كل شيء في الدنيا فيه خير وشر، وليس هناك شيء مُتَمَحِّض إلا ذكر الله وما والاه
قال ابن العربي في تفسير قوله تعالى {لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم}.
((قد بينا في كتب الأصول حقيقة الخير وأنه ما زاد نفعه على ضره وحقيقة الشر ما زاد ضره على نفعه وأن خيراً لا شر فيه هو الجنة وشراً لا خير فيه هو جهنم ولهذا صار البلاء النازل على الأولياء خيراً لأن ضرره من الألم قليل في الدنيا وخيره وهو الثواب كثير في الآخرة فنبه الله تعالى عائشة ومن ماثلها ممن ناله هم من هذا الحديث أنه ما أصابهم منه شر بل هو خير على ما وضع الله الشر والخير عليه في الدنيا من المقابلة بين الضر والنفع ورجحان النفع في جانب الخير ورجحان الضر في جانب الشر)).
((أحكام القرآن))[3/363].
ــــــــــ
عنوان السعادة والشقاوة
((الله سبحانه وتعالى جعل للسعادة والشقاوة عنوانا يعرفان به فالسعيد الطيب لا يليق به إلا طيب ولا يأتي إلا طيبا ولا يصدر منه إلا طيب ولا يلابس إلا طيبا والشقي الخبيث لا يليق به إلا الخبيث ولا يأتي إلا خبيثا ولا يصدر منه إلا الخبيث فالخبيث يتفجر من قلبه الخبث على لسانه وجوارحه والطيب يتفجر من قلبه الطيب على لسانه وجوارحه وقد يكون في الشخص مادتان فأيهما غلب عليه كان من أهلها فإن أراد الله به خيرا طهره من المادة الخبيثة قبل الموافاة فيوافيه يوم القيامة مطهرا فلا يحتاج إلى تطهيره بالنار فيطهره منها بما يوفقه له من التوبة النصوح والحسنات الماحية والمصائب المكفرة حتى يلقى الله وما عليه خطيئة ويمسك عن الآخر مواد التطهير فيلقاه يوم القيامة بمادة خبيثة ومادة طيبة وحكمته تعالى تأبى أن يجاوره أحد في داره بخبائثه فيدخله النار طهرة له وتصفيه وسبكا فإذا خلصت سبيكة إيمانه من الخبث صلح حينئذ لجواره ومساكنة الطيبين من عبادة وإقامة هذا النوع من الناس في النار على حسب سرعة زوال تلك الخبائث منهم وبطئها فأسرعهم زوالا وتطهيرا أسرعهم خروجا وأبطؤهم خروجا جزاء وفاقا وما رب بظلام للعبيد
ولما كان المشرك خبيث العنصر خبيث الذات لم تطهر النار خبثه بل لو خرج منها لعاد خبيثا كما كان كالكلب إذا دخل البحر ثم خرج منه فلذلك حرم الله تعالى على المشرك الجنة.
ولما كان المؤمن الطيب المطيب مُبرَّءًا من الخبائث كانت النار حراما عليه إذ ليس فيه ما يقتضي تطهيره بها فسبحان من بهرت حكمته العقول والألباب وشهدت فطر عباده وعقولهم بأنه أحكم الحاكمين ورب العالمين لا إله إلا هو)).
((زاد المعاد))[1/68].
الكاتب: محمد مال الله التاريخ: 25/02/2010 عدد القراء: 3587
أضف تعليقك على الموضوع
|