فقد أيد الله تعالى المجاهدين في العراق خلال اربعة اعوام. وقد حقق المجاهدون فيها انجازات تجاوزت اثارها العراق، فمن تصاعد للعلميات كما ونوعا ، وافشال مشروع الاحتلال في العراق وفي المنطقة الى اجبار اكثر الجيوش المتحالفة على الانسحاب او جدولته وكذا مجلس النواب الامريكي الذي يسعى واثقا على اقرار جدولة الانسحاب ومن استهداف المنطقة الخضراء بوجود الامين العام للامم المتحدة ومجلس النواب امام كاميرات الاعلاميين الى افشال لجميع خطط الحكومة في تحجيم المقاومة.
يضاف اليها ذهاب هيبة امريكا حتى تطاول عليها دول الجوار وجيرانها.
كما كان للمقاومة الجهادية دور فعال في المعترك السياسي في اسبانيا وايطاليا وبريطانيا واخيرا في امريكا فالديمقراطيون استفادوا من احراج المقاومة الجهادية للادارة الامريكية فوظفوه في انتخاباتهم وبرامجهم السياسية فانتزعوا سلطتي الكونكرس ومجلس الشيوخ من صقور المحافظين الجدد.
كل هذه الانجازات وغيرها هي انتصار او انتصارات حققتها المقاومة الجهادية في العراق بجميع فصائلها.
على ان هذه الانجازات على اهميتها تعد نصرا وليس تمكينا، فالنصر شيء والتمكين شيء اخر فالاول مرحلي والثاني حسم نهائي للصراع بين قوتين لصالح احداهما وعادة يأتي التمكين بعد سلسلة من الانتصارات وقد اشار القران الكريم الى هذا المعنى فقدم النصر على التمكين يقول الله تعالى : ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ{40} الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ{41} .
وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نجد المسلمين انتصروا على قريش في بدر وانكسروا في احد وانتصروا في باقي الوقائع ولكن التمكين للمسلمين على قريش وفي الجزيرة لم يكن الا بعد فتح مكة وهكذا في حروب الفتح الاسلامي وفي الحروب الصليبية يقول الله تعالى ( نصر من الله وفتح قريب) فالنصر يحصل ولكن التمكين والفتح سيكون قريبا.
ومن هنا فللنصر معطياته وللتمكين استحقاقاته ومن الخطورة بمكان الخلط بينهما وعدم مراعاة سننهما .
ويبدو ان بعض الجماعات الجهادية ايدها الله تعاملت مع النصر على انه تمكين، واختلاف الرؤية سبب خطأ في التصور والشعور ، فاعترت بعض قادتها اعراض في اتخاذ القرار ادى الى تمكن نزعة الانشقاق من هذه النفوس فسببت انشقاقا وتنازعا داخليا وخارجيا في الجماعات الجهادية.
فاما التنازع الداخلي فقد ادى الى انشقاقات وانقسامات في صفوف الجماعة الواحدة ومهما كان حجم الانقسام او سببه فله اثر سلبي في اغلب الاحيان على مسيرة الجهاد.
فقد انسحب قائد بمجموعته من الجيش الاسلامي لتشكيل جيش الفاتحين، وانسحب قائد اخر بمجموعته من جيش المجاهدين فاصبحا جيشين، بينما استقلت الهيئة الشرعية في جيش انصار السنة وهي تحاول تجاوز الاخطاء والانحرافات وتسعى لوحدة الجماعات، واما كتائب حركة المقاومة الاسلامية فقد تشظت فتارة انسحبت احدى سراياها لتكون سرايا الدعوة والقتال ومن ثم انقسم الباقون الى نصفين حماس العراق وكتائب ثورة العشرين.
وقد يكون لبعض الدوافع مبررات شرعية لكن تبقى تداعيات التنازع تولد ضعفا في المشروع الجهادي وابتعاد عن سياسة البينان المرصوص والصف الواحد الذي سنه الله تعالى في القتال.
يقول الله تعالى { وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال46 .
ويقول سبحانه {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ }الصف4 ،
ومن واجب النصرة والنصح نذكر اخواننا قادة الجهاد بضرورة مراجعة هذه المواقف الانقسامية.
كما اننا نحذر من الدوافع والاسباب غير المبررة التي اعطت هذه النتائج ومنهما التحرش الشيطاني ليوقع بين قادة الجهاد وهذا أمر قدره الله تعالى على امة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو ايضا امر حذرنا منه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ونحن مسؤولون عن افعالنا لا عن اقدارنا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله زوى لي الأرض. فرأيت مشارقها ومغاربها. وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها. وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض. وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة. وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم. فيستبيح بيضتهم. وإن ربي قال: يا محمد! إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد. وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة. وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم. يستبيح بيضتهم. ولو اجتمع عليهم من بأقطارها - أو قال من بين أقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا".
