انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  أنظروا هؤلاء الذين يشتمون عرض النبي صلى الله عليه وسلم ، في شمال شرق إيران يزورون مقابر عليها الشواهد : أعضاء تناسلية وعلى بعض الأضرحة صورة الخميني !!  |  فيلم غربي يفضح عنصرية الصهاينة  |  المرجع (الحسني الصرخي) واقتتال أتباع المرجعيات الشيعية في جنوب العراق - ظاهرة جديرة بالاهتمام والتحليل..!   |  بربكم ماذا أقول للإمام الخميني يوم القيامة؟ هذا ما قاله عدنان الأسدي وكيل وزارة الداخلية لضباط شرطة شيعة خدموا وطنهم بإخلاص....!!!  |  (حسن نصر اللاة) يقول: مايحدث في حمص المنكوبة هو مجرد فبركات إعلامية..! - تفضل شوف الفلم يا أعمى البصر والبصيرة.. تحذير: مشاهد مؤلمة  |  شهادة شاهد عيان شارك في مذبحة حماة  |  
 الصفحة الرئيسية
 قـسـم الـمـقـــالات
 خـزانــة الـفـتاوى
 الــركـن الأدبــــي
 مكتبة الصـوتيـات
 مكتبة المـرئـيـات
 كـُتـاب الـمـوقــع
 مشاركات الـزوار
 مكتبـة الأخـبـــار
 مكتبـة المـوقـــع
 تحـت الـمـجـهــر
 خدمات عامة
 راســلــنــــــا
 محرك البحث
 مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali وهذا عنوان حسابه الجديد hamedalalinew

    تأخير نصر الدين؛ لطف بالمؤمنين ومكر بالكافرين والمنافقين

حفظ في المفضلة
أرسل الموضوع
طباعة الموضوع
تعـليقـات الـزوار


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد.

أما بعد...

فإن لله سبحانه وتعالى عادة لوْ تغيّر وتبدل كل شيء لم تتغير ولم تتبدل، نافذة في ممالكه بلا ممانع، قاهرة لخلقه بلا مدافع، مصدرها الحكمة والرحمة وشمول القدرة مع القيام بالقسط... فمنها ما يظهر العلم به لكثير من الخلق، ومنها ما لا يعلمه إلا القليل منهم، ومنها ما لا يعلمه سواه سبحانه.

فمن أمثلة ما يخفى على كثير من الناس من عادة الرب وسنته - لا سيما أهل النفاق - تأخير نصر الدين وأهله، وهو على الحقيقة بالرغم من شدة وَطْأته وثقل حمله؛ نصر خفي مَوْصول بالنصر الجلي، فلا بد من هذا للمؤمنين إذا قاموا بنصرة الدين، وهو لطف بهم كما حصل في غزوة أُحد.

وتأمل كلام الإله وتعرّف على سننه التي لا تتبدل، ترى أنها تشتد الحال ويعظم الكرب حتى يقول الرسول والمؤمنون معه: {متى نصر الله}؟ فيكون الجواب من الولي النصير: {ألا إن نصر الله قريب}، ومثله: {حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا}، فيقول تعالى: {أتاهم نصرنا}.

وهُنا يَرِدُ سؤال يكون في جوابه كشف المستور المخبأ عن علم أكثر الخلق، والسؤال هو: هل الرب عز وجل كان خاذلاً لرسله وعباده المؤمنين في شدتهم ثم إنه بدا لَهُ بعد أن ينصرهم حينما قال تعالى: {ألا إن نصر الله قريب}، وحينما قال: {أتاهم نصرنا}.

الجواب: تعالى عن ذلك علواً كبيراً، وإنما من أسرار الأقدار أن يكون الابتلاء خفياً والمحنة مستورة، {ليميز الله الخبيث من الطيب}، وإلا فالرب سبحانه لا يستجد له جديد كان خافٍ عليه قبل ولا يؤثر في قدرته مؤثّر من دونه، كيف ومقاديره جارية على سنته، سابقة لخلقه.

