من اللازم أولاً تقديم التعزية بوفاة عمر سليمان الى مقام الشيخ محمد بن زايد ، فقد كان هذا الرجل الاسطورة غاية في الذكاء والاتقان لصنعة المخابرات ، مع خبرة عميقة طويلة وعلاقات مع اميركا واسرائيل لا يملكها أي مخابراتي آخر ، وكان الشيخ محمد قد اصطفاه لنفسه بعد فراره من مصر ، وأراد أن يجعله مستشاره الأمني الأول ، واجتمع به مراراً بحضور طاغية فلسطين محمود دحلان ، وحضور أحمد شفيق قطبُ جمعِ المبعثرين من بقايا نظام مبارك المنهار ، وتعهد الثلاثة للشيخ محمد بممارسة حملة ناجحة لتصفية تيار الحرية والاصلاح في الامارات ، ثم فجأة وبدون مقدمات: يموت عمر سليمان ، وتهتز الخطة ، وتستولي على الشيخ آثار الصدمة النفسية ، فيأمر مع بداية رمضان بمضاعفة عدد المعتقلين من القادة الاحرار الى قرب الأربعين ، وربما زاد العدد أثناء كتابتي لهذا المقال ، بسبب استمرار الحملة ، والشيخ غافل عن أن التربية الدعوية تجعل من كل داعية كتلة مشاعر وعواطف لاهبة تركض نحو الموت وتعتبره أسمى أُمنية يتمنى حصولها اذا كان شهادة في سبيل الله ، وترتضي الأقدار السيئة بالسجن وتعتبره مدرسة تعليمية وإعادة صياغة وخلوة للعبادة والقنوت وتكرار ختمات القرآن الذي لايستخرج أحد كنوز معانيه تامة إلّا من خلال مثل هذا التكرار المتوالي البعيد عن الشواغل ، ثم ان الشيخ لايدري ان عقوبته للدعاة تمنح الدعوة احدى منحتين: إما أن تدق المشانق أعناقهم فيصيرون شهداء ، وينتصبون رموزاً للحرية الى مائة سنة قادمة وأكثر ، وتستلهم منهم ومن ذكراهم الأجيال المتعاقبة ، أو يلبثون في السجن فتبقى القضية حية بين الناس ، وتروج أخبارهم وتكون ذات أثر تربوي دائم عارم يربي الرهط بعد الرهط من الشباب الصاعد ، حتى يكثر عددهم فيكون حسم الموقف من خلال الأكثرية المنحازة للحق ، وبسلمية تامة ، فإنها كذلك هي النفس الايمانية حين خلقها الله تعالى: تعشق المعالي ، وتأسرها البطولة ، وتطربها أغاني الحرية ، والشيخ والملأ الذين من حوله من المرتزقة في وادٍ آخر ، لا يفهمون من هذه الظواهر الاجتماعية التاريخية شيئاً ، وهو اليوم يتيح للتيار الاصلاحي أن يتعمق في إرساء جذوره في مجتمع الامارات حتى تصل الضمائر ، حيث تدور هناك الآن في داخل الأنفس معارك حقيقية من المقارنات بين أحوال الطرفين المتقابلين: الدعوي والحكومي ، وذات التأييد لسلطان وخالد وحمد تترسب في القلوب الزاكية بالايمان ذرة بعد ذرة ، في تراكم سريع وبطيء، حتى تبلغ الأوج والذروة والامتلاء ، فتكون الصيحة والنِذارة التي تختم ببشارة ، وذلك هو سر نصيحتي للشيخ محمد منذ أول يوم أن يفتش عن طريقة أخرى في التعامل مع التيار الاصلاحي الاسلامي ، وأن يحتويه بالحسنى وبقبول نقده الصحيح بدل تأزيم العلاقة ، لانه هو الخاسر اذا استمر تعنته ، فإن قلوب المساجين راضية سعيدة بالأجر والثواب الرباني عن كل دقيقة يقضونها خلف القضبان ، ولكنه هو الذي سيبقى منزعجاً كل الوقت وموتوراً وقلقاً وملوماً من العقلاء ، وستتحول أيامه الى جحيم لن يستطيع ان يتحمله ، فيستهلك نفسه ، وتذهب عنه لذة الحياة والسلطة والمال ، وتبقى صور الاحرار معروضة أمام عينيه إن شرب أو أكل أو نام أو استيقظ ، لا تفارقه ، وتتكدر حلاوة أيامه السابقة ، وكل ذلك بسبب إعطائه الاذن الصاغية لوصفات منحرفة زائفة وصفها له زكي بدر وعلّام وعمر سليمان ودحلان ، وهم لا يهمهم أن تتدمر الحياة النفسية للشيخ محمد بقدر ما يهمهم أنهم يحققون الخطة الاسرائيلية في محاربة الدعوة الاسلامية ، خوفاً من جهادها.
