رسالة إلى سجناء غوانتانامو أن يفكوا قيد أسرانا
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد :
إلى الأحرار منا :
إلى من سيخلد التاريخ أسماءكم
وإلى من سيُكتَب بقلم العزة عن بطولاتكم
إلى الذين ذاقوا طعم العز بكأس الحنظل
وإلى الذين حموا الدين وارتموا في سبيله بظلام المعتقل
إلى الذين أخذتهم الغيرة على الأعراض وتحملوا الأكدار
وإلى الذين نالوا شرف الكرامة برفضهم الاستعمار
إلى من رفض خيار الغدر ثمنا لحريته
إليكم :
يا من أفنيتم أعماركم وبذلتم أموالكم وضحيتم بحياتكم وجعلتموها رخيصة لحماية دينكم وإخوانكم .
يا من قبلتم الموت من أجل أن نحيا ، وجعتم من أجل أن نشبع ، وعريتم من أجل أن نكسى .
يا من قاسيتم الضيق والآلام ودماؤكم مهدورة ، وحقوقكم مهضومة ، والسيوف على رقابكم مسلولة .
يا أصحاب الأنين المكبوت داخل الصدور .
يا أهل الإيمان والتوحيد .
أقول لكم :
معذرة إليكم، فما تمكن أعداء الإسلام منكم إلا يوم أن خذلانكم، وتركنا الجلادين بالسياط يضربون جلودكم .
وأخذنا ننظر إليكم على شاشات التلفاز والسلاسل تثقلكم ، وننزل الدموع من العين رأفة على حالكم _ وفاصل ونعود بعد الإعلان _ وحينئذ نكون قد نسيناكم .
لم تجدوا منا إلا دفاعا على استحياء عنكم أو مطالبة لفك أسركم رفعا للحرج .
لو تعلموا إخواني في ( غوانتانامو ) ماذا فعل دعاتنا عندما أسر أهل العراق اثنان من الإفرنج ؟؟!!! .
فلقد بذل بعضهم في فك أسرهم ما لم يبذله المسلمون كافة في فك مئات الأسرى منكم في معتقلاتكم .
لقد انشغل العالم بأسره لأجلهم ، ووظف بعض دعاة المسلمين من الإصلاحيين زعموا للدفاع عنهم وفي بيان حقوقهم ، وأصبحنا نراهم كالزرافات يتدافعون لنيل الشرف للدفاع عن أسراهم وعن مكانة دولتهم ، ودولهم _التي استعمرت بلاد المسلمين وخلعت الحجاب عن الشريفات العفيفات في بلادهم _ لم يهنأ بالهم ولم يذوقوا طعم العيش بدونهم حتى فكوا أسرهم .
وكلما رأينا شيخا قلنا هذا فلان ؟؟!!! وذاك فلان ؟؟!!! خرج ليدافع عن أسرى الكافرين ، وانتظرنا ولو ربع هؤلاء أو خمس حماسهم لتخليص أسرانا فلم نجد لهم حسا .
بل قرأنا ممن ينتسبون إلى أهل السنة وهم فرقة ضالة مرجئة العصر التلفية عندما سمعوا أن بأسرى غوانتانامو من يريد الانتحار زعموا أو ظنوا ولم يتيقنوا فرحوا وقالوا انظروا إلى هؤلاء الخوارج قبحهم الله يريدون الانتحار ؟؟!!! .
أخواني اصبروا لا تحزنوا ، فأنتم الأحرار ونحن العبيد .
أنتم من طلب معالي الأمور ، ونحن من يعيش في سفا سفها .
وكمال العز والبعد عن الإذلال لا يكون إلا بمقارعة الأعداء .
فإما حياة تسر الصديق.. وإما ممات يغيظ العدى.
فمن كان يطمح في الصعود إلى السماء لا بد وأن يضع قدميه فوق رؤوس من يخلد إلى الأرض .
فهنيئا لكم العزة والكرامة ، وسيخلد التاريخ بطولاتكم وسيكتب بقلم الغدر خيانة من خذلكم .
لقد عرفتم أيها الصادقون حقيقة حياتكم ، فلم تقبلوا إلا بجنة ملاطها المسك الأدفر، وحصباؤها اللؤلؤ والمرجان .
وما أنتم فيه الآن إنما هو الابتلاء والامتحان من الله .
وما أنتم فيه من بلاء ، لا بد والله أن يزول .
