تمنى رجال أن أموت وإن أمــــــــت **** فتلك سبيل لســـــــــــــت فيها بأوحدِ
وما موت من قد مات قبلي بضائري **** ولا عيش من قد عاش بعدي بمخلدي
لعل الذي يرجــــــــــو فنائي ويدعِي **** بـه قبل موتـــــي أن يكون هو الردي
ما أن أعلنت القنوات الفضائية مقتل قائد تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الشيخ المجاهد أبو مصعب الزرقاوي , حتى فرح أعداء الدين واستبشرت قنوات المنافقين , وردد السفهاء كما هي عادتهم في القنوات ما يقال , وخرج كتاب الهوى في المنتديات ليدندنوا ويطبلوا دون وعي أو إدراك , وتناسوا أن من قتل قائد من قادة الإسلام شأوا أم أبوا , قبلوا أو رفضوا رغماَ عن أنوفهم وأنوف سادتاهم وكبرائهم
نظرت في كتابات هؤلاء فوجدت أن هم على صنفين أما أحدهم فمنافق عرف نفاقه , بوق لأعداء الله يمارس دوره كما هو مطلوب منه ويسعى في الأرض فساداَ وأما الصنف الثاني فجاهل قد أتصف ببعض صفات النفاق فأصبح أسيراَ لهواه يتلقف ما يبثه الإعلام العميل ويردد خلفه ظناَ منه أنه مدرك للأمور وهو أجهل من حمار أهله متناسياَ قوله تعالى ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) وإذا أردت أن تميزهم فلك أن تراجع ما يبثونه وما يكتبونه وستجد أنهم قد صبوا جام غضبهم على شخص أبي مصعب بالذات ثم على رجاله من تنظيم القاعدة فقط . وكأن المقاومة في العراق متمثلة في هؤلاء فقط في حين أننا نعلم جميعاَ أن هنالك تنظيمات جهادية داخل العراق كالجيش العراقي وجماعة أنصار السنة توازي قوتها وعملياتها ما تقوم به القاعدة ومع ذلك لا يأتون على ذكرها من قريب ولا من بعيد ..!! وبذلك يرددون ما تريده أمريكا وهو عرض الأمور على غير حقيقتها وحصر ما يسمونه أعمال العنف ( المقاومة الجهادية ) في مجموعة معينة لتضليل الرأي العام العالمي خاصة إذا عرفنا أن هذه المجموعة يرتبط أسمها باسم تنظيم القاعدة المطاردة عناصرها عالمياَ ..!!!
أحفظ لســــــــانك أيها الإنســـــــان **** لا يلدغنك إنه ثعبــــــــــــــــــانُ
كم في المقابر من قتيل لســـــــــانه **** كانت تهابُ لقاءه الأقـــــــــرانُ
لقد حفظ لنا القران الكريم صفات المنافقين , ولم يسمهم رغم أنهم معروفون زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وذلك حتى يتمكن المسلمون في كل زمان ومكان حين تتزلزل الأقدام , وتقبل الفتن , وتبلغ القلوب الحناجر من تميز صدق الصادقين , ومعرفة المنافقين وأخذ الحذر منهم
و من صفاتهم الدنية الخبيثة أنهم ينالون من أهل الجهاد , ولا يتورعون عن الوقيعة فيهم , وتكفيرهم وبث الشبه عليهم , ورميهم بأبشع وأقبح التهم ( وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً, وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً )
نعم ... إن من صفات المنافقين الواضحة المعلومة أنهم يتخلفون عن المعركة فإذا أصابت المسلمين مصيبة , وابتلي المجاهدون بشيءَ من القتل أو الجرح كما هو حال الشيخ أبو مصعب , فرح هؤلاء المتخلفون من المنافقين , وحسبوا أن ركونهم إلى الدنيا وفرارهم من ساحات الجهاد وجلوسهم في رغد العيش وسط أهاليهم وتعلقهم بفتاوى توافق هواهم نعمـة لهم فقبحاَ وترحاَ لهم