• وبالمناسبة: فان الاشاعات عبرت سبع بحار لتصلني في جزيرتي النائية: أن عمر سليمان لم يمت في مستشفى بأميركا، بل قُتل ضمن الوزراء وأركان النظام السوري الذين قتلوا في العملية البطولية الاستشهادية الاخيرة، وكان يجلس مع آصف زوج اخت بشار الأسد ، مرسلاً من دولة عربية لمساعدة العلويين في الخروج من المأزق ، واختلف تكهنات الناس عن اسم الدولة التي بعثته ، ولكنها جزماً ليست تونس ولا ليبيا ولا مصر ، لانها دول ثورية، ولا المغرب ولا الجزائر ولا السودان ولا اليمن ، لانها دول تداري أمرها ، ولابد من أن تكشف الايام اسرار موت أو مقتل عمر سليمان ، والمعروف جزماً انه ما كان مريضاً ، والقرائن تشهد لصحة الاشاعة، ولم تنشر المستشفيات تقارير عن ظروف موته ، مع أنه رجل غير عادي.
• ومن المفارقات الاخرى أن المخابرات الإماراتية بدأت تنشر مقالات لشاب صغير اسمه محمد الحمادي يهاجم فيها تيار الاصلاح ويدافع عن الحكومة ، وكان بالأمس القريب ممن يركز الاهتمام عن موديلات السيارات والمفاضلة بينها ، ويحلم بحيازة سيارة سبورت غالية ، فوجدها فرصة لتحقيق أحلامه فشهد شهادة الزور ، وصار الشيخ محمد يضعه عن يمينه كمستشار له ، بعد ما كان أبوه الشيخ زايد رحمه الله يضع المحنك العاقل السويدي عن يمينه مستشاراً ، فانظر التغيير في الرجال والاساليب ، ثم انظر تدنّي مستوى حُجة محمد الحمادي هذا في قوله ضمن مقال قبل يومين في جريدة الاتحاد ناقداً التيار الاصلاحي وقادته قائلاً: ( اطقلوا على أنفسهم دعوة الاصلاح ، وهم يطلقون على أنفسهم لقب مشايخ ودعاة الى الله ، بينما هم يمارسون العمل السياسي ). هكذا بهذه السذاجة يفهم الأمر ، ويريد للمواطن أن لا يمارس السياسة ، بل الطاعة العمياء لولي الأمر وترك ما لقيصر لقيصر ، ثم يتوسع في مدح الحاكمين ، مما يذكرني بقول الشيخ سلمان العودة في التويتر يوم ٢٠١٢/٧/٢٤ انه ( في مطولات الشعر العربي مطولات أجادوا سبكها في مدح الملوك يدور جُلّها على الكذب الصُراح والجرأة على الله والخيانة للإسلام.) ، وصاحبنا الحمادي يقتفي أثر هؤلاء في مدح الملوك كاذباً ، ويتضح من كلامه ان كل غضبة الملوك على الدعاة أنهم لا يريدون لهم ان يشتغلوا بالسياسة و لا بقول التنمية ولا بخطة الامن الاستراتيجي العربي ، ولا بمعاني الحرية والعدل والمساواة ، بل أن يكون الشعب قطيعاً يرضى طالما وفّر الملك التِبن له !!! والشيخ محمد عليه أن يسأل: إلى أين أوصل الكتاب المخابراتيون والاعلاميون المصريون الزائفون مبارك؟ فوجود شاب يحلم بثراء ومنصب بعدما يسب الدعاة ليس بشيء ، والناس تدرك ذلك.