ولكن تقدير البلاء باستعجال مدته لا ينفع . فلها وقت معلوم عند الله ونهاية محتومة فما عليكم إلا الصبر والدعاء بالفرج من الله فاختيار الله عز وجل للعبد المؤمن خير من اختياره لنفسه .
وقد قيل أن رجلا سأل الله الجهاد فهتف به هاتف إنك إن غزوت أسرت وإن أسرت تنصرت.
فاحمدوا الله إخواني على ما أنتم فيه، فالمؤمن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء فصبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له.
ولا تحزنوا :
فإن ما هدمه الاحتلال في أفغانستان سيعيد بناؤه أهل الإيمان .
والقتلى من المجاهدين شهداء إن شاء الله عند رب العالمين.
والأسرى منكم أبطال أعزاء صادقين .
والخزي والعار على القاعدين والمتخلفين .
وزيادة في التدقيق والتفصيل للمتخاذلين ولمن غدر بأهل الجهاد والدين .
فلا تيأسوا أو تسأموا فأنت الأحرار ونحن العبيد .
فلا تظنوا أن جراحكم وطول مكثكم آلام مستمرة فهي سرعان ما تزول عند أول لحظة من خروجكم ، بإذن رب العالمين .
وستستمر جراح المتباكين على اعتقالكم ، وسيبقى الخزي والعار على من خذلكم .
وسيكتب التاريخ جريمة من تآمر على اعتقالكم، ومن والى وناصر أعداءكم.
وستفرحوا بنصر الله وسيخزى الله من ظلمكم ومن تآمر عليكم ، ومن تظاهر بنصرتكم ومن قام على تسليم رقابكم .
{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ }
والأيام دول .
فاكتبوا لنا مقالا أيها الأحرار الشرفاء
يفك أسرانا الذين عاشوا تحت ذل الدينار والدرهم، ويبين لنا حقيقة خذلاننا لديننا وهو ينصر ، ويبين لنا حقيقة إسلامنا التي جهلها من تعلمن . ومعنى العزة والكرامة في الدفاع عن الدين ، والعرض ، ويبين للعبيد منا أن الموت خير من حياة الخنع .
ويكشف زيف خطبنا ونحن ندعو للجهاد من على المنبر، ويظهر تعلقنا بالشعارات واللافتات ولا نجيد إلا الرسم على الدفتر .
وأما عن حقكم في رقاب من ترككم تأسرون وتعذبون وتهانون ، وبيدهم الأمر في فك أسركم ولكن شغلتهم الدنيا عنكم وحب المنصب والدينار والدرهم في تخليصكم والوهن والضعف أمام عدوكم ، وإن كان من المؤسف لكثير منهم دور في تسليم رقابكم
أذكرهم بالله ليس استرحاما لهم عليكم ، ولا استعطافا منهم على حالكم ، ولكن إقامة للحجة عليهم والله تعالى يقول {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى}
قال تعالى : " إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير "
قال القرطبي (8 /56) :
"يريد إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذهم فأعينوهم فذلك فرض عليكم فلا تخذلوهم إلا أن يستنصروكم علي قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم عليهم ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدته قال ا بن العربي إلا أن يكونوا أسرى مستضعفين فإن الولاية معهم قائمة والنصرة لهم واجبة حتى لا تبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلي استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم حتى لا يبقى لأحد درهم"
وقال تعالى { وإن يأتوكم أسارى تفادهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض } .
قال القرطبي رحمه الله (الجامع لأحكام القرآن 2/17 ) : " ولَعَمرُ الله لقد أعرضنا نحن عن الجميع بالفتن فتظاهر بعضنا على بعض ! ليس بالمسلمين ، بل بالكافرين ! حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين يجري عليهم حكم المشركين ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قال علماؤنا : فداء الأسارى واجب وإن لم يبق درهم واحد . قال ابن خويز منداد : تضمنت الآية وجوب فك الأسرى ، وبذلك وردت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فك الأسارى ، وأمر بفكهم ، وجرى بذلك عمل المسلمين وانعقد به الإجماع ، ويجب فك الأسارى من بيت المال ، فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين ، ومن قام به منهم أسقط الفرض عن الباقين " .انتهى
{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ } .
كتبه / أحمد بوادي
جزى الله خيرا من أوصلها إليهم الكاتب: ابوالزبيرالانصاري التاريخ: 01/01/2007 عدد القراء: 5197
أضف تعليقك على الموضوع
|