شهدت سجون الأسيرات في الفترة الأخيرة حملة مركزة استهدفت نفسية الأسيرات، بهدف الضغط والتضييق عليهن، وتكررت حوادث التنكيل والاعتداء بالضرب على الأسيرات ورش الغاز والماء عليهن وتكتسب تجربة الحركة النسوية الفلسطينية الأسيرة صفة مميزة، تحمل في خصوصيتها مدى النضج الوطني في المجتمع الفلسطيني ،حيث شهدت أكبر حملة اعتقال للنساء الفلسطينيات في الفترتين ما بين 1968-1976 وفي فترة الانتفاضة الأولى وتعرّضت الأسيرات للكثير من حملات التنكيل والتعذيب أثناء الاعتقال واستخدمت حكومة الاحتلال أسلوب اعتقال الزوجات للضغط على الأسرى في التحقيق، مما يشكّل انتهاكاً خطيراً لمبادئ حقوق الإنسان ويتعارض مع كافة المواثيق الدولية.
فهاهي الأسيرة خولة زيتاوي وطفلتها غادة المحتجزة في سجن تلموند للنساء تؤكد أن القوات الإسرائيلية قامت بتاريخ 25/1/2007 باقتحام منزلها وأجرت فيه تفتيشا كاملا بعد مرور خمسين يوما على اعتقال زوجها جاسر محمد سعيد أبو عمر الذي أعتقل يوم 7/12/2006، ثم قامت باعتقالها تاركة وراءها طفلتيها سلسبيل وغادة، وأنها أخضعت لتحقيق متواصل في مركز تحقيق بتاح تكفا وأنها تعرضت لأساليب الضغط النفسي وعرضت على ما يسمى جهاز فحص الكذب، وأنه أغمي عليها ثاني أيام التحقيق وتم نقلها إلى المستشفى.
وقد طالبت الأسيرة زيتاوي السماح لها بإدخال طفلتها الرضيعة غادة للعيش معها في سجنها، وقد تم إدخال غادة من خلال زيارات الأهالي وعن طريق أهل الأسيرة وضحه الفقها، وقبل أسبوع ونتيجة الظروف الاعتقالية والصحية السيئة للأسيرات في سجن تلموند تم نقل الطفلة غادة وبصحبة والدتها الأسيرة خولة إلى مستشفى مائير ومكثت للعلاج فيه لمدة أربعة أيام كانت فيها الأسيرة زيتاوي مكبلة من يدها ورجلها على سرير منفصل عن سرير طفلتها وتخضع لحراسة مشددة ( ثلاث مجندات وجندي واحد) وكانت إذا ما أرادت أن تأخذ طفلتها للحمام يتم تكبيلها من يديها ورجليها.
*عطاف عليان وابنتها عائشة
خمسة عشر يوماً من الإضراب عن الطعام والعزل الانفرادي خاضتا الأسيرة عطاف عليان التي تخضع للاعتقال الإداري في سجن الرملة هذه المرة، ليس هدفه تحسين شروط حياة الأسيرات السيئة داخل السجن، ولا المطالبة بإدخال أغراض المأكل والملبس التي تحرمهن إدارة السجن من دخولها، ولكن الهدف هذه المرة كان احتضان الأسيرة عليان لابنتها "عائشة " ذات الستة عشرة شهراً،ً وضمها إلى حضانتها داخل أسوار السجن البغيضة التي بالكاد يقوى عليها الكبار الراشدون المناضلون، فما بال الأطفال الرضع. ولكن الظلم الإسرائيلي لايزال مستمر حيث قامت إدارة السجون بعد كل المعاناة التي تحملتها الأسيرة عليان بفصل ابنتها عائشة عنها بمجرد بلوغها عامين فما أن تعلقت بها أمها واحتضنتها حتى عادت لتفارقها قسراً مما زاد من معانتها وضاعف الضغوط النفسية عليها.