• وفي توتير الموتور الاماراتي ضرار بالهول الغلاسي يوم ٢٠١٢/٧/٢٥ قائمة رسمية باسماء المعتقلين من الأبطال والأفذاذ اشراف الامارات ، وقوله معتدياً: قائمة الخونة الذين تم القبض عليهم حتى ٢٠١٢/٧/١٩:
سلطان القاسمي
خالد محمد الشيبة
د. محمد المنصوري
د. ابراهيم اسماعيل الياسي
حسين النجار
د. شاهين الحوسني
د. علي الحمادي
د. أحمد الزعابي
أحمد السويدي
حسين الجابري
ابراهيم المرزوقي
محمد الصديق
عبدالرحمن الحديدي
محمد الكلباني
صلاح الهرمودي
احمد الطابور
سالم ساحوه
راشد عمران الشامسي
عمران علي الرضوان
خليفة هلال النعيمي
صالح الظفيري
د. محمد الركن
راشد الركن
عبدالله الهاجري
عيسى السري
سالم حمدون الشحي
عيسى السويدي
• وفي تويتر آلاء الصديق يوم ٧/٢٥ أيضاً انه اعتقل اليوم كل من:
حمد رقيط
عبدالرحيم الرزعوني
محمد العبدان
مصبح الرميثي
د. عدنان جلفار
طارق القطان
د. سيف العجلة
وأن المجموع وصل الى ٤٠ معتقلاً.
• ولينظر الإماراتي العاقل كيف أننا نأتي الشيخ محمد بعلية القوم التي تدل عليها هذه الأسماء المباركة ، وليس فيهم من يقل عمره عن الخمسين ، وبعضهم تجاوز الستين سنة وامتلأ حكمة وتجربة وعلماً ووقاراً وإيماناً ، والشيخ يأتي بمحمد الحمادي وأغرار الشباب اللاهي ، فسبحان الله الذي قسم الحظوظ والمراتب فكان للمؤمن ما علا منها وارتفع للإنتهازي المسترزق ما هو واطئ ، ولذلك استفزني انقلاب الموازين ، وصرت أخاف على الامارات سوء العاقبة ولباس الخوف والعوز بعد الأمن والنعمة، ورأيت أن واجبي أن اقوم في الناس مادحا العصبة الاصلاحية النقية الشريفة، وان اتغنى بمناقب هؤلاء القوم الاشراف الفقهاء ، والإثم على الظالم ، وعلى مَن سكت على الظلم ولم يأمر بمعروف في ساعة الحاجة الى الشهادة على الناس ، والله يعرف جميع عباده ، والشجاع منهم والجبان الرعديد الخائف الذي يصمت إيثاراً للدعة والراتب والجاه وامتيازات العقود والبنوك ، فقلت قصيدتي الجديدة في مدح قادة التيار الاصلاحي الاسلامي الخليجي وخصّصتُ لهم شعراً من بحر الـرَمَل يُخلّد تجربتهم ومبادرتهم التي دخلت سجل التاريخ ، فصدت حروفي العِـزّية بذكر المناقب الزكية . . . .
في سُجـون الظلمات آلتـهَـبا
فِكرُ ( سُلطانٍ ) يُـناغي العَـرَبــا
من عُمانٍ لكويتٍ مَـقْـنَـعٌ
أن سَوسَ الشرعِ يُجلي الرِّيـبَـا
• أي أن السياسة الشرعية الموصوفة في أقوال الفقهاء لا يبقى معها إذا طبّقها الحاكم ارتياب متبادل بينه وبين المحكومين ، ولكن الظالم يحيد عن فقه السوس الشرعي ، فيأخذ الناس بالريبة من دون دليل ، فيكون الوضع المتأزم ، واخواننا رجال الاصلاح لم يقترفوا أي جرم أو فعل ضار ، وكل ما هنالك هو تخوف من الحاكم أن يعادوه في المستقبل ، فالتهمة محض افتراض وهمي حشاه رجال المخابرات في أُذن الحاكم ، وهذا من أغرب القضايا ، لان كل الشرائع والقوانين الوضعية لا تجعل للظن المجرد قيمة ، ولا يقضي القضاة العدول به ، إلّا من يتزلف منهم للحاكم ويكون من قضاة جهنم ، وقد قلتُ كلمة ( مَـقنعٌ ) على رِسلي وأعني حالة الاقتناع ، فلما أردت التأكد وجدت في ترتيب القاموس المحيط للفيروز آبادي/ ١٣٧٢ ما يلي: ( شاهد مَـقنعَ ، كمقعد ، وقُنعان ، بالضم ، ويستوي في الأخيرة المذكر والمؤنث ، والواحد والجمع: أي رضىً يُـقنع به أو بحكمه أو بشهادته.). فصار هذا المعنى أدلّ مما أردت أولاً على أن اهل الخليج كلهم شهود عدول بأن السياسة الشرعية هي الأصح من السياسة الوضعية وارتيابات الحاكم المطيع لمخابراته.