وتمام جواب السؤال؛ هو أن الرب سبحانه وتعالى لم يتخل عن رسله وعباده المؤمنين، ولم يخذلهم وقت شدتهم ووقت الغلبة التغريرية الاستدراجية لعدوهم والتي هي غير مستقرة ولا مستمرة، وإنما ليظهر معلومة وآياته وعجائب قدرته، وحيث إن الكمائن تظهر عند المحن، فمن أعظم ذلك ظهور كمائن المنافقين وظنهم السوء برب العالمين؛ ألا ينصر من نصر دينه.

وحِكَمٌ غيرها عظيمة القدْر ذكرها ابن القيم رحمه الله في كتابه "زاد المعاد" في كلامه على غزوة أحد أحببت نقلها هنا لما فيها من العبرة والعِظة ولِمشابهة الحال - وإن لم يكن من كل وجه - {ليحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة}.

قال رحمه الله تحت عنوان: "فصل في ذكر بعض الحِكَم والغايات المحمودة التي كانت في وقعة أُحد":

(فمنها:

تعريفهم بسوء عاقبة المعصية والفشل والتنازع، وأن الذي أصابهم إنما هو بشؤم ذلك، كما قال تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ماتحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم}.

فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول وتنازعهم وفشلهم كانوا بعد ذلك أشد حذراً ويقظة وتحرزاً من أسباب الخذلان - ولم تكن معصيتهم إلا مخالفة الرماة مَوْضعهم الذي أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بلزومه فبسبب تلك المخالفة جرت الأمور الكبيرة من إدالة العدو وغير ذلك من الأمور المحزنة، فكيف بمخالفاتنا التي لا تحصي؟ -

ومنها:

أن حكمة الله وسنته في رسله وأتباعهم جَرَتْ بأن يُدَالوا مرة ويُدال عليهم أخرى لكن تكون لهم العاقبة، فإنهم لو انتصروا دائماً دخل معهم المسلمون وغيرهم ولم يتميّز الصادق من غيره، ولوْ انْتُصِرَ عليهم دائماً لم يحصل المقصود من البعثة والرسالة، فاقتضت حكمة الله أن جمع لهم بين الأمرين ليتميَّز من يتبعهم ويطيعهم للحق وما جاؤا به ممن يتبعهم على الظهور والغَلبة خاصة.

ومنها:

أن هذا من أعلام الرسل كما قال هرقل لأبي سفيان: هل قاتلتموه؟ قال: نعم، قال: كيف الحرب بينكم وبينه؟ قال: سجال، ندال عليه ويُدال علينا، قال: كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة.

ومنها:

أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر وطارَ لهم الصّيت دخل معهم في الإسلام ظاهراً من ليس معهم فيه باطناً، فاقتضت حكمة الله عز وجل أن سبّب لعباده محنة ميّزت بين المؤمن والمنافق فأطلع المنافقون رؤسهم في هذه الغزوة وتكلموا بما كانوا يكتمونه وظهرت مخبآتهم وعاد تلويحهم صريحاً، وانقسم الناس إلى كافر ومؤمن ومنافق انقساماً ظاهراً، وعرف المؤمنون أن لهم عدواً في نفس دُورهم وهم معهم لا يفارقونهم فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم.

قال الله تعالى: {ماكان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء}، أي ماكان الله ليذركم على ما أنتم عليه من التباس المؤمنين بالمنافقين حتى يميز أهل الإيمان من أهل النفاق كما ميّزهم بالمحنة يوم أحد، {وما كان الله ليطلعكم على الغيب}، الذي يميز به بين هؤلاء وهؤلاء فإنهم متميزون في علمه وغيبْه وهو سبحانه يريد أن يميزهم تمييزاً مشهوداً فيقع معلومه الذي هو غيب شهادة، وقوله: {ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء}؛ استدراك لما نفاه من اطلاع خلقه على الغيب، كما قال: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول}، فحظكم أنتم وسعادتكم في الإيمان بالغيب الذي يُطلع عليه رسله، فإن آمنتم به واتقيتم كان لكم أعظم الأجر والكرامة - ومن هذا الغيب أن يسْتيقن المؤمن أن الله ينصر دينه لا محالة –

ومنها:

استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السّراء والضراء وفيما يحبون وما يكرهون وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم، فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون فهم عبيده حقاً، وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية.