وفي حديث اخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية. حتى إذا مر بمسجد بني معاوية، دخل فركع فيه ركعتين. وصلينا معه. ودعا ربه طويلا. ثم انصرف إلينا. فقال صلى الله عليه وسلم "سألت ربي ثلاثا. فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة. سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها. وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها".رواهما مسلم .
كما ان حظ النفس في مثل هذه الامور له اثره، وان اخر ما ينزع من قلب المؤمن حب الرئاسة وان كانوا مجاهدين .
يقول الشيخ حامد العلي: أن أهـل الجهاد شأنهم شأن غيرهم ، قـد يصيبهم ما يصيب المتنافسين على أمـرٍ جامـع ـ وإن كان من الحقّ ـ التشاحّ ، والتحاسد ، والأثرة ، وحبّ الرئاسة ، كما هو حال كثيـر من الدعاة ، والحركات الإسلامية ، وقد يخفى بعض ذلك على من يحمله ،كما قال شيخ الإسلام : (و أيضا مما يبين أن الإنسان قد يخفى عليه كثير من أحوال نفسه فلا يشعر بها ، أن كثيرا من الناس يكون فى نفسه حب الرياسة ،كامنٌ لا يشعر به ، بل إنه مخلص فى عبادته ، و قد خفيت عليه عيوبه ، وكلام الناس فى هذا كثير مشهور ، و لهذا سميت هذه الشهوة الخفية ، قال شداد بن أوس : يا بقايا العرب إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء ، و لشهوة الخفية ، قيل لأبي داود السجستاني ما الشهوة الخفية قال حب الرياسة فهي خفية تخفى على الناس، و كثيرا ما تخفى على صاحبها) ولهذا قـد يشقّ عليهم قبول الحقّ إن خالف ماهم عليه ،
وقد يحملهم ذلك على إيذاء من ييبيّن خطأهم ، والعدوان عليه ، فهم بشـر ، وكلّ ابن آدم خطّاء ، فيعتريهم ما يعتري البشـر من نزعات الشيطان ، وأهواء النفوس ، وإذا كان هذا لم يُعصـم منه حتى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف يُعصم غيرهم منه ؟!
وان مما يغذي هذا الامر ضعف الجانب العقدي وقلة الدروس التربوية والتوجيهية وانعدامها في بعض الميادين فالاعداد الايماني مازال دون المستوى عند بعض الاخوة في القيادة الميدانية ومنهم من هو قريب عهد بتوبة ، وهذا ليس بمثلبة ولكنه امر بحاجة الى معالجة.
كما لا نغفل عمل شياطين الانس اذا ان امريكا وجميع من والاها تحاول الخروج من هذا المأزق فتلجأ الى سياسة فرق تسد علها تخفف وطأت الهزيمة وقد اعلنت ذلك مرارا بالتلميح والتصريح.
واما التنازع خارج الجماعة الواحدة وبين الجماعات، فلعل تداعياته تتجلى في مواقف قادة تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين والذي جاء متأثرا بأمرين:-
الاول: استذكار تجربة الجهاد الافغاني وما حملته من تداعيات بعد تحقيق النصر على السوفيت فكان التنازع على التمكين مما مهد لنشوب الصراع بين قادة الجهاد انفسهم.
وهذا ما دفع الاخوة في (التوحيد والجهاد) الى الاستباق في بعض الخطوات مما ادى الى تجاوز استحقاقات الاخرين معهم في المشروع الجهادي فكان اولا طلب الامارة في العراق من الشيخ اسامة بن لادن حفظه الله فتحول الى (تنظيم قاعدة الجهاد في بلا د الرافدين) ، ومن ثم انشأ مجلس شورى المجاهدين وانحصر على تشكيلات لا تعدو في منهجيتها او عملها الميداني التنظيم، في حين كانت الجماعات الاخرى ذات المرجعية والمنهجية المشتركة( مثل جيش انصار السنة والجيش الاسلامي وجيش المجاهدين والطائفة المنصورة ) تعد لانشاء هذا المجلس ومفاتحة تنظيم القاعدة لتأسيسه، مما سبب تأجيله.