أن شورى الشعب تُنهي العَـسَـفا
أن حَقّ القولِ إنما ورَبا
• أي إشراك الشعب في صناعة القرار هو العدل الذي يُنهي التعسف واستبداد الحاكم ، ويكون ذلك بانتخاب برلمان وفقاً للشكل المتطور الجديد في معنى الشورى عالمياً ، وقولي: ( إنما ورَبا ) أي إنماءٌ ورَباء للخير.
حيثُ لا عَسْفَ ولا عَـزْفَ اللّغا
حيث لا قيدَ يُـثـير الغضبا
لن يُراعَ الحُـرُّ لو عَمَّ الهوى
جنباتَ الحُكمِ أو ظُلماً سَبى
• فالبرلمان المنتخب ، وحق القول: طلباتٌ للاصلاحيين ، تماشياً مع العرف العالمي السائد ، وأيضاً: منع التعسف ، والقيود على النشاط السياسي ، والسجون السياسية ، وإلهاء الشعب بالمعازف وتربيات الميوعة واللغو الاعلامي في الحين الذي تلزم في التربية الجادة التي تسترجع فلسطين وتجاهد العدوان الاستعماري في العراق وبلدان أخرى. ومع ذلك فان الحُـرّ لن يخاف من هذه السلبيات ومن غلبة الهوى على طبيعة الحكم، أو حصول ظلم يسبي الناس ويحرمهم الحرية ، لان قلوب الدعاة واشراف الناس لها رؤى إيمانية مليئة بالهدى الذي هو الموازين الاسلامية والقواعد الفقهية ، وتشجعنا بوادر صحوة يهب نسيمها من نجد تحمله ريح الصبا النجدية المشهورة ، وذلك هو قولي:
فرؤى القلبِ مِلاءٌ بالهُدى
ثم من نجدٍ نَسيمٌ وصَبا
بِـجِـهارٍ عن شهيدٍ سَـنَـدي
(في ظِلال الآي): إصلاحُ الكَبا
ثمّ خُذها عن ( وليدٍ ) رِثَـةً
: المحاريبُ أنالت رُتَـبا
• والشهيد هو سيد قطب ، دندن في كل كتابه ( في ظلال القرآن ) ان كبوات السياسة والانحرافات الاجتماعية إنما يكون إصلاحها عن طريق الايمان وموازينه فقط ، والتجربة أيدت ذلك ، فان المناهج العلمانية عجزت عن اصلاح احوال الأمة ، ثم لي سند آخر في هذا المعنى ورثته عن استاذي في الدعوة شاعر الاسلام وليد الاعظمي ، فقد أوجز المعنى الشامل حين قال في شطره المشهور: من جانب المحراب يبدأ سيرنا ، ورتبة العز والتمكين لا ينالها إلّا مَن انطلق من المحاريب.
وفي ترتيب القاموس/ ١٥٥١: ( هي مَلآي ومَلآنــة. الجمع: مِـلاء.).
وفيه/١٧٤٤: ( وِرثاً و وِراثة وإرثاً ورِثَة: بكسر الكل.).