ولله در سيد قطب رحمه الله حين علق على الآية السابقة قائلاً ( نعم إنها نعمة لكن عند الذين لا يتعاملون مع الله , عند من لا يدركون لماذا خلقهم . نعمة عند من لا يتطلعون إلى آفاق أعلى من مواطئ الأقدام في هذه الأرض , نعمة عند من لا يوقنون أن البلاء في سبيل الله , وفي الجهاد لإعلاء كلمة الله هو فضل واختيار من الله يختص به من يشاء من عباده ليرفعهم في الحياة الدنيا على ضعفهم البشري , ويطلقهم من إسار الأرض يستشرفون حياة رفيعة , يملكونها ولا تملكهم , وليؤهلهم بهذا الانطلاق , وذلك الارتفاع للقرب منه في الآخرة هنالك في منازل الشهداء (
ماذا تنقمون من أبي مصعب وعلى ماذا تلومونه .... حينما وطأت قدماه الشريفتان بلاد الرافدين لم يكن يبحث عن رغد العيش وكنف الحياة تحت أزيز الطائرات وقصف المدفع والدبابات , كان يبحث عن مواطن العز والشرف ( ساحات الجهاد ) التي سارت قدما سيد الخلق صلى الله عليه وسلم عليها فأخذ من منهجه طريقاَ ,ومن سيرة أصحابة رضي الله عنهم عبراَ فخرج بنفسه وماله ليدافع عن حياض الدين حين عجز علماء يشار لهم بالبنان أن يدافعوا عنه ولو بألسنتهم .
ماذا تنقمون من أبي مصعب وعلى ماذا تلومونه .... حين خرج للجهاد , خرج مودعاَ طالباَ ما عند الله , مطلقاَ الدنيا , راغباَ في مرضاة ربه يحركه الشعور بحلاوة الإيمان ورفض الخضوع والخنوع لأعداء الله ورفض العار والذل والهوان لإخوانه في العراق , تحركت غيرته على محارم الله التي دنسها عباد الصليب حين مات الغيرة في قلوب كثير من المسلمين.
ماذا تنقمون من أبي مصعب وعلى ماذا تلومونه .... قرأ كتاب الله ففهمه و وعاه ولم يبدل معناه قرأ قوله تعالى) وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم . ( وقوله: ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) ..فكان عاقلاَ فاهماَ لم يؤل , ولم يبدل , رأى بعينيه مصداق قوله تعالى ( لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ) رآهم كيف أجرموا في الصومال وأفغانستان والآن بالعراق .هتك لأعراض المسلمات , وقتل للشيوخ والأطفال .!! رآهم كيف دنسوا بيوت الله وكتابه واستهزوا بنبيه صلى الله عليه وسلم عرف أن ملة الكفر واحدة لم يلتفت لقول المخذلين والمثبطين وامتثل لأمر ربه ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) عرف أن الدفاع عن الإسلام وعن بلاد المسلمين و إراقة الدماء تحت راية التوحيد هي من أفضل الأعمال وأحبها لله ( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ ) فخرج سياحة في سبيله لا يريد إلا مرضاته ومغفرته
أنا لا أهاب المـــــــوت إن هو أقبلا **** بل أستحث له خطاي مهــــــرولاَ
فهو السبيل لنصـــــــر شعب مبتلى **** ووراءه الفردوس طابت مـــنزلاَ
ماذا تنقمون من أبي مصعب وعلى ماذا تلومونه .... خرج يبحث عن سعادة يفهمها المنافقون بؤس وشقاء .. ويفهمها المجاهدون نعمة وابتلاء ...