ومنها:

أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكسرة والهزيمة ذلّوا وانكسروا وخضعوا فاسْتوْجبوا منه العز والنصر، فإن خلعة النصر إنما تكون مع وَلاية الذل والإنكسار، قال تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} وقال: {ويوم حنين إذْ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً}.

فهو سبحانه إذا أراد أن يُعز عبده ويجبره وينصره كَسَرَهُ أولاً، ويكون جبره له ونصره على مقدار ذله وانكساره.

ومنها:

أنه سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لم تبلغها أعمالهم ولم يكونوا بالِغيها إلا بالبلاء والمحنة، فقيّض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه، كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها.

ومنها:

أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغياناً وركوناً إلى العاجلة، وذلك مرض يعوقها عن جدّها في سيرها إلى الله والدار الآخرة فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته قيّض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواء لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليل الدواء الكريه ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه، ولوْ تركه لغلبته الأدواء حتى يكون فيها هلاكه.

ومنها:

أن الشهادة عنده أعلى مراتب أوليائه، والشهداء هم خوَاصّه والمقربون من عباده وليس بعد درجة الصّدّيقية إلا الشهادة، وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء تُراق دماؤهم في محبته ومرضاته ويؤثرون رضاه ومحابه على نفوسهم، ولا سبيل إلى نيْل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسليط العدو - هذا فيه شَبَه من السور الذي باطنه فيه الرحمة وظاهرة من قِبَله العذاب، فتأمل حال المؤمن والمنافق هنا -

ومنها:

أن الله سبحانه إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم قَيّض لهم الأسباب التي يسْتوجبون بها هلاكهم ومحقهم، ومن أعظمها بعد كفرهم وطغيانهم مُبالغتهم في أذى أوليائه ومحاربتهم وقتالهم والتسلّط عليه فيتمحص بذلك أولياؤه من ذنوبهم وعيوبهم ويزداد بذلك أعداؤه من أسباب محْقهم وهلاكهم.

- تأمل هذا وترقّب فعل رب العالمين بأعدائه، وقد ظهرت ولله الحمد علامات ذلك واضحة من قَوَارِعِه المتوالية عليهم ونحن نسأله المزيد، وتدبّر قوله سبحانه عن فرعون وقومه: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} فالطغاة يتمادوْن بطغيانهم والرب يمهلهم ويظنون أنه مهملهم حتى إذا استكمل غضبه عليهم أخذهم أخذ عزيز مقتدر، وهذا معنى الآية... وقد بيّنت في "جواب الأمريكيين" وغيرهم عظم فساد هؤلاء الكفرة في الأرض وأنه أعظم من إفسادهم بالمحاربة وتقتيل المسلمين، فنحن نتربّص بهم سنن شديد المِحال -

ثم إن ابن القيم رحمه الله ذكر كلاماً، ثم قال في قُبح طاعة الكفار: (وحذّرهم سبحانه من طاعة عدوهم وأخبر أنهم إن أطاعوهم خسروا الدنيا والآخرة، وفي ذلك تعريض بالمنافقين الذين أطاعوا المشركين لما انتصروا وظفروا يوم أُحد، ثم أخبر سبحانه أنه مولى المؤمنين وهو خير الناصرين، فمن وَالاه فهو المنصور، ثم أخبر أنه سيلقي في قلوب أعدائهم الرعب الذي يمنعهم من الهجوم عليهم والإقدام على حربهم، فإنه يؤيد حزبه بجند من الرعب ينتصرون به على أعدائهم، وذلك الرعب بسبب ما في قلوبهم من الشرك بالله، وعلى قدْر الشرك يكون الرعب، فالمشرك بالله أشد شيء خوفاً ورعباً، والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بالشرك لهم الأمن والهدى والفلاح، والمشرك له الخوف والضلال والشقاء) - تأمل رعب أعداء الله -

