على الموضوع
|