رُكَّـعٌ إخوانُنا طُولَ المَدى
جاهِـرٌ قائِـدُهم ، لا ، ما آخْتَبى
جامِـعٌ مَـرْبَعُنا جُندَ السَّما
( جابِريٌ ) أمَّ ( رُكْناً ) أصوبا
• فهؤلاء الفقهاء دعاة الاصلاح اشتهروا بالركوع لله تعالى ، طول مسيرتهم، فتعلموا من ذلك أخلاق الاستعلاء الايماني ، والشجاعة ، بحيث أن قائد المسيرة الشيخ سلطان بن كايد جاهر علانية بأنه رئيس تيار الاصلاح ، وزار الشيوخ وعـرّفهم بنفسه ورهطه ومطالبه ، ولم يلجأ لاختباء، بل مشى بطوله مرفوع القامة ، فثبت معهم في المرْبَع الاصلاحي كل مَن يعتبر نفسه جندياً من جنود دين الله ، منهم حسن الجابري إمام التربية المدرسية في أبوظبي والذي سارت بخبر إتقانه له الرُكبان ، وبرز ذو العقل القانوني
الصائب الدكتور محمد الركن ، فقيه القانون الدولي وأفصح من دافع عن حقوق الامارات في الجزر الثلاث ، وخريج هارفرد أرقى جامعة في العالم.
( حَمَدٌ ): بؤرة عَقل الموكِبِ
فيضُهُ ثَـرٌّ أنالَ الغُرَبا
( شيبةَ ) الحَمدِ رَعاها (خالدٌ)
شَـرُفَ الأصلُ جُـدوداً وأَبا
• ومن نبلاء الاصلاح: حمد رقيط آل بوعلي ، المشهور بعقلانيته وتوصية الشباب بعدم التهور والاستعجال ، وهو من اشراف الناس ، وصاحب يَـدٍ طَلقة أنالت الغريب والصديق على حد سواء ، واعتقاله خطأ محض ، لأنه حكيم التيار الاصلاحي الحريص على الخطو الموزون ، ومثله في الفضل والعقل: خالد محمد عبدالله الشيبة النعيمي ، من قبيلة النعيم حُكام عجمان ، وجده تولى قضاء عجمان ستين سنة ، وعلمُ خالد ظاهرٌ ، وهو شريف ابن شريف ابن شريف ، ولذلك يقول الجهلاء بضرورة إعدامه ، حفظه الله ووقاه ، وليس وراء الأمر غير الحَـسَـد لشخصيته القوية.
بِـجَـدارٍ حَكَـرَ الحُبَ فتىً
إسمه ( الصديقُ ) أولى الطَلَبا
أمّـةَ الاسلامِ يهوى رَعيَها
راعَـهُ التَّـوْهُ ومَجْداً غَـرَبا
• وهو محمد عبدالرزاق الصِّديق ، الذي أسَـرَت ابتسامته القلوب فاحتكر الحُبَّ بجدارة ، وقد استوفى الطلب العلمي ومستلزماته ، وبرع في علم الشرع ، فصارت هوايته: رعاية مصالح الامة الاسلامية ، فتارة تراه في طاجكستان وازبكستان ، وتارة في افريقيا ، حتى ينسى نفسَه ويُذكره المذكر بأنّ له عائلة تنتظره ، وما ذاك إلّا لانه قد اخافته المتاهة التي دخلتها الامة ، فطفق يدلها على الطريق.
وفي ترتيب القاموس/٢٠٢: ( التَّــوْهُ ، ويُـضَـمُّ: الهلاكُ والذهابُ ، تاه يَتوه، هَـلَـك ، وتكبّر ، واضطرب عقله.).
و ( عليٌ ) مُكْثِرٌ إبداعُـهُ
كلما أمْعَنَ في الرأيِ: عَبا
و ( حُسين ): سَيدٌ أنمى الوفا
وكثيرٌ: كُلَّ فَـنٍّ شَـرَبا
• أي دكتور علي الحمادي ، المدرب الإبداعي الاداري ، ومؤلف الكتب الكثيرة ، وصاحب النظرات العميقة ، ومن شأنه أنه كلما أمعن في الرأي الطريف وتوغل: تَـهَـلّلت أسارير وجهه وأضاء نوراً.
وفي ترتيب القاموس/١٠٤٥: (عَـبا يَـعبو: أضاء وَجْـهُـه.).
وفيه/٨٤٩: (شَـرَب ، كـنَـصَـرَ: فـهِــمَ.). اي ان الكثير من رجال التيار الاصلاحي هم مثل علي الحمادي ودكتور حسين النجار المدرب الإداري الاخر الممتلئ حيوية وخبرة ، فهؤلاء الكثير شربوا كل فن من الفنون ، أي فهموا كل فن ، ففيهم التربوي ، والنفسي والمؤرخ والأديب ، فالتيار الاصلاحي الاماراتي هو مجمع علمي في الحقيقة ، ورواق فلاسفة ، كما انه محراب عبادة ومنبر سياسة.