الثاني: التأثر بمشروع الاقاليم:
الذي سعت اليه قوى الاحتلال ومؤيدوه بعد الهزائم التي لحقت بهم على يد ابناء المقاومة الجهادية، فسارع مجلس شورى المجاهدين الى اعلان قيام دولة العراق الاسلامية، في محافظات الاقليم السني ونشروا خارطة لهذه الدولة، واتخاذ امير للمؤمنين وما يلزم ذلك من البيعة والانضمام الى هذه الدولة ورغم التحفظ الشرعي الذي يراه بعض اهل العلم وقادة الجهاد الا ان الامر كان يمكن تقليل اثره لو كان بمشورة ومشاركة الجماعات الجهادية الاخرى، وكسب تأييد ابناء الامة بصورة فاعلة، واقناعهم بها او بحلف المطيبين بالتي هي احسن لا بالتي هي اشد واقسى او بالاقصاء.
وحتى الخطاب الاعلامي لقادة الدولة الاسلامية بعد اعلانها تغيرنحو الشدة والتصريح بالطعن مما زاد في الجفوة وعمق الفجوة.
ولو القينا نظرة على التجربة الافغانية فان فصائلها ما تحركت على التنازع الا بعد هزيمة السوفييت وانسحابهم من ارض افغانستان، وما ان تأججت نار الفتنة بين قادة الجهاد بعد ان عملت شياطين الانس والجن على التحريش بينهم حتى اتى الله سبحانه على هذه الفتنة بحركة طلاب العلم واهله "طالبان" واستطاعت هذه الحركة ان تقيم دولة اسلامية مكن الله لها على اغلب اراضي ومدن افغانستان وحينها عاد الاحتلال مرة اخرى على ارض افغانستان ولكن بقوات امريكية وغربية صليبية ، فانسحبت الحكومة من المدن حفاظا عليها ونزعت عن نفسهما صفة التمكين واحل امير المؤمنين الملا عمر حفظه الله من بايعه من لوازم البيعة وعادت طالبان من جديد حركة ولكنها جهادية وهذا يدل على فهم عميق لسنن الله تعالى في القتال والنصر والتمكين.
ولا يسعنا هنا الا ان نذكر اخواننا قادة الجهاد بان الله تعالى انزل بحق صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهم افضل الناس بعد الانبياء قوله تعالى{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال25 ، فالحذر كل الحذر من التعجل في الامر والتنازع في المكاسب حد القتال، فانها فتنة قد تحرمون والامة بسببها من قطف ثمرة عطائكم وتضحياتكم، كما يقول اهل القواعد الفقهية (من استعجل الشيء قبل اوانه عوقب بحرمانه ) لا قدر الله، ولنتأمل يوم ان استعجل الرماة على جبل احد – وهم من الصحابة المجاهدين - جمع الغنائم لم يحرموا منها فحسب وانما تسببوا في التضحية بسبعين من صحابة رسول الله صلى الله وعليه وسلم واصابة النبي صلى الله عليه وسلم ، واحالة النصر انكسارا .
النصرة عند التنازع.
يقول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجل: يا رَسُول اللَّهِ أنصره إذا كان مظلوماً أرأيت إن كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
لابد ان نقرر اولا ان المجاهدين هم الطائفة المنصورة وفيهم جماعة المسلمين الذين ارشدنا النبي صلى الله عليه وسلم الى الرجوع اليهم عند الدخن والفتن ، وفيهم الهدى لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69 ولذا قرر العلماء ان الخلاف ان وقع فيرجع به الى اهل الثغور كونهم الاقرب الى الحق، وما سبق ليس معناه انهم معصومون او انهم لا يخطأون فالخطأ واقع في حقهم او على الاقل من بعضهم فقد اخطأ الرماة في غزوة احد واخطأ اكثر المسلمين في غزوة حنين.
ثم ماذا نقول ان وقع الخلاف بين قادة الجهاد انفسهم وهذا ما نبه عليه الله سبحانه وتعالى في كتابه خاصة عند تحقيق بعض الانجازات التي عبر عنها القران بالانفال يقول الله تعالى :{يسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (الأنفال : 1 )، فالمكاسب الميدانية او السياسية هي من اعظم الغنائم التي تحوزها الجماعات الجهادية اليوم وهي ايضا مناط خلافهم ونزاعهم، ولا يخرج منه الا بطاعة الله ورسوله اي بالرجوع الى الاصلين العظيمين كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واستنباط ما يناسب المستجدات من قبل علماء الامة الربانيين الذين يؤمنون ان مشاريع الاصلاح والتغيير لا تكون ربانية الا بالجهاد ونصرة اهله او من يطلق عليهم اليوم "فقهاء الجهاد".
فالواجب على فقهاء الجهاد ان ينصروا المجاهدين بالنصح والتوجيه وتبين الحق والذود عنهم والتحذير من خذلانهم او مخالفتهم. اي نصرتهم بالعلم والاعلام.
واذا حدث تنازع بين اهل الجهاد انفسهم فعلى علمائنا المسارعة الى الاصلاح بينهم ونصرة الفريقين فمن ضاع حقه برده اليه، ومن طغى برد طغاينه.