وكانت سلطات الاحتلال قد اختطفت الأسيرة عطاف عليان من منزلها في رام الله في الضفة الغربية وأمام أبنائها وأصغرهم الطفلة الرضيعة عائشة التي حرمت من حنان أمها ورعايتها
*مواليد في السجن
الأسير الرضيع نور ابن العامين والأربعة أشهر، والتي مددت سلطات الاحتلال فترة وجوده مع والدته في السجن بصورة مؤقتة لحين صدور قرار جديد بحقه، ولم تراع طفولته، حيث يتعرض لجميع الانتهاكات والمضايقات التي تتعرض لها الأسيرات داخل السجن ، وتعرض مرة إلى الرش بالغازات السامة والمياه الباردة، مثله مثل بقية الأسيرات في السجن كذلك تعرض للعزل عن والدته وحرمته سلطات الاحتلال، حتى من الرضاعة الطبيعية التي هي حق طبيعي لكل طفل على وجه الأرض،ولكن ما حدث لعائشة حدث لنور حيث قررت سلطات الاحتلال فصله عن أمه دون وجه حق أو مراعاة لأبسط الحقوق الإنسانية. في 11-5-2006وصل الطفل الأسير المحرر نور غانم (3 سنوات) عصر اليوم، إلى منزله في مخيم طولكرم في الضفة الغربية بعد الإفراج عنه من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي قضت بفصله عن والدته الأسيرة منال غانم. وقام والده باستلامه أثناء زيارته لزوجته التي تقبع في سجن الرملة. واستقبل أهالي المخيم الطفل نور بحفاوة وسرور والذي بدت عليه علامات الدهشة والاستغراب والهدوء، وتجمهر المواطنون في منزل والده والكل يود احتضان الطفل وتقبيله وحتى السؤال عن والدته منال.
وكانت محكمة إسرائيلية قضت في الشهر الحالي بفصل نور عن والدته الأسيرة منال بسبب بلوغه العامين ،حيث تم بعد الحكم نقل منال إلى سجن الرملة وهي بحالة نفسية سيئة انتظاراً لموعد تنفيد الحكم وهو العاشر من الشهر الجاري.
*الطفل براء صرخة مكتومة لأم مقيدة
الطفل براء ابن الأسيرة سمر صبيح خرج للدنيا بصرخة مكتومة لأم مقيدة، وبعد أيام قليلة سيصبح صوت بكائه مسموعا أكثر لكن في غرف معتقل تلموند الرطبة والمظلمة، حتى أشهر طويلة لن يسمع الطفل سوى أصوات الجنود وهم ينكلون بالمعتقلات وربما أمه ستكون إحداهن ذات يوم. وكانت صبيح ((23عاما) قد اعتقلت في شهر أيلول من العام الماضي، في مدينة طولكرم، وهي حامل بشهرها الثالث، بعد أشهر قليلة من زواجها من ابن خالها رسمي صبيح الذي اعتقل بعد يوم واحد من اعتقال زوجته، وحوّل للاعتقال الإداري في سجن النقب الصحراوي. ثم أفرج عنه وحكم على الأسيرة صبيح بالسجن لمدة 28 شهر، وهي تحمل دبلوم شريعة وأصول دين من الجامعة الإسلامية بغزة والطفل براء ابن الأسيرة سمر صبيح الذي أنجبته والدته خلف القضبان وهي مكبلة اليدين والقدمين والذي تم إبعاد زوجها إلى قطاع غزة في 15/6 /2006 وكان الطفل براء قبل أيام تعرض إلى الاختناق بسبب كارثة كادت أن تحصل عندما كان أفراد من الإدارة يقومون ببعض التدريبات حيث فتحت أنبوبة غاز مسيل للدموع بطريق الخطأ مما أدى إلى تسرب إلى غرف الأسيرات وخاصة الغرفة التي يتواجد بها براء الذي لا يزيد عمره عن الشهرين فقامت الإدارة مجبرة بفتح الشبابيك والأبواب على مصارعيها لدخول الهواء وتم نقل براء والأسيرات إلى العيادة الخارجية لتلقي العلاج اللازم وفي خطوة لم يسبق لها مثيل قامت إدارة السجن بزيارة الأسيرات مع ضابط كبير وقدمت الاعتذار لهن وبررت ما حدث بأنه سلوك غير مقصود وقد طلبت الأسيرات من الضابط إعادة بفتح الكنتينة والمراوح التي تم مصادرتها والأغطية والمواد إلا أن الأسيرة سمر صبيح عبرت عن قلقها عن ابنها قائلة:" ولكني قلقة بخصوص حياته، حيث أنه سيضطر للعيش في غرف رطبة تنعدم فيها التهوية ومليئة بالحشرات ولا يتوفر فيها أي من احتياجات الطفل الأساسية".
