جمع جنكيز بناته الستة بين يديه وضمهم الى صدره ، انها لحظة الوداع الاخيرة في طريقه الى سفينة مرمرة التي حملت على سطحها اطيب معادن الارض وانفسها ، في العادة كانت الكبيرات منهن يخجلن من هذا الحنان الفريد ، ولكنه في هذه المرة اتسعت ذراعاه لتطوق الجميع ، بناته الستة وولده الوحيد ، كانت ايدي الجميع تجوس كتفي الاب وعنقه ولحيته القصيرة ووجنتيه ، وكان احساسا غامرا بانه سيكون الوداع الابدي الاخير ، فلطالما حدثهم الاب الذي كان يؤمهم لصلاة الفجر بجرائم صهيون ومخططاتها والتي نالت من دولة الخلافة انتقاما من خليفتها الذي قبل الاسر على ان يبيع فلسطين لبني صهيون ،احدى بناته تركت ورقة دستها في جيبه تقول فيها : اذهب حتى لو عاد منك اسمك فقط، اذهب الى فلسطين.
لم يكن جنكيز ذاك الرجل الغني الذي يمتلك العقارات والارصدة والقنوات الفضائية والبنوك والسيارات ، وانما كانت ثروته الوحيدة عربة يضع عليها بضاعته باعتباره بائعا متجولا لايزيد دخله عن حاجته ليوم الغد الا رأسمال الغد، ولم يكن لديه شيئا مخبوءا لبناته ووحيده المدلل ، والشيء الوحيد الذي تركه لهم قبل مغادرته عتبة البيت هو الله وحده وركعتين دعا فيهما ربه ان يقبله في عداد الشهداء ، واستودع الجميع الله وغاب .
في سفينة مرمرة وعلى سطحها شهد له من كان بجواره انه كان من اطيب الناس صحبة واشدهم ذكرا لله ، وعندما هاجم القراصنة الصهاينة المركب مرمرة ، وشاهد بعينيه القتلة يهاجمون المركب فانه قذف بنفسه ليرد هذا الهجوم ،بعد ان قرأ رسالة اولاده ، عدد كبير من المتضامنين العرب ارادوا الخروج دفاعا عن المركب ومافيه ، ولكن جنكيز ومعه الاخوة الاتراك منعتهم حميتهم وغيرتهم ان يتركوا اخوانهم العرب يقتلون على سطح مرمرة ، قائلين انكم دفعتم الثمن طويلا وجاء دورنا ، وبيديه حاول منع سقوط المركب الاعزل من السلاح ، ولكن يديه العاريتين وصدره العاري لم يستطع ان يصد زخات الرصاص التي انهمرت عليه ،وسقط جنكيزوهو يردد الشهادتين، ونزف دمه غزيرا وابتل العلم الفلسطيني الذي حمله وابتل معه هلال العلم التركي الابيض، وظل ينزف حتى ارتفعت روحه الطاهرة.
عاد جثمان جنكيز مع اصحابه واخوانه من الشهداء ، واستقبله عشرات الآلاف من ابناء عثمان ، وفي نفس اليوم اعلن في بلد عربي صامد عن نتائج ستار اكاديمي، وكان الفائز من سورية ، وفي نفس اليوم الذي خرجت فيه تركيا لاستقبال الشهداء ، كان الآلاف من ابناء مدينة دمشق يستقبلون بطل ستار اكاديمي .
صورتان لواقع متغير ، الاولى لتركيا المتغيرة والتي رفض ابنائها ان يقتل العربي والعربية على المركب مرمرة مضحين بانفسهم في سبيلنا ، وصورة اخرى لجيل عربي كبيريرسل سبعين مليون رسالة لدعم اتفه برنامج هدفه اماتة الامة ، فهنيئا لتركيا بنهضتها ، وهنيئا لنا بخيباتنا.
الكاتب: نأسف على الخطأ في إدراج الإسم المشاركة بإسم أبو المعالي الكويتي التاريخ: 14/07/2010 عدد القراء: 3331
أضف تعليقك على الموضوع
|