وذكر كلاماً ثم قال عن المنافقين أنهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية وقد فُسّر هذا الظن الذي لا يليق بالله بأنه سبحانه لا ينصر رسوله وأن أمره سيضمحل وأنه يُسْلمه للقتل، وقد فُسّر بظنهم أن ما أصابهم لم يكن بقضائه وقدره ولا حكمة له فيه، فَفُسّر بإنكار الحكمة وإنكار القدر وإنكار أن يُتم أمر رسوله ويُظهره على الدين كله.

انظر قوله في معنى ظن السوء: (وأن أمره سيضمحل)، واعلم أن هذا ظن أكثر الخلق اليوم، وهو ظن المنافقين لأن طغيان الباطل وطوفانه الذي تفجّر في وقتنا قد طغى على العقول وزيّفها، ولما جاء الابتلاء بتكالب الكفار على المسلمين وحصول نوع هزيمة هي على الحقيقة ابتلاء للمنافقين ولطفاً بالمؤمنين ظهرت الكمائن الخبيثة ممن لم يقْدر الله قدره ولا يعرف حكمته، فتكلم من تكلم وعمل من عمل وظنوا أن الدين لن تقوم له قائمة، وكانت قد امتلات أذهانهم الخاوية المظلمة أن الدين لا يصلح لهذا الزمان، اللهم إلا دين مُلَقّح بمادة كفرية ونحْلة طاغوتية، فيبقى اسم ورسم في غاية الذلة والهوان، قطع الله دابر كل من ظن هذا الظن وأراد هذه الإرادة من نوّاب إبليس ووكلائه من الكفرة والمنافقين الذين {نسوا الله فنسيهم} والذين؛ (هانوا على الله فعصوْه ولوْ عَزّوا عليه لعصمهم).

أيظن المنافق أن الله تخلى عن ملكه وَوَكل دينه وعباده إلى غيره وأنه يخذل من نصر دينه؟ لا، وعزته، فتعْساً للظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء، والله غالب على أمره.

ثم قال ابن القيم: (وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون به سبحانه وتعالى في سورة الفتح حيث يقول: {ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا}، وإنما كان هذا ظن السوء وظن الجاهلية المنسوب إلى أهل الجهل وظن غير الحق، لأنه ظَنُّ غير ما يليق بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وذاته المبرأة من كل عيب وسوء، بخلاف ما يليق بحكمته وحمْده وتفرده بالربوبية والإلهية وما يليق بوعده الصادق الذي لا يخلفه ولكلمته التي سبقت لرسله أنه ينصرهم ولا يخذلهم، ولجنده بأنهم هم الغالبون.

فمن ظن أنه لا ينصر رسوله ولا يُتم أمره ولا يؤيده ويؤيد حزبه ويُعْليهم ويظفرهم بأعدائه ويظهرهم عليهم وأنه لا ينصر دينه وكتابه، وأنه يُديل الشرك على التوحيد والباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها التوحيد والحق اضمحلالاً لا يقوم بعده أبداً؛ فقد ظن بالله ظن السوء ونَسَبَهُ إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله وصفاته ونعوته، فإن حمْده وعزته وحكمته وإلهيته تأبى ذلك وتأبى أن يُذل حزبه وجنده وأن تكون النصرة المستقرة والظفر الدائم لأعدائه المشركين به العادلين به فمن ظن ذلك فما عرفه ولا عرف أسماءه ولا عرف صفاته وكماله).

تأمله فإنه كلام نفيس للغاية منطبق على مانحن فيه من وجوه عديدة حيث ظن أكثر الخلق برب العالمين سبحانه ظن السوء وظن الجاهلية حيث اعتقدوا أن الله يُضَيّع للأفغان والعرب الذين معهم سعْيهم بإقامة دينه وشرعه ومُنابذتهم أعدائه وجهادهم إياهم وأنه يخذلهم وينصر الكفار عليهم.

