رسالة من فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي المرشد العام للحركة الإسلامية المغربية
إلى الدكتور حسن الترابي:
زواج المسلمة من الكتابي حرام
ومستحله مرتد
عقد الزوجية في الإسلام ليس كعقدها في جميع الديانات الأخرى كتابية أو وثنية أو لادينية، بتميزه عنها جميعها ابتداء واستمرارا وانتهاء.
ولئن كان هذا العقد في غير الإسلام مجرد اتفاق بين ذكر وأنثى يباركه أو يوثقه بشر سواء كان رجل دين أورجل دولة، فإنه في الإسلام علاقة ربانية ينشئها الله تعالى ويشهد عليها ويأتمن الزوجين عليها ويسألهما ويحاسبهما يوم القيامة بها.
يقول تعالى:
· { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}[].
· { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا }[ ].
· { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }[ ]
· { خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا }[ ].
هذه الوشيجة الربانية والعلاقة الإنسانية أبى الله عز وجل إلا أن يصفها بالميثاق الغليظ [ ]، بقوله:
{ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً }[ ].
ومن العجيب أن هذا الوصف " الميثاق الغليظ" لم يطلق في القرآن إلا على معنيين :
أولهما ميثاق الله عز وجل مع النبيئين وأقوامهم على الإيمان والإسلام بقوله تعالى:
· {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً }[ ].
· {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً }[ ].
أما المعنى الثاني فخاص بالعلاقة الزوجية كما أسلفنا بقوله تعالى:{وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً}[ ] ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله)[ ] ، وقال: (وإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله عز وجل، ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وبسط يديه وقال: ألا هل بلغت ألا هل بلغت،ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ أسعد من سامع )[ ]. فكان من مقتضيات هذا الميثاق لقوته ومتانته وعظم مسؤوليته أن يجري بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج وحسن الصحبة والمعاشرة والولاء في الله ما يثقل كاهليهما ويحفظ أسرتهما وذريتهما ويبرئ ذمتهما عند المساءلة بين يدي الله تعالى.
كذلك أيضا نجد تعظيما آخر من الله عز وجل لهذه العلاقة في سورة الممتحنة، إذ جعلها أحد مَثَلين للولاء والبراء، مَثَل منها ومَثَل من إبراهيم عليه السلام مع أبيه وقومه.
ذلك أن محور هذه السورة الكريمة هو عقيدة الولاء والبراء، افتتحت بتحريم موالاة أعداء الله ومحبتهم بقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }[ ].
وختمت كذلك بتحريم اتخاذ الكافرين أولياء في قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ }[ ].
وبين دفتي هذه السورة ضرب الله تعالى مَثَلين توضيحيين كاشفين لمدى خطورة هذه العقيدة في أهم مفاصلها، مفصل العلاقة مع الوالدين والقوم، ومفصل العلاقة بين الزوجة وزوجها، داعيا في الحالتين إلى اتخاذ الميثاق مع الله مقدما على أي رابطة أخرى، وحاكما عليها.
الأول في علاقة إبراهيم بأبيه وقومه إذ يقول تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }[ ] ، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }[ ].
أما المَثَل الثاني ففي العلاقة الزوجية، إذ حرم الله عز وجل المرأة المسلمة على الكافر، بحيث لا تقوم هذه الآصرة حق قيامها إلا من خلال الرجل المسلم ذي أهلية تحمل أمانة الوفاء بهذا الميثاق الغليظ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ }[ ].
بهذه الآية الكريمة يكون اشتراط الإسلام في الرجل كي يكون أهلا للزواج من المسلمة ثابتا ثبوتا قطعيا بنص الكتاب. ولئن جادل بعضهم بمحاولة تأويل قوله تعالى{ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }[ ]، فلا حجة لهم فيما ذهبوا إليه، لأن هذه الآية نفسها تؤكد حكم تحريم زواج المسلمة من الكافر. وما محاولة ضرب آية سورة الممتحنة بآية سورة البقرة إلا من تلبيس الأهواء والغواية، والقول بأن أهل الكتاب ليسوا مشركين دعوى ساقطة لتعارضها مع النقل الصحيح والعقل السليم، وما الداعي إليها إلا كفر بما جاء عن الله تعالى أو خضوع مذل ومداراة سفيهة ومسايرة وتزلف للتجبر الكتابي المعاصر.
