ربط الامة الاسلامية عامة ومجاهديها الثوار خاصة بأسم الله الملك المالك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب المستضعفين ومالك يوم الدين وقاهر الجبابرة المتكبرين
أما بعد
الملك والمالك
المعنى اللغوي: المَلْك ، والمُلك ، والمِلْك والمليك والمالك وذو الملك
قال ابن سيده : المَلْك ، والمُلك ، والمِلْك : احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به .
وتملكه : أي ملكه قهرًا أو أملكه الشيء وملَّكه إياه تمليكًا جعله ملكًا له, وأمْلَكُوه : زَوَّجُوه ، شُبِّه الزوج بملكٍ عليها في سياستها
ومعناه في حق الله تعالى : قال ابن جرير :الملك الذي لا ملك فوقه ولا شيء إلا تحت سلطانه.
وملوك الدنيا وان ادعوا انهم ملوك , فإن ملكهم غير حقيقي , وانما الملك الحقيقي هو لله وحده لا شريك له , وكل من ملك شيئا فإنه بتمليك الله له , والله سبجانه يؤتي ملكه من يشاء , وينزع الملك ممن يشاء .
وقال تعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ آل عمران : 26 ] . ولا يمتلك أحدٌ شيئًا إلا من بعد إذنه .
قال تعالى : { وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [ البقرة : 247 ] .
ومن أثار ملكه سبحانه التام على خلقه للملوك والطغاة والجبابرة والمتكبرين وقصمه واهلاكه لما طغوا وبغوا وظنوا انهم معاجزين الله تعالى وغرهم ملكهم وسلطانهم كما فعل ذلك بالفراعنة والقياصرة والاكاسرة , وبن علي (شين الهاربين) وحسني لا مبارك (بإذن الله قريبا) وانطوى ملكهم واصبحوا نسيا منسيا .
كما أسأل الله تعالى أن يقصم من تكبر وتجبر وتسمى بملك ملوك (أفريقيا)
فإنه لما كان الملك الحقيقي هو الله تعالى وأن ملك العباد في الدنيا إنما هو ناقص , وعارية مستردة فإن الشعور بهذا يكفي في القلب تواضع الله تعالى لكل ممتلك شيئا من هذه الحياة الدنيا سواء وكان ملكا كبيرا كملك الملوك والسلاطين أو جزئيا لمال وأرض , وغير ذلك.
ولذلك جار النهي عن التسمي بملك الاملاك أو شاهنشاه ونحوها من الاسماء والتي تدل على التكبير والعلو في الارض عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :)أخنى الأسماء يوم القيامة عند اللَّه رجل تسمى بملك الأملاك( البخاري
ليس كمثله شيء في ملكه :
أولاً : ملك الخلق سببي وملك الله ذاتي :
فإن الخلق لا يكونوا ملوكًا إلا بأسباب الملك ، فلا بد له من مملكة يملكها أو ناس يحكمهم ، ولا بد له كذلك من أعوانٍ على ملكه ، فلا بد له من بطانة تحميه ، ووزراء يُشاورهم ، وجنود ينفِّذون أمره على الرعية ، فملوك الخلق يحتاجون إلى ملكهم .
أمَّا اللَّه عزَّ وجل ، فإن ملكه ذاتي لا يحتاج سماوات ولا أرض ولا عرض ولا شيءٍ أبدًا ، فهو الملك قبل الخلق ، وهو الملك بعد الخلق ، وهو الملك بدون الخلق ، وكذلك ليس لله وزير ولا نظير ولا بطانة ، حتى جنود الله فإنهم لا يحمونه ولا يملكون له نفعًا ولا ضرًا ، إنما هو الذي بيده النفع والضر وحده وبيده الملك وحده ، والخلق كلهم لله وبالله ويحتاجون إلى الله ولا يحتاج هو إلى أحدٍ منهم .
ثانيا : ملك الخلق فانٍ ، وملك الله باق :
فإن الفناء قد كُتب على المخلوقات ، فإما أن يفنى المُلك بضياعه من يد صاحبه فتُسلب المملكة من صاحبها أو يزول الملوك أنفسهم عن ممالكهم بالمرض ، أو يجور عليهم من هو أشد قوة من الملوك ، أو يموت ويترك ذلك .
أما الله عزَّ وجلَّ فإنه الحي القيوم ، ملكه ثابت ، لا يتغير ، باقٍ لا يفنى ، دائم لا يزول ، فلا يفارقه ملكه ، ولا يزول عنه بجور جائر ولا بظلم ظالم ، قال تعالى : { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } ، { وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ } ، فهو صاحب القوة والعظمة والكبرياء ، قال تعالى : { وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } [ البقرة : 165 ] .
