عمر بن عبد العزيز
قال ابو الحسن المدايني : كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يعزيه على ابنه : * أما بعد : فإنا قوم من أهل الآخرة ، أسكنا الدنيا ، أموات أبناء أموات ، و العجب لميت يكتب إلى ميت ، و يعزيه عن ميت ، و السلام *1
و عن حمزة الجزري قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل : أوصيك بتقوى الله الذي لا يقبل غيرها ، و لا يرحم إلا أهلها ، و لا يثيب إلا عليها ، فإن الواعظين بها كثير ، و العاملين بها قليل * 2
و عن عمر بن محمد المكي قال : خطب عمر بن عبد العزيز فقال : * إن الدنيا ليست بدار قرار ، دار كتب الله عليها الفناء ، و كتب على أهلها منها الظعن ، فكم عامر موثق عما قليل مخرب ، و كم مقيم عما قليل يظعن ، فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة بأحسن ما بحضرتكم من النقلة ، و تزودوا فإن خير الزاد التقوى ، إنما التقوى كفئ ظلال قلص فذهب بينها ابن آدم في الدنيا ينافس فيها و بها قرير العين إذا دعاء الله بقدره ، و رماه بيوم حتفه ، و سلبه آثاره و دنياه ، و صير لقوم آخرين مصانعه و مغناه ، إن الدنيا لا تسر بقدر ما تضر ، إنها تسرّ قليلا و تجر حزنا طويلا*3
و عن أبي عمران قال : قال عمر بن عبد العزيز : * من قرّب الموت من قلبه استكثر ما في يديه *4
و عن عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي أن عمر بن عبد العزيز كان يقول : * ليس تقوى الله بصيام النهار و قيام الليل و التخليط فيما بين ذلك ، و لكن تقوى الله ترك ما حرم الله و أداء ما افترض الله ، فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير *
و عن ميمون بن مهران قال أوصاني عمر بن عبد العزيز فقال : * يا ميمون لا تخلو بامرأة لا تحل لك ، و إن أقرأتها القرآن ، و لا تتبع السلطان و إن رأيت أنك تأمره بمعروف و تنهاه عن منكر ، و لا تجالس ذا هوى فيلقى في نفسك شيئا يسخط الله به عليك *5
عن محمد بن كثير قال : قال عمر بن عبد العزيز ذات يوم و هو لائم نفسه و عائبها :
أيقظان أنت اليــوم أم أنت نائم *** و كيف يطيق النّوم حيران هائم
فلو كنت يقظان الغداة لحرّفت *** محاجر عينيك الدّـموع السّواجم
نهارك يا مغرور سهو و غفلة *** و ليلـــك نــوم الـــرّدى لك لازم
و تشغل فيما سوف تكره غبـّة *** كــذلك في الدّنــــيا تعيش البهائم6
و عن عقيل بن مرة قال : أنشدني حرمي بن الهيثم لعمر بن عبد العزيز :
ولاخير في عيش امرء لم يكن له *** مع الله في دار القرار نصيب
فإن تعجــب الدّنــيا أنــــاسا فإنّها *** قليـــل متاع و الــزّوال قريب7
و عن يونس قال : كان عمر بن عبد يسير في جماعة فلما كثر الغبار تلثم ثم ذكر أبياتا قالها عبد الأعلى القرشي :
من كان حيث تصيب الشمس جبهته *** أو الغبار يخاف الشّين و الشّعتا
و يألف الظـــلّ كي تبــــقى بشاشته *** فسوف يسكن يومــا راغما جدثا
في قعر مظـــلمة غــــبراء مقـفرة ***يطيل تحت الثّرى في قعرها اللّبثا8
حدث مسعود بن بشر أن رجلا قال لعمر بن عبد العزيز لما ولى الخلافة تفرغ لنا فقال :
قد جاء شغل شاغل *** و عدلت عن طرق السّلامة
ذهب الفراغ فلا فرا *** غ الى يـــــوم القـــــــــيامة 9
-----------------------------------------------------
1- حلية الأولياء 5 / 266
2- حلية الأولياء 5 / 267
3- حلية الأولياء 5 / 792 و سيرة عمر لإبن الجوزي 232 , 233
4- حلية الأولياء 5 / 316
5- سيرة عمر لابن الجوزي 246
6- سيرة عمر لابن الجوزي 261
7- سيرة عمر لابن الجوزي 262
8- سيرة عمر لابن الجوزي 262 ، 263
9- سيرة عمر لابن الجوزي 266
الكاتب: التاريخ: 01/01/2007 عدد القراء: 5772
أضف تعليقك على الموضوع
|