واستقرت عائشة إلى جوار الطفل نور ابن الأسيرة منال غانم من طولكرم الذي أنجبته في المعتقل نهاية أيلول 2003 وصدر بحقها حكم بالسجن الفعلي خمسين شهراً، وحتى منتصف أيار الماضي كان ثلاثة رُضع يلّهون في السجن معاً ويخففون من وطئته: نور، عائشة وبراء إلى أن أقدمت إدارة "تلموند" على فصل نور عن والدته منال.
وشهدت عائشة ولادة الرضيع براء رسمي ابن الأسيرة سمر صبيح بتاريخ 30/4 وقضت معه الأشهر الخمسة الأخيرة، واعتقلت سمر مع زوجها أواخر أيلول العام الماضي وكانت حاملا في شهرها الثاني ومع ذلك خضعت لتحقيق قاس ومكثف دون الاهتمام بحالتها الخاصة، ونقلت يوم ولادتها مقيدة بالسلاسل وخضعت لعملية قيصرية في مستشفى "مائير" بمدينة "كفار سابا" فانطلق صراخ براء، كعنقاء تنهض من الرماد على أرض كفرسابا الفلسطينية غربي قلقيلية التي غادرها سكانها تحت تهديد السلاح قبل 58 عاما ليقام على أرضها أيضا مطلع الخمسينيات مستوطنات "بيت بيرل" و"نفي يمين" و"نير الياهو"، وعاد إلى السجن مع والدته ليصبح محور اهتمام عائشة وباعث دهشة طفولتها: "كان براء لعبتها الوحيدة وشغلها الشاغل في الغرف المغلقة".
*أبناء الأسيرة منال يشتاقون لأمهم
وفي هذا الإطار عبر أبناء الأسيرة منال غانم "إيهاب ونفين وماجد"، عن اشتياقهم بكل أمل للإفراج عن والدتهم الأسيرة منذ 17-4-2003، وكانت حينها حاملاً في شهرها الثالث، وتعاني من حالة صحية سيئة، وتقضي حكماً بالسجن لمدة 4 سنوات ونصف. وناشد أبناء منال غانم وزوجها وعائلتها كافة المؤسسات العالمية والمحلية خاصة المعنية بحقوق الإنسان والطفل ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، الضغط على الجانب الإسرائيلي للإفراج عن والدتهم منال بأسرع وقت ممكن وضمها لأبنائها الذين هم بأمس الحاجة لها، خاصة ابنها نور الذي فتح عينيه على أمه وعاش معها ثلاث سنوات، وقد تواجهه ظروفاً نفسية سيئة نتيجة هذا الفصل الجائر. كما أن ابنها ماجد (7 سنوات) يعاني من فقر شديد في دمه، ووضعه الصحي يحتم عليه الوصول إلى المستشفى كل عشرة أيام لتغيير دمه وبحاجة لتواجد أمه معه.
ويبلغ عدد أبناء الأسيرات المتزوجات جميعهن أكثر من 60 من الأبناء والأمهات الأسيرات، يحرمن من زيارة أبنائهن الأطفال بحجج أمنية واهية، ومنهن من لم تر أطفالها منذ سنوات، كالأسيرة سونا الراعي من قلقيلية التي لم تشاهد ابنها الوحيد سوى مرة واحدة طيلة انتفاضة الأقصى.
والأكثر قسوة بالنسبة للأسيرة الأم هو عندما يكون زوجها أسيراً أيضاً، حيث يعيش أطفالهما دون أي رعاية منهما، حيث يوجد في السجون الإسرائيلية من بين الأسيرات (4) أسيرات أزواجهن أيضاً في السجن، مثل حالة الأسير خول زيتاوي
*إرهاق نفسي و معاناة مستمرة
أكدت الأسيرات أن أوضاع السجن قاسية للغاية وأنهن يعشن في ظروف قاسية لا تطاق من النواحي المعيشية والنفسية بسبب إجراءات إدارة السجن.
واشتكت الأسيرات من الاكتظاظ الشديد في الغرف نتيجة العدد المرتفع للأسيرات وحملات الاعتقال العشوائية التي تقوم بها إسرائيل في الأونة الأخيرة بحق النساء الفلسطينيات، وقالت الأسيرات انه يوجد نقص في الأسّرة مما يضطر بعض الأسيرات للنوم على الأرض.