إن الكفر في الشريعة الإسلامية هو تكذيب ما جاء عنه عز وجل بواسطة نبيه - صلى الله عليه وسلم - سواء كان هذا التكذيب جحودا للأسماء والصفات أو الربوبية والألوهية أو إنكارا للنبوة وما نقل عنها صحيحا، أو رفضا للشريعة وتعاليمها، وهو بذلك متضمن للشرك سواء كان الشرك بعبادة الأهواء أو الأشجار أو الأحجار أو الرهبان والأحبار، ويدخل فيه بهذه المعاني كلها اليهودي والنصراني والمشرك واللاديني، فيحرم لذلك على المسلمة الزواج بأي منهم. لاسيما وقد ورد لفظ " الكفار " في آية التحريم من سورة الممتحنة بصيغة الجمع المعرف ب" أل" وهي تفيد الاستغراق ، أي جميع أصناف الكفرة.
كما أن صريح الكتاب والسنة قد حسم هذا الأمر حسما قاطعا حين وردت النصوص المبينة أن أهل الكتاب كفار ومشركون. فقد قال تعالى:
{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }[ ].
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }[ ].
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }[ ].
هذه الآيات صريحة في أن اليهود والنصارى مشركون، لاسيما عندما عقب على الآية الثالثة بقوله تعالى :( وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )، وعلى الثانية بقوله: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).
تبين هذه المعاني كلها وتؤكدها سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد تواتر عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يسمي كل من كان كافرا بالمشرك وكان الكفار في عهده ما بين يهودي ونصراني وعابد وثن ومستشفع به ومنكر للبعث والتكليف.
كما روى الأعمش وسفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي البختري قال: سئل حذيفة عن قول الله عز وجل: ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )، هل عبدوهم؟ فقال : لا ، ولكن أحلوا لهم الحرام فاستحلّوه ، وحرموا عليهم الحلال فحرموه .[ ]
وروى الترمذي عن عدي بن حاتم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: "ما هذا يا عدي ؟ اطرح عنك هذا الوثن" ، وسمعته يقرأ من سورة براءة : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ، ثم قال: " أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكن كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلّوه ، وإذا حرّموا عليهم شيئاً حرموه " [ ].
وفي رواية البيهقي: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فسمعته يقول اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، قال: قلت يا رسول الله إنهم لم يكونوا يعبدونهم، قال: أجل ولكن يحلون لهم ما حرم الله فيستحلونه ويحرمون عليهم ما أحل الله فيحرمونه فتلك عبادتهم لهم ) [ ].
وتقتضي هذه النصوص القطعية من الكتاب والسنة أن الكفر يتضمن الشرك مبنى ومعنى وشرعا، إذ لو كان غير ذلك لوجب أن يغفر الله عز وجل لأهل الكتاب بمقتضى قوله : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً } [ ]. وهذا المعنى باطل بطلانا بينا.
كما أن قوله تعالى{ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }[ ] يهدم ما ذهب إليه المبطلون لاسيما بتعقيب الله في نهاية الآية بقوله (أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) لأن علة التحريم في المشركين وهي الدعوة إلى النار قائمة في أهل الكتاب أيضا.
هذه المعاني كلها بينتها السنة النبوية المطهرة ولخصتها قولا وعملا، فقد أخرج ابن جرير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا "[ ] وعند عبد الرزاق وابن جرير عن عمر بن الخطاب قال " المسلم يتزوج النصرانية ولا يتزوج النصراني المسلمة "[ ] وعند عبد بن حميد عن قتادة قال " أحل الله لنا محصنتين محصنة مؤمنة ومحصنة من أهل الكتاب نساؤنا عليهم حرام ونساؤهم لنا حلال " [ ].
إن تحريم زواج المسلمة بغير المسلم يعد من المسائل التي لم يختلف عليها المسلمون ، والتي تواتر إجماعهم عليها منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فرق بين بنته زينب وزوجها المشرك ثم ردها إليه بعد إسلامه [ ]، إلى يومنا هذا، وما ذلك إلا لما فهموه من الكتاب والسنة قطعيا، ولم يشذ عن هذا الحكم إلا شرذمة من ذوي الأهواء والضلال، قدامى ومعاصرين ممن باعوا أنفسهم لغير الله تعالى.
إن زواج المسلمة بغير المسلم ولو كان جهلا منها لا استحلالا، يؤدي بها إلى الكفر مهما حاذرت وحرصت، لأن مآل هذا الزواج أن يخل بعقيدتها ولاء وبراء.
ذلك أن الولاء شرعا هو محبة الله ورسوله وطاعتهما ومحبة المسلمين في الله ونصرتهم، والبراء هو بغض من كفر بالله ورسوله وشريعة الإسلام، أو أنكر الرسالة ومرسلها والمرسل بها، أو حارب أهلها، بدليل قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } [ ].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [ ].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ } [ ].
{وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } [ ]
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله [ ].
وعن عمرو بن الجموح أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يحق العبد حق صريح الإيمان حتى يحب لله تعالى ويبغض لله فإذا الكاتب: أبو المعالي الكويتي التاريخ: 01/01/2007 عدد القراء: 5305
أضف تعليقك على الموضوع
|