ذه المقاله هي للشيخ الدكتور طارق الطوارى وانا نقلتها من جريدة الرأي العام لما فيها من معلومات مهمه عن هذه المدينه وعن سكانها المجاهدين
http://www.alraialaam.com/26-11-2004/ie5/articles.htm#4
ما لا تعـرفه عـن الفلوجــــة
قد لا يقبل القارئ الكويتي الحديث عن مدينة عراقية نظرا لانه مجروح من قبل النظام العراقي البائد، لكن من الخطأ الخلط بين جريمة نظام ابتدأها بشعبه وأنهاها بجيرانه وبين قناعات شعب كان هو من اول ضحايا هذا النظام, ولاشك أنه يجمعنا والشعب العراقي رابطة الاسلام والايمان ثم الجوار فاللغة فالموقع فالامتداد التاريخي والعلاقات العريقة، وقد تتلوث علاقة اي بلد بالآخر لعارض كما حدث بين المانيا وفرنسا والصرب والبوسنة وبريطانيا والارجنتين، لكن سرعان ما تزول هذه الغمة وتعود الاخوة والعلاقات المتينة.
وان مدينة الفلوجة التي يجهل كثير من الناس تاريخها هي مدينة ارتبط ذكرها بالمقاومة والصمود ومحاولات اغتيال صدام حسين مرات عدة, فهذه المدينة التي يشطرها نهر الفرات ويسكنها نصف مليون مسلم غالبهم سنّي قد أسست على انقاض مدينة الانبار التاريخية التي فتحها خالد بن الوليد وعرف عن اهلها تدينهم الشديد وسترهم، بل هم اقرب الى حنابلة نجد في العقيدة والسلوك, وأهلها من العرب الاقحاح والقبائل الاصيلة.
وتعرف الفلوجة بمدينة المساجد التي تعانق مناراتها السماء ولها طابع اسلامي وزخارف اخاذة فبها الجامع الكبير المؤسس عام 1899م وجامع الخلفاء وجامع ابي بكر الصديق وجامع عمر بن الخطاب وجامع عثمان بن عفان وجامع علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وجوامع أخرى كثيرة, وغالب اهل الفلوجة متدينون مثقفون وينتشر بينهم اصحاب الشهادات العليا بشكل يفوق كل المدن العراقية, وتلوح في اوساط الفلوجة صحوة اسلامية واعدة ومتوقدة نضجت منذ ثورة العشرين فصمود الفلوجة امام المحتل لم يكن وليد الحدث بل قاد ثورة العشرين على الانكليز في وقتها الشيخ الباسل الضاري وقتل قائد القوات البريطانية في وقتها (لجمن) على أيدي أهل الفلوجة وكتب فيهم الشاعر معروف الرصافي قصيدة جاء فيها:
ايها الانكليز لن نتناسى بغيكم في مساكن الفلوجة
ذلك بغي لن يشفي الله الا بالمواضي جريحه وشجيجه
هو كرب تأبى الحمية أنا بسوى السيف نبتغي تفريجه
هو خطب أبكى العراقين والشام وركن البنية المحجوجة
حلها جيشكم يريد انتقاما وهو مغر بالساكنين علوجه
وأدرتم فيها على العزل كأسا من دماء بالغدر كانت مزيجه
واستبحتم اموالها وقطعتم بين اهل الديار كل وشيجة
ما حياة الانسان بالذل الا مرة عند حسوها ممجوجة
فثناء للرافدين وشكرا وسلاما عليك يا فلوجة.
وبالفعل تم لها ان تحررت الفلوجة من الاستعمار البريطاني وقادة ثورة الخلاص ثم احتلها البعث وعاثوا في اهلها قتلا وتشريدا واغلقوا مدارسها الشرعية كمدرسة الشيخ عبدالعزيز بن سالم السامرائي التي اسست 1917 والغيت 1973 وطال علماء العراق على يد البعث من القتل والتشريد كالعلامة المجاهد الشيخ مجدي الزهاوي 1977 والشيخ فؤاد الالوسي 1984 والشيخ عبدالعزيز البدري 1969 والشيخ محمد محمود الصواف والشيخ عبدالخالق السيد عثمان والشيخ طه الفياض ممن قتل او اعدم او شرد خارج بلده.