كما اشتكت الأسيرات من انتشار الأمراض الجلدية والطفح الجلدي بينهن نتيجة الرطوبة العالية في الغرف واشتكين من عدم تقديم العلاج لهن من قبل إدارة السجن.
وقالت الأسيرات أن الحشرات منتشرة بكثافة في أقسام السجن المختلفة وخصوصاً الصراصير، حيث لا تقوم إدارة السجن بمعالجة الموضوع وتقديم مبيدات حشرية، وهذا الأمر يسبب إزعاج دائم لهن وخصوصاً أن الطعام يكون مخلوطاً بالصراصير في بعض الأحيان.
كما اشتكت الأسيرات من عدم وجود مظلات في ساحة الفورة تقيهن من أشعة الشمس مما أدى إلى تعرض العديد منهن إلى صداع شديد، كما اشتكين من منعهن في بعض الأحيان من استخدام الحمام أثناء فترة الفورة.
ومن المشاكل التي تعاني منها الأسيرات أيضا عدم وجود تهوية طبيعية في الغرف نتيجة إغلاق النوافذ بالصاج، وهذا سبب للعديد منهن ضيق في التنفس، ووضع نفسي صعب للغاية،ما بالنسبة للطعام فقد قالت الأسيرات انه سيء كماً ونوعاً ،ويعتمدن في ذلك على الكنتينا وعلى المعلبات.
كما أشارت الأسيرات إلى النقص الحاد في الألبسة الداخلية والخارجية بسبب ازدياد العدد وعدم سماح الإدارة بإدخال الملابس عبر زيارات الأهالي، واشتكين من الإجراءات العقوبية التي يتعرض لها داخل السجن وعلى أتفه الأسباب ومن التفتيشات الاستفزازية والمهينة لهن عند خروجهن للمحكمة حيث يجبرن على خلع ملابسهن، حيث تتعمد إدارة السجن التضييق عليهن وإذلالهن وخاصة باستمرار سياسة التفتيش العاري، والاعتداء بالضرب والعزل على الأسيرات اللاتي يرفض التفتيش العاري، بالإضافة إلى منع العشرات منهن من زيارة ذويهم بحج أمنية، كذلك فإن الأسيرات يعانين كثيراً من استمرار عمليات اقتحام الغرف من قبل الإدارة وبعدد كبير من الشرطة، وقلب محتويات غرفهن رأساً على عقب بحجة التفتيش.
*عيادة السجن تشارك في تعذيب الأسيرات
وعيادة السجن التي تشارك الإدارة في تعذيب الأسيرات وتهمل أوضاع المريضات،وكذلك تعاني الأسيرة سونا الراعي من مرض نفسي ولا يوجد لها متابعة من قبل طبيب نفسي، وتعانى الأسيرة منال غانم من الثلاسيميا، وهي أم لأربعة أطفال أصغرهم الطفل نور الذي وضعته في السجن داخل المعتقل والأسيرة قاهرة السعدي من مخيم جنين، تعاني من مرضٍ بالعينين والأسنان وديسك بالظهر، وهي أم لأربعة أطفال، وزوجها أسير في معتقل النقب، ومحكوم عليها بالسجن 3 مؤبدات و80 عاماً،الأسيرة آمال محمود من الجولان المحتل، تعاني من التهابات في الظهر وحالتها صعبة جدّاً، والأسيرة ابتسام العيساوي من القدس المحتلة، تعاني من حروق في يداها نتيجة انسكاب ماءٍ ساخن عليها داخل السجن، وتركت بدون علاج، والأسيرة أحلام الجواريش من بيت لحم، تعاني من التهاب في المفاصل.
*الأسيرات في أرقام
وحسب الإحصائيات الرسمية فلا تزال العشرات من الفلسطينيات وخاصةً الأمّهات يقبعن خلف قضبان سجون الاحتلال الصهيونيّ، حيث وصل عددهن إلى 300 أسيرة منذ انتفاضة الأقصى عام 2000، منهن 126 أسيرة ما زلن رهن الاعتقال، 13 أسيرة متزوجة و3 أسيرات أرامل و6 أسيرات مطلقات و98 أسيرة عزباء وأسيرة واحدة مخطوبة و5 أسيرات لا تتوفر معلوماتٌ عن الحالة الاجتماعية الخاصة بهن
لمزيد من المعلومات
http://www.ahrar-pal.info/arabic/