ثم قال رحمه الله: (ثم أخبر سبحانه عن حكمة أخرى في هذا التقدير؛ وهو ابتلاء ما في صدورهم، وهو اختبار ما فيها من الإيمان والنفاق، فالمؤمن لا يزداد بذلك إلا إيماناً وتسليماً، والمنافق ومَن في قلبه مرض لابد أن يظهر مافي قلبه على جوارحه ولسانه).

لقد ظهر من كثيرين مكنونات سوء يصعب حصر ما ظهر منها وما خفي أكثر، ومن ذلك ما كتب بعض المعتوهين عن المجاهدين في بعض الجرائد من قوله في إجابته المعترضين عليه لما يظهر من بغضه للمجاهدين، يقول: (أحسن الله عزاءك في أُسامتك وطالبانك)، ويقول أهلكه الله ساخراً: (فلا طالبان ولا حالِمان).

وأهل الإيمان - ولله الحمد - على يقين لا يتزعزع أن الله سوف يُخلف ظنون المنافقين ومرضى القلوب الظانين بالله الظن الذي لا يليق به سبحانه كما أخلف ظنون إخوانهم مِن قبل بنصره للحق ولمن قام به وكبْته لأعدائه وخذلانهم وموتهم بغيظهم.

وقد ظهرت ولله الحمد بشائر النصر وتحقق قول الله عزل وجل في الكفار والمنافقين: {ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولوْ كثرت وأن الله مع المؤمنين}، فما زالت ولله الحمد القوارع الإلهية والآيات الربانية تتابع على أعداء الله مثل الرعب، وهو جند من جند الإله العظيم، وغير ذلك من الخسران والخذلان والأمراض والجراد والطوفان والأعاصير والحرائق والزلازل واختلافهم فيما بينهم وغير ذلك مما يؤيّد الله به عباده المؤمنين ويخذل أعداءه الكافرين، وما زلنا في انتظار المزيد من الولي الحميد، قال تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}.

ثم قال ابن القيم قدّس الله روحه: (ثم أخبر عن حكمة هذا التقدير؛ وهي أن يعلم المؤمنين من المنافقين علم عيان ورؤية يتيمز فيه أحد الفريقين من الآخر تميّزاً ظاهراً، وكان من حكمة هذا التقدير تكلُّم المنافقين بما في نفوسهم فسمعه المؤمنون وسمعوا رَدّ الله عليهم وجوابه لهم وعرفوا مؤدّى النفاق وما يؤول إليه، وكيف يحرم صاحبه سعادة الدنيا والآخرة فيعود عليه بفساد الدنيا والآخرة، فلله كم من حكمة في ضمن هذه القصة بالغة، ونعمه على المؤمنين سابغة وكم فيها من تحذير وتخويف وإرشاد وتنبيه وتعريف بأسباب الخير والشر ومآلهما وعاقبتهما)، انتهى باختصار.

وإن من عرف بعض حِكَم تأخير النصر للمؤمنين على أعدائهم لم يظن بربه ظن سوء ولم يقنط من رحمته ويعلم أن تأخيره سبحانه لنصره نصر لهم وإن رغمت أنوف أعداء الله من الكفرة والمنافقين.

وإن في هذا الكلام البليغ لابن القيم كفاية كافية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، أما المنافق المطبوع على قلبه فلوْ تناطحت الجبال وكلمه الموتى فإنه لا يزداد إلا عتواً ونفوراً، فلْيمت بغيظه.

وتأمل قول ابن القيم: (فلله كم من حكمة في هذه القصة بالغة، ونعمة سابغة)، مع أنه حصل في غزوة أحد ما حصل على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فتأمل كيف جاءت المِنن عن طريق المِحن، واعلم أن رب الزمانين واحد وأنه رقيب على عباده شهيد عليهم.