وكذلك لا يفارق هو ملكه بالغياب أو الموت ؛ لذلك انظر إلى الحسرة والألم الذي يحدث للملوك عند تركهم المُلك بل والدنيا وما فيها .
فقد حُكي عن هارون الرشيد أنه انتقى أكفانه بيده عند الموت ، وكان ينظر إليها ويقول : { مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } [ الحاقة : 28، 29 ] .
ورُوي عن المأمون أنه افترش رمادًا واضجع عليه وقال : (( يا من لا يزول ملكه ، ارحم من زال ملكه ، ويا من لا يموت ارحم من يموت )) .
بعد هذا التعاريف عن هذا الاسم العظيم (الملك) فإنه عليك أخــي المجـــاهد أن تتعبد إلى الله بهذا الاسم اعتقادا وسلوكا , فيعتقد أنه عبد في ملك سيده, مستخلف في أرضه أمين على ملكه , وقد ابتلاه فيما أعطاه وامتحنه واسترعاه , أيرد الملك إلى الملك أي المالك أم ينسب للمخلوق أوصاف الخالق فيتكبر, فالموحد الصادق يتحرى في قوله وفعله توحيد الله في اسمه المالك فلا يتوكل إلا عليه ولا يلجأ إلى إليه لعلمه أن أمور الرزق بيده ,وأن المبتدأ منه , والمنتهى إليه
واعلم أخــي بــارك الله فيــك وفي جهـــادكـ , أن الملك من العباد هو الذي لا يُمَلِكُ إلا الله ,بل تستغنى عن كل شيء سوى الله, وهو مع ذلك يملك مملكتهُ بحيث يطيعهُ جنــوده ورعاياه , وانما مملكته الخاصة به هي : قلبهُ, وقالبهُ وجندهُ هم شهوته وغضبه وهواه ورعيته : هم لسانه وعيناه ويداه وسائر أعضائه , فإذا ملكه ولم يملكهُ وأطاعه ولم يطعها , فقد نال درجة الملك في عالمه.
ولقد صدق بعض العارفين لما قال له بعض الأمراء:
سلني حاجتك؟ قال : أولي تقول هذا ولي عبدان همــا سيـــداك ؟!
قــال من همـــا؟
قــال : الحـــرص والهـــوى , فقد غلبتهما وغلبـــــاك , وملكتهمـــا وملكـــــاك .انتهى.
فإياك أخي المسلم ومعصية اللَّه عزَّ وجلَّ فإنها منطقة خَطيرة ،وبقعة وَعِرة ، فمن ارتكب شيئًا من محارم اللَّه فقد تعدى حدَّه وعرَّض نفسه لعقوبة الملك ، فمن أراد لنفسه النجاة فليتقى عقوبة الملك باجتناب محارمه .
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن الحلال بَيِّـنٌ وإن الحرامَ بَيِّـنٌ ، وبينهما مشتبهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس ، فمن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحِمَى يُوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملكٍ حِمَى ، ألا وإن حِمَى اللَّه محارمه ... )).
وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتركون ثلاثة أرباع الحلال خشية الحرام ، وكان ابن عمر يقول : (( أُحب أن أجعل بيني وبين الحرام حائلاً من الحلال )) ، وجاء في بعض الحديث : (( لن يبلغ العبد أن يكون تقيًا حتى يدع ما لا بأس به خشية مما به بأس )) .
ومن فضائل هذا الاسم في الذكر :
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من قال : لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على شيء كل شيءٍ قدير في يوم مائة مرة كانت له عِدلُ عشرِ رقاب وكُتِبَتْ له مائة حسنة ، ومُحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا رَجُلٌ عمل أكثر منه
ومن عظمة هذا الاسم أننا نذكر الله عز وجل به كل صلاة وهو من أعظم الثناء على الله عز وجل .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( قال اللَّه تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : الحمد لله ربِّ العالمين . قال اللَّه تعالى : حمدني عبدي . وإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال اللَّه تعالى : أثنى عليَّ عبدي. وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال : مجدني عبدي )) . وقال مرة : (( فوض إليَّ عبدي .
وفي الختام نسأل الله الملك المالك المليك سبحانه الذي يؤتي ملكه من يشاء وينزعه عمن يشاء أن ينتزع الملك من طغاة العرب والعجم وأن يأتي اليوم الذي يحكم هؤلاء الطغاة ونحكم فيهم بحكم الملك ونوافق حكم الله فيهم كما وافقه سعد ابن معاذ في اليهود لما قال له الرسول صلى الله عليه وسلم ((لقد حكمت فيهم بحكم الملك )
آمين آمين آمين
الكاتب: أبو هاجر التاريخ: 03/02/2011 عدد القراء: 3509
أضف تعليقك على الموضوع
|