ومنذ ان احتل الجيش الاميركي العراق واهل الفلوجة في إباء وصمود وهي من اقل المدن العراقية نهبا واكثرها أمنا, وحاول الاميركيون تقديم الذرائع لتحطيم هذه المدينة فصوروها اعلاميا أنها معقل الارهاب وبؤرة الزرقاوي وفيها اكثر من ألفي ارهابي وانتحاري و300 سيارة مفخخة ومنها تدار عمليات تدمير العراق.
لكن الواقع كذبهم فقد غزوا الفلوجة وقتلوا اكثر من الفي رجل وطفل وامرأة ودمروا ستة الاف منزل بالكامل و132 مسجدا وخمسة مستشفيات وشردوا 350 الف اسرة من بيوتهم وأسروا اعدادا غفيرة من الشباب.
ولا تزال عمليات الخطف والقتل والتفجير والسيارات المفخخة مستمرة في العراق بمعدل 80 عملية يوميا وبازدياد رغم تدمير الفلوجة، وفي المقابل يرى المواطن العراقي ان بلده محتل وانه مثلما قاتل البعث وسجن وشرد لأجل تحرير بلده من البعث يرى أن الفرصة قد حانت لتخليص بلده من المحتل الاميركي كما يسمون انفسهم، كما يرى الفرنسي ان تحرير بلده من الالماني حينما احتلت حق له والحال نفسها مع الفيتنامي مع الاميركي والشيشاني مع الروسي والافغاني مع الروسي سابقا والاميركي حاليا والكويتي مع العراقي ايام الاحتلال والليبي مع الاحتلال البريطاني والجزائري والسوري مع الاحتلال الفرنسي والمصري مع الاحتلال الانكليزي، فهو يرى ان ذلك حق مشروع له لا يحتاج الى فتوى شرعية ولا الى تأييد دولي وانما:
اذا الشعب يوما أراد الحياة وجاء بمقتضيات القدر
فلابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر
وبعد هذه النبذة التاريخية عن الفلوجة التي يدل معناها اللغوي على الفلج وهو علو الرجل على أصحابه, وبعدما اصاب اهلها من قتل جماعي وتدمير وابادة في ظل صمت عالمي واقليمي وتعتيم اعلامي، أفليس من العيب في حق اهل الاسلام ان يشمتوا في بلاء الاخرين فضلا عن المسلمين، فضلا عن الفرح بقتلهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم)؟.
ان التعاطف الذي يتولد عند العالم ازاء قتل اسير اجنبي أو رهينة نطالب بربعه ازاء ما يقع من قتل على المسلمين, وعيب على المسرح الكويتي ان يقدم أضحوكة ساخرة على من ينحر في الضفة الاخرى من حدوده في الفلوجة لتتحول مآسي العالم الى مسرحيات ساخرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم (المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله).
وشكرنا وتقديرنا للهلال الاحمر الكويتي على لفتته الكريمة لمد يد العون للمسلمين في كل مكان وخصوصا اصحاب المآسي داخل وخارج الفلوجة.
وسلام لعلماء الامة الذين اصدروا بيانا ينصرون فيه اهل الفلوجة وتحية لجمعيات النفع العام التي شجبت ونددت، وسحقا ثم سحقا ثم سحقا لمن رضى بقتل المسلمين وتدميرهم بل وربما أعان على ذلك ليلقى الله مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله وان الحرب هي كسر لرأس السنة وتدميرهم كما دمر النجف وكربلاء.
يا أمتي قيم الزمان جريحة
وعفافنا فتكت به الاحقاد
يستعرضون النصر فوق ربوعنا
ويدنسون الارض كيف أرادوا
يا أمتي يكفي الرجوع الى الورا
قد آن أن يستيقظ الرقاد
فخذي بأسباب العلا وتأكدي
أن المسير الى الجهاد جهاد
كاتب وأستاد جامعي كويتي الكاتب: التاريخ: 01/01/2007 عدد القراء: 5647
أضف تعليقك على الموضوع
|