فالحذر كل الحذر من عزل المالك الحق عن ملكه والتعوّض بالسياسات الطاغوتية المنتنة، فإن هذا بحر قد غرق فيه أكثر الخلق على اختلاف طبقاتهم في هذا الزمان المُوَطئ للدجال والأمور العظيمة، {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون} و {سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.


والحمد لله
وصلى الله على نبينا محمد

كتبه؛ عبد الكريم بن صالح الحميد
أواخر ربيع الأول، 1423 هـ


الكاتب: عبدالاله النجدي
التاريخ: 29/11/2008
عدد القراء: 3377

أضف تعليقك على الموضوع

الاسم الكريم
البريد الإلكتروني
نص المشاركة
رمز الحماية 6062  

تعليقات القراء الكرام
 

اعلانات

 لقاء الشيخ حامد العلي ببرنامج ساعة ونصف على قناة اليوم 28 نوفمبر 2013م ـ تجديد الرابـط .. حلقة الشريعة والحياة عن نظام الحكم الإسلامي بتاريخ 4 نوفمبر 2012م
 خطبة الجمعة بالجامع الكبير بقطر جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب بتاريخ 8 ربيع الآخر 1433هـ 2 مارس 2012م ... كتاب حصاد الثورات للشيخ حامد العلي يصل لبابك في أي مكان في العالم عبـر شركة التواصل هنا الرابط
 كلمة الشيخ حامد العلي في مظاهرة التضامن مع حمص بعد المجزرة التي ارتقى فيها أكثر من 400 شهيد 13 ربيع الأول 1433هـ ، 5 فبراير 2012م
 لقاء قناة الحوار مع الشيخ حامد العلي عن الثورات العربية
 أفلام مظاهرات الجمعة العظيمة والضحايا والشهداء وكل ما عله علاقة بذلك اليوم

جديد المقالات

 بيان في حكم الشريعة بخصوص الحصار الجائر على قطـر
 الرد على تعزية القسـام لزمرة النفاق والإجرام
 الدروس الوافيـة ، من معركة اللجان الخاوية
 الرد على خالد الشايع فيما زعمه من بطلان شرعية الثورة السورية المباركة !!
 خطبة عيد الأضحى لعام 1434هـ

جديد الفتاوى

 شيخ ما رأيك بفتوى الذي استدل بقوله تعالى" فلا كيل لكم عندي ولا تقربون " على جواز حصار قطر ؟!!
 فضيلة الشيخ ما قولكم في مفشّـر الأحلام الذي قال إن الثوب الإماراتي من السنة و الثوب الكويتي ليس من السنة ، بناء على حديث ورد ( وعليه ثاب قطرية ) وفسرها بأنه التفصيل الإماراتي الذي بدون رقبة للثوب !!
 أحكام صدقة الفطر
 أحكام الأضحية ؟
 بمناسبة ضرب الأمن للمتظاهرين السلميين في الكويت ! التعليق على فتوى الشيخ العلامة بن باز رحمه الله في تحريم ضرب الأمن للناس .

جديد الصوتيات

 محاضرة الشيخ حامد العلي التي ألقاها في جمعية الإصلاح ـ الرقة عن دور العلماء كاملة
 محاضرة قادسية الشام
 محاضرة البيان الوافي للعبر من نهاية القذافي
 نظم الدرر السنية في مجمل العقائد السنية للشيخ حامد العلي الجزء الأول والثاني
 إلى أم حمزة الخطيب الطفل الشهيد الذي قتله كلاب الطاغية بشار بعد التعذيب

جديد الأدب

 فتح غريان
 مرثية محمد الأمين ولد الحسن
 مرثية الشيخ حامد العلي في المجاهد الصابر مهدي عاكف رحمن الله الشهيد إن شاء الله المقتول ظلما في سجون سيسي فرعون مصر قاتله الله
 قصيدة ذكرى الإنتصار على الإنقلاب في تركيا
 قصيدة صمود قطـر


عدد الزوار: 46783688