سعادة لا يعرف معناها إلا من تمكن الإيمان من قلبه , وسيطر على كل ذرة من جسده , وتغلغل في أعماق روحه ووجدانه , سعادة تستوي بها الحياة والموت , فإما نصر وإما شهادة ( يغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة ويحلي حلة الإيمان ويزوج الحور العين ويجار من عذاب القبر و يأمن من الفزع الأكبر , ويوضع على رأسه تاج الوقار , الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ) وإن أصيب بجراح ( فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها كالزعفران وريحها المسك ) هذا ما أخبر به الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام فماذا تنقمون منه و ما يضره إن أصيب أو قتل وقد مل الإيمان قلبه وعرف أنه يؤجر على كل بلوى تصيبه إنها لغة لا يفهمها إلا الموحدون الصادقون المجاهدون لسانه حاله يقول
فلســـــــت أبالي حين أقتل مســـلماَ **** على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشـــــــــــأ **** يبارك على أوصال شــــــــلوِِ ممزعِِ
فلست بمبدِ للعدو تخشعـــــــــــــــــاَ **** ولا جزعاَ إني إلى الله مرجـــــــــعي
لقد استضاء قلبه بطاعة مولاه و أطمأنت نفسه بذكر الله , استقرت حقيقة الدنيا والآخرة في نفسه , وعمرت قلبه , واختلطت بدمه , وجرت في عروقه , ولم تعد كلمة يقولها بلسانه فقط بل صارت عملاَ يملك حركاته وسكناته . هذا هو حال أبو مصعب وحال إخوانه.
إنها حياة المجاهدين .. حياة وسعادة من نوع آخر ,, حياة تضحية وبذل .. جهاد ودعوة ... صبر واحتساب ... حياة لا يُرى فيها المسلم إلا صادقا مخلصاَ , خاشعاَ منيباَ , مناضلاَ باسلاَ , يؤثر ما عند الله ولو كان على حساب فقد اللذة والمتعة , ولو كان على حساب نزيف الدم , وتعدد الجراح والآلام , لقد باعوا أنفسهم لله حين وطأت أقدامهم أرض الجهاد يتطلعون لوعده الحق لا يهمهم ما يصيبهم ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ُ) ( أرواحهم في جوف طير خضر , لها قناديل معلقةُ بالعرش , تسرح من الجنة حيث شاءت ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ....
فماذا تنقمون منه ومن إخوانه ..!!
إنها النفوس المؤمنة يوم تجاهد في سبيل الله لا في سبيل وطن ولا قومية .. تجاهد في سبيل الله لتحقيق شرع الله في ارض الله ... ليس لنفسها حظ بل كلها للواحد القهار , لا يخافون لومة لائم . وفيما الخوف من لوم الناس وقد امتثلوا عبودية رب الناس ...
هم ثابتون على المبادئ صادقون مع البارئ مخلصون في الظاهر والباطن , عرفوا أن الطريق طريق الأنبياء ... تعب فيه آدم وناح لأجله نوح وألقي في النار الخليل وأضجع للذبح إسماعيل وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين ونشر بالمنشار زكريا وذبح السيد الحصور يحي وقاسى الضر أيوب وزاد بكاء داوود وعالج الأذى محمد صلى الله عليه وسلم فأي مفخرة بعد ذلك أعظم ) ...!!! فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً , ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً )
رحمك الله يا أبا مصعب....
رحمك الله يا قائد أُسودِ مرغت أنف أمريكا في التراب .. فصاح عبيدها وأذنابها فما ضرك نبح الكلاب
رحمك الله عدد رؤؤسِ طارت من علوج غازين ... ورقاب خونة مرتدين ... و شامتين مرددين
رحمك الله يا شامة العز .. رحمك الله يا راية المجد .. رحمك الله أقولها وأرددها ويرددها ملايين من مسلمين موحدين .. إلى مقاعد الأنبياء والصديقين والشهداء بإذن الله ..
الكاتب: الأكاديمي التاريخ: 01/01/2007 عدد القراء: 5346
أضف تعليقك على الموضوع
|