هؤلاء الرَّكبُ أنّى مِثلُهم
أصُلتْ خَيلٌ فسارت خـبَـبَا
•اي هؤلاء الجماعة لا نجد مثلهم مهما فتشنا ، فَـهُم نوايا حسنة ، وبقايا طيبة من أجيال السلف القديمة ينطبق عليهم قول الله تعالى: " فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض " ، ومعنى ذلك: أولو أخلاق وطباع زاكية ، وأصحاب إخلاص وهَـدْيٍ يرضاه الله ، فيتولون عملية الاصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والفساد ، وقد شَعَر هذا الرهط الموثوق بفضل الله عليه وأنه رزقه فقهاً وحكمة ، فطفق يشعر بالنجابة ، ويتمثلون أنفسهم خيلاً أصيلة شَـعَــرَت بالطرب فركضت خَـبَـبَـاً ، وهو نوع من العدو الجميل للخيل.
جَمعُنا يحذو حضاراتَ الدُنى
( ألِكتروني ) الى ( رَقمي ) نَبا
نَـغَمي حَــرَّكه ... أرْقَصَـهُ
أطلق ( الفوتون ) مِنهُ والهَبا
مُرقِصات ( الكهربا ) في سِلكها
مَبدَعاتٌ نابضاتٌ طَـربَا
• أي ان هذا الجمع الاصلاحي ليسوا دراويش ، بل هم مدنيون أصحاب علم فيزياوي وكيماوي وهندسي ، ويتطلعون لصناعة واقع حضاري اسلامي يوازي حضارات الدنيا السائدة ويستفيد منها يقلدها في أحسن ما عندها ، ولا يلتهي باللعب ، بل يأخذ بالجد ، فإن الالكترون الذي صرتُ أعرفه نَـفَــرَ وتحرك نحو ( رقمياتي ) ( الديجيتل ) واصبحت اعرف منهجه وسلوكه في القفز والرقص بين المدارين الاخير وقبل الاخير للذرة ، وما يصاحب هذه الحركات من إطلاق ( الفوتونات ) الضوئية والهَـبـا ، أي الدقائق الذرية ، أي ( الهباء ) ، وكيف تنتج الكهرباء من انتفاضات الالكترون ورقصه ، وهذه اختراعات وابداعات نابضة بالفائدة ، وهي التي يجب أن أتعلم صنعتها من خلال التلمذة لعلماء الغرب والشرق أبدعوها ، فأصنع الحضارة لأمتي ، وليس في الغناء وسباق السيارات ، ولا في صرف الملايين على فريق مانجستر الكروي مما يفعله الشيوخ.
في الوَفا أصلي ، وجَـذري طاهِرٌ
مُمتِعٌ مَطلعُنا ضاء الرُّبى
• لكل هذا: لنا الحق أن نفخر ، فأُصولنا تحملنا على الوفاء للإمارات ولأهلها ، ولكل الخليج ، ولكل شبر من أرض الاسلام الواسعة ولكل فرد مؤمن ، وجذورنا النقية هي التي جعلتنا نسير في الطريق الانتاجي السلمي العلمي الحضاري ، والايمان ضاعف صواب هذا السير وجعله مباركاً ، في صورة التفاف الوف من الشباب الابداعي المؤمن حول تيارنا الاصلاحي ، فصار مطلع جحفلنا العريض السائر ممتعاً مبهجاً بَـهِـياً مُشِعّاً منيراً بحمد الله ، فملأ ضوء مناقبنا رُبى الامارات وصحراء العرب وجبالها وودنياها وسهولها ورمالها الحبيبة المحتفظة بنكهة الجدود والسلف الصالح، فمن في مثل جمالي أنا الإصلاحي السجين؟ ومن في مثل قدرتي على قلب الآلام الصحراوية طرباً وأغنيات إيمانية حالمة؟
محمد أحمد الراشد
٢٠١٢/٧/٢٧ الكاتب: محمد الإماراتي التاريخ: 26/07/2012 عدد القراء: 6518
أضف تعليقك على الموضوع
|