وهذا ما نبه اليه الشيخ حامد العلي بقوله :ولهذا وجب التنبيه على الزلل ، والتحذير من الخطل ، في طريق الجهاد ، ليتجنّبه المخلصون ، ولتسلم ثمرات الجهاد مما يعكّرها ، وهو من النصح الواجب بذله ، فالدين النصيحة ، والمفروض على من المنصوح له قبولـها .وقد ذكرنا في مواضع كثيرة ، أن مشروع الجهاد الإسلامي العالمي ، ليس هـو مشروع خاصّ بطائفة مـا ، ولا هو حكـر على جماعة ما ، بل على جميع القيادات القائمـة عليه ، أن يعـُوا حقّ الوعي ، أنـه مشروع أمّـة الإسلام ، وهـي أمـّة في طريقها إلى النهوض الشامـل ، ولايمكن لأيّ طائفة مهما عظمت تضحياتها ، أن تنهض لوحدها بالأمّة ، مستأثرة بنفسها ، مستبدّة برأيها ، ملغية لجهاد من سواها ، سواء جهاد السنان ، أو اللسان ، فهذه الروح الإحتكاريّة ، التمزيقيّة ، من السهل أن تجمع لها الأنصار ، وتجنّد لها الأتباع ، فالناس ـ لاسيما الأحداث في السن أو العلم ـ جُبلوا على التعصّب للإنتماء ، والشـغف بالتميز على الآخرين به ،لكن هذه الروح هـي في الحقيقة ، من أعظم المعوّقات في سبيل نهضة الأمـة ، ولاتصنع شيئا سوى أن ترجع بالأمّـة القهقرى ، وتكرّر التجارب الفاشلة السابقة .
ولهذا كان حقا على كلّ غيور على أمّتنـا أن يبذل النصيحة ، محذّرا من عاقبة إنتشار هذا المنحى ـ الإحتكار والتمزيق ـ في ساحات الجهاد ، فهـو خطـر على مشروع أمّتنـا ، وليس على تلك الساحات فحسب .
وخيرا فعل علماء الامة مؤخرا حيث دعوا الفصائل الجهادية في العراق الى الاجتماع حفاظا على بيضة المجاهدين واكدواعلى جميع فصائل المجاهدين بوجوب المبادرة إلى إصلاح ذات البين ،وذلك بأن ينتدب كل طرف من أعيانهم ليعقد مجلس بينهم لتقريب وجهات النظر واحتواء الفتنة ، ووأدها في مهدها عسى أن يكون في ذلك باباً إلى جمع الكلمة و وحدة الصف.
وقد حذروا كتاب الانترنت من تأجيج فتنة التنازع او نصرة فئة على اخرى لاسمها او خذلان فئة لموقف لها لم يتثبتوا منه.
انها مسؤولية علماء الامة ومسؤولية الاعلاميين وان اي فشل في المشروع الجهادي فكلنا يتحمل اوزاره مثلما تحلمنا جميعا اثاره،ولنعمل جميعا من الان على تفعيل الخطوات نحو التمكين ومنها:
· الاستجابة الى نداء فقهاء الجهاد وان لا نتعالى عليه
· نبذ التنازع وما يفضي الى التنابز بالالقاب والاساءة الى المجاهدين وان وقع في الخطأ فهي ليست من اخلاقية المسلم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الحجرات11.
· الحرص على اتمام رسالة المشروع الجهادي الذي يمثل امل الامة جمعاء. ولندرك ان احدنا يكامل الاخر والنصر لم تصنعه يد واحدة وان اخطأ احدنا فعلى الجميع الاخذ بيده لتصحيح خطأه او التوقف عنه على الاقل.
· معركتنا مع الاحتلال واذنابه لم تنته بعد والخطأ مهما كان سببه قد يذهب بكل الانجازات.
· وليتذكر جميع الاعلاميين وخاصة في الاعلام الجهادي ضرورة تمحيص الاخبار والتدقيق بها ورد المشكل منها الى العلماء قبل بثها وبناء الاحكام عليها والحذر من الشائعات فالحرب الدعائية ضد المجاهدين جميعا شديدة ومتصاعدة وحسبنا توجيها قوله تعالى {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83، كما نطالب جميع المواقع والمنتديات خاصة الجهادية برفع وايقاف اية مشاركة تسيء الى المجاهدين جميعا او تثير الفتنة بينهم وتؤجج الشقاق والتنازع بينهم ، وتعزيز المشاركات التي تبذل النصح الشرعي لهم.
· اللهم احفظ الامة بمجاهديها وعلمائها واعلامييها
* المشرف العام لوكالة حق